بسم الله الرحمن الرحيم.
*******
يا تــرى ؟؟؟
أي الفريقين أشدّ عدوانا واعتداء على القرآن العظيم بالحرق والإهانة ؟
أَهُمْ أبناءُ شمال أورُوبا أمْ هُمْ الذين تلقوه واتخذوه مهجورا ؟
*******
(أم لهم شركاؤ شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به اللهُ ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وأن الظالمين لهم عذاب أليم ).ســورة الشورى – الآية 21.
عندما نتفق في الفهم أن هذه الآية هي بمثابة تساؤل من الله عز وجلّ، وعندما نلتفت إلى أحوالنا يمينا وشمالا ونجري تشخيصا لأوضاعنا، فإن الإنصاف والعدل يجعلنا نجيب على هذا التساؤل الكبير الخطير بالإيجاب، وبنعم، وبأننا محاطون منذ قرون وقرون بشركاء أذكياء وبارعين أيما براعة، بل ومنافقين، مردوا على النفاق، وهم الذين تمكنوا، إن بأعجوبة أو بسذاجة منا نحن، حتى لا نقول بـ " بلاهة "، تمكنوا من أن يشرعوا لنا من الدين كثيرا وكثيرا جدا مما لم يأذن به الله تعالى، وإذا أخذنا الأمر بشئ ولو يسير من الجدية فما علينا إلا أن ننكب على تلك التي تعتبر من الأمهات، تلك الكتب التي أتيحت لها الفرصة أو تلك التي اكتسبت قدرا من الوقاحة لتحاول منافسة ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه، والذي هو هدى للمتقين. والحق يقال ويقبل على ما هو وما فيه من المرارة والأسف، فعلا لقد نافسته وزاحمته، إلى درجة الإدعاء بأنها أصحُّ الكتب بعد الحديث المنزل من لدنه سبحانه وتعالى، إن لم تتهور وتسرف في الإدعاء بأنها هي القاضية على ذلك الحديث المنزل، وليس العكس.
وبالمناسبة، وخلال تحرير هذه الخواطر فوجئتُ بـ: "فيديو" كان يُطلُّ منه شخص تبدو على وجهه كل علامات الأسى والأسف والحزن والإنهيار، والهم، والغم، وهو يستغيث ويستنجد من هول تلك الكارثة حسب وصفه ورأيه، كارثة حلم أبناء شمال أوروبا الذين عقدوا النية والعزم على حرق مصحف أو مصاحف القرآن.
ومن البديهي أن يتبادر إلى الذهن أن هؤلاء المتحمسين الأوروبيين يعبرون من تصرفهم ذلك، عن خوفهم وهلعهم واستنكارهم لما جاءت بالمصحف من نصوص يرونها صريحة واضحة وعدوانية وواعدة ومتوعدة إياهم، ومن تلك المرويات الأخرى المؤيدة، والإفتراءات الأخرى على الله، وعلى عبده وسوله. وإن الكارثة العظمى تتمثل في تلك التهديدات التي يرونها صريحة واضحة وعدائية وعدوانية ومتوعدة إياهم في القرآن، ودائما حسب فهمهم هم واعتقادهم، وهو الإعتقاد المؤيد مع شديد الأسف من الأغلبية الساحقة من المسلمين، وعلى رأسهم فقهاؤهم ومرشدوهم ووعاظهم وخطباؤهم، ثم، وهنا بيت القصيد، أو هو مربط الفرس، تلك الوعود والتهديدات التي لم تَبْقَ حبرا على ورق أو مجرّدَ أقوال، بل تجاوزت كلَّ ذلك إلى أفعال لم تُبْقِ ولم تذر، ساحقة أي ظن أو شك. وما ظاهرة داعش منا ببعيدة، يل هي لسان حال عصرنا الراهن وما زالت سائدة.
وددتُ أن أجيب ذلك المسلم المتحمس المستغيث المستنجد من خلال (النت) المتسائل بكل حيرة واستغراب، كيف يحدث كل هذا من أولئك الذين يصفون أنفسهم بأبناء شمال أوروبا، وكيف يحدث أنهم تمكنوا فعلا من تنفيذ خطتهم الجاهلة في حق القرآن العظيم وذلك بحرقه أمام مرأى ومسمع الجميع، وكيف حدث ويحدث أنه لا يوجد هنا من حرك ساكنا ؟ مستنكرا؟ وددتُ أن أجيب هذا المخلص الغيور (الجاهل، أو الناسي) وأدعوه إلى الإلتفات إلى ما نسيه هو، وما نسيناه نحن جميعا، وهو يمكن أن يعتبر أخطر وأفدح من مجرد حرق مصاحف القرآن التي هي عبارة عن أوراق، كيف ننسى أننا نحن المسلمين المعنيين بالدرجة الأولى، قد سبقنا أبناء شمال أوروبا، وفعلنا فعلتهم التي فعلوها في أيامنا هذه الأخيرة، بل نحن سبقناهم وتجاوزناها، إذ نحن الذين ومنذ قرون وما زلنا نعيثُ في القرآن العظيم كل فساد وكل ظلم، وكل إهانة، وكل هجاء، وكل هجر، وكل تجميد، وكل ( تحريق) مستندين وبكل وقاحة إلى ما تزخر بـه تلك الكتب أو تلك التي نسميها الأمهات الصحاح. ولا يمكن أن يختلف في أمرنا اثنان ما دامت هناك الظواهر التالية سائدة مستفحلة :
1) الحقد والبغضُ السائدان بين المؤمنين، وذلك الغل المعشش في قلوبهم، على الرغم من تلاوتهم تلك الآية المشهورة وتكرارها،(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ). سورة الحشر – الآية رقم 10 – والظاهر أنهم لم يكونوا أصحاب عزم كاف ليغيروا ما بأنفسهم. وإلا فبماذا نفسر اعتقاد الأغلبية بأن فرقة واحدة يتيمة هي الناجية، وأما عن الفرق السبعين الأخرى فمصيرها جهنم؟
2) ما دمنا غافلين عن أمثال الآية رقم: 159 في سورة الأنعام: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
نعم ما دمنا غير مكترثين بما قال الله لعبده ورسوله (لست منهم في شئ)، وبالتالي يستحيل أن ينكر المرء أن أمثال تلك الآية تنطبق علينا تمام المطابقة !?
3) وما دامت هناك حجة شامخة متينة، ألا وهي ذلك الإقرار الذي سيصرح به رسول الله أمام ربه وهو القائل: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآَنَ مَهْجُورًا * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا * الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا ﴾ الفرقان – 30/34 -
ثم ألا تكفي هذه الأمثلة الثلاث كمثال لحجم النيران التي أضرمناها نحنُ لحرق الحديث المنزل من لدنه سبحانه وتعالى؟
أما عن تشنجنا مثلا أمام أولئك الذين أفهمناهم وأقنعناهم وكررنا لهم ذلك طيلة قرون تفوق أربعة عشر، قولا وفعلا وتطبيقا بأن ديننا هو دين عنف واعتداء وعدوان، وغلو، وتسلط ، وسبي، ونهب، أما عن أولئك فعندما يتجرأ الواحد منهم عن التعبير من خلال رسم (كاريكاتوري) هجائي، نقيم الدنيا ونقعدها تعبيرا عن استنكارنا، ألم ننصف أنفسنا يوما ونتحدث معها بأن ما يُوجد في بحر تلك الكتب المنافسة للقرآن العظيم، والتي تقضي عليه، نعم إن أي بارع في الإتيان بأي رسم (كاريكاتوري) يستحيل عليه أن تبلغ سخريته أو يبلغ هجاؤه ما هو موجود في بطون تلك الأمهات الصحاح، حيث لا يحتاج المرء الماكر إلى أي خيال، بل كل ما هنالك هو أن يمدّ يده وينهل نهلا ما تشتهي نفسه الكافرة الماكرة من ذلك البحر.
وهنا يفرض نفسه هذا التساؤل:
أي الفريقين أشد عدوانا واعتداء على القرآن العظيم بالحرق والإهانة ؟
أهم أبناء شمال أوروبا، أم هم الذين تلقوه ثم اتخذوه مهجورا ؟
**********
ولا أدي إن كان للصدفة دخل، فيبدو أن هناك ظاهرة حرق الكتب . وبالمناسبة جاء خبر مفاجئ عبر (اليوتوب – ( you tube، أن الشيخ الأردني العلامة أبو عبد الرحمان الظاهري قرّر حرق كتب مكتبته جهارا نهارا، وذلك ما فعله حسب "الفيديو"، كما أن الخبر يقول إن هذا الشيخ ترك الإسلام.
وتعليقا على هذا نقول : حبذا لو تفضل هذا الشيخ وعرض علينا تلك الأسباب التي دفعته إلى مثل هذا القرار؟ وقد تكون هناك عبر تستثمر؟ وأما عن تلك الكتب التي ذهبت ضحية نيران الشيخ فمنها ما يلي :
* مقالات للعلامة الدكتور محمود محمد الطناحي.
* صفحات في التراث والتراجم واللغة والأدب.
* العقيدة السلفية. * أيها الحبيب. * الألباني. * الكشاف. * مخطوطات عديدة من تركيا. * محطوطات عديدة من المدينة المنورة. * ترتيب الثقات.
* تصحيح الأخطاء والأوهام تأليف الشيخ المعني نفسه. * شرح السنة.
* الكلمات الراجحات. * تفسير البخاري. * تناقضات الألباني. * الإجماع.
* اعتقاد أهل السنة. * القصيدة الغرامية. * مسند أحمد.
***********************************************