عندما تعشق الأميرات فكيف يكون العشق

شادي طلعت في الأربعاء ١٩ - أغسطس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

العشق ليس مقصوراً على العامة، فالملكات، والأميرات أيضاً يعشقن، حتى وإن كان العشق عندهن محرماً، ولعشقهن ثمن باهظ، ولطالما يدفعن طالما كانت مشاعرهن صادقة.

 

ها هو التاريخ يثبت أن العشق مكنون داخل النفس، والتي إذا ما سمحت بإخراج مشاعرها لبرهة، لإلقاء نظرة في عالم الروح، ستجد كل أحاسيسها تذهب بلا عودة إلى سكونها الذي كان من قبل، وعندها يجد المرء نفسه أسيراً لعشقه فيما بعد، حتى وإن كانت إمراءة ملكة أم أميرة.

 

ومن أشهر قصص العشق، ما كان بين الملكة (إليزابيث الأولى)، وصديقها الذي كان قريباً منها (روبرت دادلي)، منذ أيام الصبا.

بيد أنه كان قد تزوج من إمرأة أخرى في فترة كان قد إبتعد فيها عن (إليزابيث)، لكنه لم ينسى عشقه للصبية الصغيرة، والتي أصبحت ملكة فيما بعد، فكذب عليها ولم يخبرها عن زواجه.

وبينما كانت (إليزابيث) تستقبل الخطاب من كل صوب وحدب لتختار واحداً منهم، في حفل بهيج بمقر الحكم، وبينما الشعب الإنجليزي ينتظر خبر إختيار الملكة لزوج المستقبل، إذ بها تعلن رفضها لهم جميعاً، وتعلن أن قلبها مع صديقها القديم (روبرت دادلي)، والذي كان من العامة !، وما كان يليق بالملكة إلا أن تتزوج بملك أو أمير على الأقل.

عندها عنف رجال الكنيسة الملكة، وطلبوا منها أن تتزوج بأي أمير أو ملك ممن تقدموا لخطبتها، عندها أصرت على رفضها لخطابها جميعاً، فأخبرها رجال الكنيسة، بأنها لن تستطيع أن تتزوج بصديقها .. فردت عليهم أنها ستتزوجه، ولن تبالي بكونه رجل من عامة الناس.

فأخبرها رجال الكنيسة أن (روبرت دادلي) رجل متزوج، والكنيسة لا تسمح للرجل بالجمع بين زوجتين.

سمعت الملكة خبر زواج صديقها، وكأن صاعقة من السماء أصابتها، وبعد التفكير العميق، إذ بها قررت، أن لا تتزوج بأي رجل، وأن تفني حياتها التي لا تزال في بدايتها، لخدمة بلادها فقط، لأنها لم ولن تقدر على نسيان عشقها الأول، وبالفعل عاشت الملكة (إليزابيث الأولى) بلا رجل حتى وفاتها.

 

 

ومن التاريخ العربي، كانت (العباسة) أخت الخليفة هارون الرشيد، تحب (جعفر البرمكي)، صديق الخليفة ووزيره، ولم تمنع نفسها يوماً عن عشقه، ولم تبالي لإنتشار خبر عشقها بصديق أخيها، والذي .. حتى وإن أصبح وزيراً، إلا أنه غير عربي، كما أنه من خارج الأسرة العباسية الحاكمة.

وبالتالي كان قرار زواجها منه إنتحاراً، وكيف لا، بل ومجرد عشقها له يعد مغامرة في عالم الذهاب بلا عودة.

لكنه العشق .. الذي جعلها تقرر مع معشوقها (جعفر البرمكي)، أن يواجها العالم بحبهما، ويواجها غضب العباسين جميعاً، وعلى رأسهم الخليفة هارون الرشيد، هذا الرجل الذي كان لا يتألم من رؤية الدماء، ولا يحزن على غياب الأحباء، ولم يعرف العشق أو الحب لقلبه طريقاً، فكيف له أن يقدر عشق أخته لصديقه ووزيره.

وبعد تصريح (العباسة) برغبتها في الزواج من (جعفر البرمكي)، إتخذ هارون الرشيد قراره .. فأوقع بصديق عمره البرمكي، بل وأخذ معه كل أهله من البرامكة، في مذبحة لم تبقي ولم تذر.

 

 

وفي أزهى عصور الدولة العثمانية، أحبت السلطانة (خديجة)، أخت السلطان سليمان القانون، عبداً كان لديه، وهو (إبراهيم البرغلي).

بيد أنها كانت محظوظة، لأن أخاها كان رجلاً يفهم ويقدر الحب، والعشق، فقد كان الرجل مرهف الأحاسيس وشاعراً، لذا لم يمانع بأن تعشق أخته رجلاً حتى وإن كان عبداً، فزوجها منه، بل ورفع من شأنه فيما بعد،  ليتغير شأنه من عبد للسلطان، ليتولى منصب الصدر الأعظم للدولة العثمانية !.

لكن معشوق السلطانة (خديجة)، بدأت نفسه تراوده أن يفكر بكرسي السلطان، وما أن تأكد السلطان سليمان من أطماعه، إلا وأمر بإعدامه، دون أن  يبالي بكونه زوج أخته، أو أنه الصدر الأعظم للدولة، ودون أن يبالي بغضب أخته، بعد أن تعرف بأن أخاها قد قتل زوجها ومعشوقها، لتعيش السلطانة (خديجة) فيما بعد حياة صعبة غير يسيرة، لكنها ظلت على وفائها لمعشوقها، وما إستطاعت أن تقبل بأي رجل بعده.

 

 

في نهاية القرن العشرين، وقعت الأميرة (ديانا) في عشق (عماد الفايد)، والشهير بإسم (دودي الفايد)، لكن .. كان لهذا العشق تبعات جعلته مرفوضاً من العائلة الملكية منذ البداية.

 

فالعاشقة أميرة، وهي طليقة ولي عهد المملكة المتحدة، والمعشوق عربي، ومسلم، فكيف لأم أبناء ولي عهد المملكة المتحدة، أن تنجب من عربي مسلم، أبناء يكونون أخوة لأبناء ولي العهد.

 

كانت الأميرة (ديانا)، و (دودي الفايد)، على علم بتبعات عشقهما، لكن الأميرة كانت أكثر جرأة، وكيف لا وهي من سبق وطلبت الطلاق من ولي عهد دولة بحجم دولتها، فقط لكونها إكتشفت أنها لا تحبه، أفلا تكون صادقة في مشاعرها فيما بعد إن عشقت شخص آخر، وستكون على قدر المسئولية لتحمل تبعات قرار حبها، حتى وإن كان الثمن حياتها.

 

لكن وبكل أسف .. كانت نهايتها مع عشيقها، في حادث سيارة أليم في العاصمة الفرنسية.

وقد قال محمد الفايد، والد (دودي الفايد) عن هذا الحادث فيما بعد، أنه كان مدبر، وهو جريمة قتل.

 

في النهاية :

إن العشق حالة، لا تفرق بين رجل أو إمرأة، أو كبير وصغير، أو عالم وجاهل، أو فقير وغني، أو شخص من الحكام وآخر من العامة.

 

لكن العشق بالنسبة للأميرة يكون باهظ الثمن، بيد أنها تقبل بدفعه مهما كان عزيزاً أو مرتفعاً، فعشق الأميرة يكون صادقاً، لأنه منذ البداية كان خالياً من أي مطامع تذكر، فهنيئاً لمن عشقته أميرة.

والأميرات متعددات في زماننا هذا، ولا يقتصر وجودهن على أهل الحكم فقط، ولتبحث كل إمرأة عن مكانها الصحيح، الذي يسعها لتكون أميرة فيه.

 

عندما تعشق الأميرة لا تندم أبداً أياً ما كان الثمن

 

شادي طلعت

اجمالي القراءات 3593