body
صفحة برهان غليون على فيسبوك
الاعتداء الذي وقع على شخصيات سياسية سورية من هيئة التنسيق الوطني أمام مقر الجامعة العربية في القاهرة حدث خطير، يسيء إلى المجلس الوطني الذي أراد المعتصمون أن يعبروا عن دعمهم له، كما يسيء إلى المعارضة بأكلمها.
يسيء إلى المجلس لأنه أتي من طرف جمهور يعتبر المجلس الوطني ممثله، ويربط بشكل غير مباشر بين الولاء للمجلس ورفض الآخر وعدم القبول بالاختلاف في الرأي، حتى لو كان ذلك في صفوف المعارضة نفسها.
وهو يسيء للمعارضة السورية بأكملها لانه يظهرها منقسمة ومتنازعة وغير قادرة على الوصول إلى موقف واحد، بل على ضبط خلافاتها، وبالتالي يقدم للنظام فرصة للمساس بالمعارضة والثورة واستخدام الاعتداء كدليل على عجزها عن التفاهم.
والحال أن المجلس الوطني لا يمثلنا إلا لأنه تجسيد لأملنا بالحرية والديمقراطية واحترام الآخر، وإلا فسيكون أداة لبناء ديكتاتورية جديدة ضحى الشعب بالآلاف من أرواح الشهداء من أجل الخلاص منها. وهو لا يمثلنا كشعب إلا لأنه يضم كل قوى المعارضة الممثلة للشعب ويجمع بينها ويضمن التعايش الديمقراطي في ما بينها. وليس لمعركته ومعركتنا قيمة إلا لأنها تبشر بسورية جديدة ديمقراطية وتعددية يقبل الجميع فيها بعضهم البعض بالتساوي بصرف النظر عن آراء الآخر ومواقفه السياسية. والعلاقات بين صفوف المعارضة هي صورة عن العلاقات التي نريدها في الدولة القادمة..
فإذا كنا غير قادرين على تحمل اختلافاتنا السياسية والفكرية اليوم فما هي مشروعية مطالبتنا بالحرية التي تعني الدفاع عن حق الجميع في أن يكون لهم رأيهم الخاص وأن الاحتكام للرأي العام بالوسائل السلمية هو الطريق الوحيد للوصول إلى الاجماع، أي إلى تحديد الأغلبية السياسية صاحبة القرار؟
إن الولاء للمجلس الوطني الذي يترجم بالتعصب للرأي عدم القبول بالآخر ليس ولاءا لثورة الحرية والكرامة. وضرب الناس ورشقهم بالحجارة إهانة لنا جميعا ولثورتنا المباركة التي لا نزال نضحي من أجل انتصارها بالغالي والرخيص.
من هنا يشكل هذا الاعتداء اعتداءا على روح الثورة وفكرتها ومساسا بمشروعية نضالنا جميعا ضد النظام الطاغي. ولا بد لؤلئك الذين قاموا بالاعتداء ومن حرضهم على فعله من الاعتذار عما فعلوه وتصحيح الخطأ الذي ارتكبوه وعدم العودة إليه.
وإنني إذ أدين بكل ما أملك من قوة هذا الفعل السقيم أعبر في الوقت نفسه عن تضامني الكامل مع أخوتنا في هيئة التنسيق الذين تعرضوا للاساءة وأغلبهم من المناضلين التاريخيين الذين قضوا سنوات طويلة في السجون وتعرضوا لشتى أنواع القهر والإهانة من النظام القائم. وأنا استغل مناسبة هذا الحدث المؤلم لأدعو جميع أخواتي وإخواني في الثورة والمعارضة إلى التركيز على ما يجمعنا لا على ما يفرقنا وإلى التسليم بأن الاختلاف في الرأي والموقف السياسي أمر طبيعي وحله الوحيد هو في الحوار والنقاش والاحتكام للرأي العام، لا بالعنف ولا بالاقصاء ولا بالإساءة أو بالتخوين وتشويه صورة الآخر. هذا هو الفصل الأول من أي حياة حرة وديمقراطية نرومها ونسعى من اجلها..