فقه تكسير الأصنام : الغفلة والصدمة :على قدر الغفلة تكون الصدمة
أولا :
نوعان من الغفلة :
1 ـ غفلة دنيوية ، ينشغل فيها الشخص بالدنيا تاركا الدين للكهنوت . فوجئ هذا الشخص بما نقول فاستيقظ مصدوما. هنا نتوقع منه الهداية لو بحث عن الحق .
2 ـ غفلة دينية مستحكمة لا مجال فيها للتوبة : هي لدُعاة الأديان الأرضية المكتسبين بالتجارة الدينية ، في دنيا المال والأعمال والطموحات السياسية . هم يملكون دينهم الأرضي. لذا فانتقاد دينهم الأرضى هو انتقاد لهم . ولهم أتباعهم المتدينون بهذا الدين الأرضى حتى النُّخاع . يجمعهم مع أئمتهم الدعوة للإضلال ، الذى يقوم بالإضلال لا فائدة من الحرص على هدايته . كان النبى محمد عليه السلام حريصا على هدايتهم فقال له ربه جل وعلا : ( إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ )(37) النحل ).
ثانيا :
مثال من قصة مُكسّر إبراهيم عليه السلام :
1 : في سورة الأنبياء :
1 / 1ـ ( قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنْ الظَّالِمِينَ (59) . الملأ الكهنوتى هو الذى قال .
1 / 2 : ( قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ (60) . الذين قالوا هذا هم الأتباع .
1 / 3 ـ ( قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ (61) قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ (62) قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ (63).
الذين حقّقوا مع إبراهيم كانوا الملأ المالكين ( لآلهتهم ) . أدركوا أنها مجرد حجارة ، واعترفوا بذلك ، فلما أنّبهم ( الفتى إبراهيم ) أخذتهم العزة بالإثم فحكموا بحرق إبراهيم حيا بحجة نصر آلهتهم ، والحقيقة هو ثأر لكرامتهم الجريحة ، إذ أثبت الفتى إبراهيم لهؤلاء المتكبّرين أنهم حمير .
2 ـ وقال جل وعلا في سورة الممتحنة : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ )(4) . مفهوم هنا أن الفتى إبراهيم أصبح الى جانبه مؤمنون ، تبرءوا من قومهم حتى يؤمنوا بالله جل وعلا وحده. أي كان القوم يؤمنون بالله وبخوازيق جعلوها آلهة ، وأولئك المؤمنون مع إبراهيم قاطعوا قومهم حتى يؤمنوا بالله جل وعلا ( وحده ).
3 ـ قبل ان يقوم إبراهيم بتكسير الأصنام كان وحيدا في مواجهة الملأ الكهنوتى ، وهناك أغلبية صامتة . بعد جهاد إبراهيم تحوّل الى جانبه أُناس من الأغلبية الصامتة . تغيّر الوضع بعد الصدمة التي أحدثها إبراهيم في المياه الراكدة في عصره . أصبح الى جانبه مؤمنون متمسكون مثله بأنه ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له ).
ثالثا :
أمثلة للغفلة من النوعين :
ندوة أبوحريز :
1 ـ قرية ( أبو حريز ) هي مسقط رأسى ومستقرّ عائلتى ، عشت فيها الجزء الأول من حياتى حتى استقرّ الأمر بى في القاهرة بدءا من عام 1973 . ولم ينقطع الاتصال بها الى أن منعنى أمن الدولة من زيارتها عام 1997 . في أبوحريز كان هناك واعظ أزهرى مشهور من تلامذة والدى يرحمه الله جل وعلا ، تخرّج في كلية اللغة العربية حين كنتّ في الاعدادى الأزهرى . كان منافقا فصيح اللسان ، خدم العائلة الصوفية في القرية خطيبا في مساجدها ، ثم عندما لم يحقق طموحه عندهم أصبح سلفيا ثم إخوانيا ، وصار له أتباع وأنصار في المنطقة كلها. حين أعلنت تكسير صنمى الشفاعة والبخارى وصلت الأصداء الى ( أبوحريز )، وكان التساؤل عن موقف ذلك الواعظ الذى يؤمن بالبخارى والشفاعة . في زياراتى للقرية حدث بيننا نوع من الاحتكاك الفكرى فتقرّر عقد مناظرة بيننا في ( أبوحريز ). علمت المنطقة كلها بموعد المناظرة ، وقبيل الموعد إعتذر، فقررت الحضور لتكون أول ندوة أتكلم فيها في بلدى . جئت من القاهرة لأبى حريز ، وذهبت الى ( المضيفة ) وفوجئت بالشوارع اليها مكتظة بالناس ، وقيل لى أن أسطح المنازل قد امتلأت بالنساء للاستماع للندوة عبر الميكروفون . تكلمت في إنكار الشفاعة والبخارى ، وفتحت باب المناقشة . المحايدون عبروا عن صدمتهم وتساءلوا في دهشة وإحترام . المنكرون للقرآن سكتوا وبعضهم جادل متسائلا عن الصلاة في القرآن . أجبت أن الصلاة متوارثة من ملة إبراهيم وأن أجدادنا تعلموا الصلاة من الفاتحين العرب قبل مولد البخارى ، وأنه ليس في البخارى تعليم للصلاة بل تحطيم للصلاة . ثم قلت : " الغريب أنّ الذى سأل عن الصلاة في القرآن لا يصلّى أصلا ، والجميع يعرفون عنى تأدية الصلاة مذ كنت طفلا ". إنتهت الندوة بنجاح هائل ، وصحبتني أفواج من الناس الى بيتى . أتذكر من بينهم صديق لوالدى ( يرحمهما الله جل وعلا ) اسمه ( عبده أبوحسن الألفى ) إستوقفنى قبل دخول بيتى وقال لى إن ما يؤيد إنكار الشفاعة قول الله جل وعلا : ( يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109) المائدة ). بعدها قال لى بعض شباب من القرية أن هذه الندوة غيّرت حياته، كان معتمدا على الشفاعة فأصبح يراجع نفسه لأنه لن ينجيه إلا عمله الصالح .
2 ـ هنا منكرون من أكابر المجرمين ، ردّوا بالأسوأ ، ولن أحكيه ، ثم هناك محايدون ، اصابتهم الصدمة ، ومنهم من آمن .
ندوة الكنيسة في شبرا
1 ـ في التسعينيات طلب أعمدة الحزب الوطنى في القاهرة عقد إحتفال في كنيسة بشبرا لتأكيد الوحدة الوطنية . ( شبرا ) حىّ شهير في القاهرة يتركز فيه المسيحيون . طلبوا من الأزهر والأوقاف مجىء شيوخ للحديث في الكنيسة ، رفضوا جميعا . اضطروا للاستنجاد بى لإنقاذ الموقف فقد تحدّد الموعد وتمت التجهيزات . وافقت . ذهبت ومعى زوجتى وبعض أولادى ، وفوجئت بالحشود تملأ الشارع المؤدى للكنيسة . كانت من أروع الندوات الى تكلمت فيها . قرأت لهم من بداية سورة ( مريم ) الى قوله جل وعلا : ( ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (36). وقلت لهم نحن مختلفون في العقائد ، ولكن لدينا ما نشترك فيه وهو هذا الوطن المصرى ، والله جل وعلا يدعونا نحن وأنتم الى أن نتسابق في الخير وليس في التعصب ، وقرأت قوله جل وعلا : ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) . مما جعل دموعى تغلبنى نظرات الحب في عيون الحاضرين وبعضهم يردّد معى آيات سورة مريم . كوفئت على هذه الندوة ببلاغات ضدى في ( أمن الدولة ).
2 ـ نفس الحال : معتدون كافرون بالقرآن وأغلبية صامتة ممكن أن تهتدى .
رابعا :
أمثلة للغفلة الدينية المستحكمة لدى أكابر المجرمين :
1 ـ هم حققوا بالدين الأرضى الذى يملكونه جاها وثروة ، وليسوا على استعداد للتنازل عنها ، فلا بد لهم أن يستخدموا نفوذهم وقوتهم في الصّدّ عن سبيل الله جل وعلا يبغونها عوجا .
2 ـ يأتي وصفهم ب :
2 / 1 : بالملأ المتمسّكين ب ( الثوابت ) ، وحجتهم في مواجهة الحق القرآنى أنه لم يسمعوا بهذا من قبل . قيل لى في جامعة الأزهر :( وهل كان الأئمة السابقين والناس أجمعون غافلين حتى أتيت أنت لتقول هذا ؟ ولماذا تكون أنت القائل وأنت لا تصل الى مكانتنا ) . وهو نفس ما قاله الملأ القرشى ردا على القرآن الرسول عليه السلام . قال جل وعلا : ( وَانطَلَقَ الْمَلأ مِنْهُمْ أَنْ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلاَّ اخْتِلاقٌ (7) أءُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا ) (8) ص ) . وقبلهم قوم ثمود. قال جل وعلا : ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنْ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26) القمر )
2 / 2 : بالمترفين . وحجتهم
2 / 2 / 1 : أنهم الأكثر أموالا وأولادا وجاها ، وبأموالهم سيشترون الجنة وينجيهم الكهنوت من النار . قال جل وعلا : ( وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (34) وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (35) سبأ )
2 / 2 / 2 : أنهم عاشوا على ثوابت ( أجمعت عليها الأمّة ) وهم على آثارها مقتدون : ( وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) الزخرف ). الله جل وعلا جعلها هنا قاعدة في أي مجتمع يسيطر عليه أكابر المجرمين من الحكام ورجال الدين . هم أرسوا مكانتهم بدين أرضى ولا بد لهم في الحفاظ على هذه المكانة من استمرار تقديس خرافات السلف ( الصالح ).
خامسا :
أمثلة واقعية من الذّاكرة
1 ـ في فترة البحث في الدكتوراة قيل لى إن فلانا وكيل وزارة للزراعة على المعاش . إعتنق السلفية وأطلق لحيته، وخصص جزءا من بيته مكتبة للباحثين في التراث. ويتولى مساعدتهم علميا . ذهبت الى مكتبته وانكببتّ على البحث ، كان يلاحظنى ، دخلنا في نقاش جاء فيه إسم السيوطى ، قلت له إن السيوطى كذأب يزعم أنه يرى الرسول في المنام وفى اليقظة ، نسى الرجل نفسه وثار ثورة عارمة جعلتنى أخرج مضطربا . صدمته كانت هائلة على حسب تغلغله في دينه الأرضى .
2 ـ كان زميل دفعتى في التعيين معيدا ثم مدرسا مساعدا ثم مدرسا . إمتاز بأخلاق رائعة فكنت أُطلق عليه لقب ( الملاك ) . تواجدنا معا في الامتحانات واتسع الوقت للنقاش ، عاتبنى فى موضوع البخارى ، فذكرت له أباطيل البخارى في الطعن في الله جل وعلا ورسوله وكتابه ، توقعت أن يستيقظ ، فوجئت ب ( الملاك ) ينطلق فىّ سبّا وشتما بكلام فظيع ، أعرضت عنه ولم أردّ عليه . جاء بعدها بأيام يعتذر ، لم آبه به ، فقد أقمت في قلبى مأتم عزاء لصداقتنا ، وانتهى بالنسبة لى .
3 ـ كنت مُعجبا بالكاتب ( الاسلامى ) خالد محمد خالد ، وخصوصا موقفه المشهور ضد عبد الناصر في موضوع الديمقراطية ، وظل يكتب في الوفد داعيا مبارك للتحول الديمقراطى . قابلته صدفة في ( الهيئة العامة للكتاب ) وصلينا معا . وعرّفته بنفسى ، ودخلنا في نقاش حول أبى الحسن الشاذلى . وكانت المفاجأة حين ذكرت له أقوال الشاذلى في كتاب ( لطائف المنن ) . كانت صدمة هائلة له . ما سمعته منه بدّد إعجابي به .
4 ـ حين كنت طالبا في جامعة الأزهر كان أستاذ علم النحو يعجبنى بأناقته وظُرفه وفصاحته . مرت السنوات وأصبحت مدرسا في الكلية أجلس مع أساتذتى السابقين ومنهم هذا الأستاذ . في جلسة دار الحديث عن ( إبراهيم الدسوقى ) ، ذكرت الفظائع التي قالها إبراهيم الدسوقى في كتابه ( الجوهرة ) وهو منشور ومشهور ويُباع على رصيف جامعة الأزهر . فقد الأستاذ النحوى أعصابه وانطلق سبّا وشتما دون أن يدرى . نظرت اليه دون كلام وهو يتهاوى .
سادسا :
أصحاب الغفلة الدنيوية :
1 ـ هم أُناس عاشوا على ان الإسلام هو ما يقوله الكهنوت وانهم ليسوا مؤهلين للحديث عنه لان الكهنوت احتكر الكلام فيه . ثم أصبح هذا الإسلام الذى يقوله الكهنوت متهما بالإرهاب والتخلف ، فكان الحل من وجهة نظرهم الابتعاد عنه والانشغال بحياتهم الدنيا ، ومنهم من وصل الى الالحاد والعلمانية الكافرة بالدين واعتباره أفيون الشعوب . ولكن بقية الفطرة في داخلهم توقظهم عند الشدّة والأزمات .
2 ـ هؤلاء صدمتهم حقائق الإسلام التي أذعتها والتي كسّرت أصناما تعودوا على عدم الاقتراب منها. نحن نقدم لهم البديل . نحن نقوم بالهدم والبناء معا ، لا نكتفى بذبح الأصنام بل نقدم البديل بالحقائق القرآنية . بهذا يتحقق قوله جل وعلا : ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً (81) وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلاَّ خَسَاراً (82) الاسراء ). يهتدى من لديه استعداد للهداية ويزداد الظالمون بالقرآن خسارا .
3 ـ بعضهم تحولت الصدمة عنده الى ناحية إيجابية ، فقد اكتشفوا جهل الكهنوت وخرافات دينهم الأرضى فتابعونا في البحث الدينى بعد أن عبّدنا لهم الطريق ، وذبحنا الأبقار المقدسة وكسّرنا الأصنام والخوازيق المقدسة ، ورأوا أن الآلهة الخرافية لم تُلحق بنا ضررا ، وأن خصومنا لا حُجّة لديهم سوى الافتراءات والأكاذيب والتآمر وفتاوى القتل والاغتيال المعنوى للشخصية ، ليشجعوا أتباعهم من ( الارهابيين ) على الاغتيال الجسدى .
4 ـ مثقفون ليسوا منغمسين في التديّن الأرضى ساروا بعدنا في تكسير الأصنام ، ومستمعون عاديون كانوا يقولون لنا إن ما يسمعونه من الحق القرآنى كانوا يحسُّون به في داخلهم ، ولكن لم يجرءوا على البوح به خوفا من الكهنوت ، ولأنهم يظنون أنفسهم أقل علما من الدخول في معترك الفكر الدينى .
5 ـ الصديق الراحل د فرج فودة أبرز مثل . كان يرفض الجدال مع الشيوخ لأنه لا يريد الدخول في ملعبهم ، قلت له إنهم أجهل مما يتصور ، ونصحته أن يقرأ في كتب التراث ، وتفوّق عليهم في المناظرات في الصحف وفى الندوات .. فقتلوه .
6 ـ دعانى الراحل فرج فودة لجلسة نقاش عن الإسلام في بيت الصديق الراحل الفنان محمد نوح . كان هناك شباب قادم حديثا من أمريكا ، ولديه أسئلة يريد إجابة عنها . استغرقت الجلسة حتى مطلع الفجر ، أجبت فيها على الأسئلة بحقائق القرآن وأباطيل أديان المحمديين. عادت اليهم ثقتهم في الإسلام وعرفوا التناقض بينه وبين ( المحمديين ) .
7 ـ أوصلنى د فرج فودة الى بيتى بسيارته . كان صامتا في الجلسة ، وظل صامتا وأنا معه في السيارة . ثم تكلم أخيرا فقال : ( تعرف يا دكتور صبحى ، الإسلام الذى قلته انت هو الذى أومن به ).! هذه شهادتى له ، ذكرتها من قبل في مقال ضمن مقالات الهجوم على الغزالى وشهادته في المحكمة ، كان عنوان المقال ( لأنه كفر بهم ). أي لم يكفر بالإسلام وإنما كفر بهم وبدينهم الملّاكى .