يصيبني الذهول كلما سمعت عن القبض علي جماعة من المتدينين الذين أسموا أنفسهم بالقرآنيين. ولعلي أحتاج الي عقد اختبار للتأكد أني من هذا الكوكب فيصبح ذهولي مفهوما أو أن العكس هو الصحيح: أي أن هذه الدولة هي التي تعيش في غير هذا الكون الفسيح الذي نعرفه.بوسعي أن أؤكد لكم أن الغالبية الساحقة من دول ومجتمعات هذا الكوكب لن تعاقب أو تقبض علي أشخاص لأنهم "قرآنيون".
وان كنت أعيش في كوكب آخر فلدي كل الحق في معرفة وجه الجرم في أن يكون الانسان "قرآنيا". ما هي الجريمة التي يستحق عليها هؤلاء الناس الايداع في السجون أو مصادرة الكتب أو تهديد الأقارب أو اخافة القري والناس؟ حسنا: ليس مهما من يعيش في هذا الكوكب ومن يعيش داخل قمقم القمع والبطش والحب الشديد للاعتقالات والتهديدات. حسنا: ليس مهما أني أعيش أو لا أعيش في هذا الكوكب ولنأتي الي مصر وتعلاتها وعجائبها التي وصف المتنبي مضاحكها بأنه ضحك "كالبكاء". وأقسم بكل المقدسات- ولن أقول اني في الواقع أقسم بالقرآن حتي لا أنضم الي قائمة المتهمين بتقديس القرآن- أني لا أفهم حتي ما يجري هنا في مصر ومن داخل منطق القمقم الذي تعيشه هذه الدولة المذهلة.
واقسم أني مستعد لأن أدفع رسما لدرس خصوصي يشرح لي أي منطق في أن يقبض علي الناس لأنهم "قرآنيون"! لنبحث في منطق ما محتمل وهو أن "تحت السواهي دواهي" أو أن القرآنيين يخفون شيئا ما. الخوف الذي قد يقلق سلطات معينة هو أن يضمر القرآنيون رأيا يشكك في مصداقية ما هو منقول عن نبينا محمد صلعم من أحاديث أو ينوه لضرورة التدقيق فيها بإعمال العقل تأكدت بمشورة مرجعيات كبري أن صلعم هذه لا يؤاخذ عليها- ومرفق مذكرة تفسيرية من قانوني بارز للأستاذ صلاح عيسي رئيس التحرير بأن نشرها لا يرتب عليه عقوبة - من المهم يا أستاذ صلاح أن يأخذ المرء حيطته حتي لا يسكن السجون بقية حياته ولا يتمكن من الحصول حتي علي عفو صحي
.اذاً ماذا في ذلك وقد قضي عشرات من مؤرخي الحديث حياتهم في التأكد من سلامة بضعة ملايين من الأحاديث المنسوبة للنبي الكريم وتطهيرها من الاسرائيليات وانتهي أكثرهم الي تصديق بضعة الاف فقط؟ ماذا في ذلك وقد اجتهد واختلف علماء الحديث والفقه والفلسفة الاسلامية في درجة المصداقية والمرجعية التي تنسب للأحاديث في اصدار الفتاوي والأحكام طالما أن الجميع يعرف أن الله سبحانه وتعالي حفظ القرآن وحده من العبث لا يعني ذلك أني أشارك القرآنيين رأيهم- ملاحظة مبعثها الحيطة والحذر في دولة لها منطق من كوكب آخرثم ما علاقة الدولة وجهاز أمن الدولة بهذه القضية؟ ما لهم والخلافات في فهم الاسلام وتفسير بعض ما استشكل علي العقل المسلم من قضايا وهي كثيرة طوال حضارة الاسلام؟ مالكم أنتم والاجتهادات المتخالفة في تفسير وفهم الاسلام؟ وان كنتم قد أقمتم من أنفسهم سلطة للفهم الصحيح الوحيد للاسلام فلماذا لا تعلنوه حتي "نمشي علي العجين دون أن نلخبطه" وتمشون أنتم "كالمرحين في الأرض" دون أن تصيبوا أحدا بالذهول