الحركة الامازيغية و السؤال السياسي بعد وباء كورونا المستجد ؟

مهدي مالك في الإثنين ٠١ - يونيو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الحركة الامازيغية و السؤال السياسي بعد وباء كورونا المستجد ؟

                             مقدمة متواضعة

ظل السؤال السياسي مطروح على امازيغي المغرب منذ الاستقلال و لو بشكل غير معلن او خفي لان النظام كان انذاك يستعد لبناء نموذج لوطن عربي قح يعترف بمختلف مؤسسات الدولة الحديثة التي تركها الاستعمار الفرنسي و قوانينه العلمانية و يعترف في نفس الوقت بالسلفية حسب ميزان الحركة الوطنية كما تسمى و ليس حسب ميزان الحركة الوهابية او الحركة الاخوانية لان ملك المغرب يسمى بامير المؤمنين الساهر على حماية الملة و الدين بمعنى ان مغرب فجر الاستقلال اصبح ذو وجهان الاول هو مشرقي عربي و الثاني هو غربي فرنسي انتهى الكلام عند هذا الحد بدون اي نقاش عميق يظهر وقتها ان الامازيغية بحمولتها السياسية يمكنها جعل المغرب منذ ذلك الزمان بلد علماني اصيل يعتز بامازيغيته و باسلامه التاريخي و جعله يخطو خطوات جبارة نحو نادي الديمقراطيات العريقة في عالمنا المعاصر دون الحاجة الى دروس فرنسا في الديمقراطية او في العلمانية و في حقوق الانسان لان الامازيغية كثقافة اصلية للمغرب منذ مئات القرون هي حاملة لهذه القيم الكونية و ليست غربية بالضرورة.

لقد مارس النظام المخزني ببلادنا منذ سنة 1956 سياسة التعريب و الفرنسة في نفس الوقت قصد اقبار الامازيغية كحضارة متكاملة المعالم و كمشروع سياسي كبير و كان سيكون بديل حقيقي للمغرب بعد الاستقلال لو لم تظهر الحركة الوطنية سنة 1930 حيث بدات حركتنا الثقافية الامازيغية منذ منتصف الستينات الى سنة 2001 تقول ان الامازيغية هي احد مكونات الثقافة المغربية فقط لا اقل و لا اكثر لان الامازيغية كانت طابو سياسي  وقتها اي ان الحركة الامازيغية كانت مجبرة انذاك على عدم الخوض في الشرعية التاريخية للحركة الوطنية او حديث لو بشكل سطحي عن الاعراف الامازيغية او حديث لو بشكل سطحي عن موضوع الامازيغية و الاسلام المفضل لدي الخ من هذه القضايا المطروحة للنقاش منذ سنوان بمعنى ان الحركة الامازيغية منذ منتصف الستينات الى سنة 2001 كانت ذات مشروع ثقافي ضيق قد انتج خطاب اجدير التاريخي ثم المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الخ...     

لكن هذه المكاسب الرمزية لم توقف خطط المخزن للحفاظ على عروبة المغرب و اسلامه دائم الانتقال بين السلفية الوطنية و الوهابية منذ سنة 1979 الى هذه اللحظة ..

ان هويتنا الاسلامية المغربية الان هي رسميا مشرقية الاصل و الفروع اذا اردنا التحدث بصراحة نادرة لان اسلامنا الامازيغي قد اقبر منذ سنة 1956 على مستوى السلطة اي تم الفصل التام بين الامازيغية و الاسلام منذ ذلك الحين كما اقوله منذ سنة 2011  بمعنى ان بعض المناضلين الامازيغيين اتجهوا نحو الالحاد بسبب هذا الفصل التام و بسبب عنف خطابنا الديني الرسمي تجاه هويتنا الام اي ان هذه المكاسب الرمزية لم توقف خطط المخزن الايديولوجية على الاطلاق.

انني لا احاول هنا ان اكون عدمي تجاه المكاسب المحققة لصالح الامازيغية منذ 2001 الى 2011 حيث انها مكاسب ايجابية على اية حال لكنها تبقى رمزية تنتظر التفعيل على ارض الواقع بكل ابعاده المختلفة غير ان المناخ العام السائد الان لا يسمح بمجرد فتح نقاش وطني حقيقي حول موضوع الامازيغية كمشروع سياسي  لاننا دخلنا منذ يناير 2012 الى اليوم في عصر التحالف الغير معلن بين المخزن و الاسلاميين لصالح ايقاف كل شيء يتعلق بالملف الامازيغي بشموليته من اجل اسلمة الدولة و المجتمع وفق فتاوى ابن تيمية و فتاوى محمد عبد الوهاب علما اننا مسلمين منذ 14 قرن اي قبل ولادة هؤلاء الارهابيين الذين شوهوا رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم .

 الى صلب الموضوع

قبل ايام مات الاستاذ عبد الرحمان اليوسيفي الذي كان معارضا يساريا لنظام الحسن الثاني منذ الستينات حيث اسس مع اصدقاءه حزب كبير بجمهوره و بقيمه الاشتراكية القومية سنة 1975 باسم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و تصالح مع السلطة اواسظ  التسعينات حيث اصبح المرحوم وزير اول في حكومة التناوب سنة 1998 اي بعد  سنوات من الاعتقالات و المنافي في فرنسا و كذا توعية الناس عبر جريدته الحزبية وقتها اي في عقود السبعينات و الثامينات و التسعينات.

ان تجربة حزب كبير مثل هذا الحزب تدعو الى استلهام بعض النقاط مثل النفس الطويل و الحكمة و توعية عامة الشعب باهدافنا في تاسيس حزب بالمرجعية الامازيغية بعد كورونا .

قد قلت قبل شهور ان شرعية انتاج ميثاق اكادير جديد متوفرة بالقوى اليوم حيث ان الحركة الامازيغية امامها تحديات كبرى و ملفات ساخنة من قبيل ملف معتقلي حراك الريف و من قبيل ملف النموذج التنموي و من قبيل ملف تفعيل ترسيم الهوية الامازيغية على جميع مناحي الحياة العامة و من قبيل ملف استرجاع اسلامنا الامازيغي الوسطي و  المتعدل بكل وضوح و مسؤولية ادا اردنا فعلا امازيغية الدولة و المجتمع معا .

ان ميثاق اكادير الجديد في اعتقادي المتواضع عليه ان يطالب بمطالب سياسية واضحة ل 30 سنة قادمة لان الحركة الامازيغية اصبحت حركة سياسية دون حزب سياسي حتى اشعار اخر حيث انسحبت من لجنة حزب تامونت للحريات التحضيرية منذ الصيف الماضي لعدم الوضوح و  التواصل معي كمعاق جالس امام الحاسوب الخ من هذه الاسباب .

انني اقول الان انني لا اتخيل اي مسقبل لهويتنا الام دون وجود حزب بالمرجعية الامازيغية الاصيلة اي احياء تاريخنا الاجتماعي و  احياء قوانيننا الوضعية  الامازيغية و تحديثها لتساير عصرنا الحالي لاننا لسنا مثل شيوخ السلفية الذين اتجهوا نحو الجمود الكلي حول الماضي لاجل اعادة انتاج نفس النتائج المدمرة لمسلمي قرن 21 الميلادي اي العودة الى الخلاف السياسي حول من سيحكم المسلمين بعد وفاة الرسول الاكرم صلى الله عليه و سلم و العودة الى عصور الفتوحات من اجل الغنائم و السبايا و ليس من اجل نشر الاسلام العادل و المتسامح مع اهل الكتاب.

اننا لا ندعو الى العنصرية مع اخواننا العرب في الانسانية اولا و في الاسلام ثانيا و في الوطن ثالثا لان حزب بالمرجعية الامازيغية ليس معناه انه حزب عرقي لان خطاب الحركة الامازيغية هو مبني اصلا على التعدد اللغوي و التعدد الثقافي و التعدد الديني حتى حيث في سنة 2007 اسست جمعية الصداقة الامازيغية اليهودية في منطقة سوس باهداف نبيلة من قبيل التعايش و السلم .

لكن ظهرت انذاك اصوات نشاز في التيارات القومية و الاسلامية اتهمت هذه المبادرة بانها تعمل لصالح اسرائيل الخ من هذه الاتهامات المعروفة علما انني سمعت الفنان المغربي عبد الرحيم الصويري يصرح للقناة الثانية انه  زار اسرائيل سنة 1994 اي قبل تاسيس الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي بسنوات بمعنى ان زيارة اسرائيل هي حلال لاجواق الطرب الاندلسي لكنها حرام على نشطاء الحركة الامازيغية .

انني ارجوا ان يكون مقالي هذا بداية للوعي باهمية تاسيس حزب بالمرجعية الامازيغية بعد وباء كورونا المستجد.

توقيع المهدي مالك

اجمالي القراءات 2959