التقنية والكلفة المالية

رضا البطاوى البطاوى في السبت ٢٣ - مايو - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

التقنية والكلفة المالية
 
اختراع التقنيات واستعمالها مرتبط بما تحققه من فوائد ومنافع للإنسان بحيث تكون كلفة الاستعمال الفوائد المجنية من الاختراع أكثر منها ولكن الكثير من المخترعات الحالية لو فكرت الحكومات والدول لوجدت أنها تكلفها مالا أكثر مما تجنيه منها وهذا نوع من الإسراف الذى حرمه الله تعالى بقوله :
"ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا "
ومن أمثلة تلك التقنيات :
-الصراف الآلى :
آلة صرف النقود تعمل 24 ساعة وهى موجودة فقط فى المدن ونادرا جدا فى القرى فلو قلنا أن كمثال بلد كمصر فيها مائة ألف آلة صرف فهى تستهلك سنويا كهرباء100000×10كيلو وات× 366 يوم =366 مليون كيلو وات سنوي لكون الدولة تستعمل السنة الشمسية فى حساباتها ×50قرش للكيلو = 183مليون جنيه
أضف لهذا تكلفة شركات الأمن التى تقوم بنقل النقود بسياراتها إلى الآلات سنجدها تتكلف ما لا يقل عن مائة مليون هى الأخرى
المصيبة الأكبر هى أن المؤسسات الحكومية والخاصة كان بكل منها سكرتير مالى يقوم بالسفر أو بعدم السفر فى حالة وجوده بالمدينة أو قرية بها مكتب بريد ليصرف رواتب كل العاملين بالمؤسسة ومن ثم كانت نسبة المسافرين من السكرتارية المالية لا تتجاوز عشرة آلاف نفس لو صرفت بدل انتقال فلن يزيد على مليون جنيه
الآن هناك حوالى 20 مليون موظف حكومى وخاص وصاحب معاش مطلوب منهم أن يسافروا يوم القبض للصرف من الآلات وهم يحتاجون2 مليون سيارة ركوب فلو قلنا أن كل سيارة تستهلك 5 لترات بنزين ذهابا وعودة فهذا معناه 10 مليون لتر بنزين كل شهر ×12= 120 مليون لتر ×7 جنيهات =840 مليون جنيه
إذا تكلفة استخدام آلات صرافة الرواتب والمعاشات حوالى مليار ونصف جنيه بينما أقصى كلفة ممكنة قبل استعمال تلك الآلات لا تتجاوز الخمسين مليونا فى أقصى تقدير ممكن
بالقطع هناك أمور لم نذكرها ككلفة حراسة جنود الشرطة للماكينات وكلفة وقود سيارات شركات الأمن
إذا نحن أمام عملية استعمال خاطىء للتقنية فهذه التقنية تضيع المال وتضيع الوقت وتتطلب بذل مجهود من قبل 20 مليون مواطن فى السفر كما تتطلب من دولة غير نفطية استيراد نفط وأن تتحمل الحكومة كما تزعم دعم الكهرباء والوقود
-السيارات :
المفترض عند استعمال السيارات أن تكون مفيدة فى نقل الركاب بحيث توفر الوقت والجهد والمال ولكن من يشاهد شوارع المدن كمثال فى بلد كمصر يجد أن عدد السيارات الذى يتجاوز العشر مليون سيارة متراصة على جوانب الشوارع وهى سيارات غالبها سيارات فردية أى ملكية خاصة ومعظمها قديم
لو افترضنا أن كل يوم تتحرك منها خمسة مليون سيارة ويستهلك كل منها 20 لترا من الوقود فهذا معناه 100 مليون لتر وقود وهى كمية كبيرة جدا ×7 جنيهات=7 مليار جنيه يوميا ×365=2555 مليار سنويا
هذه السيارات معظمها صغير ومن ثم فهى تساهم فى عملية زحام مستمرة لا تنتهى يوما خلف يوم وعملية تلوث كبيرة ومن ثم نجد الحكومات المتخلفة تقوم ببناء طرق جديدة أو توسعها أو تقوم بعمل جسور وأنفاق ومع هذا المشكلة لا تحل
المشكلة عانت منها دولا أخرى وحلتها دولة كالصين واليابان عن طريق استخدام الدراجات الهوائية داخل المدن
المفترض فى أى حكومة عاقلة أن تقوم بالتالى للحد من عمليات إهدار مال الشعب:
-عدم إصدار أى ترخيص بسيارة جديدة لمن يملك سيارة هو وعائلته
-إيقاف تراخيص السيارات الخاصة الملاكى نهائيا
-الترخيص لسيارات النقل الكبيرة فقط
- أن يسمح للسيارات الخاصة ذات الأرقام الفردية مثلا بالتحرك أيام محددة فى الشهر والسيارات ذات الأرقام الزوجية فى أيام مخالفة
- أن تسهل الدولة عمليات امتلاك الدراجات الهوائية وتدرب الموظفين على استعمالها
هذه الحلول هى للدول التى تسعى لاستخدام التقنية ولكن كمسلمين هذا نوع من الإسراف عندنا لأننا تركنا ما خلق الله لنا من ركوبات بلا ركوب تركنا الخيل والبغال والحمير كما تركنا المشى ومن ثم فالمفترض أن نستعمل ما خلق الله لنا بالتنقل داخل المدن والقرى ونترك للسيارات الأمور الكبيرة كنقل البضائع بين المدن ونقل الركاب العاملين فى بلاد أخرى
دولة المسلمين لا تجعل الموظفين عدا قلة نادرة يسافرون خارج بلدة السكن فحيث يسكن الإنسان يعمل هذه هى القاعدة والقلة التى تسافر تسافر اضطرارا كالمجاهدين فى سبيل الله ومن يعملون فى المناجم
بلاد المنطقة منذ أزمان بعيدة تتبع سياسة ادخال الموظف فى متاهة لا تنتهى فيجب أن يصحو مبكرا لكى يسافر والسفر يستغرق عدة ساعات بحيث يصل بيته مجهدا جسديا لا فلا يستطيع أن يفكر فى أى شىء وهو ما تريده الحكومات بشر لا يفكرون فى الانقلاب عليها
كمثال المدرسون منذ سبعين أو ستين عاما كانوا يعينون فى محافظات غير المحافظة التى يقيمون فى احدى قراها أو مدنها ومنذ خمسين وأربعين عاما صاروا يعينون داخل محافظتهم ولكن فى مركز غير المركز الذى يقيمون فيه ومنذ ثلاثين عاما صاروا يعينون فى احدى قرى المركز الذى يقيمون فى احدى قراه والسبب ليس هو ان الحكومات لا تريد لأن تدوخهم وإنما السبب هو كثرة العدد
هذه السياسة ما زالت متبعة من خلال إنشاء المدن والمشروعات الجديدة خارج نطاق التركز السكانى القديم ومن ثم ففرص العمل لا تتوافر غالبا إلا فى تلك الأماكن التى تتطلب سفرا بعيدا
-الحواسب :
كمثال كانت السجلات المدنية الخاصة بما يسمى بوزارة الداخلية تطبع شهادات ميلاد ورقية وما زالت وكذلك شهادات وفاة وبطاقات شخصية أو عائلية كلها خالية من الأسماء والأرقام وكان الموظف يقوم بكتابتها يدويا بالقلم الجاف أو قلم من نوعية خاصة
لم تكن العملية تستغرق وقتا سوى يوم واحد تقدمها فى أول وقت العمل وتحصل عليها قبل مغادرة الموظف السجل
الآن تم إدخال الحواسب للسجلات وكما كان الكاتب يكتب فى الورق أصبح يكتب على الحاسوب ثم يصدر أمرا للطابعة فتخرج الشهادة ورقة
هل هناك أى فارق ورقة مكتوبة باليد وورقة مكتوبة على الحاسب والموظف هو نفسه فإن أخطا أخطأ الحاسوب وإن كتب كتابة صحيحة خرجت صحيحة ؟
الفارق الوحيد هو فى عملية التخزين فالسجلات الورقية كانت تحتاج لمكان كبير بينما السجل الحواسبى على الحاسوب لا يستدعى مكاناسوى ذاكرته ويمكن أن يستدعى فى أى وقت بسرعة
وكما أن هناك ميزة السرعة فى الحاسوب فإن هناك عيبا وهو استهلاك الكهرباء وغلو أسعار الحواسب والطابعات والعيب الأخر هو أن الجهاز إن تعطل تعطل العمل حتى يستدعى المختص بإصلاح الآلات بينما السجل الورقى لا يعطل العمل
إصدار الشهادة المكتوبة كان يستغرق دقيقة كتابة بينما الشهادة المطبوعة تستغرق دقيقة كتابة ودقيقة للطباعة أى الوقت زاد
بقى أمر البطاقات التى كانت تستغرق عدة ساعات للأختام وكتابتها تستغرق دقيقة وأما الآن فإصدار بطاقة الحاسوب فى مصر يستغرق 15 يوما وفى النهاية تخرج صورة الشخص صورة مشوهة يسمونها صور العفاريت
إذا التقنية فى أحيان كثيرة تكون تكلفتها وفوائدها أعلى من المستفاد منها فهى لا تجلب مال مماثل للمنفق عليها بل تعتبر خسارة مالية كبيرة ومن ثم فالتقنية يجب أن يكون عائدها أكبر من كلفتها وإلا فيجب عدم استخدامها

اجمالي القراءات 2894