لعبة شد الحبل بين السلفيين والإخوان لاستقطاب 8
في حالة تشبه شد الحبل بين طرفين تتجاذب كل من جماعة الإخوان المسلمين في مقابل التيار السلفي أطراف الحبل لاستقطاب 8 ملايين صوت تمثلها الجمعيات الشرعية وأنصار السنة.. وهي ذات الأصوات التي لم تكن تعطي لأحد في الانتخابات السابقة صوتها معتبرة أن التصويت حرام!!
وبعد أن أحلت جماعة الإخوان المسلمين ومعها التيارات السلفية خوض الانتخابات قررت الجمعيات الشرعية وأنصار السنة أصحاب الـ8 ملايين صوت التصويت انحيازاً إلي حزب النور السلفي وحزب الفضيلة والأصالة.. الأمر الذي جعل الجماعة تتحرك بسرعة لاستقطاب ما تيسر لها من أصوات أعضاء الجمعيات الشرعية.. في هذا التحقيق نقترب أكثر من هذه الجمعيات المنتشرة في أنحاء مصر .. إلي التفاصيل.
وتعتبر جماعة أنصار السنة أكبر تجمع سلفي في مصر ويرجع تاريخ تأسيسها إلي عام 1926 عندما انطلقت جماعة أنصار السنة المحمدية من مسجد يسسمي «الهدارة» كان عملها مقصورًا علي في الدعوي لحب رسول الله واشترك فيها منذ البداية الشيخ محمد حامد الفقي مؤسس الجماعة الإسلامية وكذلك الشيخ عبد الله شاكر الجندي الرئيس العام الحالي للجماعة والتي تمتلك الآن أكثر من 150 فرعاً في جميع أنحاء مصر موزعة علي ثلاثة آلاف مسجد وزاوية ويبلغ أعضاؤها حوالي 5 ملايين عضو وذلك حسب تصريحات الرئيس السابق الدكتور جمال المراكبي.. كان معظمهم لا يخرجون للتصويت في آية برلمانات سابقة.. ولذلك كانوا يطلقون عليهم أصحاب الأصوات النائمة والتي استيقظت بعد ثورة يناير حيث تتنازع عليهم جماعة السلفيين آملين أن تقلهم هذه الأصوات إلي كراسي البرلمان القادم.
وأكد الدكتور المراكبي أن جماعة أنصار السنة تمتلك 15 قناة فضائية تستخدمها لنشر مذهبها.. وهي نفس القنوات وأصحابها الذين كانوا يصدرون فتاوي بتجريم التظاهر والخروج ضد الحاكم لأنه بدعة وليس سنة.. وبالطبع تغير هذا النهج بعد الثورة تماماً قائلين أنه من الضروري أن نساهم في الحياة السياسية بشكل مباشر بدعوي أن الأحداث الجارية هي التي تفرض عليهم الدخول في السياسة لتقديم النصائح والفتاوي من خلال العلماء المسلمين لتحديد مسار المرحلة المقبلة في مصر وبالفعل قامت جماعة أنصار السنة بالتنسيق مع مجموعة من أبرز دعاة التيار السلفي لإنشاء ما يسمي بمجلس شوري العلماء برئاسة الدكتور عبد الله شاكر ويتكون من 30 عالماً وداعية وعلي رأس هؤلاء الشيخ محمد حسان والشيخ محمد حسين يعقوب والدكتور جمال المراكبي والشيخ مصطفي العدوي والشيخ أبو بكر الحنبلي وغيرهم كثيرون حيث أكد الدكتور عبد الله شاكر في أول اجتماع لمجلس الشوري أن المجلس سيقوم علي إيجاد دور مؤثر له في الساحة في الفترة المقبلة خاصة أن المجال أصبح متاحاً لهم ودور المجلس سيكون التشاور في المسائل التي تنزل علي الأمة لكي تتخذ فيها الرأي أو القرار المناسب وأكد أنه من حق المجلس اتخاذ القرر إصدار الفتوي في أي من المسائل التي تنزل بالأمة لأنها مجموعة كبيرة من العلماء التي تعرف مفاهيم الدين جيداً.
بعدها انطلق شيوخ الدعوة السلفية سواء عبر الفضائيات أو من خلال المساجد والسرادقات في كل مكان بدعوة اتباعهم لضرورة المشاركة السياسية في انتخابات مجلس الشعب والشوري القادمة وأن الخروج يوم التصويت أصبح يعادل الفرائض وأن كل واحد مسئول عن صوته يوم القيامة وهو تعبير صريح لكل من يسمع وإعطاء صوته لمرشحي التيار الإسلامي السلفي سواء لحزب النور السلفي أو حزب الفضيلة أو الأصالة أو حتي الجماعة الإسلامية التي تتبع منهجياًَ التيار السلفي وليس تيار الإخوان وهو ما يزيد عدد أصوات التيار السلفي في الشارع لأكثر من الخمسة ملايين صوت يصل في ابسط الأحوال لأكثر من 7 ملايين صوت وهو ما يضع جماعة السلفيين علي الطريق داخل مجلس الشعب.
ورغم قلة خبرة جماعة السلفيين السياسية إلا أنهم في الأيام الأخيرة استطاعوا توحيد صفوفهم حتي يستطيعوا الحصول علي أكبر عدد من المقاعد بعد أن تأكدوا أنهم يمتلكون كتلة تصويتية ضخمة ومضمونة في الشارع بالإضافة إلي حصوله علي نسبة كبيرة من الكتلة التصويتية التي كانت تحصل عليها جماعة الإخوان المسلمين في الماضي من أعضاء الجمعيات الإسلامية الأخري وهو ما أبرز تقدم التيار السلفي رغم قلة خبرته السياسية علي التيار الإخواني صاحب الباع الطويل في الشئون السياسية في البلاد.
أما الجمعية الشرعية فالمعروف عنها أنها الجماعة الأم التي احتضنت فكر جماعة الإخوان المسلمين طويلاً فترجع نشأتها إلي نشأة جماعة الإخوان المسلمين في وقت واحد منذ ظهور «حسن البنا» مؤسس جماعة الإخوان المسلمين والذي نصح أتباعه باتخاذ الجمعية الشرعية ومساجدها منابر لجماعة الإخوان المسلمين حتي تنطلق منها دعوتها وظلت كذلك حتي وقت قريب لدرجة أن جميع صحف جماعة الإخوان المسلمين التي صدرت بتصريح رسمي صدرت من رحم الجمعية الشرعية منها مجلة الدعوة والاعتصام والإخوان وظل الأمر كذلك طوال تاريخ الجمعية الشرعية لدرجة أن عدداً من أعضاء مجالس إدارات الجمعية الشرعية ينتمي لجماعة الإخوان وبشكل علني.
وتمتلك الجمعية الشرعية ما يزيد علي مائة فرع في ربوع جمهورية مصر العربية منتشرة في مدنها وقراها تعمل في مجال كفالة الطفل اليتيم ورعاية الأرامل والمطلقات وكفالة غير القادرين في جميع الأشكال وهو دور اجتماعي مهم ويؤكد المقربون من الجمعية الشرعية أنها تمتلك أكثر من ثلاثة ملايين عضو داخل الجمعية أن عدداً منهم كان يمتلك بطاقة انتخابية في الماضي وكان يزيد عددهم علي مليون ونصف عضو استطاعوا أن يكون لهم دور مهم في انتخابات مجلس الشعب في 2005،2010 في انجاح أعضاء جماعة الإخوان المسلمين حيث كانت البداية في الجمعية الشرعية بمسجد الاستقامة بالجيزة والتي تعد من أكبر فروع الجمعية الشرعية علي الاطلاق والتي تضم ما يقرب من عشرة آلاف أسرة من الأرامل والمطلقات واليتامي وغيرهم ولها عدة أنشطة في مجال التدريب والتشغيل وعلاج المرضي وهو ما يرفع عدد الأعضاء غير المنتظمين إلي أكثر من ثلاثين ألفاً.
استطاعت الجمعية الشرعية في الجيزة منذ أكثر من 15 عاماً استخراج البطاقة الانتخابية للأسر التي ترعاها لدرجة أنها بلغت حوالي عشرة آلاف بطاقة انتخابية وهذه الكمية من الأصوات كانت غير معروفة لأعضاء الحزب الوطني في الماضي والتي حصل عليها جميع مرشحي جماعة الإخوان في الجيزة في ذلك الوقت عزب مصطفي عضو مجلس الشعب السابق عن جماعة الإخوان المسلمين وذات الصلة الوثيقة بأعضاء الجمعية الشرعية الأمر الذي جعل محمد أبو العينين رجل الأعمال المعروف يقوم بإنشاء جمعية أبو العينين الخيرية في الجيزة في مسقط رأسه ومقره الانتخابي والتي دفعت أبوالعينين ليفوز بالمقعد عدة دورات متتالية ومن الجولة الأولي بعد أن وصل عدد أعضاء جمعيته لما يزيد علي ثلاثين ألف عضو تقوم جمعية أبو العينين بخدمتهم ورعايتهم رعاية كاملة وجميعهم لهم بطاقات انتخابية ويعطون أصواتهم بالكامل لمحمد أبو العينين.
ورغم ذلك فإن الجمعية الشرعية وما تمتلكه من أصوات هذه المرة لن يذهب جميعه إلي حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين كما كان يحدث في الماضي فالأمور اختلفت الآن بعد ظهور التيار السلفي علي الساحة السياسية سواء كان متمثلاً في حزب النور أو حزب الفضيلة أو حزب الأصالة والتي تمتلك رصيداً قوياً مع أعضاء الجمعية الشرعية من خلال تردد عدد أكبر من أعضاء الدعوة السلفية علي مساجد الجمعية الشرعية خاصة أعضاء الجماعة الإسلامية الذين يبنون طموحهم السياسي علي أعضاء الجمعية الشرعية والتابعين لهم خاصة في القري والنجوع والتي يعتمد عليها أصحاب الحاجة بشكل كبير في حل مشاكلهم الاجتماعية والمالية.
المعروف أن الجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة تؤدي خدمات جليلة لعدد كبير من أبناء الشعب المصري خاصة في المناطق الفقيرة في سرية تامة دون أن يعرف أحد.
يقول خالد العطفي رئيس مجلس إدارة الجمعية الشرعية بالجيزة السابق أن دور الجمعية الشرعية وجمعية أنصار السنة أكبر وأهم بكثير من دور وزارة التضامن الاجتماعي فهي تهتم بالفقراء والمحتاجين بشكل كبير وبشكل حقيقي لذلك نجد عدداً كبيراً جداً من المواطنين يرتبطون بهم ارتباطاً وثيقاً ومنذ حوالي 12 سنة أو يزيد بدأت فكرة تثقيف المترددين علي الجمعية الشرعية من خلال تعليمهم القراءة والكتابة وتحفيظهم بعض أجزاء القرآن وتدربيهم علي المهن والأعمال بالإضافة إلي الرعاية الاجتماعية والصحية وبعد ذلك بدأنا في عمل بطاقات انتخابية للمترددين علي الجمعية حتي يكون لهم دور في الحياة السياسية.
وتم ذلك بالفعل واستطعنا في ذلك الوقت استخراج ما يقرب من عشرة آلاف بطاقة انتخابية للمترددين علي الجمعية وطلبنا منهم ضرورة التوجه لصناديق الانتخابات لاعطاء صوتهم ولم نطلب منهم اعطاء الصوت لمرشح معين بعض المرشحين استغلوا الفرصة وحصلوا علي أكبر نسبة من أصوات هؤلاء بعدما انتشرت الفكرة في باقي الجمعيات وأفرع الجمعية الشرعية وجماعة أنصار السنة لدرجة أن عدداً كبيراً من أعضاء الحزب الوطني من رجال الأعمال سواء في الجيزة أو القاهرة والقليوبية والبحيرة والمنوفية فطنوا لهذه الفكرة وقاموا بإنشاء جمعيات خيرية لهذا الغرض حتي يضمنوا أكبر عدد من الأصوات يكون تحت أيديهم ولا يعلم الآخرون شيئاً وهي لعبة انتخابية مضمونة العواقب لصاحبها.