السلطان المملوكى المتدين ( المؤيد شيخ ) الذى كان من أكابر المجرمين ( 1 )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٢ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

السلطان المملوكى المتدين ( المؤيد شيخ ) الذى كان من أكابر المجرمين ( 1 )

 مقدمة

1 ـ يعتبر عام 824 عاما غريبا في التاريخ المملوكى الممتد من عام 648 الى 923 هجرية . في عام 824 مات السلطان المؤيد شيخ يوم 9 محرم ، وعهد لابنه الطفل أحمد بولاية العهد وكان عمره سبعة عشر شهراً وخمسة أيام، وأقام مجموعة للحكم كان منهم الأمير ططر لرعاية السلطان الطفل .ثم خلع الأمير ططر السلطان الطفل أحمد بن المؤيد شيخ وتولى مكانه بلقب الظاهر ططر ، وهذا في يوم الجمعة  29 شعبان في نفس العام . وبعد مرض سريع مات السلطان ططر يوم في يوم الأحد 4 ذي الحجة  في نفس العام 824 . وعهد الى إبنه محمد  ، وعمره نحو العشر سنين، فأصبح سلطانا يوم موت أبيه ططر، وكان المتولى أمر السلطان الصغير هو الأمير الكبير برسباى. وعزل برسباى السلطان الصغير وتولى مكانه في يوم الأربعاء 8 ربيع الآخر عام 825 .

2 ـ  أي من شهر محرم 824 الى شهر ذي الحجة عرفت الدولة المملوكية أربعة       من السلاطين : المؤيد شيخ ثم إبنه أحمد، والظاهر ططر ثم إبنه محمد ، ثم في العام التالى 825 تولى برسباى . 

3 ـ المؤيد شيخ إستمر حكمه ثماني سنوات وخمسة أشهر وثمانية أيام. بينما إستمر حكم برسباى حوالى 17 عاما إذ مات يوم السبت 10 ذي الحجة 841 .

4 ـ  برسباى ــ الذى نتوقف معه في هذا البحث عن أكابر المجرمين ـــ لم يكن نسيج وحده، ورث نظاما فاسدا حتى النخاع ، وإستمر فيه سعيدا به مخلصا له.

5 ـ لا يؤثر في فساد العصر المملوكى أن يكون السلطان سطحى التدين مثل برسباى أو متدينا مثل المؤيد شيخ أو قايتباى . في الدولة المملوكية البرجية كان السلطان من أراذل الناس لأنه من المماليك الجلب المجلوبين من احطّ الطبقات من بلدانهم الأصلية ، لذا كانوا عريقين في الفساد السلوكى حتى بذاءة اللسان والفُحش في الكلام . وكان هذا متسقا مع أعوانهم من أكابر المجرمين من الجناح المدنى من القُضاة ، بل كان فساد القُضاة أحطُّ من فساد السلطان نفسه بحيث كان يتدخل بعض السلاطين لاصلاح القضاء أو يتصدى بنفسه للحكم بين الناس .

6 ـ  في النهاية كان هذا الفساد متسقا مع الدين الأرضى الواقعى السائد ، وكان وقتها التصوف السنّى المعمول به من عهد صلاح الدين الأيوبى ، وإستمر هذا الدين سائدا حتى منتصف عصر السادات إذ حل محله الدين الوهابى الحنبلى السنى المتطرف، وهو اشد ضلالا وأحطُّ سبيلا .

7 ـ قبل أن نلج في عصر برسباى نتوقف مع المؤيد شيخ ، شخصا وعصرا .

أولا : شهادة المقريزى على تديّن السلطان المؤيد شيخ .  

1 : يذكر المقريزى أن السلطان المؤيد شيخ هو الذى ابتدع ميعاد البخارى في شهر رمضان ، يقول عن أحداث شهر رمضان عام 841: (  وفي يوم الأربعاء ثالث عشرينه: ختمت قراءة صحيح البخارى بين يدى السلطان بقلعة الجبل، وقد حضر قضاة القضاة الأربع، وعدة من مشايخ العلم وجماعة من الطلبة، كما جرت العادة من الأيام المؤيدية شيخ ). أي إبتدعه المؤيد شيخ وظل عادة رمضانية بعده . وهذا يعطى دليلا على نوعية الدين الأرضى الذى يعتنقه المؤيد شيخ ، ففي الوقت الذى لم يكن فيه للقرآن الكريم إحتفال أقام هذا السلطان إحتفالا رسميا في مقر الحكم ( القلعة ) حمل إسم ( ميعاد البخارى ) ، وجعل موعده ( ميعاده ) في رمضان من كل عام ، كما لو كان رمضان هو الذى أُنزل فيه البخارى وليس القرآن الكريم .

2  ـ  ننقل ما قاله المقريزى عن المؤيد شيخ ونعلّق عليه :

  2 / 1 (..وكان شجاعاً، مقداماً ). لكى يصل الأمير المملوكى للسلطنة لا بد أن يكون شجاعا مقداما خبيرا بالمؤامرات . هكذا كان السلاطين قبل وبعد المؤيد شيخ . العبرة هنا بتوظيف الشجاعة والإقدام ، هل في الحق والخير أم في القتل والقتال والسلب والنهب والتخريب .. الإجابة سنعرفها فيما بعد من كلام المقريزى نفسه.!

2 / 2 :( يحب أهل العلم، ويجالسهم،) . أهل العلم هم أكابر المجرمين من الجناح المدنى الذين يعطون شرعية سياسية للجبروت العسكرى المملوكى ، لذا كان يحبهم ويجالسهم .

2 / 3 : (  ويُجلُّ الشرع النبوي، ويذعن له،) كان يرى الأحاديث المفتراة  شرعا، والمقريزى يؤمن بهذا أيضا فهو إبن عصره ، فيذكر ضمن مناقب هذا السلطان أنه كان يُجلُّ ( الشرع النبوى ) . كانوا يرون هذا هو الإسلام ، لذا كان قاضى القضاة الشافعى المشهور يحمل لقب ( شيخ الإسلام ) . مثل البلقينى وابن حجر العسقلانى. ولا تزال هذه عادة سيئة حتى الآن . مع أنه ليس في الإسلام ( شيخ ) فيه الرسول النبى وفقط . ومصطلح ( شيخ ) في القرآن يأتي تعبيرا عن مرحلة عُمرية في حياة الانسان . وقد جاء ثلاث مرات في القرآن الكريم بهذا المعنى : ( قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) هود ) ( قَالُوا يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنْ الْمُحْسِنِينَ (78) يوسف ) ( وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنْ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمْ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) القصص )، ونعود للمقريزى في وصفه للمؤيد شيخ :

2 / 4 : ( ولا ينكر على من طلبه منه إذا تحاكم إليه أن يمضي من بين يديه إلى قضاة الشرع، بل يعجبه ذلك. وينكر على أمرائه معارضة القضاة في أحكامهم.) ، أي يرى هذا السلطان أن القضاة رموز الدين . هذا مع أن تعيين القضاة كان بالرشوة ، وقد كانوا أتباعا للسلطان يتنافسون في إرضائه ، فلا باس أن يتظاهر بإكرامهم . المقريزى يرى هذا منقبة للمؤيد شيخ ، مع أن المقريزى نفسه أظهر فساد القضاة في عصره وهاجمهم .! بل وناقض نفسه حين تحدث بمرارة عن فساد القضاة وغيرهم في سلطنة المؤيد شيخ .

2 / 5 : ( وكان غير مائل إلى شيء من البدع. ) فماذا عن إبتداعه لميعاد البخارى ؟ .!

2 / 6 : ( وله قيام في الليل إلى التهجد أحياناً. ) . يزعم المقريزى أن السلطان كان ( أحيانا ) يقوم الليل عابدا متهجدا ، أي يترك محظياته وجواريه ليتهجّد ويقوم الليل ..! . لا نتصور أن يدلف المقريزى الى مخدع السلطان في القلعة ليعرف ما يفعله في سكون الليل . نفهم أنه أُشيع عن السلطان ( المتدين ) أنه يفعل هذا ( أحيانا ) فكتب هذا مصدقا له . مع أنه يستحيل على سلطان من أكابر المجرمين أن يقوم الليل مثل أولئك الذين قال عنهم رب العزة جل وعلا : ( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (9) الزمر )

3 : يذكر المقريزى في التأريخ لعام 823 في أُخريات حياة المؤيد شيخ :   
3 / 1 ( وفي ثامن عشره: توقف النيل عن الزيادة، وتمادى على ذلك أياماً. فارتفع سعر الغلال، وأمسك أربابها أيديهم عن بيعها، وكثر قلق الناس..) حين كان يتناقص النيل تلوح في الأفق المصرى نُذُر المجاعة ،ويبدأ التجار في تخزين الغلال والحبوب ، وترتفع الأسعار .  لذا كان مقياس النيل نشاطا رسميا . في هذا العام تناقص النيل فهرع الناس يستغيثون برب العالمين ، ويتوبون عن فعل المعاصى .  

3 / 2 : (..ثم نودي فيهم أن يتركوا العمل بمعاصي الله، وأن يلتزموا الخير. ثم نودي في ثاني عشرينه أن يصوموا ثلاثة أيام، ويخرجوا إلى الصحراء، فأصبح كثير من الناس صائماً، وصام السلطان أيضاً. فنودي بزيادة إصبع مما نقصه، ثم نودي من يوم الأحد غده أن يخرجوا غداً إلى الجبل وهم صائمون، فبكّر في يوم الاثنين خامس عشرينه شيخ الإسلام قاضي القضاة جلال الدين البلقيني، وسار من منزله راكباً بثياب جلوسه في طائفة، حتى جلس عند فم الوادي، قريباً من قبة النصر، وقد نصب هناك منبر، فقرأ سورة الأنعام، وأقبل الناس أفواجاً من كل جهة، حتى كثر الجمع،). أجبرهم نقصان النيل على التوبة والصيام والخروج للصحراء فجرا للدعاء .

3 / 3 : ( ومضى من شروق الشمس نحو ساعتين أقبل السلطان. بمفرده على فرس، وقد تزيا بزي أهل التصوف، فاعتم. بمئزر صوف لطيف، ولبس ثوب صوف أبيض، وعلى عنقه شملة صوف مُرخاة، وليس في سرجه- ولا شيء من قماش فرسه- ذهب ولا حرير، فأُنزل عن الفرس، وجلس على الأرض من غير بساط ولا سجادة، مما يلي يسار المنبر،) وشاركهم السلطان المؤيد شيخ . وحرص على أن يظهر كشيخ صوفى ، فلبس زى التصوف ، وتجرد من زُخرف السلطنة وتصرف كآحاد الناس .

3 / 4 : ( فصلّى قاضي القضاة جلال الدين ركعتين كهيئة صلاة العيد، والناس من ورائه يصلون بصلاته. ثم رقي المنبر، فخطب خطبتين، حث الناس فيهما على التوبة والاستغفار، وأعمال البر، وفعل الخير، وحذرهم، ونهاهم. وتحول فوق المنبر فاستقبل القبلة، ودعا فأطال الدعاء، والسلطان في ذلك يبكي وينتحب، وقد باشر في سجوده التراب بجهته. فلما انقضت الخطبة انفض الناس، وركب السلطان فرسه، وسار والعامة محيطة به من أربع جهاته، يدعون له، حتى صعد القلعة، فكان يوماً مشهوداً، وجمعًا موفورًا .) .بكى السلطان وتخاشع وسجد على التراب .!!  ولا شك أنه كان مخلصا في هذا شأن البشر حين يتهدد الخطر حياتهم ، ثم عندما يزول يعودون الى ما كانوا عليه من عصيان . قال جل وعلا : ( وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَاداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (8) الزمر). وقال بعدها على من يزعم أن المؤيد شيخ كان يقوم الليل:( أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (9) الزمر )

3 / 5 : (  وفي مشاهدة جبار الأرض على ما وصفت، ما تخشع منه القلوب، ويرجى رحمة جبار السماء، سبحانه.) . هنا يأتي تعليق المقريزى كاشفا لحالة المؤيد شيخ ، فهو يصفه بأنه ( جبّار الأرض ) الذى يرجو رب العزة جل وعلا ( جبّار السماء سبحانه ) ويجعل في هذا عبرة : ( ما تخشع منه القلوب).

3 / 6 : (  ومن أحسن ما نقل عنه في هذا اليوم. أن بعض العامة دعا له، حالة الاستسقاء أن ينصره الله، فقال: اسألوا فإنما أنا واحد منكم، فلله دره، لو كان قد أيد بوزير أصدق وبطانة خير، لما قصر عن الأفعال الجميلة بل إنما اقترن به فاجر جريء، أو خبيث شقي. ). يتمنى المقريزى لو دامت حالة التوبة هذه. يتمنى  لو كانت حاشية السلطان صالحة لتجعله مستمرا في الصلاح والإصلاح . وينسى المقريزى أن الحاشية إنعكاس للسلطان ، وكما قال عمر بن عبد العزيز : ( السلطان كالسوق ) يعنى سوق الذهب يذهب اليه من يشترى الذهب ، وسوق المواشى يرتاده مشترو المواشى ، وأيضا فالسلطان العادل يجتمع حوله الصالحون ، والسلطان الفاسد يحيط به أراذل الفاسدين .

ثانيا : شهادة المقريزى عن فساد المؤيد شيخ :

 يناقض المقريزى نفسه فيقول عن أخلاق المؤيد شيخ :

  1 : ( إلا أنه كان بخيلاً، مسيكاً يشح حتى بالأكل، ) يعنى وصل به البخل الى الطعام .

  2 : ( لجوجاً، غضوباً، نكداً،) سريع اللجاج سريع الخصومة ، سريع الغضب ، سريع النكد . يكون هذا خطيرا من الشخص العادى فكيف بسلطان يملك وفق شريعة العصر المملوكى أن يقتل من يشاء .

  3 :  ( حسوداً، معياناً،)، أي يحسد الناس، ( معيانا ) أي ذو عين حاسدة . والغريب أن يحسد السلطان المسيطر على الثروة والسلطة غيره .!

  4 : ( يتظاهر بأنواع المنكرات،) يعنى يمارس الفجور علنا ( يمارس الفجور نهارا ويقوم الليل تهجدا ).!.

  5 :  ( فحاشاً، سباباً بذيا ) أي فاحشا بذيئا في كلامه، سبّابا للناس .

  6 : ( شديد المهابة، حافظاً لأصحابه، غير مفرط فيهم، ولا مضيعاً لهم،). لذا هابه الناس خوف لسانه وخوف سلطته ، وكان يحافظ على أعوانه ، وطبعا فأعوانه على شاكلته . وسنعرض لهم ولفسادهم فيما بعدُ.

7 : ثم يلخّص المقريزى عصر المؤيد شيخ في كلمات قلائل ، يقول عنه: ( وهو أكثر أسباب خراب مصر والشام، لكثرة ما كان يثيره من الشرور والفتن أيام نيابته بطرابلس ودمشق. ثم ما أفسده في أيام ملكه من كثرة المظالم ونهب البلاد، وتسليط أتباعه على الناس، يسومونهم الذلة، ويأخذون ما قدروا عليه، بغير وازع من عقل، ولا ناه من دين  ) . هو أكثر من خرّب مصر والشام سواء بالفتن والنزاعات العسكرية حين كان حاكما للشام ثم بعد أن أصبح سلطانا ، في إمارته على الشام وفى سلطنته على مصر والشام أسرف في السلب والنهب عن طريق أتباعه الذين سلطهم على الناس بلا وازع من دين أو ضمير . وأتباعه المفسدون كانوا من الجناح العسكرى ( المماليك ) ومن الجناح المدنى ( القضاة )، وتوزع القضاة بين الوظائف الديوانية مثل كاتب السّر أي سكرتير السلطان ، وناظر الجيش والاستادار والوزير ، وبين المناصب الدينية كالقضاء ومشيخة المؤسسات الدينية والأوقاف. هؤلاء الذين ساعدوا المؤيد شيخ في تخريب مصر والشام وإذلال أهلها .  

8 ـ ونقول إن المؤيد شيخ لم يكن نسيج وحده ، ورث نظاما فاسدا حتى النخاع ، وإستمر فيه سعيدا به مخلصا له. 

اجمالي القراءات 3982