نقد كتاب ذم القضاء وتقلد الأحكام

رضا البطاوى البطاوى في الثلاثاء ٠٧ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد كتاب ذم القضاء وتقلد الأحكام

الكتاب تأليف أى جمع رواياته عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ)

وموضوع الكتاب كما قال فى أوله"هذا جزء في الأحاديث الواردة في ذم القضاء وتقلد الأحكام"

ثم ذكر الأحاديث الوارد في تقلد القضاء وهى:

112 - قال ابن أبي شيبة في المصنف: حدثنا ابن نمير عن فضيل بن غزوان، عن محمد الراسبي عن بشير بن عاصم قال: كتب عمر بن الخطاب عهده فقال: لا حاجة لي فيه إني سمعت رسول الله (ص)يقول:"إن الولاة يجاء بهم يوم القيامة فيقفون على جسر على شفر جهنم فمن كان مطيعا تناوله الله بيمينه ينجيه، ومن عصى الله انخرق به الجسر إلى وادي لجهنم من نار يلتهب التهابا"  فأرسل عمر أبي ذر وسلمان، فقال لأبي ذر: أنت سمعت هذا الحديث من رسول الله (ص)؟ قال: نعم والله وبعد الوادى واد آخر من نار قال: وسأل سلمان فكره أن يخبره، فقال عمر: من يأخذها بما فيها؟ فقال أبو ذر: من سلت الله أنفه وعينيه أمرغ خده إلى الأرض"

الخطأ وجود الجسر وهو الصراط على النارودخول النار بالسقوط من عليه وهو يخالف أن دخول النار يكون من الأبواب مصداق لقوله تعالى "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها "  .

113-وقال حدثنا وكيع حدثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان عن الحسن أن النبي (ص) استعمل رجلا فقال: يا رسول الله، خر لي؟ قال: "اجلس"

114 - وحدثنا وكيع حدثنا سفيان عن هارون الخضرمي عن أبي بكر أن عمر بن الخطاب استعمل رجلا فقال: يا أمير المؤمنين أشر على؟ قال: "اجلس واكتم على"

129 - وأخرج أيضا من حديث عوف بن مالك وأبي هريرة وأخرج عن عصمة أن رسول الله (ص) استعمل رجلا على الصدقة فقال يا رسول الله اخترلي؟ فقال: "اجلس في بيتك"

الخطأ هو اختيار الحاكم عماله بدون مشورة المسلمين وهو ما يخالف قوله تعالى " وأمرهم شورى بينهم" فالناس يختارون صاحب المنصب بناء على علمه وقوته الجسدية معا كما قال تعالى فى اختيار طالوت "وزاده بصطة فى العلم والجسم "

115 - وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي وائل شقيق بن سلمة أن عمر ابن الخطاب استعمل بشر بن عاصم إلى صدقات هوازن فتخلف بشر فلقيه عمر فقال: ما خلفك أما لنا عليك سمع وطاعة؟ قال: بلى ولكن سمعت رسول الله (ص)يقول: "من ولى شيئا من أمور المسلمين أتي به يوم القيامة حتى يقف على جسر جهنم فإن كان محسنا نجى وإن كان مسيئا انخرق به الجسر فهوى به سبعين خريف قال: فخرج عمر كئيبا حزينا فلقيه أبو ذر فقال: ما لي أراك كئيبا حزينا وقد سمعت بشر بن عاصم يقول من ولى شيئا من أمور المسلمين جيء به حتى يقف على جسر جهنم فإن كان محسنا نجى وإن كان مسيئا انخرق به الجسر يهوي فيه سبعين خريفا قال أبو ذر: أما سمعت من رسول الله (ص)؟ قال: لا قال: أشهد أني سمعت رسول الله (ص) يقول:

من ولى أحدا من الناس أتي به يوم القيامة حتى يقف على جسر جهنم فإن كان محسنا نجى وإن كان مسيئا انخرق به الجسر يهوي فيه سبعين خريفا وهي سوداء مظلمة"فأي الحديثين أوجع قلبك؟قال: كلاهما أوجع قلبي فمن يأخذها بما فيها؟قال أبو ذر: من سلت أنفه  وألصق خده بالأرض"

الخطأ وجود الجسر وهو الصراط على النار ودخول النار بالسقوط من عليه  وهو يخالف أن دخول النار يكون من الأبواب مصداق لقوله تعالى "وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها "  .

116 - وأخرج الحاكم عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: "ليوشك رجل أن يتمنى أنه خر الثريا ولم يل أمر الناس شيئا"

 هنا يتمنى الولاة السقوط من الثريا وهو ما يخالف أنهم يتمنون تعليقهم فى الثريا واهتزازهم دون سقوطهمبين السماء والأرضفى الرواية التالية:

117 - وأخرج أحمد وأبو يعلى والبزار عن أبي هريرة قال قال رسول الله (ص): "ويل للأمراء، ويل للعرفاء، ويل للأمناء، ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا يتذبذبون بين السماء والأرض وأنهم لم يلوا عملا"

وهما يناقضان تعليقه فى الثريا فقط دون ذكر بين السماء والأرض فى الرواية الآتية:

127 - وأخرج أبو يعلى والطبراني في الأوسط عن عائشة سمعت النبي (ص)يقول: "ويل للأمراء، ويل للعرفاء ويل للأمناء، ليأتين يوم علي أحدهم ود أنه يعلق بالنجم، وأنه لم يل عملا"

119 - وأخرج الأربعة والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسوال الله (ص): "من جعل قاضيا فكأنما ذبح  بغير سكين"

 الخطأ هنا هو ان القضاة هلكى جميعا وهذا معناه القضاء على القضاء عند المسلمين فإذا كان القضاة كلهم ظلمة يدخلون النار فهذا معناه أن الرواية تقضى على المسلمين بتركهم يتشاجرون ويتعاركون بلا ضابط ولا رابط لعدم وجود قضاة مع النص وهو "وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالحق"

121 - وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي بسند جيد عن عائشة سمعت رسول الله (ص) يقول:

"يؤتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب، ما يتمنى أن لم يقض بين اثنين في تمرة فقط"

الخطأ أيضا هو شدة حساب القضاة جميعا وهو ما يخالف أن أى قاضى مسلم حقيقى وليس مسلم بالاسم حسابه عادى كأى مسلم حساب يسير كما قال تعالى" فأما من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا "

123 - وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال: قال رسول الله (ص): "ما من حاكم يحكم بين الناس إلا حشر وملك يقفاه حتى يقفه على جهنم ثم يرفع رأسه إلى الله فإن قيل له ألقه ألقاه كي يهوي أربعين خريفا"

هنا الملك هو الذى يسقط القاضى الذى يمسكه فى جهنم وهو يسقط 40 حريفا وهو ما يناقض أن الجسر هو الذى يسقطه لمدة70 خريفا وهو ما جاء فى روايات سابقة مثل115 ومنه "من ولى أحدا من الناس أتي به يوم القيامة حتى يقف على جسر جهنم فإن كان محسنا نجى وإن كان مسيئا انخرق به الجسر يهوي فيه سبعين خريفا"

والخطأ أنه يهوى كل تلك المدة ولا يصل للقعر وهو خبل فما فائدة السقوط كل هذه المدة ؟

حكم من قضى بجور أو جهل

125 - وأخرج الطبراني عن نافع قال: لما قتل عثمان جاء علي إلى ابن عمر فقال: إنك محبوب في الناس فسر إلى الشام فقال ابن عمر: بقرابتي وصحبتي لرسول الله (ص)وللرحم الذي بيننا إلا أعفيتني فلم يعاوده "

المستفاد جواز عدم تولى الرجل القضاء إن علم فى نفسه جهلا او ضعفا

126 - وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن حيان الصدائي قال: قال رسول الله (ص): "لا خير في الإمارة لمسلم"

الخطا أن لا خير في الإمارة لمسلموهى مقولة مضحكة مجنونة لأن معناها أن يتولى الكفار على المسلمين لأن لا خير فى الولاية لهم وهم إن فعلوا فقط كفروا بدين الله المنزل عليهم الذى طلب منهم اتباعه " اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم"

أول الأمارة ملامة

128 - وأخرج الطبراني عن معاوية بن أبي سفيان سمعت النبي (ص) يذكر الإمارة فقال: "أول الأمارة ملامة، وثانيها ندامة، وثالثها عذاب يوم القيامة إلا من رحم وعدل" قال: هكذا وهكذا مثله بيده بالمال ثم سكت ثم قال: "كيف بالعدل مع ذوي القربى؟! "

الخطأ الأول هو أن لا أحد من الأمراء يعدل "وكيف يعدل مع أقربيه "وهو تخريف لأن الناس ومنهم بعض الأمراء يعدلون بدليل قوله تعالى "هل يستوى هو ومن يأمر بالعدل "كما أن الله أمر الناس بالعدل فقال "وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل "ولو كان الناس لا يقدرون على العدل ما كلفهم بذلك لأنه يكلفهم بما ليس فى وسعهم وفى هذا قال تعالى بسورة البقرة "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "والخطأ الثانى التنفير من الإمارة تنفيرا كاملا فهى ملامة وندامة وعذاب وقطعا النبى(ص) لم يقل هذا لكونه جنون لأن معناه لا تتولوا الإمارة يا مسلمين وعليه فعلى المسلمين أن يولوا الكفار أمراء عليهم حتى لا يلاموا ولا يندموا ولا يعذبوا   

130 - وأخرج أحمد بن أبي أمامة عن النبي (ص)قال: "ما من رجل يلي عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه يفكه بره أو يوبقه إثمه"

131 - وأخرج أحمد مثله من حديث عباده بن الصامت وسعد بن عباده بلفظ "إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه من ذلك الغل إلا الله"

132 - وأخرجه الطبراني في الأوسط من حديث ثوبان

133 - وأخرج الطبراني في الأوسط عن بريدة قال: قال النبي (ص): "ما من أمير عشرة إلا أتى الله يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه فإن كان محسنا فك عنه، وإن كان مسيئا زيد غلا إلى غله"

134 - وأخرج البزار من حديث أبي هريرة مثله

135 - وأخرج الطبراني بسند رجاله ثقات عن ابن عباس يرفعه: "ما من رجل ولى عشرة إلا أتى الله يوم القيامة يده مغلولة إلى عنقه حتى يقضي بينه وبينهم"

136 - وأخرج في الأوسط عنه، قال: قال النبي (ص)"من ولى عشرة فحكم بينهم بما أحبوا، أو كرهوا جيء به يوم القيامة مغلولة يداه إلى عنقه؛ فإن كان حكم بما أنزل الله لم يجر في حكمه ولم يرتش أطلقت يمينه"

الخطأ المشترك بين الروايات السبعة أن الوالى عادلا أو ظالما إلا أتى مغلولا يوم القيامة يده إلى عنقه وهو ما يخالف أن الكل يأتى كما كان فى الدنيا كما قال تعالى "ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة"

والخبل فى الرواية أن والى الأقل من عشرة لو كان ظالما لا يأتى مربوطا وهذا تفريق لبن الولاة فالكل عادل ظالم حكمه واحد وعادل حكمه واحد لأن هذه تفرقة ظالمة لا يفعلها الله لقوله تعالى "ولا يظلم ربك أحدا"

وكونه والى عشرة يناقض كونه والى ثلاثة فى الرواية التالية:

137 - وأخرج في الأوسط أيضا عن أبي الدرداء سمعت النبي (ص) يقول: "من ولي ثلاثة إلا لقى الله مغلولة يمينه فكه عدله أو غله جوره"

ونفس الحديث السابق قى الروايات السبع يقال هنا وهو أن والى الواحد والاثنين يجوز لهم الظلم

138 - وأخرج تمام في فوائد وابن عساكر في تاريخه عن أبي هريرة قال: قال النبي (ص): "عج  حجر إلى الله تعالى فقال: إلهي وسيدي عبدتك كذا وكذا، وكذا، ثم جعلتني في أس كنيف؟ قال: أو ما ترضى أن عدلت بك عن مجالس القضاة"

هذا من ضمن الخبل والجنون فالأحجار تعبد الله فى أى مكان كأى مخلوق عدا كفار الجن والإنس وعبادة الأنواع عدا النوعين هى عبادة طاعة بلا اختيار عدا الاختيار الأول الذى رفضوا فيه حمل الأمانة وهى الاختيار كما قال تعالى "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها"

هل القضاة أول من يدعى للحساب؟

139 - وأخرج الدينوري في المجالسة عن محمد بن رافع قال: "بلغني أن أول من يدعى للحساب يوم القيامة القضاة"

الخطأ أن أول من يدعى للحساب يوم القيامة القضاةفكل الناس يحاسبون مرة واحدة عن طريق اعطاء الكتب لهم فى أيديهم كما قال تعالى" اقترب للناس حسابهم"

141 - وأخرج أبو نعيم في الحلية عن طريق عبد الرزاق عن أبيه قال قلت لوهب بن منبه نرى الرؤيا فتخبرنا بها فلا تلبث أن نراها؟! قال: ذهب ذاك عني منذ وليت القضاء قال عبد الرازق: حديث به عن معمر فقال: "والحسن بعد ما ولى القضاء لم يجدوا فهمه"

الخطأ ان وهب كان يفسر الأحلام تفسيرا صحيحا وهو ما يخالف أن هذا التفسير هو وحى انتهى بموت أخر الرسل(ص) فهو هلم بوحى من الله كما قال يوسف(ص)" وعلمتنى من تأويل الأحاديث"

رجل يحب أن يحشر مع العلماء

143 - وقال صاحب المغرب: ذكر في المسهب أن الأمر عبد الرحمن استدعى عبد الملك بن حبيب للقضاء، وقد أعياه أمر القضاء فاستعفى وكتب إليه:

خليفة الله أقلني فما  أصلح والرحمن للحكم

إما غشوم أو ضعيف فما  ننقمك في الحالين من أمم

وأنت مأخوذ بذنبي وما  غيري بنفسي مشبه علمي

فاستحسن الخليفة ذلك وقال:

هكذا يكون الناس، لا قوم تضرب وجوه لهم ضرب غرائب الإبل عن الخطط، وهم يتهافتون عليها تهافت الفراس"

144 - وقال الدينوري في المجالسة: حدثنا أحمد بن عيسى وعلي بن عبد العزيز عن أبي عبيد القاسم بن سلام حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب السختياني قال:لما مات عبد الرحمن بن أذينة، ذكر أبو قلابة للقضاء فهرب حتى أتى اليمامة قال أيوب: فلقيته بعد ذلك فقال: ما وجدت مثل القاضي العالم إلا مثل رجل وقع في بحر فما سعى أن يسبح حتى يغرق "

145 - أخرجه ابن سعد في الطبقات

146 - وفي كتاب عقلاء المجانين بسنده عن محمد بن يحيى البصري قال: دعا المنصور أبا حنيفة والثوري ومسعرا وشريكا ليوليهم القضاء، فقال أبو حنيفة: أتحامق فيكم تحميقا، أما أنا فأحتال فأخلص وأما مسعر فيتجاني فيخلص، وأما سفيان فيهرب وأما شريك فيقع، فلما دخلوا عليه، قال أبو حنيفة: أنا رجل مولى، ولست من العرب، ولا تكاد العرب ترضى بأن أكون عليهم مولى، ومع ذلك فإني لا أصلح لهذا الأمر، فإن كنت صادقا في قولي فلا أصلح له، وإن كنت كاذبا فلا يجوز لك أن تولى كاذبا دماء المسلمين وفروجهم وأما سفيان فأدركه المشخص في طريقه فذهب لحاجته، وانصرف ينتظر فراغه، فبصر سفيان بسفينة فقال للملاح: إن مكنتني من سفينتك، وإلا أذبح بغير سكين تأول قول رسول الله (ص): "من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين" فأخفاه الملاح تحت السارية وأما مسعر فدخل على المنصور فقال له: هات يدك كيف أنت، وأولادك، ودوابك؟ فقال: أخرجوه فإنه مجنون وأما شريك فقال له المنصور: تقلد القضاء قال: أنا رجل خفيف الدماغ قال: تقلد وعليك العصيد والنبيذ الشديد حتى يرجح عقلك فتقلد، فهجره الثوري، وقال: أمكنك الهرب فلم تهرب

147 - وفيه أيضا بسنده عن يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: كتب الخليفة إلى عبد الله بن وهب في قضاء مصر، فتجنن نفسه، ولزم بيته، فأطلع عليه راشد بن سعيد، وهو يتوضأ في صحن داره فقال: أبا محمد، ألا تخرج بين الناس فتحكم بينهم بكتاب الله وسنة رسوله، وقد جننت نفسك، ولزمت نفسك بيتك، فرفع إليه رأسه، وقال: إلى هنا انتهي عقلك أما علمت أن العلماء يحشرون مع الأنبياء والمرسلين، والقضاة يحشرون مع السلاطين"

148 - وفيه أيضا بسنده إلى أبي معشر أن رجلا آلى بيمين أن لا يتزوج حتى يستشير مائة نفس، فلما قاسى من بلاء النساء فاستشار تسعا وتسعين نفسا، فبقى واحد فخرج على أن يسأل أول من يطرأ عليه، فرأى مجنونا قد اتخذ قلادة من عظم، وسود وجهه، وركب قصبة، وأخذ رمحه، فسلم عليه وقال: مسألة؟ قال: اسأل ما يعنيك، وإياك وما لا يعنيك، واحذر رمحة هذا الفرس قال: فقلت: مجنون والله، ثم قلت: إني رجل لقيت من النساء بلاء، وآليت أن لا أتزوج حتى أستشير مائة نفس، وأنت تمام المائة، فقال: أعلم أن النساء ثلائة واحدة لك، وواحدة عليك، وواحدة لا لك ولا عليك، فأما التي لك فشابة طرية لم تمس الرجال فهي لك لا عليك، إن رأت خيرا حمدت، وإن رأت شرا، قالت: كل الرجال كذا وأما التي عليك ولا لك، فامرأة لها ولد من غيرك، فهي التي تسلخ الزوج وتجمع لولدها وأما التي لا لك ولا عليك، فامرأة تزوجت زوجا قبلك إن رأت خيرا قالت هكذا يجب، وإن رأت شرا حنت لزوجها الأول، قال: فقلت: نشدتك الله ما الذي غير من أمرك ما أرى؟ قال: ألم أشترط عليك أن لا تسأل عما لا يعنيك؟! فأقسمت عليه، فقال: إني طلبت للقضاء فاخترت ما ترى على القضاء

149 - وأخرج عبد بن الحكم في فتوح مصر عن عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم قال:"كانت القضاة في زمن بني إسرائيل إذا كان لا يأخذه في الله لومة لائم لم يسلط على جسده البلاء، ولا دابة تأكل ثيابه قد يبست عليه لا تبلى، وكان عائد منهم على ذلك، وكانوا في ذلك الزمان يجعل بعضهم على البعض في البيوت، وبعضهم في الصناديق، فآتاه أخ له فقال: ادع به أصلى عليه، فآتاه به فإذا بدابة خرقت الكفن حتى خرجت من أذنه، فأحزنه ذلك، فلما نام لقته روح صاحبه فقالت: يا أخى، رأيت حزنك على الدابة التي خرجت من أذني، تحمد الله لشيء تكرهه، جلس إلى رجلان أحدهما لي فيه هوى، والآخر لا هوى فيه فكان أصغى إلي ذى الهوى، ولم يكن أصغى إلى الآخر

150 - وقال القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق البهلول، أورده ابن النجار في تاريخه

تركت القضاء لأهل القضاء  وأقبلت أسعى إلى الآخره

فإن يك فخرا جليل الثنا  فقد نلت منه يدا فاخره

وإن يك وزرا فأبعد به  ولا خير في نعمة  وازره

151 - ابن دريد في أماليه: أنبأنا السكن بن سعيد عن أبيه عن ابن الكلبي قال: بلغني أن عليا قال: أبغض خلق الله عز وجل رجل قمش علما عمى عما في غيب الهداية، سماه أشباهه من الناس عالما، ولم يع في العلماء يوما سالما، جد فاستكثر، قليل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن، واكتنز من غير طائل قعد بين الناس قاضيا، فهو من قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يعلم إذا أخطأ، لأنه لا يعلم أخطأ أم أصاب، خباط عشوات، ركاب جهالات، لا يعتذر مما يعلم فيسلم، لا يقضى في العلم بضرس قاطع، يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم، تبكي منه الدماء، وتصرخ منه المراريت، ويستحل بقضائه الفروج الحرام، لا يلي أضداد ما ورد عليه، ولا أهل لما فرط له)

152 - مجموع للقاضي أبي الحسين أحمد بن أبي حسن علي بن الرشيد ابن الزبير قال: كان أبو هارون يونس بن عبد الأعلى ممن يتبرك به، فقال له القاضي بكار: يا أبا هارون من أين المعيشة؟ قال: من وقف وقفه أبي، قال له بكار: فيكفيك؟ قال: تكفيت به، وقد سأل القاضي وأسأله؟ قال: سل، ركب القاضي دين البصرة حتى تولى بسببه القاضي قال: لا قال افرزق القاضي ولدا أحوجه أتى ذلك؟ قال: ما نكحت قط قال له: أفعيالك كثرة؟ قال: لا، قال: فأجبره السلطان وعرض عليه العذاب، وخوفه حتى ولى؟ قال: لا قال: أفضربت آباط الإبل من البصرة إلى مصر لغير حاجة، ولا ضرورة فيه علي لا دخلت إليك أبدا ثم انفرد عنه، ولم يعد إليه

153 - وأخرج ابن سعد عن يحيى بن سعيد قال:استعمل أبو الدرداء على القضاء فأصبح يهنئونه فقال: أتهنئوني بالقضاء، وقد جعلت على رأسي مهواة مذلتها أسرع من عدن أبين، ولو علم الناس ما في القضاء لأخذوه بالدلول رغبة عنه وكراهية له، ولو يعلم الناس ما في الأذان لأخذوه بالدول رغبة وحرصا عليه"

154 - وأخرج ابن النجار في تاريخه عن يحيى بن معين قال: لما رجع الرشيد من الحج نزل الكوفة فدعا وكيع بن الجراح وعبد الله بن إدريس، وحفص بن غياث فلما دخلوا عليه أجلس وكيعا عن يمينه، وعبد الله عن يساره، وحفصا بين يديه، ثم أقبل على وكيع فقال له: تلي القضاء؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنا رجل صاحب حديث، وآثار، ولا علم لي بالقضاء فقال لعبد الله: تلي القضاء؟ فقال: يا أمير المؤمنين أنا مولى، والمولى لا يصلح أن يكون قاضيا، فأقبل على حفص بن غياث فقال له: تلي القضاء، وإلا ضربتكم بالسياط، فأمسك حفص فأخذ بيده فأدخل خزانة الكسوة، فألبس السواد وسيف بحمائل، قال: وكانت القضاة إذ ذاك تلبس له هارون الرشيدي، أمضى حداك ورب الكعبة، فلما خرج إلى الباب، وركب وكان بهلول بالباب فإذا بين يديه، وهو يقول: من أراد أن ينظر إلى عروس في دنيا، بطال في آخرته، فلينظر إلى حفص فبكى حتى دخل المسجد "

ما سبق من روايات هو تكريه للناس فى تولى القضاء وهو أمر إن فعله الناس خربت بلاد المسلمين لعدم وجود قضاة وذهب حكم الله لأن القضاء سيتولاه الكفار او الجهلة أو الظلمة  ومن ثم لابد من قضاة مسلمين

اجمالي القراءات 3458