المقريزى يؤرخ للعام الأخير من حكم برسباى .( 2 )
ماذا كان يفعل أكابر المجرمين عام الطاعون 841 ؟

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٦ - أبريل - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

السلطان المملوكى برسباى وابن حجر العسقلانى أكابر المجرمين في طاعون عام 841

المقريزى يؤرخ للعام الأخير من حكم برسباى .( 2 )

ماذا كان يفعل أكابر المجرمين عام الطاعون 841 ؟ 

رابعا : شهر جمادى الأولى، أوله يوم الخميس:

1 ـ ( في ثالثه: ركب السلطان من قلعة الجبل، وشق القاهرة من باب زويلة، وخرج من باب القنطرة، فمضى إلى القليوبية لصيد الكراكى، وهذه أول ركبة ركبها في هذه السنة للصيد
وفيه قدم الأمير تمراز المؤيدى نائب غزة. ) .

1 / 1 :السلطان برسباى يتنزه يصيد الطيور ، والطاعون يتنزه يصيد الناس .!

1 / 2 : إستدعاء الأمير تمراز نائب السلطان في غزة . السبب مجهول حتى الآن .

2 ـ ( وفي خامسه: قدم السلطان من الصيد، وعبر من باب القنطرة، وشق القاهرة حتى خرج من باب زويلة إلى القلعة، ولم يقع له صيد ألبتة. ) السلطان برسباى يتنزه يصيد الطيور ، ويرجع خائبا ، والطاعون يتنزه يصيد الناس بكل نجاح .!

3 ـ ( وفي سادسه: قبض على الأمير تمراز نائب غزة، وحمل مقيدًا إلى الإسكندرية فسجن بها. وإستدعى الأمير جرباش قاشق من دمياط، وهو مسجون بها ليلى نيابة غزة، فلم يتم له ذلك. ورجع إلى دمياط. ).

عرفنا السبب في إستدعائه ، وهو القبض عليه وسجنه في الإسكندرية . كما تم الإفراج عن مسجون سابق في دمياط ليلى غزة بديلا عن الأمير تمراز . أي هي حركة تنقلات من الإمارة الى السجن ومن السجن الى الإمارة . والهدف هو الإبتزاز المالى . فالأمير المملوكى يجتهد في سلب أموال الناس ، ويقدم ( تقادم / هدايا / رشاوى ) للسلطان هي بعض سرقاته ، وإذا أراد السلطان المزيد عزله وصادر أمواله . هذا ما يفعله مع أكابر المجرمين من العسكر وهو نفس ما يفعله مع أكابر المجرمين من القضاة والفقهاء ( الجناح المدنى ). المماليك البرجية جاءوا مجرمين من أحطّ  الناس في بلادهم الأصلية ، وبنفس الإجرام كانوا يتصرفون مع بعضهم ومع حلفائهم من أكابر المجرمين من رجال الدين .فكيف بهم مع المستضعفين في الأرض من الفلاحين والعمال والفقراء من ( الحرافيش) ؟

4 ـ ( وفي ثامنه: ركب السلطان ليصطاد من بركة الحجاج ومضى إلى جامعه بخانكاة سرياقوس، وعاد من يومه. ثم ركب في ليلة السبت عاشرة يريد أطفيح. فاصطاد، وعاد في يوم الإثنين ثانى عشرة . ). السلطان يتنزّه في وقت الطاعون .

5 ـ ( وفي سابع عشرة: خلع على الأمير آقبردى القجماسى، وإستقر في نيابة غزة.) . إستقرّ ( مزاد ) ولاية غزّة على الذى دفع أكثر للسلطان ، وهو الأمير آقبردى القجماسى .

6 ـ ( وفيه قدم مملوك نائب حلب برأس الأمير جانبك الصوفى ويده، فطيف بالرأس على رمح شارع القاهرة، ثم ألقيت في قناة، وكان من خبره أنه لما كبسه نائب دوركى في شهر اللّه المحرم كما تقدم ذكره فر هو وابن دلغادر، فمضى ابن دلغادر على وجهه يريد بلاد الروم، وقصد الأمير جانبك الصوفى أولاد قرايلك ونزل على محمد ومحمود ابنى قرايلك، وأقام عندهم، فأخذ الأمير تغرى برمش نائب حلب في إستمالة محمد ومحمود حتى مالا إليه، وواعداه أن يقبضا على جانبك على أن يحمل إليهما خمسة آلاف دينار، فنقل ذلك لجانبك، فبادر، وخرج ومعه بضعة وعشرون فارسًا لينجو بنفسه، فأدركوه، وقاتلوه، فأصابه سهم، سقط منه عن فرسه، فأخذوه وسجنوه عندهم. وذلك في يوم الجمعة خامس عشرين شهر ربيع الآخر. فمات من الغد، فقطع رأسه، وحمل إلى السلطان، فكاد يطير فرحًا، وظن أنه قد أمن، فأجرى اللّه على الألسنة أنه قد إنقضت أيامه، وزالت دولته. فكان كذلك كما سيأتى هذا. وقد قابل نعمة اللّه تعالى عليه في كفاية عدوه بأن تزايد عتوه وكثر ظلمه، وساءت سيرته، فأخذه اللّه أخذًا وبيلا، وعاجله بنقمته ولم يهنيه ).

6 / 1 : إنتهى أمر جانبك الصوفى ــ غريم برسباى ـ بقطع رأسه ، وجىء بها الى برسباى ، فكان فرحه عظيما .

6 / 2 : تعبيرا عن هذا الفرح ــ لم يقم السلطان بحمد الله جل وعلا ــ وإنما إزداد طغيانا . يأتي تعليق الشارع بإعتقاد الناس أن السلطان إذا تمّ سعده فهو النذير بزوال دولته ، وتعليق المقريزى بأنه ( قابل نعمة اللّه تعالى عليه في كفاية عدوه بأن تزايد عتوه وكثر ظلمه، وساءت سيرته، فأخذه اللّه أخذًا وبيلا، وعاجله بنقمته ولم يهنيه ).

7 ـ ( وفي تاسع عشرة: ركب السلطان إلى الصيد بالقليوبية، وعاد من الغد. ). إدمان الصيد والتنزّه وقت الطاعون ..!

8 ـ ( وفيه ورد كتاب الحطى ملك الحبشة، وهو الناصر يعقوب بن داود ابن سيف أرعد، ومعه هدية، ما بين ذهب وزباد وغير ذلك، فتضمن كتابه السلام والتودد، والوصية بالنصارى وكنائسهم .) ملك الحبشة ( أثيوبيا الآن ) وإسمه ( الحطى ) يرسل هدية يتودد بها للسلطان برسباى كى يترفّق بالمصريين الأقباط .! ملك الحبشة يتذلل للسلطان برسباى ، وفرعون مصر الآن يتلاعب به ( ملك الحبشة ) عازما على تعطيش مصر ..!
خامسا : شهر جمادى الآخرة، أوله الجمعة:

1 ـ ( فيه رسم بنقل جمال الدين يوسف بن الصفى الكركى كاتب السر بدمشق إلى نظر الجيش بها، عوضًا عن بهاء الدين محمد بن نجم الدين عمر بن حجى، على أن يحمل أربعة آلاف دينار. وأن يستقر بن حجى في كتابة السر، عوضًا عن ابن الصفى، على أن يحمل ألف دينار . ) . حركة تنقلات قام بها السلطان برسباى وسلب بها خمسة ألاف دينار . والخاسرون هم الأهالى المظلومون، بينما قضاة الشرع للسلطان يصفقون .!

2 ـ ( وفي ثانيه: توجه السلطان إلى الصيد في بركة الحجاج.  وفي هذا الشهر: كثر ركوب السلطان إلى الصيد.) . إدمان الصيد والتنزّه وقت الطاعون ..! لمجرد التذكرة ، قال المقريزى في نفس الشهر :(  وقدم الخبر بوقوع الوباء في مدينة طرابلس الشام ) ( ..  وفيه وقع الوباء بدمشق، وفشا الموت بالطاعون..) .

3 ـ ( وقدم الخبر بأن إسكندر بن قرا يوسف نزل قريبا من مدينة تبريز فبرز إليه أخوه جهان شاه، المقيم بها من قبل القان معين الدين شاه رخ بن تيمور لنك ملك المشرق، فكانت بينهما وقعة إنهزم فيها إسكندر إلى قلعة يلنجا من عمل تبريز، فنازله جهان شاه، وحصره بها. وأن الأمير حمزة بن قرايلك متملك ماردين وأرزنكان أخرج أخاه ناصر الدين على باك من مدينة آمد، وملكها منه. فقلق السلطان من ذلك. وعزم على أن يسافر بنفسه إلى بلاد الشام، وكتب بتجهيز الإقامات بالشام ثم أبطل ذلك. ).

3 / 1 :  قلاقل ونزاعات حربية على حدود الدولة المملوكية في العراق أقلقت السلطان فعزم على قيادة حملة بنفسه ، ثم تراجع عنها . العسكر المملوكى ـ مع ظلمه وجبروته وكونه من أكابر المجرمين فقد وصل بحدود مصر الى العراق .

3 / 2 :  بالمناسبة : تصفيق هائل للعسكر المصرى الحاكم الان الذى إحتل مصر من عام 1952 فأضاع سيناء وباع جزيرتين ويتذلل لابن سلمان وابن زايد ..

 سادسا : شهر رجب، أوله الأحد:

1 ـ ( في خامسه: أدير محمل الحاج. وقد تقدم أنه إنما كاد يدار بعد النصف من شهر رجب، وأنه أدير في هذه الدولة قبل النصف، فجرت في ليلة الإثنين ويوم الإثنين خامسه شنائع. وذلك أن مماليك السلطان سكان الطباق بالقلعة نشأوا على مقت السلطان لرعيته، مع ما عندهم من بغض الناس، فنزل كثير منهم في أول الليل، وأخذوا في نهب الناس، وخطف النساء والصبيان للفساد. وإجتمع عدد كثير من العبيد السود، وقاتلوا المماليك فقتل من العبيد خمسة نفر، وجرح عدة من المماليك، وخطف من العمائم وأخذ من الأمتعة شىء كثير، فكان ذلك من أقبح ما سمعنا به. ).

1 / 1 : مماليك السلطان الأشرف برسباى ( الأشرفية ) قاموا بحملة سلب ونهب لسكان القاهرة وخطف النساء والصبيان للفسق بهم .

1 / 2 : بعض سكان القاهرة كانوا يملكون ( مماليك ) من الأفارقة مسلحين بالعصى دافعوا عن أسيادهم .

1 / 3 : رأى المقريزى أن السلطان ( الأشرف )  برسباى الذى يمقت المصريين قد تعلّم منه مماليكه ( الأشرفية ) بُغض المصريين ، وبموافقته طبعا قاموا بحملة سلب ونهب وخطف  وإغتصاب لسكان القاهرة . وقال المقريزى : ( فكان ذلك من أقبح ما سمعنا به. ).

1 / 4 :  الفلاحون المصريون والفلاحون خارج مصر لم يكن فيهم مؤرخون يسجلون الفظائع التي يرتكبها الولاة المماليك في تلك البلاد البعيدة عن العواصم .!   

2 ـ ( وفي يوم السبت سابعه: رسم بخروج تجريدة إلى بلاد الشام، وعين من الأمراء المقدمين ثمانية، وهم الأمير قرقماس الشعبانى أمير سلاح، والأمير أقبغا التمرازى أمير مجلس، والأمير أركماس الظاهرى الدوادار، والأمير تمراز الدقماقى رأس نوبة النوب، والأمير يشبك حاجب الحجاب، والأمير جانم أمير أخور، والأمير خجا سودن، والأمير قراجا الأشرفي . ). حملة بعث بها برسباى لتأمين حدود مصر عند تخوم العراق وإيران . بالمناسبة : لم ينتصر العسكر المصرى الذى يحتل مصر من عام 1952 إلا على شعب مصر . 

3 ـ ( وفي تاسعه: نودى بألا يحمل أحد من العبيد السلاح، ولا سيفًا ولا عصى، ولا يمشي بعد المغرب. وأن المماليك لا تتعرض لأحد من العبيد. وذلك أنه لما وقع بين المماليك والعبيد في ليلة المحمل ما وقع، أخذ المماليك في تتبع العبيد، فقتلوا منهم جماعة، ففر كثير منهم من القاهرة، وإختفى كثير منهم. فلما نودى بذلك سكن ذلك الشر، وأمن الناس على عبيدهم، بعد خوف شديد. ). هنا تجريد للعبيد الذين يملكهم الأغنياء المصريون من السلاح حتى العصىّ . وأمر آخر بكف الجنود والمماليك السلطانية عن قتل العبيد .

4 ـ  ( وفيه رسم. بمنع المماليك من النزول من طباقهم بالقلعة إلى القاهرة، وذلك أنهم صاروا ينزلون طوائف طوائف إلى المواضع التى يجتمع بها العامة للنزهة، ويتفننوا في العبث والفساد، من أخذ عمائهم الرجال وإغتصاب النساء والصبيان، وتناول معايش الباعة، وغير ذلك، فلم يتم منعهم، ونزلوا على عادتهم السيئة. ).

بعد هزيمة وقتل  العبيد المملوكين لأغنياء المصريين اصبح المصريون غنيمة سهلة للمماليك السلطانية الأشرفية ( الذين يملكهم الأشرف برسباى ). صاروا ( يتنزهون ) جماعات جماعات للتسلية في المنتزهات التي يجتمع فيها القاهريون ، يتفنّنون في أخذ عمائم الرجال وكشف رءوسهم ( وكان كشف الرأس عارا وعقابا ونوعا من التعذيب النفسى والإذلال وقتها ) ويسلبون ما يبيعه الباعة الجائلون ، ويغتصبون الأطفال والنساء . وقضاة القضاة الشرع الشريف ( وعلى رأسهم الإمام ابن حجر العسقلانى : أمير المؤمنين في الحديث ) لا يرون في هذا بأسا ، فهذا هو الشرع الشريف للمماليك ولابن حجر أيضا .

5 ـ ( وفي عاشره: حمل إلى الأمراء الثمانية نفقة السفر، وهى لكل أمير ألفا دينار أشرفية )

6 ـ ( وفي يوم الأربعاء ثامن عشرة: ركب السلطان إلى خليج الزعفران من الريدانية خارج القاهرة وعاد من يومه. فأصبح موعك البدن، ساقط الشهوة للغذاء، ولزم الفراش ). في هذا الشهر ( رجب ) وصل الطاعون الى صعيد مصر ، والسلطان لا يزال يتنزّه . ثم بدأ مرضه .

 سابعا : شهر شعبان أَوله، يوم الإثنين:

1 ـ (  أهل هذا الشهر والسلطان مريض، وقد أخرج مالا فرق في جماعة من الناس على سبيل البر والصدقة، فمازال إلى يوم الثلاثاء تاسعه، فخلع فيه على الأطباء لعافية السلطان. وركب من الغد، فزار القرافة، وفرق مالاً في الفقراء، وعاد والمرض بين في وجهه ). تصدّق عند المرض . هذا بينما ينتشر الطاعون في الناس .
 2 ـ ( وفي يوم السبت ثالث عشرة: برز سعد الدين إبراهيم بن المرة إلى ظاهر القاهرة ليسير إلى الطور ويركب البحر إلى جدة، وكان قدم من مكة، وصادره السلطان على مال حمله، ثم خلع عليه، وإستقر في نظر الخاص بجدة على عادته. وخلع معه على التاجر بدر الدين حسين بن شمس الدين محمد بن المزلق الدمشقى، ليكون عوضًا عن الأمير المجرد إلى جدة ). المرض لم يمنع برسباى من مصادرة أموال أتباعه . السلطان يرى أن أموال أتباعه ملكية خاصة له . هم يجمعونها من الناس بإسمه، ويعطونه جزءا مما يجمعون ، وهو يصادر أموالهم طلبا للمزيد ، وهم يلعبون معه لعبة القط والفأر .
3 ـ ( وفيه ركب السلطان إلى خارج القاهرة، وعبر من باب النصر، ثم نزل بالجامع الحاكمى، وقد ذكر له أن بهذا الجامع دعامة قد ملئت ذهبًا، فشره لذلك، وطمع في أخذه. فقيل له. إنك تحتاج إلى هدم جميع هذه الدعائم حتى تظفر بها، ثم لابد لك من إعادة عمارتها. فعلم عجزه عن ذلك، وخرج، فركب عائدا إلى القلعة . ).

3 / 1 : لا المرض ولا الطاعون منعا السلطان من التنزّه . بل ربما كان يصمم على التنزه ليخفى مرضه .

3 / 2 : كان جامع الحاكم بالله الفاطمى محوطا بالأساطير . وقد قيل لبرسباى أن هناك عمودا من الذهب في أساسات هذا الجامع ، يقول المقريزى معبرا عن شراهة برسباى للمال ( فشره لذلك، وطمع في أخذه. ).
4 ـ  ( وفي سابع عشرة: خلع على الأمير أركماس الجاموس أمير شكار، وأعيد إلى كشف الوجه القبلى، وإستقر ملك الأمراء ليحكم من الجيزة إلى أسوان. ). الكاشف هو ما يعرف الآن بالمحافظ . وكان يطلق عليه في العصر المملوكى ( كاشف التراب ) أي المختص بحكم الأرياف والفلاحين ومعرفة الأراضى الزراعية ، وكانت الثروة العينية المصرية مقسمة على 24 جزءا بين السلطان ومماليكه . والكاشف المملوكى في كل ناحية يتسلط على أهلها بالقتل والسلب والنهب ، ولا عليه مهما فعل طالما يحظى برضا السلطان . وقليلا ما يعرض المؤرخون القاهريون لأحوال الفلاحين . وتتبع القليل الذى ذكروه يحتاج الكثير من البحث بين السطور. وليس مذكورا هنا في تأريخ المقريزى لهذا العام .

5 ـ ( وفي يوم الخميس: خرج الأمير قرقماس أمير سلاح مقدم العسكر المجرد إلى الشام، وصحبته الأمراء، من غير أن يرافقهم في سفرهم أحد من الممالك السلطانية، لسوء سيرتهم. فنزلوا بالريدانية خارج القاهرة، إلى أن إستقلوا بالمسير في يوم السبت سابع عشرينه. وكتب لنائب الشام الأمير أينال الجكمى، أن يتوجه. ممن معه صحبة الأمراء إلى حلب، ويستدعوا حمزة باك ابن قرايلك صاحب ماردين وأرزن كان، فإن قدم إليهم خلع عليه بنيابة السلطة فيما يليه، وإلا مشوا بأجمعهم عليه وقاتلوه وأخذوه . ). منع السلطان مماليكه السلطانية من الخروج مع الحملة ليس فقط لسوء سيرتهم ولكن لإحتياجه لهم وهو في مرضه .
 6 ـ  ( وفي يوم السبت سادس عشرينه: أمر السلطان بإخراج أهل السجون من أرباب الجرائم، ومن عليه دين، فاًخرجوا بأجمعهم، وأطلقوا بأسرهم. ورسم بغلق السجون كلها، وألا يسجن أحد، فأغلقت السجون بالقاهرة ومصر. وإنتشرت السراق والمفسدون في البلد. وإمتنع من له مال على أخر أن يطالبه به . ) . هذا إجراء غير مفهوم . كان يتم إجبار المساجين  على التسول وهم بقيودهم ، وكان مفروضا على كل سجين تقديم قدر معلوم كل يوم يؤديه للسجّان وإلا تعرض للعذاب . وبعض المساجين كان ينتحر ليستريح من هذا . أي إن برسباى كان لا يتكلف شيئا في الإنفاق على السجناء، فلماذا أطلقهم ؟ هل هو نوع من التوبة ؟ لا أظن . فلم يتب برسباى بدليل الأخبار التالية . قبل أن ننتقل الى الخبر التالى نقول إن تسخير المساجين في التسول لم يكن يجرى على المساجين المماليك ( أكابر المجرمين ) ، كانوا مساجين ( سياسيين ). في الصراع على السلطة بين أكابر المجرمين دخل كثير من السلاطين المماليك السجن قبل السلطنة أو بعدها ، وربما يخرج من السجن ليتولى منصبا ، وهو نفس الحال مع الجناح المدنى من أكابر المجرمين .  

7 ـ (  وفيه أقيم بعض سفلة العامة الأشرار في التحدث على مواريث اليهود والنصارى، وخلع عليه، وكانت العادة أن بطرك النصارى ورئيس اليهود يتولى كل منهما أمر مواريث طائفته، فتوصل هذا السفلة إلى السلطان، والتزم له أن يحصل من هذه الطائفتين مالًا كبيراً، فجرى السلطان على عادته في الشره في جمع المال، وولاه.) . برسباى في حرصه على السلب والنهب فقد عيّن من وصفه المقريزى بأنه ( سفلة العوام ) بأن يتولى ديوان المواريث لأهل الكتاب ، لكى يصادر معظم الميراث لصالح السلطان ، بعد أن كان رئيس الطائفة هو المتولى لذلك .

8 ـ  ( وفيه كشف عن بيوت اليهود والنصارى، وأحضروا ما فيها من جرار الخمر لتراق ) . بسبب الطاعون إنتهك برسباى بيوت المصريين من أهل الكتاب بحثا عن الخمر ، مع وجودها عند ( المسلمين ) أيضا .

9 ـ ( وفي هذا الشهر: هدم للنصارى دير المغطس عند الملاحات، قريب من بحيرة البرلس وكانت نصارى الإقليم قبليا وبحريا تحج إلى هذا الدير كما يحجون إلى كنيسة القيامة بالقدس، وذلك في عيده من شهر بشنس، ويسمونه عيد الظهور، وقد بسطت الكلام على هذا عند ذكر الكنائس والديارات من كتاب المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار .). هي سلسلة من إضطهاد النصارى . كانوا يقيمون موالد لهم كما يفعل ( المسلمون ) فنقم عليهم برسباى وهدم اشهر دير لهم ، كانوا يحجون اليه . فماذا عن آلاف القبور المقدسة والموالد المقدسة ل ( المسلمين )؟.!

اجمالي القراءات 3897