السلطان المملوكى برسباى وابن حجر العسقلانى أكابر المجرمين في طاعون عام 841
فصل تمهيدى
مقدمة
1 ـ تذكرنا ( ونحن تحت قصف فيروس كورونا ) الأوبئة التي كانت تجتاح الشرق والغرب دوريا ، وكانت نوعا من الإهلاك الجزئى ، وتعرضنا لهذا الموضوع في برنامجنا ( لحظات قرآنية ) على قناة ( اهل القرآن / أحمد صبحى منصور ). رأينا أن يتصدر هذا الفصل كتابنا :( أكابر المجرمين من المستبدين ورجال الدين في كوكب المحمديين )
2 ـ في التحالف بين أكابر المجرمين من السلاطين المستبدين ورجال الكهنوت نتعرف سريعا على الدولة المملوكية . كان المماليك رقيقا سابقين يحكمون شعوبا من أفراد أحرار لم يقعوا في الرّق . عُقدة النقص هذه عند المماليك جعلتهم يعوّلون على شرعية الحكم ، لذا كانت دولتهم دينية عسكرية ، وليست عسكرية دينية ، فترتيب الوظائف فيها يبدأ بالخليفة العباسى ثم السلطان، ويأتي ذكر الأربعة قضاة القضاء بالإسم، وكان قاضى قضاة الشافعية هو المقدم منهم . وكان الخليفة العباسى والقضاة الأربعة يقومون رسميا بتولية السلطان . أي يتنازع كبار المماليك على العرش ، والذى يصل منهم اليه بالتآمر وسفك الدماء يأخذ شرعية الحكم من الخليفة العباسى والقضاة الأربعة ، أي كان الكهنوت الدينى ( أكابر المجرمين ) ( الخليفة العباسى والقضاة الأربعة ) هم السند الشرعى في دين التصوف السنى في تولية السلطان المملوكى ( أكابر المجرمين ) . ثم تتأكد الطبيعة الدينية للحكم المملوكى العسكرى بمنشئاتهم الدينية والتي لا تزال آثارا شاهدة حتى الآن في القاهرة ودمشق وحلب والقدس وغيرها ، حيث يتم الدعاء للسلطان ، وحيث الإعتقاد في شفاعة البشر ، وكان السلطان يحرص على عقد ( ميعاد البخارى ) سنويا ، والذى كان يحضره مع السلطان الملأ من أكابر المجرمين من المماليك والفقهاء .
3 ـ نتوقف هنا مع مثال من القاهرة المملوكية لأكابر المجرمين وقت محنة الطاعون . هو السلطان المملوكى برسباى الذى مات في نفس عام الوباء ( ت 841 هجرية / 1437 ميلادية )، وكان الى جانبه من اكابر المجرمين إثنان من الكهنوت الكافر بالإسلام ، كانا ( العراب / الأب الروحى ) لأكابر المجرمين من السلاطين المماليك وقتها ، وهما ابن حجر العسقلانى الذى حمل لقب ( شيخ الإسلام ) و ( امير المؤمنين في الحديث ) ومثله بدر الدين العينى ، وكلاهما قام بشرح كتاب البخارى ، وكلاهما تصدر ( ميعاد البخارى ) . ويضاف الى أكابر المجرمين المؤرخ المملوكى الأصل أبو المحاسن إبن تغرى بردى . ويجمعه مع أكابر المجرمين من الكهنوت أنه كان مثلهم مؤرخا .
وفى الناحية الأخرى هناك المقريزى أعظم المؤرخين في العصور الوسطى . في موسوعته الرائعة ( السلوك ) سجل المقريزى أحداث عام 841 ، ومثله فعل أبوالمحاسن في تاريخه ( النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة ) وقبله إبن حجر العسقلانى في تاريخه ( إنباء الغُمر بأبناء العُمر ) . هذا يستلزم التعرف بأولئك المؤرخين أولا ، ثم بعده نقوم بتحليل ما كتبوه في التأريخ لعام الطاعون 841 .
أولا : (ابن حجرالعسقلانى) (773-852 ).
1 ـ تقلب إبن حجر في مناصب القضاء ( قاضى قضاة الشافعية ) ، وكان يتولاه ثم يُعزل عنه طبقا لسياسة المماليك في العزل والتولية لأن المعتاد وقتها تقديم رشوة ، أو شراء المنصب . لم يكن هذا عارا ، بل كان شريعة معروفة حتى لقد أنشأ المماليك جهازا مختصا بذلك هو ( ديوان البذل والبرطلة ) . تولى القضاء 21 سنة في مرات عديدة من عام 827 الى قبيل موته أي عام 852 . وتولى ابن حجر الإفتاء واشتغل في دار العدل ، وبسبب صلته بأكابر المجرمين أسندوا اليه وظيفة التدريس في المدرسة الشيخونية والمحمودية والحسنية والبيبرسية والفخرية والصلاحية والمؤيدية ومدرسة جمال الدين الأستادار وبالمدرسة الجمالية والمنكوتمرية وبالخانقاه البيبرسية. وتولى الخطابة في جوامع كثيرة ، أشهرها الجامع الأزهر وجامع عمرو بن العاص وبالجامع الأموى في دمشق .والأهم من هذا كان يخطب بالسلطان في جامع القلعة ( مركز الحكم المملوكى ). وتوثقت صلته بالسطان برسباى الذى نعرض له هنا ، فكان في صحبة برسباى حين سافر الى آمد . و إكتسب شهرة ، حتى لقد حضر جنازته أكثر من خمسين ألف إنسان.، تقدمهم الخليفة العباسي سليمان المستكفي بالله، بإذن من السلطان جقمق، وتزاحم الأُمراء والأكابر على حمل نعشه، وكان ممن حمله السلطان جقمق. وكانت جنازته تمثل تعانق التحالف بين أكابر المجرمين من السلاطين المستبدين ورجال الدين .
2 ـ لابن حجر فى مجال التاريخ : ( رفع الأصر عن قضاة مصر )، وله :ـ( الدرر الكامنة فى أعيان المائة الثامنة.) فى أربعة أجزاء ، وقام بنفسه بالتذييل عليه بعنوان ( تاريخ المائة التاسعة أو ذيل الدرر الكامنة)، وهناك نسخة خطية لهذا الكتاب فى دار الكتب المصرية بقلم ابن حجر نفسه، وقد عثرت عليها ووجدتها صعبة القراءة جدا ، ولكن تبلغ أهميتها أن المؤرخين المعاصرين نقلوا عنها . وأشهر كتبه في الحديث ( فتح البارى ) في شرح صحيح البخارى . واشهر كتبه في التاريخ : ( إنباء الغمر بأبناء العمر) الذى يؤرخ فيه لعصره من سنة ميلاده 773 الى 850 قبيل وفاته. ونعتمد على هذا الكتاب في ذكر أحداث عام الطاعون 841 ، من وجهة نظر ابن حجر .
ثانيا : بدر الدين العينى: (762-855).
1 ـ جاء للقاهرة فخدم الشيخ السيرامى ، وعن طريقه وصل للسلطان برقوق فولاه برقوق التدريس في المدرسة ( الظاهرية / برقوق ) وتقلد وظيفة الحسبة عام 801 ، وظل بها بين عزل وولاية . وظيفة الحسبة كان يتولاها الفقهاء والأمراء المماليك ، وتتعلق بضبط الأسواق والشوارع ، وحسب الشرع المملوكى كانت بالشراء ( الرشوة ) . وتولى وظيفة ديوانية هي ( نظارة الأحباس سنة 819هـ، ثم أصبح قاضى القضاة الحنفية سنة 829هـ.
2 ـ ركّز العينى على التقرب من السلاطين المماليك ، وقد عاصر عدداً منهم . وكانت له حظوة لدى السلطان المؤيد شيخ وكان يدخل عليه في أي وقت شاء. أما السلطان الأشرف برسباي فقد جعل العيني نديماً له وكان يجلس معه بالساعات الطوال ، وكان السلطان برسباي يقول: (لولا القاضي العيني ما حسن إسلامنا، ولا عرفنا كيف نسير في المملكة).كان الأشرف برسباى قليل الحظ من العلم ، تعلم من العينى ما إعتبره برسباى الإسلام ، وذكر جمال الدين أبو المحاسن في كتابه ( النجوم الزاهرة ) أن العينى كان يسامر السلطان برسباى ، ويقرأ له العينى كتب التاريخ . يقول أبو المحاسن عن السلطان برسباى ( إغتنى بقراءة العيني له في التاريخ عن مشورة الأمراء في المهمات .. فإن الملك الأشرف ( برسباى ) كان أميًا صغير السن لما تسلطن بالنسبة لملوك الترك الذين مسهم الرق فإنه تسلطن وسنه يوم ذاك نيف على أربعين سنة وهو غرُّ لم يمارس التجارب ففقهه العيني بقراءة التاريخ وعرفه بأمور كان يعجز عن تدبيرها قبل ذلك . ) .
3 ـ أثّر هذا الإنشغال بالسلاطين على العينى من ناحية التأليف . كانت مؤلفاته الفقهية سطحية ، أشهر كتبه في الحديث كان ( عمدة القارى في شرح صحيح البخارى )، وهو أقل شأنا من ( فتح البارى ) لابن حجر ، وكانت مؤلفاته التاريخية تافهة. إذ نافق السلطان الظاهر (ططر) فى ( الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر ططر) ونافق السلطان المؤيد شيخ فى تاريخه :( السيف المهند في سيرة الملك المؤيد شيخ المحمودى ). وكتب فى التاريخ الحولى : ( عقد الجمان فى تاريخ أهل الزمان )، وفيه أوجز ما كتبه السابقون ،وقد توقف في التأريخ حتى عام 707 اى عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون . ولم يؤرخ العينى لعصره كما فعل الآخرون .
ثالثا : جمال الدين يوسف أبو المحاسن ابن تغرى بردى (813 :874 ) ه.
1 ـ من أصل مملوكى ارستقراطى، كان ابوه الامير تغري بردي اتابكيا أي قائدا للجيش المملوكي ثم نائبا للسلطان علي الشام ، أي واليا للشام. ينتمى أبو المحاسن الى طبقة ( أولاد الناس ) ، وهم أبناء المماليك الذين وُلدوا أحرارا ، وتكونت بهم طبقة ارستقراطية متغطرسة ، وحتى الآن يقال في مصر ( فلان إبن ناس ) . الى هذه الطبقة ينتمى أيضا المؤرخ ابن إياس ، وإن كان إبن إياس معبرا عن ثقافة الشارع المصرى وليس مترفعا عنه مثل أبى المحاسن .
2 ـ إشتهر بكتابة "النجوم الزاهرة في أخبار مصر والقاهرة" بلغ به 16 جزءا ، وبدأه من الفتح العربى وسار بعده متخصصا فى التاريخ المصرى ، ينقل فيه عن السابقين ، الى أن وصل الى عصره فكان يؤرخ من واقع المشاهدة الى قبيل موته بعام واحد ، أى أتم التأريخ لمصر في النجوم الزاهرة حتي 873 هـ ومات عام 874 . ذكر في نهايته أنه ألفه من أجل صديقه الأمير محمد بن السلطان جقمق، و كان أبو المحاسن يتوقع أن يصل صديقه إلى السلطنة فيختم الكتاب بعهده، إلا أن الأمير محمد وافته المنية قبل ذلك عام 847 .
3 ـ ومات المقريزى عام 845 ، وتوقف المقريزى في تاريخه فى "السلوك" عند سنة 844هـ أى قبيل وفاته بعام واحد. وقام تلميذه أبو المحاسن بإكمال التأريخ لعصره فكتب "حوادث الدهور في الأيام والشهور" وجعله ذيلاً لتاريخ المقريزى في السلوك. وصدر فى باريس ( منتخبات من حوادث الدهور)، حررها وليم بيبر عام 1930 . ولأبى المحاسن أيضا كتاب ( المنهل الصافى والمستوفى بعد الوافى ).فى خمسة أجزاء ، وهو قصر على التراجم المختصرة لشخصيات عصره . وكان أبو المحاسن كثيراً ما يعترف بفضل المقريزي ويحاكيه في نقده العنيف لمظالم عصره وإن كان أقل مستوى من أستاذه .
4 ـ كان أبو المحاسن يعيش في سعة كاملة بإعتباره من ( أولاد الناس ) ، أكثر من هذا تعلم الفروسية وبرع فيها، وأتقن العربية والتركية. جعله هذا بعيدا عن الشعب المصرى . نذكر هذه الحادثة دليلا :
5 ـ قام السلطان الأشرف اينال بتزييف العملة الفضية ، فعقد مجلس سلطاني في صفر سنة 861 إذ إحتج أهل القاهرة وقاموا بمظاهرة صاخبة أمام القلعة قبيل عقد ذلك المجلس السلطاني ، ويقول أبو المحاسن يصف تلك المظاهرة " اضطرب الناس وأبطل السلطان موكب ربيع الأول من القصر ، وجلس بالحوش ودعا القضاة الأربعة والأمراء والأعيان ، ووقف العامة أجمعون في الشارع الأعظم من باب زويلة إلى داخل القلعة ، وأجتاز بهم قاضي القضاة علم الدين البلقيني وهو طالع إلى القلعة فسلم على بعضهم بباب زويلة فلم يرد عليهم أحد السلام ، بل انطلقت الألسن بالسب له وتوبيخه من كل جانب لكونه لا يتكلم في مصالح المسلمين ، واستمر على هذه الصورة إلى أن طلع إلى القلعة ، وقد انفض المجلس بدون طائل ، ونودي في الناس بعدم معاملة " الزغل " أي بعدم التعامل بالنقود المغشوشة . فلم يسكن ما بالناس من الرهج ولهجوا بقولهم " السلطان من عكسه أبطل نصفه " ( أي أن السلطان من شؤمه أبطل التعامل بالعملة التي أصدرها وهي النصف الإينالي) وقالوا أيضا " إذا كان نصفك إينالي لا تقف على دكاني " أى إذا كانت العملة التى معك هى الدرهم الذى اصدره السلطان إينال فلا تقف على دكانى .وألفوا عبارات أخرى ، وأشياء أخرى من هذا من غير مراعاة وزن ولا قافية) أى قاموا بتأليف شعارات بعضها موزون وله قافية والآخر بدون وزن وقافية . وهى نفس العادة المصرية المتمكنة فى فنّ تأليف الشعارات فى المظاهرات .
ونرجع للمؤرخ أبى المحاسن وهو يصف تلك المظاهرة الفريدة الى ثار فيها شعب القاهرة على السلطان الفاسد إينال و بطانته من أكابر المجرمين من الشيوخ والفقهاء. يقول أبو المحاسن : ( وانطلقت الألسن بالوقيعة في السلطان وأرباب الدولة ) أى انطلقوا فى مظاهراتهم يلعنون السلطان وأرباب دولته فأضاعوا حرمته وانتهكوا مكانته ، وبالتالى خشى السلطان من جرأة مماليكه عليه ، خصوصا المماليك الجلبان ، أى المماليك الذين كان يؤتى بهم كبارا وليس من مرحلة الطفولة ،أى كانوا يتطوعون بالوقوع فى الاسترقاق ليؤتى بهم الى مصر فيصيروا فيها مماليك ولديهم أمل بالوصول الى مصاف كبار القادة والحكم. يقول ابو المحاسن عن محنة السلطان اينال بعد أن أضاعت مظاهرات الحرافيش مكانته وحرمته وهيبته : ( وخاف السلطان من قيام المماليك الجلبان بالفتنة وأن تساعدهم العامة وجميع الناس فرجع عما كان قصده) أى كان يريد ان يستخدم المماليك الجلبان ضد المصريين حرافيش فخاف ان يتحد ضده المصريون والجلبان، وبهذا تطورت المظاهرات ضد السلطان . ووجد المتظاهرون فرصتهم الكاملة فى سبّ وتحقير أعوان السلطان ممن كان يقوم بالسلب والنهب والمصادرات باسم السلطان ، يقول ابو المحاسن : ( وقد أفحش العامة في سباب ناظر الخاص ورجموه وكادوا يقتلونه ،) واضطر الى الفرار من أمامهم ومعه أعوانه وفرق حراسته. يقول ابو المحاسن باستعلاء وحقد يصف انتصار المصريين الحرافيش : ( وعظمت الغوغاء فأرسل إليهم ابن السلطان فسألهم عن غرضهم فقالوا : النداء بأن كل شيء على حاله ، فقال لهم : غدا أكلم السلطان ويفعل قصدكم ، فأبوا وصمموا على النداء في هذا اليوم فأرسل لأبيه فتردد ثم أجاب ، وجعل بالنداء غاية الوهن في المملكة وطغى العامة وتجبروا .)
واضح هنا أن المؤرخ الأرستقراطي المملوكي الأصل أبا المحاسن ينتمى الى أكابر المجرمين ، لم يكن من رجال الدين ، ولكن من الملأ المحيط بالمستبد المملوكى .لذا لم يسترح إلى رضوخ السلطان إينال للمصريين وهم عند هذا المؤرخ ( غوغاء وعوام ) .!
أخيرا : المقريزى ( تقى الدين أحمد بن على (766- 845 )
1 ـ تولى وظيفة الحسبة والإمامة، ورفض أن يتولى قضاء دمشق، وتفرغ للكتابة التاريخية.
2 ـ تعددت وتكاثرت مؤلفات المقريزى . فكتب في التاريخ العام والتاريخ العالمي بالإضافة إلى المؤلفات المتخصصة في شتى نواحى الحياة والحضارة المصرية والمعارف المصرية.
3 ـ في التاريخ العام كتب المقريزى مؤلفاته الضخمة مثل (الخبر عن البشر)، (الدرر المضيئة في تاريخ الدولة الإسلامية)، (أمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأحوال والحفدة والمتاع). في التاريخ المصري وضع ثلاثة كتب ضخمة هى: (تاريخ مدينة الفسطاط) الذى أرخ فيه لمصر منذ الفتح العربي إلى الفتح الفاطمي ، وفى تاريخ العصر الفاطمى كتب نقلا عن المسبّحى وغيره ( اتعاظ الحنفا بذكر الأئمة الفاطميين الخلفا). ثم كتابه الأشهر (السلوك لمعرفة دول المملوك) وأرخ فيه لمصر في العصرين الأيوبي والمملوكى إلى قبيل وفاته سنة 845هـ.وكان ينقل عن المؤرخين السابقين باختصار وحرفية نادرة ، حتى إذا وصل الى عصره أصبح يؤرخ شاهدا على عصره متوسعا وشاملا فى الأجزاء الأخيرة من ( السلوك ). وفي تاريخ العمران المصرى وضع موسوعته الكبيرة (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والأثار) وهى المعروفة بخطط المقريزى ، وفيه أرخ للمدن المصرية ومعالمها والحياة الاجتماعية فيها.
4 ـ وكان رائدا فى الكتابة التاريخية الاجتماعية متأثرا باستاذه ابن خلدون ت 808هـ.، إلا إنه خلافا لابن خلدون الذى تجاهل مصر فى مقدمته وتاريخه نرى المقريزى منكبا على تاريخ مصر فى ماضيها وحاضرها سياسيا واجتماعيا وحضاريا وعمرانيا . في تاريخها البشرى وضع المقريزى كتابين للترجمة لرجال مصر هما (المقفي الكبير) ويقع فى أربع مجلدات مخطوطة، وقد جمع فيه تراجم لكل من وفد على مصر منذ الفتح أو عاش فيها. وله أيضا ( درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة)، وكان يكثر من الاشارة اليه فى كتبه الأخرى . هذا بالإضافة إلى كتبه الصغيرة التى تناولت نواحى متخصصة في النقود وتاريخ الأعراب والاقتصاد والغناء والأحوال الدينية وآل البيت والنزاع بين الأمويين والهاشميين وبنيان الكعبة ومن حج من الملوك وحلّ لغز الماء .
5 ـ بالإضافة الى هذه الكثرة والتنوع تميز المقريزى بالأسلوب العلمى التاريخى ، مع وقوفه ضد الظلم وشجاعته في نقد الظالمين . نعايش المقريزى في تأريخه لعام الطاعون 841 .