ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .

Brahim إبراهيم Daddi دادي في الأحد ١٥ - مارس - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا .

 

عزمت بسم الله،

إن أكثر الناس المؤمنين يرددون ما ورثوا وحفظوا عن مشايخهم وآباءهم، وكأنهم لا يعقلون ولا يفكرون، رغم أن الرسول بلغ لهم ما أنزل إليه، قال رسول الله عن الروح عن ربه: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ(18). الزمر.

والغريب في الأمر حتى المثقفين والدكاترة المتخرجين من الجامعات الإسلامية لم يسلموا من هذه الغفلة، إذ يرددون عند سماعهم لذكر اسم النبي محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، فيقولون: ( صلى الله عليه وسلم) أو ( اللهم صل وسلم عليه تسليما كثيرا). فهل هاتان الصيغتان تلبيان أمر الله تعالى الذي أمر المؤمنين بالصلاة على النبي والتسليم تسليما، وليس ( سلاما). إن الذين يعقلون يجدون في أنفسهم حرجا من هذه العبارة، إن هاتين الصيغتين لا تفيا أبدا لخبر وأمر الله تعالى، حيث يخبرنا سبحانه أنه وملائكته يصلون على النبي. (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) ثم يأتي أمر الله تعالى للعباد المؤمنين أن يصلوا ويسلموا تسليما. (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(56)). الأحزاب. فما معنى (ويسلموا تسليما) ؟؟؟

لنرى في القرآن معنى ( يُسلموا تسليما) قال الله تعلى لرسوله: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65). النساء. إن هذه الآية الكريمة تبين بوضوح معنى (وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). أي يستسلموا ويذعنوا لما حكمت يا محمد فيما شجر بينهم، ودليل آخر يبين معنى الإذعان.وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ(48)وَإِنْ يَكُنْ لَهُمْ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ(49). النور. أي يأتوا إليه مذعنين مسلِّمين تسليما، لأنهم يعتقدون أن الحق معهم.

أما الصيغة التي يرددها أكثر المؤمنين ( اللهم صل وسلم عليه تسليما كثيرا) أو ( صلى الله عليه وسلم) فلا تفي أبدا لأمر الله تعالى الذي يقول: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا).   فهل يمكن أن يذعن لله تعالى للنبي ويسلم تسليما؟؟؟

لقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يصلوا على النبي ويسلموا تسليما، لكن الغافلين من المؤمنين يردون الأمر لله تعالى ويقولون: اللهم صل على محمد وسلم تسليما!!!

لنرى في صحاح اللغة معنى السلم والاستسلام.  

(الصّحّاح في اللغة.

والسَلَمُ الاستسلام. وأَسْلَمَ أمرَه إلى الله، أي سَلَّمَ.

(القاموس المحيط).أسْلُمٌ وسِلامٌ، والسَّلامُ، والإِسْلامُ.

وبالتحريكِ: السَّلَفُ، والاسْتِسْلامُ، والتَّسْلِيمُ: الرِّضا، والسَّلامُ.

ربما يتساءل سائل كيف نصلي على النبي إذن؟

نجد في كتاب البخاري ما يلي:

3118 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

صحيح البخاري - (ج 11 / ص 155) المكتبة الشاملة.

ألم يقل الله تعالى أنه وملائكته يصلون على النبي؟؟؟ فكيف ينسب إلى الرسول أنه قال : قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. أليس هذا من العبث؟ الله تعالى أخبرنا أنه وملائكته يصلون على النبي. (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) ثم يأمر الخالق سبحانه المؤمنين أن يصلوا ويسلموا تسليما فيقول: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(56)). الأحزاب. فهل أمر الله تعالى المؤمنين أن يصلوا على أزواج النبي وذريته؟؟؟

إن أمر الله تعالى للمؤمنين أن يُسلموا تسليما لما جاء به من عند ربه، وهو القرآن وكفى ولا شيء معه، لذا على المؤمنين أن يقولوا مثلا عند ذكر اسمه: عليه أُصلي وأسلم، أو عليه الصلاة والسلام، أو عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، وما إلى ذلك مما لا يخالف أمر الله تعالى.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى

اجمالي القراءات 3762