الإيمان ليس بشخص محمد، ولكن بما ( أنزل على محمد)
من آمن ب (محمد) فقد كفر:(11): مشكلتهم مع الرسول محمد وليس مع محمد نفسه

آحمد صبحي منصور في السبت ٠٨ - فبراير - ٢٠٢٠ ١٢:٠٠ صباحاً

من آمن ب (محمد) فقد كفر:(11):مشكلتهم مع الرسول محمد وليس مع محمد نفسه  

 الإيمان ليس بشخص محمد،ولكن بما ( أنزل على محمد)

أولا : مواقفهم من تلاوة القرآن الكريم :

لم يكن يعرض عليهم نفسه ليؤمنوا به ، ولكن كان يتلو عليهم آيات الله ليؤمنوا بها .

1 ـ الله جل وعلا هو أعلم حيث يضع رسالاته ، وهو إصطفى محمدا بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ليكون خاتم النبيين لأنه أعظم الناس في عصره خُلُقا وأصلحهم لتحمل مسئولية تبليغ القرآن الكريم خاتم الرسالات الإلاهية للبشرية.

وشخص يمتاز بهذا السمو الخُلُقى لا بد أن يحظى بحب الناس ، لا بد أن يعجبهم صدقه وأمانته وطهارته . لذا لا ننتظر منهم أي خصومة منهم له ، فلم يكن ظالما ولا معتديا ولا خائنا ولا كاذبا . إختلف الوضع حين أصبح محمد بن عبدالله رسولا وظيفته أن يدعو الناس الى نبذ عبادتهم لآلهتهم وأوليائهم ، هو لا يكتفى بأن يخرج عن دين قومه بل يدعو قومه للخروج عن ثوابت دينهم المتوارثة .

بدأ الصدام وتغير الموقف حين أخذ الرسول محمد عليه السلام ( يتلو عليهم ) آيات القرآن . إذ إن وظيفته أن يتلو على الناس آيات الله القرآنية ، قال جشل وعلا : (  كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴿البقرة: ١٥١﴾.

2 ـ وتنوعت مواقفهم في رفض القرآن الكريم .

2 / 1  ـ كانوا يطلبون تبديله . قال جل وعلا : (  وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿يونس: ١٥﴾ قُل لَّوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٦﴾ يونس ):

2 / 1 / 1 : هم هنا يطلبون منه الإتيان بقرآن غيره أو تبديل هذا القرآن ليتفق مع ثقافتهم وثوابتهم الدينية . أي إنهم يؤمنون أنه يوحى اليه ولكنهم لا يرتضن محتوى هذا الوحى ويريدون تبديله . والله جل وعلا أكّد عقابا سينزل به لو تقوّل ( بعض الأقاويل أو الأحاديث ) ونسبها لربه جل وعلا . قال جل وعلا  يرد عليهم : ( فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ ﴿٣٨﴾ وَمَا لَا تُبْصِرُونَ ﴿٣٩﴾ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴿٤٠﴾ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ ﴿٤١﴾ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ﴿٤٢﴾ تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ ﴿٤٣﴾ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ﴿٤٤﴾ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴿٤٥﴾ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ﴿٤٦﴾ فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ﴿٤٧﴾ الحاقة ) .

2 / 1 / 2 : والله جل وعلا أمره أن يعلن لهم أنه ليس له أن يبدله من تلقاء نفسه لأنه مُتّبع للوحى الإلاهى ولأنه يخاف من ربه جل وعلا عذاب يوم عظيم ، وأنه عاش فيهم عمّرا قبل الوحى فما عهدوه كذابا ولا مفتريا ولا مزورا .

2 / 1 / 3 : أئمة المحمديين فيما بعد حققوا مطلب كفار قريش ، بإفتراء الحديث الذى إتخذوه بديلا عن القرآن ويعلو فوق القرآن ، وبإلغاء تشريعات القرآن بمقولة ( النسخ ) .

2 / 2 : وكانوا يهاجمون القرآن الكريم .

2 / 2 / 1 : يتهمون القرآن بالأساطير . قال جل وعلا :

2 / 2 / 1 / 1 : قال جل وعلا :  (  وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿الأنفال: ٣١﴾

2 / 2 / 1 / 2 : (  إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴿القلم: ١٥﴾﴿المطففين: ١٣﴾

2 / 2 / 2 : ويتهمونه بالسحر. قال جل وعلا :( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿الأحقاف: ٧﴾

2 / 2 / 3  : وبالسحر والإفتراء . قال جل وعلا : (  وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَـٰذَا إِلَّا إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَـٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴿سبإ: ٤٣﴾

2 / 2 / 4 : وكانوا يردون على تلاوة القرآن بشتى الحجج الباطلة والجدال الفارغ ، قال جل وعلا :

2 / 2 / 4 / 1 : ( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَّقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا ﴿مريم: ٧٣﴾

2 / 2 / 4 / 2 : (  وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿الجاثية: ٢٥﴾

2 / 2 / 4 / 3 : (  وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ﴿٥٧﴾ وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا ۚ بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ﴿٥٨﴾ الزخرف  )

2 / 2 / 5 : النهى عن سماع القرآن والتشويش عليه حين يُتلى عليهم . : قال جل وعلا :

 ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَـٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴿٢٦﴾ فصلت ). هو نفس ما يفعله المحمديون الآن حين يتصايحون عند الاستماع الى التغنى بالقرآن الكريم.

2 / 2 / 6 :  بإتخاذ ( لهو الحديث ) للصّدّ عن :( أصدق الحديث / أحسن الحديث : القرآن الكريم) . وفيهم قال جل وعلا :

2 / 2 / 6 / 1 : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّـهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴿٦﴾ وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٧﴾ لقمان ). أئمة المحمديين إخترعوا ( لهو الحديث ) ليصدوا عن القرآن الكريم .

2 / 2 / 6 / 2 : ( تِلْكَ آيَاتُ اللَّـهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّـهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴿٦﴾ وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ﴿٧﴾ يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّـهِ تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا ۖ فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴿٨﴾ وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ۚ أُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴿٩﴾ الجاثية ) أئمة المحمديين إخترعوا ( لهو الحديث ) ليصدوا عن القرآن الكريم .

2 / 2 / 7 : ثم كانوا يهاجمون النبى نفسه إذا تلى عليهم القرآن . قال جل وعلا :  ( وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴿٥١﴾ وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴿٥٢﴾ القلم ). أي قبل أن يتلوه عليهم كانوا لا ينظرون اليه في كراهية ، نظروا اليه في حقد وكراهية حين أخذ يتلو عليهم القرآن . مشكلتهم ليست مع ( صاحبهم محمد ) . مشكلتهم هي كراهيتهم و كفرهم بالقرآن .

 2 / 2 / 8 : وإمتدت هذه الكراهية الى المؤمنين حين كانوا يتلون عليهم القرآن . عندها كانوا على وشك البطش بهم وقد سيطرت الكراهية على وجوههم. قال جل وعلا : ( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَٰلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّـهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴿الحج: ٧٢﴾. لم تكن هناك مشكلة في جلوس المؤمنين معهم . تشتعل المشكلة حين يتلو عليهم المؤمنون القرآن . ليست بينهم وبين المؤمنين مشكلة . المشكلة هي كراهيتهم وكفرهم بالقرآن .

 ثانيا :

 لم تكن لهم مشكلة مع صاحبهم محمد ، كانت مشكلتهم مع القرآن الكريم

 1 ـ نعيد الإستشهاد مرة ثانية بقوله جل وعلا : (  وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿يونس: ١٥﴾ قُل لَّوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٦﴾ يونس ).  ومفهوم من فحوى الآيتين أنه كان لهم أمل في ( محمد ) أن يفعل هذا ، وأنه كانت بينهم وبينه (صُحبة ) تسوّغ لهم هذا .

2 ـ وقد إتّخذ رب العزة من هذه الصُّحبة دليلا ضدهم . إذ صحبوه وتعاملوا معه فعرفوا سمو أخلاقه وأنه صادق أمين ، فكيف بهم فجأة يتهمونه بالضلال والغواية حين تلا وقرأ عليهم القرآن الكريم . قال جل وعلا : ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ ﴿١﴾ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ ﴿٢﴾ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ ﴿٣﴾ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ﴿٤﴾ النجم ).

3 ـ ولأنهم يؤمنون بالله جل وعلا ويؤمنون بأوليائهم وآلهتهم ولأنهم في نفس الوقت يعرفون سُمُوّ الخُلُق عنده بصحبتهم لهم وصحبتهم له فإن الله جل وعلا يعظهم بأن يقفوا وقفة صدق مع النفس وبدون هوى وإبتغاء مرضاة الله جل وعلا ، كل منهم مع نفسه أو كل إثنين معا ويتفكرون في موضوعية هل ( محمد ) الذى صحبوه وعرفوه هل هو مجنون كما زعموه ؟ أم هو نذير لهم من عذاب شديد . قال جل وعلا في خطاب مباشر لهم : ( قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴿٤٦﴾ سبأ ) .

ثالثا :

صلته بأكابر قومه ميدان الصراع بينه وبينهم

1 ـ ( محمد ) ينتمى الى بنى عبد مناف وهم الملأ في قريش . لم يكن ثريا ولكن كان ثراؤه في أخلاقه ، وبهذا نتصور أن يكون زينة مجالسهم قبل أن يوحى اليه ويكون رسولا . ونتصور أنه إتخذ من مجالسته لهم وسيلة لتلاوة القرآن والدعوة الى الايمان بالله جل وعلا وحده لا شريك له .  وقد تحولت مجالسهم بعد نزول القرآن الى مناسبات للسمر إستهزاءا وخوضا وتلاعبا بالقرآن الكريم . قال جل وعلا : ( قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ ﴿٦٦﴾ مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴿٦٧﴾ المؤمنون ). هو نفس ما يفعله المحمديون الآن في مجالس العزاء حيث يتسامرون بالاستماع الى التغنى بالقرآن الكريم.

2 ـ من ناحيته عليه السلام كان يحضر هذه المجالس للتحبّب اليهم وحرصا على إستمالتهم   . ونزل قوله جل وعلا في النهى عن حضور خوضهم في آيات الله ( وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَىٰ مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴿الأنعام: ٦٨﴾ . النهى هنا ليس عن حضور مجالسهم مطلقا ، بل هو نهى عن حضورها حين تتحول الى شغب وخوض في آيات الله . أي حين يقعون في الخوض في آيات فعليه أن يغادر المكان ، فإذا كفُّوا عاد اليهم .

3 ـ منزلته في قومه ونسبه الى هاشم بن عبد مناف يعنى وجود صلات إجتماعية تُبرر لهم أن يطلبوا منه أشياء ، ومن الطبيعى أن تمسّ طلباتهم صميم دعوته القرآنية .

3 / 1 : وبدأ هذا مبكرا في أوائل الدعوة ، حين أعرض عن الصلاة والتوسل بالآلهة ، واصبح يصلّى لرب العزة وحده . فجاء بعضهم ينهاه ، فقال جل وعلا : ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ ﴿٩﴾ عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ ﴿١٠﴾ أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ ﴿١١﴾ أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ ﴿١٢﴾ أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ ﴿١٣﴾ أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّـهَ يَرَىٰ ﴿١٤﴾ كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ ﴿١٥﴾ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ ﴿١٦﴾ فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ ﴿١٧﴾ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴿١٨﴾ كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب ۩ ﴿١٩﴾ العلق )

3 / 2 : كان رسولا منهم أي مثلهم ، وقد قال عنه جل وعلا : ( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ ﴿٧﴾ الضحى )  أى هداه الله وجعله نبيا مرسلا . وتركزت دعوتهم له على أن يعود لما كان عليه قبل الوحى من عبادة الأصنام والأوثان قبل الهداية،. وأمره ربه أن يرد عليهم :

3 / 2 / 1 : (  قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ قُل لَّا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴿الأنعام: ٥٦﴾

3 / 2 / 2  (   قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿غافر: ٦٦﴾

3 / 3 : ووصلت الى حدّ محاولتهم التأثير عليه بأن يفترى أحاديث غير القرآن ، وكاد تأثيرهم ينجح لولا أن ثبّته ربه جل وعلا .

3 / 3 / 1 : قال جل وعلا : ( وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ﴿٧٣﴾ وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ﴿٧٤﴾ إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴿٧٥﴾ الاسراء ).

3 / 3 / 2 :  وهذا يذكرنا بآيتى سورة يونس . نعيد الإستشهاد  بهما مرة ثالثة :( وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴿يونس: ١٥﴾ قُل لَّوْ شَاءَ اللَّـهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُم بِهِ ۖ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿١٦﴾ يونس ).   

4 ـ لذا تكرّر النهى له عليه السلام عن طاعتهم .

4 / 1 : في السور المكية قال جل وعلا :

4 / 1 / 1 : ( فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ ﴿٨﴾ وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ﴿٩﴾ وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ ﴿١٠﴾ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ﴿١١﴾  القلم ). هذا في بدايات الوحى ، نهى عن طاعة المكذبين للقرآن الكريم

4 / 1 / 2 : ( إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنزِيلًا ﴿٢٣﴾ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ﴿٢٤﴾ الانسان ). هم آثمون كافرون .

4 / 1 / 3 :(  فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ﴿٥٢﴾ الفرقان ), أي جهادهم بالقرآن .

4 / 1 / 4 : ( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴿٢٨﴾ الكهف  ) . ان يصبّر نفسه على ملازمة المؤمنين ، وأن يُعرض عن طاعة المستكبرين .

4 / 2 : وظهر كُفّار جدد بعد الهجرة بالإضافة للمنافقين ، ونزل النهى عن طاعتهم . قال جل وعلا :

4 / 2 / 1 : (  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴿الأحزاب: ١﴾

 4 / 2 / 2 : (  وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿الأحزاب: ٤٨﴾.

أخيرا

ما سبق من آيات قرآنية يؤكّد أمرين :

1 ـ أن القضية الأساس هي ( الرسالة ، القرآن ، الآيات ) وليست على الإطلاق شخص محمد .

2 ـ إن محمدا كبشر لم يكن معصوما من الخطأ . كانت عصمته كرسول هي بالرسالة ، فالقضية الأساس هي أيضا  ( الرسالة ، القرآن ، الآيات ) وليست على الإطلاق شخص محمد .

اجمالي القراءات 5611