أفتى عضوان من هيئة كبار العلماء في السعودية بعدم جواز مسابقات "مزاين الإبل"، التي تنشط في مثل هذا الوقت من العام في المجتمع القبلي، وصنفوها على أنها من "الميسر والقمار والبدع الضالة".
فيما أفاد عضو في لجنة إعلامية بإحدى الملتقيات التي ترعى مسابقات المزاين بأن كلفة الملتقى قدرت بـ150 مليون ريال سعودي.
وكان الشيخ صالح الفوزان، وهو عضو هيئة كبار العلماء، قد أكد في تسجيل صوتي ردا على سؤال عن جدوى هذه المسابقات أن المشاركة فيها "لا تجوز لما فيه من المنكرات وبذل الأموال بغير فائدة وأكل المال بالباطل، وهو داخل في الميسر والقمار".
وفي سياق متصل نشرت صحيفة "الحياة" بتاريخ 7-10-2007م فتوى أخرى لعضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله المنيع، شدد فيها على أن فعاليات ومسابقات مزاين الإبل من البدع الضالة "ومن ينساق وراءها مشمول بصفات التبذير والإسراف والتغرير ببسطاء العقول".
وحول تفاخر بعض المواطنين بكرائم الإبل والتغالي بأسعارها وبيعها بأثمان باهظة تصل لمليون أو مليونين ريال وأكثر، أكد الشيخ المنيع في فتوى أصدرها أن التفاخر مما كان لدى الجاهلية من أعراف وتقاليد بالية منافية لمبادئ الإسلام.
واعتبر المنيع في فتواه أن مشايخ القبائل حينما يلزمون أفراد القبيلة بمبالغ ينفقونها للدخول في هذا التفاخر، ظالمون لإخوانهم، وإخوانا للشياطين من حيث الإسراف والتبذير.
وربط بين حوادث "نفوق الإبل" التي شهدتها السعودية في مناطق متفرقة مؤخرا وقدرت بالآلاف وكبدت ملاكها خسائر فادحة، بما يحدث في ملتقيات المزاين قائلا: "إن المتجاوزين للحدود والكافرين بنعم الله جديرون بغضب الرحمن، ويغلب الظن أن نفوق الإبل الذي حدث أخيرا هو عقوبة من رب العالمين على هذا الانحراف بالأموال إلى الإسراف والتبذير".
من جانبه واجه الحميدي الثبيتي وهو عضو اللجنة الإعلامية في ملتقى "مزاين إبل قبيلة عتيبة"، والذي اختتم فعالياته في إجازة نهاية الأسبوع المنصرم، ما ورد في الفتاوى بقوله "للعربية.نت" إن مسابقة "مزاين الإبل" في بداية انطلاقتها كانت منذ أكثر من عقد من الزمان في منطقة تسمى "أم رقيبة"، وأضاف "لماذا يتذكرون مسابقات "المزاين" الآن ويفتون بتحريمها، شيوخنا الأفاضل بهذه الفتاوى متأخرون جدا، نرجو منهم مواكبة الحدث وقد استدعينا في مخيم الملتقى شيوخا فضلاء لإلقاء محاضرات دينية ويحملون الفكر ذاته، ولم يعترضوا".
وتابع "أن هذا النوع من الملتقيات تخصصه القبائل لجمع شتات أفرادها المتواجدين في كافة أنحاء السعودية ليلتقوا ببعضهم البعض، وتطرح فيها فعاليات متنوعة مثل الأمسيات الشعرية والمحاضرات الدينية ومسابقات حفظ القرآن ومسابقة قصائد في الملك الموحد وفي الرسول الكريم، إضافة إلى سباق الهجن المتعارف عليه وهو سباق مستقل عن المزاين".
ولفت إلى فوائد هذه الملتقيات؛ "إذ تستثمر في تصحيح بعض المفاهيم ونبذ التعصب والإرهاب والفكر المتطرف والمنحرف".
وحول تكلفة الملتقى المادية قال الثبيتي إن "حجم التكلفة يقدر بـ150 مليون ريال من التبرعات النقدية من أفراد القبيلة قسمت بحيث تشمل قيمة تجهيز المخيمات والموارد البشرية في اللجان المشاركة والبالغ عددهم 300 فرد من أفراد القبيلة، إضافة إلى توزيع القيمة الإجمالية على المسابقات والجوائز التذكارية وغيرها".
وحول آلية ترشيح وانتخاب الإبل المتنافسة على أنها هي الأجمل، أوضح الثبيتي "أن اختيار مواصفات الجمال يخضع لإجماع لجنة الحكم المكونة من عدة رجال لديهم خبرة في التحكيم، ويأتون من خارج القبيلة".
ومن جانبه، يبين عبد الله القحطاني "للعربية.نت"، وهو مشارك في إحدى لجان "مهرجان مزاين إبل قبيلة قحطان"، أن البداية الفعلية كانت في "أم رقيبة" منذ 10 أعوام؛ حيث تنافست القبائل على صعيد وطني في مسابقة واحدة تحمل اسم "مسابقة الملك عبد العزيز لمزاين الإبل"، ثم تحولت إلى عرف قبلي بعد أن أصبحت القبائل تقيم كرنفالا لمزاين الإبل تنتخب فيه كل قبيلة إبلا هي الأكثر جمالا بحسب لجنة الحكام، كما يحدث في مسابقات ملكات الجمال، وذلك بعد الحصول على إذن من الجهات المختصة.
وأوضح القحطاني أن كبار الشخصيات ورجال الأعمال في كل قبيلة يجتمعون لتقدير الميزانية المتوقعة للملتقى، ثم يتم تنظيمه ويرصد ميزانيات خاصة للولائم والمخيمات والفعاليات والجوائز؛ بهدف التفاف أبناء القبيلة ومشايخهم وتأكيد الاعتزاز القبلي ويحضرها عشرات الآلاف من القبيلة الواحدة.