أولا : العولمة وتعريفاتها
كظاهرة بدأ انطلاقها في بداية هذا القرن الهجري ، وترتبط بثلاث أحداث كبرى
سياسية " تفكك المعسكر الشرقي " ، وتقنية " الثورة المعلوماتية " ، واقتصادية " التبادل الحر واقتصاد السوق " .
ويوجد من يبشر بها بإعتبارها تحرر من الدول المغلقة وانطلاق نحو العالمية والتقدم .
كما يوجد من يناهضها بإعتبارها غزو ثقافي اجتماعي اقتصادي سياسي ، يستهدف الدين والقيم والفضائل والهوية .
ويوجد من يعتبرها ظاهرة تتداخل فيها أمور الاقتصاد والثقافة والاجتماع والسلوك ، ويكون الانتماء فيه للعالم كله عبر الحدود السياسية للدول .
ويوجد من يعرفها بأنها الرؤية الاستراتيجية لقوى الرأسمالية العالمية ، والرامية إلى إعادة تشكيل العالم وفق مصالحها وأطماعها سائرة على ثلاث مسارات متوازية :
اقتصادي غايته ضغط العالم في سوق رأسمالية واحدة ، والثاني سياسي ويهدف إلى الشرذمة والتشتت الإنسانيين إلى كيانات هزيلة ، والثالث ثقافي يهدف إلى تقويض البنى الثقافية والحضارية لأمم العالم بثقافة السوق التي تتوجه إلى الحواس والغرائز وتشل التفكير والإرادة وتشيع الاحباط والخضوع ، وتشهد منطقتنا العربية ترجمة لهذه التوجهات من خلال مشاريع الشرق أوسطية والمتوسطية ، وفي الإجمال يمكن القول بأن العولمة وصف لظواهر متعددة يجمعها جعل العالم متقاربا مع سلطة القطب الواحد ( أمريكا بقيادة صهيونية ) ويقول الفيلسوف الإيطالي فريرو عن كيفية النظام الآيل إلى هذه الوحدة وجدناها " بالإنجيل ( الثقافة الغربية ) وبالسيف وبالإفناء ، وبتبادل المساعدات وبتبادل المساعدات وبتبادل طلقات المدافع .
ثانيا : الهوية وأهميتها
الهوية تعني جوهر الشيء وحقيقته
والهوية دائما جماع ثلاثة عناصر : العقيدة التي توفر رؤية للوجود ، واللسان الذي يجري التعبير به ، والتراث الثقافي الطويل المدى ، وأهم عناصر الهوية " الدين " وهذا يتضح في الحروب ، كما أن العقيدة التي نتدين بها ليست مجرد أيديولوجية ، وإنما هى العلم الكلي والشامل والمحيط ووحى السماء والميزان المستقيم والحق المعصوم ، وهى منظومة القيم التي تمثل مرجعيتنا في السلوك فهى ليست نسبية ولا مرحلية
واللسان ليس مجرد أداة تعبير ووسيلة تخاطب وإنما هو الفكر والذات والعنوان ، واللسان العربي له قداسة المقدس القرآن الذي أنزل به
ثالثا : التعبير القرآني
ومن المثير للغبطة أن نجد القرآن الكريم يحدثنا عما نسميه العولمة في أوجز العبارات الدالة عن كل ما قيل وما ستستقر عليه الأقوال عن العولمة وتداعياتها ، أنظر إلى قول الله جل وعلا :
بسم الله الرحمن الرحيم " إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال اكفلنيها وعزني في الخطاب ، قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه ، وأن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ......يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ....".24 ، 25 ، 26 ص
انظر إل التعبير القرآني الخلطاء والذي بقليل من التفكير يعبر تعبيرا جامعا عن ما نطلق عليه الآن بالعولمة .
احمد شعبان محمد