حكومة الدكتور شرف .. الطرطور بثلاثة جنيه

في الأربعاء ١٢ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

إلهامي الميرغني : حكومة الدكتور شرف .. الطرطور بثلاثة جنيه

منذ سنوات قدم الراحل العظيم نجيب الريحاني مسرحيته السكرتير الفني، وبعد سنوات أعادت فرقة الريحاني المسرحية ببطولة الفنان فريد شوقي ، ثم قدم الفنان فؤاد المهندس نفس المسرحية مرة أخري.ملخص المسرحية هي كيف يستطيع رجل أعمال فاسد الإيقاع بالأستاذ ياقوت عبد المتعال المدرس الذي يعمل في مدرسة خاصة مقابل نصف جنيه شهرياً.ويعرض عليه العمل سكرتير فني في إدارة الشركة مقابل أجر 3 جنيه شهرياً . ولكن السكرتير الفني يكتشف أنه ألعُوبة في يد الإدارة الفاسدة للشركة وانه يستخدم كغطاء لفسادهم.لكن عصابة الشر تقنعه بالاستمرار، وعندما يقول لهم أنه طرطور في الشركة ، يقول له المسئول وماله طرطور بثلاثة جنيه أفضل من مدرس بنصف جنيه.ويقبل ياقوت ويستمر في العمل إلي ان يبلغ الفساد ذروته ، ويستيقظ ضميره فيكتشف أن كنوز الدنيا لا تساوي لحظة سعادة من التي كان يعيشها وهو يتقاضي نصف جنيه ، فيتمرد علي هذا الوضع ويعود للتدريس .

تذكرت هذه المسرحية وانا اتأمل مواقف الدكتور عصام شرف ووزارته ووزرائه منذ توليهم السلطة وحتي الآن.وعندما أًعلن عن تقديم الدكتور حازم الببلاوي لاستقالته احتجاجاً علي احداث ماسبيرو.واعلن شرف انه مستعد للاستقالة ولكنه لم يقدمها، وان استقالة الببلاوي محل دراسة.تعجبت من الوضع الذي تعيشه هذه الحكومة منذ تولت السلطة وحتي الآن.

من ناحية اخري عقد عدد من الاحزاب السياسية اجتماعاً امس في ساقية الصاوي وانتهي اللقاء الي مطالبة حكومة شرف بالاستقالة لمسئوليتها عن احداث ماسبيرو.

وإذا عدنا للخلف عند إقالة حكومة أحمد شفيق وتعيين وزارة شرف نجد ان المجلس الأعلي للقوات المسلحة كان امامه عدة اختيارات ، ولكنه اختار شرف لعدة أسباب منها:

          ·شرف كان وزير في عهد مبارك وهو جزء من نظام مبارك رغم الجدل المثار حول عضويته في لجنة السياسات.

          ·يريد المجلس حكومة تسيير أعمال لا تتخذ قرارات رئيسية او تغيير في السياسات.

          ·أكدت الحكومة منذ توليها التزامها بكل سياسات الحكومات السابقة ( حكومات مبارك) والتزامها بالاستمرار في سياسات السوق الحرة المعادية لحقوق الفلاحين والعمال وفقراء مصر.

          ·عصام شرف مثل ملايين المصريين نزل لميدان التحرير ولذلك فهو وجه مقبول جماهيرياً تمكن المجلس العسكري من استخدامه.ولكن عندما طالبت الجماهير شرف بأداء اليمين في ميدان التحرير ليستمد شرعيته من الثورة . اعتذر وفضل ان يؤدي اليمين أمام المجلس العسكري ليستمد منهم شرعية حكومته فأوضح انحيازه منذ اللحظة الأولي.

          ·ضم شرف لحكومته وزراء من احزاب الوفد والتجمع في البداية ثم من الكرامة والمصري الديمقراطي الاجتماعي في التعديل الأخير مع استمرار بعض وزراء مبارك مثل الدكتورة فايزة أبو النجا.

          ·أهم ما يميز حكومة شرف انها حكومة ضعيفة وهشة لا تتخذ قرار وهي مجرد خيال مآته للمجلس العسكري الحاكم الحقيقي لمصر منذ 11 فبراير.

وعندما نتامل بعض مواقف حكومة شرف نجد الآتي:

                   ·هي من أعدت قانون تجريم الاعتصامات وقدمته للمجلس العسكري .

                   ·فرضت قانون لفرض ضرائب علي البورصة ثم تراجعت عنه ارضاء للمضاربين وشركات السمسرة.

                   ·استمرت بنفس الإدارة الفنية القديمة ونفس المستشارين الفاسدين والقيادات الفاسدة في كافة الوزارات والهيئات والمصالح.

                   ·استمرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ومحافظ البنك المركزي والنائب العام لتستمر نفس السياسات والتلاعب الذى خرج الناس رافضين له في 25 يناير.

                   ·استمرار الاحتجاجات العمالية وعجز الحكومة عن تقديم حلول حقيقية والتلاعب بالعمال من خلال سياسة المسكنات دون علاج جذور المشكلة.

                   ·استمرار الانفلات الأمني وأعمال البلطجة ورواج تجارة المخدرات والسلاح.

                     ·تمثل استقالة الدكتور الببلاوي الثانية من وزارة شرف بعد الدكتور يحي الجمل .

                          ·إن وجود وزراء ينتمون لأحزاب غير الوطني لم يغير من توجهات الحكومة وحول هؤلاء الوزراء إلي مجرد منفذين لسياسات قديمة ، وكانهم محلل لكل السياسات التي ثار عليها الشعب في 25 يناير.

                          ·إن حكومة شرف بكل وزرائها مسئولين عما حدث منذ توليهم السلطو وحتي الآن،وستبقي هذه الأحداث والحوادث معلقة في رقاب كل من شارك بالصمت علي المؤامرات التي تحاك بحق مصر.

إن المطالبة بإقالة حكومة شرف الآن لا جدوي منه ، طالما بقي المجلس العسكري هو الحاكم الفعلي للبلاد ، لأنه لو استقال شرف وحكومته سيجدون ألف شرف وألف طرطور يختارون من بينهم القبول بالوزارة دون الحكم ، والقبول بالصمت علي الجرائم التي ترتكب بحق مصر.فكراسي الوزارة أهم لدي البعض من مصر ومستقبلها الذي ينحدر علي الجرف بقيادتهم .

إن الوزارة مالم تكن لديها سلطات حقيقية ، وقدرة حقيقية علي التغيير واتخاذ القرار ، ومواجهة المجلس العسكري ، تصبح مجرد ديكور ولو تغير شرف بأي شخص آخر. كما ان الضعفاء كثيرين في مصر ، والصامتين أكثر!!

لقد عرفت مصر في الثلاثينات والأربعينات حكومات الأقليات التي كانت دائماً . أُلعوبة في يد القصر والاستعمار ، ولم يذكرهم التاريخ الا بأنهم حكومات الخزي والعار ، الذين نساهم التاريخ.

لذلك عندما أتامل وضع شرف ووزرائه ، أتذكر مسرحية السكرتير الفني واضحك لأن الطرطور الآن ارتفعت قيمته وتغير اسمه ليصبح بدرجة وزير وليس مجرد سكرتير فني.

اجمالي القراءات 5493