إن الناظر فى أحوال المسلمين اليوم يجد أن الإسلام الذى يتدينون به إسلام مذهبى طائفى
الشرك بين القرءآن والتراث ج 2

محمد صادق في الجمعة ٢٠ - ديسمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

الشرك بين القرءآن والتراث ج 2

وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ(32)(سورة الروم

إن الناظر فى أحوال المسلمين اليوم يجد أن الإسلام الذى يتدينون به إسلام مذهبى طائفى يُفرق ولا يُجمع. هل أطاع المسلمون ربهم وأقاموا الشهادة على الناس كما أمر ربنا؟

يقول تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا } (سورة البقرة 143

فالرسول عليه الصلاة والسلام يشهد على هذه الأمة، ويحدد منهجها واتجاهها، ويقرر صوابها وخطأها، وهي تشهد على الناس بمثل هذا، فهي القوامة على البشرية بعد نبيها، وهي الوصية على الناس، بموازين شريعتها وتربيتها، وفكرتها عن الكون والحياة، ولن تكون كذلك إلا وهي أمينة على منهجها المختار من الله تعالى.

ولقد ظلت هذه الأمة وصية على البشر، طالما استمسكت بذلك المنهج الإلهي، وطبقته في حياتها الواقعية، حتى إذا انحرفت عنه، وتخلت عن تكاليفه، ردها الله عن مكان القيادة إلى ذيل القافلة، ولا تزال كذلك حتى تعود إلى هذا الأمر الذي اجتباها له الله عز وجل.

وهذا الأمر يقتضي الاحتشاد له والاستعداد، ثم يأمرها القرءآن بإقامة ٱلصَّلَوٰةَ وإيتاء الزكاة والاعتصام بالله… بهذه العدة تملك الأمة المسلمة أن تنهض بتكاليف الوصية على البشرية، التي اجتباها لها الله، وتملك الانتفاع بالموارد والطاقات، التي تعارف الناس على أنها مصادر القوة في الأرض. والقرءآن الكريم لا يغفل من شأنها، بل يدعو إلى إعدادها، ولكن مع حشد القوى والطاقات والزاد الذي لا ينفذ، والذي لا يملكه إلا المؤمنون بالله، فيوجهوه به الحياة إلى الخير والصلاح والاستعلاء.. إن قيمة المنهج الإلهي للبشرية أنه يمضي بها قدمًا إلى الكمال المقرر لها في هذه الأرض، ولا تكتفي بأن تقودها اللذائذ والمتاع وحدهما، كما تقاد الأنعام.
إن هذه الشهادة شيء كبير، وشرف عظيم، لذا فهي تتطلب شروطًا لا تتحقق بالكسل أو التخلف.

فالشهادة ، في عالم اليوم، تتطلب عقيدة سليمة، وثقافة حية، والتزامًا صارمًا بمنهج الله تعالى، لذا جاء الأمر في الآية بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والاعتصام بالله. وقد ظلت أمتنا قرونًا كثيرة، تقوم بهذه الشهادة ثم بدأ "العد التنازلي"، فتركت القيادة لتصبح في ذيل القافلة.

إن الشهادة ة ليست مما تورث، وقيادة العالم اليوم هي للغرب الصناعي، وعلى من يتطلع لدور حضاري أن يكون لديه شيء يقدمه، فإن كان حافيًا خليًا فمكانه في المؤخرة، وليس في القيادة ، وإذا كان بعض "الحالمين" يغالط نفسه بادعاء أن الله تعالى اختاره وفضله على كل البشر، وأنه يرث ذلك عن أجداده، فتلك أسطورة عفا عليها الزمن، وتنكرها سائر الأمم.

في ذيل القافلة:  من أهم الأسباب:

{ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا ٱلصَّلَوٰةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32) } (سورة الروم 30 - 32)

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا.... فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا...

مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا ٱلصَّلَوٰةَ.... لَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ...

1- النتيجة... سمعنا وعصينا...!

الرسول محمد من أتباع إبراهيم عليهما السلام

يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم {إنَّ الَذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وكَانُوا شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إنَّمَا أَمْرُهُمْ إلَى اللَّهِ} الأنعام 159

إن الله أخبر نبيه عليه الصلاة والسلام، أنه بريء ممن فرَّق دينه الحق، وكانوا فرقا فيه وأحزابا شيعا ، وأنه ليس منهم . ولا هم منه ؛ لأن دينه الذي بعثه الله به هو الإسلام ، دين إبراهيم الحنيفية ، كما قال له ربه وأمره أن يقول :

 ( قُلۡ إِنَّنِى هَدَٮٰنِى رَبِّىٓ إِلَىٰ صِرَٲطٍ۬ مُّسۡتَقِيمٍ۬ دِينً۬ا قِيَمً۬ا مِّلَّةَ إِبۡرَٲهِيمَ حَنِيفً۬ا‌ۚ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ) سورة الأنعام : 161

ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ } (سورة النحل 123

وبالتبعية أمر الله سبحانه رسوله أن يقول للناس:

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (سورة آل عمران 31)

إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ...فَاتَّبِعُونِي.!

2- النتيجة ... سمعنا وعصينا ...!

والأدهى والأمر أن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نتبع ملة إبراهيم حنيفا فى قوله:

قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة آل عمران 95

ثم أمرنا الله بإتباع ملة إبراهيم حنيفا، وحذرنا من عدم تنفيذ هذا الأمر الإلهى فقال:

وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ } (سورة البقرة 130)

3- النتيجة: ... سمعنا وعصينا...!

شرع الله:

***** شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)  (الشورى 

قال رب العباد...أقيموا الدين ... وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ

4- النتيجة: ... سمعنا وعصينا... !

هل شرع الله ما وصى به نوح وما أوحى إلى محمد وما وصى به إبراهيم وموسى وعيسى عليهم أفضل السلام، يتضمن فرق ومذاهب وطوائف متناحرة تكفر يعضها البعض وتصل فى بعض الأحيان إلى القتل؟

هل شرع الله يسمح بالفرق والمذاهب والطوائف والملل؟

أى مذهب كان عليه نوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى ومحمد عليهم جميعا أفضل السلام؟

الجواب على هذا السؤال من كتاب الله السميع العليم:  

قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (سورة البقرة 136

وفى النهاية، أذكر نفسى وإياكم ببعض كلمات من الذكر الحكيم:

وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (سورة يونس 105

فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ(32) (سورة الروم 30 – 32

وَجَاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} (سورة الحج 78

لنا لقاء قريبا إن شاء الله مع الجزء الثالث والأخير.

وصدق الله العظيم...

اجمالي القراءات 4636