الجسد البرغوثي والطوخي ألاكا .. قصة قصيرة

شادي طلعت في الجمعة ١٣ - ديسمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

كان "الطوخي ألاكا" إنسان فقير، مثله مثل الأغلبية العظمى في بلاد البنيين، تلك البلاد التي يقف شعبها في المنتصف في كل شيء، فيما بين كل بلاد العالم، إلا .. "المال"، فأغلب الشعب البني فقير !.

ففكر "الطوخي ألاكا"، مثلما فكر كثير من أبناء وطنه، في السفر إلى بلاد السلوقيين، فهي وإن كانت صحراء إلا أنها مزدهرة بالتجارة، وجني المال فيها أمر يسهل تحقيقه.

وإستطاع بالفعل الحصول على عقد عمل وسافر لبلاد السلوقيين، وفي اليوم الأول للعمل، وجد الرجل نفسه منبوذاً من كل زملائه من المواطنين السلوقيين أصحاب الأرض والبلاد، فدائماً كانوا لا يناونه بإسمه !، بل ينادونه بــ البني، فمثلاً :

" أيها البني – إذهب يا بني – أين كنت يا بني – يا بني" .. وهكذا.

 

وبدأ الطوخي ألاكا يشعر بأن هويته تعد عار في نظر كل السلوقيين، بيد أنه كان يرى في نفسه، أنه الأفضل منهم، فــ كان ينعت كل من ناداه "بــ البني" بكلمة "البرغوثي"، فمثلاً :

"نعم يا برغوثي – حسناً يا برغوثي – كما تريد يا برغوثي – أيها البرغوثي" .. وهكذا.

 

حتى إستاء مدير العمل (الصيني الأصل)، من "الطوخي ألاكا"، وزملاؤه السلوقيين، فأرسل إليهم ليلطف الوضع فيما بينهم، قبل وصول الــ (خبير أوربي) الــ قادم من أوربا، وعندما إجتمع الطرفين، أمام مدير العمل، سألهم فائلاً :

 

رب العمل : أيها السلوقيين .. لماذا تنادون "الطوخي ألاكا" بــ البني ؟

 

السلوقيين : لأنه بالفعل رجل بني، يحمل كل صفات البنيين، يقف بـ المنتصف في كل شيء تماماً كما هو لونه بين الأبيض والأسود.

 

رب العمل : يا "طوخي ألاكا" .. لماذا تنادي زملاؤك بالبرغوثيين ؟

 

الطوخي ألاكا : لأنهم أصحاب أجساد برغوثية، فرقابهم الملتحمة مع بطونهم المنتفخة، تظهرهم كما لو أنهم "براغيث" تقف على أقدامها الخلفية.

 

إستاء مدير العمل "الصيني" مما سمعه من كلا الطرفين، فكلا الطرفين خُلقه سيئ !، فوبخهم جميعاً، وحثهما على إلتزام الأدب فيما بينهم جميعاً، خاصة أثناء زيارة الخبير الأوربي.

 

حتى جاء يوم زيارة الخبير، وكان رجل "أشقر"، يختلف عن البنيين، والسلوقيين.

وبعدما أنهى الخبير عمله، حان وقت تصوير صورة جماعية، يقف فيها الخبير الأوربي في المنتصف، وعن يمينه مدير العمل (الصيني)، وعن يساره "الطوخي ألاكا"، وعلى الجانبين يقف الموظفون السلوقيين.

وقبل أن يغادر الخبير الأوربي، إطلب من المصور أن يسلمه الصورة الجماعية، بيد أن الهواء كان قد أخذ الصورة وتطاير بها في السماء إلى حيث لا رجعة.

لكن المصور سلم "النيجاتيف" الخاص بالصورة للخبير الأوربي، لكن .. بعد أن إطلع الخبير على النيجاتيف، صرخ وقال :

 

الخبير الأوربي : أتسخرمني أيها المصور ؟.

 

المصور : متعجباً .. لماذا ؟.

الخبير الأوربي : ليست تلك الصورة الجماعية !، حقاً أنني أرى نفسي في النيجاتيف، وأرى عن يميني نيجاتيف المدير الصيني، لكن لماذا لون النيجاتيف (بني) عن يساري ؟، ولماذا أرى براغيث كبيرة تقف على الجانبين، أين الموظفين السلوقيين، وأين "الطوخي ألاكا" ؟.

 

المصور : النيجاتيف البني هو للطوخي ألاكا، والبراغيث الكبيرة هي للموظفين السلوقيين.

 

شعر الخبير الأوربي بأنه قد تسبب بجرح كبير أصاب مشاعر الطوخي والسلوقيين، وشعر الطوخي ألاكا، والموظفين السلوقيين بحرج كبير.

لكن .. في النهاية :

إلتزم السلوقيين، و"الطوخي الاكا" الصمت التام، وصَدَق كل منهما ما وصفه به الطرف الآخر، وقرر كل من الطرفين، أن لا يعايير الآخر بما فيه بعد ما كان.

 

شادي طلعت

اجمالي القراءات 4162