حوار صحفي خيالي مع الممثل الامازيغي عصام اسملال ؟؟؟

مهدي مالك في الأحد ٠١ - ديسمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

حوار صحفي خيالي مع الممثل الامازيغي عصام اسملال ؟؟؟

مقدمة متواضعة                                   

تعتبر السينما الامازيغية ظاهرة ثقافية جديرة بالدراسة و التحليل باعتبار ان الافلام الناطقة بالامازيغية ظهرت في سياق اوائل تسعينات القرن الماضي بمنطقة سوس العالمة كما تسمى محاولة لملء الفراغ الكبير الذي كان يعانيه امازيغي المغرب على مستوى الاعلام البصري و محاولة لابراز الامازيغية كلغة و كثقافة و كبعد ديني حيث كان الناس يشترون هذه الافلام المعبرة عن خصوصياتهم المختلفة .......

ان السينما الامازيغية منذ سنة 1993 حاولت ان تكون موجهة الى جميع فئات المجتمع الامازيغي باسلوب راقي يرفض المساس بقيم الامازيغيين الاخلاقية فلا مجال لمشاهد مخيلة بالاذاب العامة لان جميع افراد الاسرة تشاهد الافلام الامازيغية في وقت واحد.....

ان تحليل هذا المعطى لوحده يفيد ان اغلب الامازيغيين هم اناس محافظين لكنهم علمانيين اي يرفضون الخلط بين الدين و السياسة العامة عبر تاريخهم قبل الاسلام و بعد الاسلام كما اقوله دائما اي ان القيم المحافظة لدى الامازيغيين لا تعني بالضرورة التطرف الديني من خلال تحريم الفنون الاصيلة مثل فن احواش كمدرسة لتعليم المساواة بين الرجال و النساء او بين الشباب و الشابات دون اي شيء يتعارض مع الاذاب العامة داخل الاسر و داخل المجتمع بصفة عامة ............

ان كلامي هذا لا يعني انني ضد الجراة داخل السينما الامازيغية لكن مجتمعنا الامازيغي في اغلبيته هو ضد هذه الفكرة مع انه يشاهد الدراما التركية الان و الدراما المكسيكية قبل سنوات على اعلامنا البصري الوطني اي كلنا نمارس النفاق الاجتماعي حتى صاحب هذه السطور ..........................

عندما اتحدث عن سؤال الجراة في السينما الامازيغية فانني اتحدث هنا على الجراة في تناول تاريخ المغرب بصفة عامة و منطقة سوس بصفة خاصة حيث لم نرى بعد فيلم امازيغي واحد عن عبد الله بن ياسين المرابطي او الامام المهدي بن تومرت الموحدي الخ من هذه الشخصيات التاريخية و التي تستحق ان تعرف من طرف اغلبية المغاربة خدمة لتاريخ هذا الوطن الجامع تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس ....

انني اتذكر قليلا عندما كنت صغير سنة 1993 لقد انتجت التلفزة المغربية مسلسل تاريخي حول ادريس الاول بمناسبة شهر رمضان الموافق لذلك العام حيث ربما كان المخزن وقتها يريد ترسيخ قراءته الرسمية لتاريخ المغرب في اذهان المغاربة انذاك بغرض تحقيق التعريب الشمولي للشعب المغربي عبر مدخل التاريخ و مدخل الشرعية الدينية .....

ان من المفروض اليوم على الدولة المغربية ان تدعم الاعمال السينمائية التاريخية سواء الناطقة بالامازيغية او بالدارجة او بالفصحى حتى لان مثل هذه الاعمال تحتاج الى الاموال الطائلة و الى التدقيق التاريخي من ناحية الملابس و الديكور و البعد كل البعد عن الرواية الرسمية لتاريخ المغرب كشرط جوهري لنجاح اي عمل من هذا القبيل .....

الى صلب الحوار الصحفي الخيالي                    

يشرفني اجراء هذا الحوار الصحفي المتواضع مع الممثل الامازيغي المعروف عصام اسملال الذي انطلق في مسيرته الفنية منذ سنة 1976 حيث شارك في عدة مسلسلات تلفزيونية و عدة افلام سينمائية بالدارجة المغربية...

 و في سنة 1985 قرر ان يستقر في مدينة تيزنيت و هناك بدا يبحث عن من يرشده نحو التمثيل بالامازيغية بعدما وجد الكثير من المشاكل في مدينة الرباط سواء من طرف زوجته رحمة التي او مع والدها سيدي الحاج عبد الكبير الفاسي الذي هو امام و فقيه كبير في مدينة الرباط حيث شارك في المظاهرات ضد ما يسمى بالظهير البربري في عز ثلاثينات القرن الماضي .

او مع السلطات المحلية لمدينة اكادير عندما التحق باحدى الجمعيات الثقافية هناك لكنه استطاع ان يتجاوز كل هذه المشاكل العظيمة بالايمان بالله قبل كل شيء ثم بعدالة قضيته اي التمثيل بلغته الام فمرحبا بك   ...............................

السؤال 1 من هو عصام اسملال ؟                                                  

الجواب انني من مواليد سنة 1955 في مدينة الرباط من اسرة امازيغية منحدرة من نواحي اقليم تيزنيت حيث كان الوالد رحمه الله رجل اعمال كبير في المغرب و كانت علاقات متميزة مع المخزن و كانت الوالدة تعمل في الوظيفة العمومية في مدينة الرباط ..

قد كنت الطفل الوحيد لدى الوالدين و دخلت الى المدرسة العمومية في سن 7 سنوات الى سن 17 سنة ثم خرجت من التعليم الثانوي نحو المسرح بدار الشباب هناك في الرباط بالموافقة من طرف الوالدين الذين ادركوا ان الفن ليس شيئا تافها في الحياة بل هو رسالة سامية يمكنها الاسهام ايجابيا في تربية الاجيال على قيم الجمال وعلى قيم الاختلاف الخ...

السؤال 2 متى دخلت الى عالم التمثيل بالدارجة؟                                  

الجواب حقيقة كنت احلم بالتمثيل بالامازيغية منذ سنة 1975 لعشقي الشديد لاغاني المرحوم الحاج محمد البنسير لكن ذلك الزمان لا يوجد اي احد يتحدث عن التمثيل بالامازيغية خصوصا في مدن المركز......

و لدى اتجهت نحو التمثيل بالدارجة حيث كان اول ظهوري على شاشات التلفزيون هو شهر رمضان الموافق لسنة 1976 من خلال مسلسل يعالج قضايا المجتمع البسيطة وقتها مع خطوط حمراء لا نهاية لها لان المخزن التقليدي انذاك لا يؤمن بشيء اسمه بحرية التعبير و الابداع الفني ..................

السؤال  3 متى قررت الاستقرار في مدينة تيزنيت ؟                              

الجواب ان سؤالك هو كبير و مؤلم بالنسبة لي باعتباري قد تزوجت في صيف سنة 1980 تحت ضغط الوالدة التي تريد لي ان اتزوج من بنت الاصل و الشرف اي ابنة سيدي الحاج عبد الكبير الفاسي حيث قلت في نفسي ان الام تريد الخير للابناء و بالاضافة الى انني تعبت من السهرات في الحانات هنا او هناك الخ من تصرفات الشباب   .....

 و اثناء ليلة الدخلة اكتشفت ان زوجتي هي غير شريفة كما قال والدها لي لكن مع ذلك تجاوزت عنها فربما كانت ضحية للاغتصاب في بيتهم حسب كلامها لي و كل البشر يخطئ الخ من هذا الكلام الموضوعي ...

و مرت الايام و الشهور و السنوات حيث اصبحت زوجتي السيدة رحمة لا تحترمني باعتباري زوجها و تعارض ان نعيش في تيزنيت باعتبارها بنت مدينة فاس العريقة بتاريخها و بمقاومتها للظهير البربري الخ من كلامها و كلام والدها الفقيه ....

قد قال هذا الفقيه  لي مرة في بيته بفاس صيف سنة 1983 ان الامازيغيين ليسوا وطنيين و مسلمين على الاطلاق  حيث لا يتوفرون على اية اخلاقية مهما كانت الخ من كلامه الحاقد على الامازيغيين .................

و شعرت وقتها بالغضب الشديد و الاهانة الكبيرة لانني اقول اشهد ان لا اله الا الله و ان محمد رسول الله..

 ثم خرجت من ذلك البيت الخبيث في اتجاه بيتي بالرباط و عند وصولي الى هناك وجدت مفاجئة اخرى لم انتظرها على الاطلاق الا و هي زوجتي في غرفتي مع ابن عميها في منظر لا يتناسب نهائيا مع الشرف و العرض فقتلهما غسلا للعار...

 و في صباح اليوم التالي سلمت نفسي للشرطة و حكمت علي المحاكمة بعام واحد بفضل تدخلات اصدقاء الوالد المرحوم حيث لهم نفوذ في البلاد..........

و عندما خرجت من السجن صيف 1984 وجدت في استقبالي الوالدة و العائلة التي جاءت من تيزنيت و من الدار البيضاء قصد اشعاري بتضامنها تجاهي بعد هذه الفضيحة الاخلاقية العظمى حيث اصبحت بسببها اسمى بالقاتل داخل محيطي الفني حيث لا احد يتصل بي لاي عمل تلفزيوني او  سينمائي بسبب انني اصبحت مجرم في نظر المجتمع و الصحافة الحزبية التي كتبت عني باعتباري ممثل مغربي ينحدر من سوس العالمة فعل كذا و كذا ..

و هكذا قررت مغادرة الرباط في اتجاه مدينة تيزنيت حيث فيها منزل جدي سيدي محمد اسملال رحمه الله و كان جدي هذا من فقهاء سوس الحقيقيين حيث له كتابات حول العرف الامازيغي و عادات اهل سوس الخ ...........    

السؤال 4 متى حققت حلمك الا و هو التمثيل بالامازيغية ؟                        

الجواب اولا انني لم ابدا البحث عن تحقيق حلمي الكبير الا في سنة 1987 اي بعد ان اخذت قسطا من الراحة و التامل في بيت جدي الكبير للغاية و يعيش فيه العائلة الكبيرة اي اعمامي و زوجاتهم الخ...

و في صيف 1987 سافرت الى مدينة اكادير بغرض البحث عن من يرشدني الى تحقيق حلمي لكنني لم اجد اي احد او اية جمعية ثقافية وقتها على الاطلاق و قمت بزيارة صديقي المهدي ايت رايس الذي يعمل مراسل صحفي لجريدة انوال الحزبية و الذي اخبرني ان لا احد هنا في سوس الان يتحدث عن التمثيل بالامازيغية بشكل علاني لكن توجد جمعيات قليلة تعمل في نطاق السرية في سبيل تكوين الجيل الاول من الممثلين بالامازيغية بعيدا عن عيون المخزن .

في اليوم التالي ذهبت مع صديقي المهدي الى احدى هذه الجمعيات بحي الدشيرة فوجدت مجموعة من الشباب و شابة واحدة لان المجتمع السوسي انذاك لم يكن يفرق بين التمثيل و الدعارة بالرغم من وجود رايسات مشهورات وقتها  .

انني بقيت مع هذه الجمعية اتعلم اسس التمثيل بالامازيغية حتى تم ابلاغ الشرطة بنشاطنا الممنوع وقتها اي سنة 1988 و تم اعتقالنا بتهمة المساس باخلاق المجتمع و احياء الظهير البربري و حكمت المحاكمة علينا بثلاث اشهر غير اننا خرجنا بالعفو الملكي بمناسبة شهر رمضان لتلك السنة ....

لقد بدانا التكوين بعد الاعتقال مباشرة حيث اتصلت جمعيتنا انذاك بجمعية تاماينوت المعروفة بالدفاع عن الحقوق الثقافية و اللغوية الامازيغية قصد عرض قضية اعتقالنا تحت تهم باطلة الخ...

 و بعد شهور ردت جمعية تاماينوت علينا بالقول انها  مستعدة للدفاع عن جمعيتنا و اهدافها الفنية و بهذا الوعد اجتهدنا كثيرا منذ سنة 1988 الى سنة 1994 حيث استطاعنا تصوير فيلمنا الامازيغي الاول في نواحي اقليم تيزنيت بالرغم من العديد من المشاكل التي كانت امامنا من قبيل سوء فهم سكان الدوار لعملنا و صعوبة اقناع النساء او الشابات بالتمثيل في فيلم امازيغي سيشاهده كل من له جهاز الفديو وقتها الخ و اخيرا خرج الفيلم الى الاسواق بعد كل هذا العذاب الشديد ............

السؤال 5 ماهية اصداء خروج  فيلمك الامازيغي الاول الى الوجود ؟ 

الجواب لقد خرج فيلمنا الناطق بالامازيغية في ماي 1994 اي في سنوات الرصاص حيث كانت اصداء هذا العمل المتواضع ايجابية للغاية بالنسبة لامازيغي المغرب و لامازيغي الخارج لان الاعلام البصري انذاك كان يقصي الامازيغية بكل مظاهرها ...

لكن بالمقابل كان هذا الاعلام وقتها بالضبط يشجع التعريب و التغريب في  وقت واحد حيث ان الجميع يتذكر ان التلفزة المغربية باعتبارها القناة الرسمية للمخزن التقليدي كانت تبث المسلسلات المكسيكية الحاملة لقيم الغرب الاخلاقية و تبث في نفس الوقت المسلسلات الدينية الحاملة لقيم الشرق العربي المتخلفة من قبيل شراء الجواري و السمع و الطاعة لوالي الامر الخ من هذه القيم التي لبست ملابس الدين الاسلامي .....................

السؤال 6 كم من فيلم امازيغي شاركت في تمثيله الى حد الان ؟                

الجواب لا  اتذكر الرقم بالضبط لانني شاركت في العديد من الافلام الامازيغية منذ سنة 1994 الى الان غير انني لم استطيع ان احقق كل احلامي المادية حيث مازلت اعيش في منزل جدي الضخم بتزنيت ...

صحيح انني اعيش الان بالكرامة بفضل ارث الوالد رحمه الله لكنني اريد المزيد  من الاعتراف من طرف الدولة و مؤسساتها لان الفنان الامازيغي في منطقة سوس مازال يشعر كانه ليس  فنان مغربي امام فناني المركز بكل الصراحة و الموضوعية .......

السؤال 7 ما رايك في الجراة في السينما الامازيغية؟                                

الجواب الله يهذيك حيث ليس من السهل في تسعينات القرن الماضي اقناع النساء او الشابات في سوس ان التمثيل امام الكاميرا هي مهنة شريفة مثل المهن الاخرى ...

 و الان هناك فقهاء جدد يحملون الحقد تجاه الثقافة الامازيغية الاصيلة في منطقتنا تحت ذرائع واهية لا تستحق ان تذكر هنا ..

انني اعتقد ان الجراة في السينما الامازيغية هي مطلوبة الان لكن في حدود المسموح به اجتماعيا حيث لا استطيع مشاهدة بعض الافلام المغربية مثل فيلم الزين فيك مع العائلة باعتباره يتضمن مشاهد اباحية صريحة لكنه فيلم يظهر الحقائق حول ظاهرة الدعارة  في المغرب..................

السؤال 8 ما رايك في الحريات الفردية ؟                                          

الجواب على اي ليس لي اهتمام بهذا الموضوع الكبير حيث لست مع او ضد لكنني اقول ان الحريات الفردية هي ممارسة خلف الابواب المغلقة في مجتمعنا الذي يعاني من النفاق الاجتماعي اي كلنا نمارسه على اختلاف انواعه و درجاته................

السؤال 9 لماذا لم تتزوج بعد ؟                                                      

الجواب منذ ان قتلت زوجتي و ابن عميها في غرفتي لم افكر قط في الزواج بالرغم من ضغط اعمامي و زوجاتهم علي طيلة سنوات لكنني ارفض هذه الفكرة لان الفنان الامازيغي ليس له اجرة شهرية من طرف الدولة اي ان عمل الممثل الامازيغي هو موسمي اي شهر رمضان في القناة الامازيغية لوحدها بينما ممثلي الدارجة المغربية يتوفرون على القناة الاولى و على القناة الثانية الخ ..........

السؤال 10 ما هو موقفك من مصطلح الفن النظيف ؟                              

الجواب كاننا لا نتوفر على الفن النظيف اصلا في ثقافتنا الامازيغية حتى جاء فقهاء التحريم ليقولوا لنا ان فن الروايس حرام و فن احواش حرام كذلك حيث هذا تشجيع على التطرف ببعده الديني و ببعده الالحادي داخل مجتمعنا بمعنى ان هذه الفتاوى لا تخدم الدين الاسلامي نفسه فان الغرب المسيحي اصبح يخاف من الاسلام و من المسلمين بسبب المذهب الوهابي انتهى الكلام لانني مجرد ممثل امازيغي ....................

السؤال 11 ماهية كلمتك الاخيرة للفنانين الامازيغيين ؟                            

الجواب ان الفنان الامازيغي الان في المغرب عليه ان يؤسس جمعيات و منظمات تدافع عن حقوقه الاقتصادية و الاجتماعية باعتباره سفير للثقافة المغربية عندما يسافر الى اوربا او الى الدول العربية قصد احياء السهرات مع افراد الجالية المغربية المقيمة هناك ................

الكلمة الاخيرة                              

شكرا جزيلا                                 

اتمنى ان يكون هذا الحوار الخيالي في المستوى               

توقيع المهدي مالك           

اجمالي القراءات 3850