مصطلح الشرك بين القرءآن والتراث
مقدمة:الشرك ضد الوحدانية كما أن الكفر ضد الإيمان.
إن مظاهر الشرك منتشرة في العالم الإسلامي وهي السبب الرئيسي في مصائب المسلمين وما يلاقونه من الفتن والمحن والزلازل والحروب وغيرها من أنواع العذاب التي صبها الله على المسلمين بسبب إعراضهم عن الوحدانية وظهور الشرك في عقيدتهم وسلوكهم، والدليل على ذلك ما نراه في أكثر بلاد المسلمين من مظاهر الشرك المتنوعة التي يحسبها الكثير من المسلمين من الإسلام، ولذلك لم يتعرضوا لها، علمًا بأن الإسلام جاء ليحطم مظاهر الشرك وما يؤدى إليه.
البحث ينقسم إلى قسمين:
الأول: ماذا قيل عن الشرك فى التراث وعند العلماء ورجال الدين.
الثانى: الشرك فى كتاب الله القرءآن الكريم والذى لم يتعرض له أحد من قبل.
الأول: ماذا قيل عن الشرك فى التراث وعند العلماء ورجال الدين:
قسَّموا الشرك إلى الشرك الأكبر والشرك الأصغر.
الشرك الأكبر:
أن يجعل الإنسان لله ندا؛ إما في أسمائه وصفاته، وإما أن يجعل له ندا في العبادة بأن يضرع إلى غيره تعالى، أو أن يجعل لله ندا في التشريع، بأن يتخذ مشرعا له سوى الله ، أو شريكا لله في التشريع ، يرتضي حكمه ويدين به في التحليل والتحريم؛ عبادة وتقربا وقضاء وفصلا في الخصومات، أو يستحله وإن لم يره دينا.
هذا هوالشرك الأكبر الذي يرتد به فاعله أو معتقده عن ملة الإسلام، فلا يصلى عليه إذا مات، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يورث عنه ماله، بل يكون لبيت مال المسلمين، ولا تؤكل ذبيحته ويحكم بوجوب قتله ، ويتولى ذلك ولي أمر المسلمين إلا أنه يستتاب قبل قتله، فإن تاب قبلت توبته ولم يقتل وعومل معاملة المسلمين.
الشرك الأصغر:
فكل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه، وجاء في النصوص تسميته شركا ، كالحلف بغير اللهومن صور الحلف بغير الله الحلف بالنبي عليه الصلاة والسلام، وبالكعبة المشرفة، أو الحلف بالشرف، أو الجاه، فإنه مظنة للانحدار إلى الشرك الأكبر.قول لولا الله وفلان، وقول ما شاء الله وشئت: هذا القول يُعدّ من الشرك الأصغر، الرياء: يُعرّف الرياء بأنّه العمل الذي يُراد به ظاهرياً وجه الله تعالى، بينما يُراد به في الحقيقة مدح الناس وثنائهما.
هذا ملخص لما جاء فى كتب التراث وأقوال العلماء ورجال الدين إستنادا على بعض الآيات، مثل ما جاء فى سورة النساء على سبيل المثال لا الحصر:
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ۚ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴿النساء 116
وأيضا قال تعالى: إِنَّ اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (النساء 48
السؤال الذى يجب أن نسأله لهولاء الذين هم حراس العقيدة والقائمين على دين الله فى الأرض بزعمهم، هل هذا كل ما جاء فى كتاب الله العظيم عن الشرك ؟
أم هناك أنواع أخرى من الشرك التى جاءت صراحة ونهيا عن إرتكابها ولم تحيطوا بها علما، أو لا تريدون أن تقحموا أنفسكم فى أشياء لا تستطيعون الإفصاح عنها لأسباب فى نفس يعقوب؟
هذا هو موضوع هذا البحث المتواضع وبإختصار حتى لا يطيل عليكم وأترك القرءآن الكريم يتكلم ومن أصدق من الله قيلا.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وعلى بركة الله فليتوكل المتوكلون.
ملحوظة: " لا " أداة جزم يفيد النهى وتسمى لا النافية.
1- شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَاتَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)
*إقامة الدين وليس عشوائية التدين والنهى عن التفرق فى الدين....!
2- يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا..... " آل عمران 102-103
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواوَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105) آل عمران
* اتَّقُوا اللهَحَقَّ تُقَاتِهِ = وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ... قط..... ليس مسلم سنى وشيعى وحنفى .الخ + وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا + وَلَا تَفَرَّقُوا.
تَفَرَّقُواوَاخْتَلَفُوا .... النتيجة:عَذَابٌ عَظِيمٌ
3- { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (10) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (11) } (سورة غافر 10 - 11) لماذا لا سبيل لهم للخروج ...
{ ذَلِكُمْ... "السبب" ...بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} غافر 12
*إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ...بالله وحده ..كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ .. إضافة شيئ آخر معه جل وعلا ...تُؤْمِنُوا.
أنظر إلى معنى يُشْرَكْ بِهِ... أليس هذا شرك جلى... فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ.
4- وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (سورة يوسف 106
* كيف أشركوا بعد إيمانهم ؟ ربما يقول قائل أن هذه الآية تخص غير المسلمين، فأنظر ماذا قال سبحانه:
إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ ( يا محمد ) فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} الأَنعام 159
زيادة فى التأكيد على ما سبق نقرأ قول الله تعالى:
*فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ(32) (سورة الروم 30 – 32
أليس كذلك ... وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ. هذا نوع من أنواع الشرك الذى يهدد مصير أمة ويفكك وحدتها ويؤدى إلى خلافات وصراعات طائفية مذهبية تؤدى إلى هلاك الأمة وتناحرها وتكفير بعضهم البعض وفى بعض الأحيان يجيزوا لأنفسهم حق زهق أرواح إعتمادا على تأويلاتهم التى ما أنزل الله بها من سلطان كل ذلك تحت خداع مقولة حراس العقيدة وحماة دين الله فى الأرض.
5- قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ(6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (7) (سورة فصلت 6 – 7
*فلنتأمل كلمة ويل للمشركين ... من هم هؤلاء المشركين؟ الذين لا يأتون الزكاة ... فويل لهم كل الويل أليس هذا من الشرك الواضح الذى أخفاه رجال الدين حراس العقيدة.
تعتبر الزّكاة كغيرها من الأمور الّتي فرضها الله تعالى على المسلم، وما من أمر فرضه الله تعالى على المسلم إلا ويحقّق النّفع والفائدة للمسلم نفسه، بالإضافة إلى فوائد تعود على المجتمع، تعالج الزّكاة أحد أبرز مشاكل المجتمع وهي مشكلة الفقر.
6- وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا} (سورة الجن 18
* أنظر ماذا قالوا عن هذه الآية الكريم التى تعتبر – فى نظرى- أنها جزء من إثبات الوحدانية لله تعالى فى العبادات.
قالت الجن للنبي - صلى الله عليه وسلم - كيف لنا أن [ نأتي المسجد وأن ] نشهد معك الصلاة ونحن ناءون ؟ فنزلت : " وأن المساجد لله. هذا التعليل عبارة عن إستخفاف وإستهزاء بعقول المسلمين وتناسوا أو تجاهلوا قول الله سبحانه عن هؤلاء الجن الذين يؤمنون بالقرءآن الكريم:
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) (سورة الجن 1 – 2
فى الختام: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ). (سورة البقرة 286
وصدق الله العظيم...