عزمت بسم الله،
بعض المشايخ يجيزون للناس الأحياء أن يقسموا أموالهم كميراث على أولادهم قبل موتهم، ومن هؤلاء المشايخ الشيخ إبراهيم أداود رحمه الله تعالى، لقد أفتى على جواز تقسيم الميراث على الورثة قبل الوفاة، فقد أخذ بهذه الفتوى (الغير شرعية في نظر الكثير) لكن من الناس من قسموا أموالهم على أولادهم كميراث فأعطوا للذكر مثل حظ الأنثيين، لكنهم عند التوثيق يعتبرون ذلك هبة ولا يذكرون أنها ميراث!!!
مما يعاب على هذه الفتوى ما يلي:
1. لا يعتبر الميراث ميراثا إلا بعد وجود متوفى، لأن الله العليم الحكيم يقول: آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا.
2. هل يمكن للوالد مثلا أن يقسم على أولاده قطعا من الحلوى فيعطي للذكر حلوتين ويعطي للأنثى حلوة واحدة، والكل موجود وحاضر ينظر بعضهم إلى بعض؟
3. أليس الميراث هو ما ترك الهالككما نص على ذلك القرآن العظيم، فيكون تقسيم ميراث الهالك. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ.11 وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ.فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ. فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ(12). النساء.
قال رسول الله عن الروح عن ربه:
يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(11). النساء.
يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ ...(176). النساء.
وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ(16).النمل.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يسمى الميراث ميراثا إلا بعد وجود متوفى، فإن الذين عملوا بهذه الفتوى الغريبة التي تجيز تقسيم الميراث على الأولاد قبل الممات فإنهم بذلك خالفوا شرع الله تعالى لأن الله سبحانه جعل الميراث بعد أن يموت الموروث، وما يؤكد ذلك قوله تعالى في الآيات السابقة وحدد لكل وارث نصيبه المفروض بقوله تعالى: ( ما ترك، مما ترك، مما تركن). أي لابد من وجود متوفى ترك ميراثا، فيقسم ما ترك على الورثة (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ.). والغريب في الأمر أن بعض الناس الذين عملوا بالفتوى يتحايلون في ما جعلهم الله مستخلفين فيه، فيهبون لأولادهم الذكور المصانع والمتاجر وكل ما هو ذو قيمة معتبرة، ويهبون لأولادهم الإناث كل ما هو بسيط أو لا قيمة له، زد على ذلك فهم يقسمون أموالهم حسب ما شرع الله تعالى في تقسيم الميراث، ولسان حالهم يعترف بأنهم يتحايلون إزاء تعليمات خالقهم، الذي جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، لأنهم يوثقون ذلك عند الموثق يأنها هبة لأن ذلك لا يعتبر ميراثا أبدا. قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمْ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنْ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(140). البقرة.
إن الميراث هو ما يُورث لمن بقي بعد وفاة، أما ما يقسم قبل ذلك فهو هبة، ويجب أن يكون فيها العدل بين الأولاد، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى، لأن الواهب حي يرزق فيهب الوالد لأولاده ما يشاء دون أن ينسب ذلك إلى الميراث، أما الميراث فلا يكون إلا بعد الوفاة، فيقسم الميراث حسب ما قسمه وشرعه الله تعالى دون تعد لحدود الله تعالى لأنه سبحانه ختم آيات الميراث بقوله: تِلك حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(13)وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ(14). النساء.
ولنا في الكتاب أمثلة عن الورث. قال رسول الله عن الروح عن ربه:
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ(89). الأنبياء.
وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتْ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا(5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا(6).مريم.
لنرى معنى ميراث في القواميس.
لسان العرب.
والإِرْثُ الأَصلُ. قال ابن الأَعرابي: الإِرْثُ في الحَسَب، والوِرثُ في المال.
ويقال: وَرِثْتُ فلاناً مالاً أَرِثُه وِرْثاً وَوَرْثاً إُذا ماتَ مُوَرِّثُكَ، فصار ميراثه لك.
ويقال: وَرِثْتُ فلاناً مالاً أَرِثُه وِرْثاً وَوَرْثاً إُذا ماتَ مُوَرِّثُكَ، فصار ميراثه لك.
وقال الله تعالى إِخباراً عن زكريا ودعائه إِيّاه: هب لي من لدنك وَلِيًّا يَرِثُني ويَرِثُ من آل يعقوب؛ أَي يبقى بعدي فيصير له ميراثي
الإِرْثُ (القاموس المحيط)
الإِرْثُ، بالكسرِ: الميراثُ، والأَصْلُ، والأَمْرُ القديمُ تَوَارثَه الآخِرُ عن الأَوَّلِ،.
والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.