في البحث عن النبي – قوم النبيّ لم يأتهم نذير من قبل النبيّ – البحث الثالث -3
في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – قوم النبيّ لم يأتهم نذير من قبل النبيّ – البحث الثالث -3

غالب غنيم في الأحد ١٧ - نوفمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

في البحث عن الإسلام – في البحث عن النبي – قوم النبيّ لم يأتهم نذير من قبل النبيّ  – البحث الثالث -3

بسم الله الرحمن الرحيم ، والحمد والشكر لله رب العالمين

( أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُۥ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ ۚ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنْ هَادٍۢ ) الزمر – 36

وأكرر ما قاله تعالى – ( يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِى ٱلصُّدُورُ ).

وبعد،

______________

مقدمة :

في البحث السابق توقفنا عند خلاصة استنتجناها وسنقوم هنا بتفصيل الأدلة عليها من القرءان الكريم، ألا وهي : الخلاصة أن هناك ثلاث قرى حسب تاريخ القرءان وليس بكة والمدينة فقط حسب التأريخ، فهناك قرية قوم النبيّ – والتي سنكتب البحث اللاحق يصفها من القرءان، ومن وصفها سنفقه أنها ليست بكّة،  – وقرية بكة التي أتتها النذر وسنصفها كما من القرءان – وسنأتي بكثير من الآيات تثبت ذلك – والقرية التي هاجر -اليها النبيّ والتي فيها كثيرمن اليهود والنصارى وكذلك سنصفها من القرءان !

بداية سننفي أن النبيّ من بكّة بدليل ما ذكرناه في البحث الأول، ثم سندعّم البحث الأول بآيات القرءان هنا، والتي تتكلم عن النبيّ  وعن قومه بشكل مباشر، بالإضافة لما ذكرنا في البحث السابق عن النّذر منذ إبراهيم حتى عيسى عليهم السلام جميعا، وكذلك أنه هنالك ثلاث قرى وليس اثنتين ، وكما قلت وأعيد مذكرا أن إبراهيم كان اول النّذر لبكة حين طهرها وأذّن بالناس في الحج إليها، وإن استعرضنا الآيات التي سنتلوها هنا بقلب سليم، فسنجد كل التناقض من بعدها أن يكون النبيّ من بكّة! ومن بعد ذلك سنأتي ببحث تفصيليٍّ أخر يوثق ما وصلنا إليه !

______________

قوم النبيّ لم يأتهم من قبل النبيّ نذير أبدا !

والحمد لله أنّ القرءان أتى يفصّل بعضه البعض، ومنه، فحين نرتّل مجموعة آيات حول موضوع واحد سنفقهه إن رغبنا في ذلك وأتينا الله بقلب سليم ولم نتبع الزيغ، على الأغلب، إلا مواضيع الغيب التي سيأتي تأويلها يوم الحساب. فهي فتنة لنا غالباً، ومنه، أتى قوله تعالى ( إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ )  الأنعام -2


ومنه، الله تعالى يتكلم عن النبيّ  "شخصيّاَ" وكذلك "عن قومه" في آياته  التي وصفها "بالحقّ" التالية التي سأرتلها قدر ما استطعت لنفقهها ،بترتيب تفصيلها بعضها لبعض، والتي تقول:

 في البداية يقول تعالى
( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَٰهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِۦ قَوْمًۭا لُّدًّۭا) مريم -4 ، ولكي نحاول فهم مفردة "  لدّا " من الكتاب، نأتي لآيات أكثر تفصيلا مثل قوله تعالى ( لِتُنذِرَ قَوْمًۭا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غَٰفِلُونَ) يس-9 ، وهنا معلومتين من الحقّ سبحانه، أن قوم النبيّ "ما أُنذِر آبائهم" وأنهم نتيجة لذلك "غافلين عن الحق" ، وقولي " عن الحق"  ليس زيادة ولا حشوا وليس من عندي فسنراه لاحقا في الأيات،  فكيف نفهم جملة "ما أُنذِر آبائهم"، من خلال قوله تعالى ( أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ ۚ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًۭا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٍۢ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) فاطر- 7 ، وهنا تم تفصيلها أكثر قليلا، بنفي أن يأتيهم أي نذير " من قبل النبيّ " فهم غافلين عما سماه تعالى باسمه " الحقّ " ولهذا قال سبحانه لعلهم يهتدون، وفي آية أخرى قال " لعلهم يتذكرون " أي يتذكرون يوم الحساب أن الله أنذرهم،  ثم أكّد سبحانه، أنّه لم يأتهم من قبل النبيّ نذير حيث قال  ( وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَٰكِن رَّحْمَةًۭ مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًۭا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٍۢ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) السجدة – 6  ، ولم يتم التفصيل بعد، لأن الله يعلم أن هناك ممترين وأناس يكتمون الحقّ، فقال بحكم علمه الغيب سبحانه، أي لكي يتم التفصيل بكامل الدقّة فقد حدد المولى عز وجلّ بدقة أكثر، حين جمع بين قوم النبيّ وبين النبيّ شخصيّا حين قال سبحانه ( أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰهُ ۚ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًۭا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٍۢ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) الأحزاب – 45 ، أي لمن يدّعي ويجادل في النُّذُرِ لقوم النبيّ فهنا تم إضافة "من قبلك" لكي لا يبقى أيّ جدل في أمر النذر لقوم النبيّ، أي أنه لم ياتهم ولم يأت آبائهم من قبل ولم ياتهم من قبل النبيّ شخصاً نذير!
 وهنا الصورة تكتمل، ويقطع الله دابرالمنافقين، ويُتِمُّ  الله سبحانه تفصيله للأمر بقوله (
وَمَآ ءَاتَيْنَٰهُم مِّن كُتُبٍۢ يَدْرُسُونَهَا ۖ وَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍۢ ) سبأ – 44  ، بإضافة أخرى جديدة، أنه لم يأتهم كتاب يدرسونه كما لم يأتهم من قبل النبيّ نذير !

من هذا الترتيل نرى الصورة كاملة الوضوح، ومن سيجادل فيها إن هو الا متّبع للزيغ، فهذه الآيات تقول بكل وضوح لنا أن قوم النبي لم يأتهم من قبل النبيّ نذير، لا هم، ولا آبائهم، ولا النبيّ من قبل ، ولم يصلهم أي كتاب سماويّ يدرسونه، لا هم ولا آبائهم ولا النبيّ، وأنهم كانوا قوما لدّا لم يتم إنذارهم لا هم ولا آبائهم لعلهم يهتدون، وأنهم لم يكونوا مهتدين وأنهم غافلين عن الحق وضالّين، ولهذا قال الله تعالى عن النبيّ شخصا قبل البعث كما قومه (
وَوَجَدَكَ ضَآلًّۭا فَهَدَىٰ ) الضحى - 7، لأنه لم يكن يعلم كما قومه بالنّذِرِ من قبل، وما درس كتاب من قبل، وما كان يدري ما الإيمان ولا الكتاب ( وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحًۭا مِّنْ أَمْرِنَا ۚ مَا كُنتَ تَدْرِى مَا ٱلْكِتَٰبُ وَلَا ٱلْإِيمَٰنُ وَلَٰكِن جَعَلْنَٰهُ نُورًۭا نَّهْدِى بِهِۦ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا ۚ وَإِنَّكَ لَتَهْدِىٓ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ )، الشورى- 52.

______________

عودٌ إلى " رجل من القريتين عظيم "  !

وفي ذات الوقت قبل أن يصبح  محمّد رسولا فهو كان فقيرا نوعا ما ( وَوَجَدَكَ عَآئِلًۭا فَأَغْنَىٰ) الضحى - 8، ومن هنا نربط كونه " عائلا" وليس غنيا حين تم ارساله، ومع كون قومه يعتدّون بالمال كمعيار للعظمة، وسنتعرض لذلك في شرح سورة قريش، ثم حين نفصّل من أين هو،  مع ما ذكرته في البحث السابق عن " رجل من القريتين عظيم " ، فلو كانت إحدى هاتين القريتين هي قرية النبيّ لما عرّفوا القريتين بألف التعريف ولكان من باب أولى أن يذكروا اسم قريتهم – حبّا واعتدادا بساداتهم كما ذكر الله عنهم في القرءان – ومن ثمّ  يذكروا القرية الأخرى، لأن حديثهم كان – لنلاحظ بدقّة رجاءا - عن " رجلٍ " - من القريتين - "عظيم" ، أي هم ركّزوا على رجل عظيم - قدّموه سابقا عن القريتين -  أي ذو أموال وجاه، لكون النبيّ فقيرحين تم بعثه، كما يقول تعالى ( فَلَعَلَّكَ تَارِكٌۢ بَعْضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌۢ بِهِۦ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا۟ لَوْلَآ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌ ۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌۭ ۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ وَكِيلٌ) هود – 12 ، وفي آيات تم تفصيل هذا أكثر بقوله تعالى ( وَقَالُوا۟ مَالِ هَٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِى فِى ٱلْأَسْوَاقِ ۙ لَوْلَآ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌۭ فَيَكُونَ مَعَهُۥ نَذِيرًا  *  أَوْ يُلْقَىٰٓ إِلَيْهِ كَنزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُۥ جَنَّةٌۭ يَأْكُلُ مِنْهَا ۚ وَقَالَ ٱلظَّٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًۭا مَّسْحُورًا) الفرقان – 7:8 ، فربْطُوا فهمهم لوضعه الماديّ، بأنه ليس غنيا، ومنه هو ليس بعظيمٍ بينهم، ولهذا تم اتهامه بكونه مسحورا، والمسحور هنا هو من يتصوّر نفسه عظيما وهو ليس بعظيم، أي في عقله غمامة ويظن نفسه غير ما هو عليه ، ولو رتلنا جميع آيات القرءان التي تتحدث عن هذا الموضوع لما وجدنا غير تفصيل مُبينٍ لمحاولة قوم النبيّ رفض رسالته بشتى السبل، حتى اتهامهم له لاحقا بأنه درس الكتب، والذي نفاه الله تعالى أعلاه عنه وعن قومه معا ( وَكَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلْـَٔايَٰتِ وَلِيَقُولُوا۟ دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُۥ لِقَوْمٍۢ يَعْلَمُونَ) الأنعام – 105 ، فالله تعالى قال أنهم لم يدرسوه فوعوا القول فاتهموا النبيّ أنه درس الكتب،وهذا هو اتباع الزيغ بعينه!
 
إنتهى.

والله المستعان

ملاحظة: لا حقوق في الطبع والنشر لهذه الدراسة، وإن كنت لم أصل إلى مراد الله تعالى الذي نطمح كلنا إليه – فهو سبب تدبرنا – فعسى أن تصححوا خطأي وأكون لكم من الشاكرين.

مراجع :
* المرجع الرئيسي الأساسي الحق – كتاب الله تعالى – القرءان الكريم

اجمالي القراءات 5911