نفى عدد من قادة الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد بشدة ما جاء في صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية عن تمويل النظام العراقي السابق بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين لكلا التنظيمين ، مشددين على أنه كلام عار تماما من الصحة.
ولفتوا إلى مغزى تزامن هذه الاتهامات مع الذكرى الخامسة للاحتلال الأمريكي للأراضي العراقية ، حتى يكون مسوغا أو مبررا جديدا يقدمه الإعلام الأمريكي ـ خاصة اليميني ـ لقرار الرئيس الأمريكي جورج بوش بغزو العراق ، بحجة وجود أسلحة دمار شامل وتدعيم الرئيس العراقي صدام حسين للإرهابيين.
وأبدى الدكتور ناجح إبراهيم ـ عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية ومنظرها ـ دهشته من إصرار الإعلام الأمريكي على بث هذه الأكاذيب ، لافتا إلى أن الأجهزة الأمنية المصرية ـ التي أجرت تحقيقات موسعة مع الآلاف من أعضاء وقيادات الجماعة الإسلامية في الداخل والخارج ـ لم تقل يوما أن الجماعة قد تلقت تمويلا من الخارج أو أن لها علاقة بالرئيس العراقي صدام حسين ، رغم أن هذه الفترة كانت فترة صدام بين الجماعة والنظام في مصر.
ولفت إلى أنه لم يحدث في تاريخ الصراع أن قام أي فرد من الجماعة الإسلامية بالهروب من الملاحقات الأمنية في مصر إلى العراق ، وأن الهروب كان يتم إلى أفغانستان والسودان واليمن ، لأنه كان هناك اعتقاد دخل الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد بأنه لا يمكن لأحد أن يأمن من الملاحقات الأمنية في العراق .
وتساءل ناجح : " إذا كان الأمر كذلك ، فلماذا لم تعلن وزارة الخارجية الأمريكية هذا الأمر بدلا من الإعلام الأمريكي ، مرجعا أسباب حملة الإعلام الأمريكي ـ واليمين الأمريكي بصفة عامة ـ إلى الحقد الدفين والغيظ من استقرار الأوضاع الأمنية في مصر .
وكشف عن أن هذا الإعلام دأب على محاولة تكدير صفو العلاقات بين الجماعة الإسلامية والحكومة ، وبخاصة بعد المراجعات الفقهية الناجحة التي لا تروق لهذا الإعلام ، مضيفا أن الجماعة الإسلامية لها توجهاتها من قبل صدام وبعد صدام وأن الصدامات التي وقعت بينها وبين النظام كانت انطلاقا من ذاتها وفكرها الخاص القائم على تغليب مصلحة الدين على الجوانب السياسة ، وليس بتوجيهات من صدام حسين أو غيره.
ونبه ناجح إلى أنه التقى بالعديد من قيادات الجماعة الإسلامية في الخارج ولم يسمع أي شيء عن علاقة هذه القيادات بصدام حسين ، مضيفا أن الجماعة كان لها تواجدها في أفغانستان والشيشان والبوسنة والهرسك وكوسوفا وألبانيا ، وأن هذا الأمر ينطبق أيضا على تنظيم الجهاد المصري الذي يستحيل أن تكون له علاقة مع النظام العراقي من قريب أو من بعيد.
من جانبه ، تساءل أسامة حافظ ـ عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية ـ عن سر الإعلان عن هذه المعلومات المغلوطة في هذا التوقيت بالذات ، وبعد مرور خمسة سنوات كاملة من الغزو الأمريكي للعراق.
أما الدكتور كمال حبيب ـ أحد القيادات التاريخية لتنظيم الجهاد ـ فأرجع نشر هذه المعلومات المغلوطة في صحيفة الواشنطن تايمز بالذات إلى أن صلتها الوثيقة باليمين الأمريكي الذي خاض الخرب على العراق ، لافتا إلى أن هذا النشر يتواكب مع الذكرى الخامسة لاحتلال العراق بدعم من اليمين الأمريكي ، الذي يسعى إلى تقديم مسوغات جديدة للقرار الأمريكي الخاطئ الذي اتخذه الرئيس الأمريكي جورج بوش قبل خمس سنوات بغزو العراق بزعم امتلاكه أسلحة دمار شامل ، ووجود علاقات بينه وبين تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية ، وتكدير أمن منطقة الشرق الأوسط .
وأوضح أن العديد من التقارير الأمريكية السابقة ـ ومنها تقرير 11 سبتمبر ـ أكد عدم وجود علاقة بين الرئيس الراحل صدام حسين وتنظيم القاعدة أو أية جماعات أخرى ، متسائلا كيف تكون هناك علاقات وتمويل من بعثي علماني لجماعات إسلامية سلفية وأصولية ، اللهم إلا إذا كانت هذه الاتهامات تدخل في إطار مراسم الاحتفال الأمريكي بمرور خمسة أعوام على احتلال العراق.
في سياق متصل ، وصف د.ضياء رشوان ـ الخبير في شئون الجماعات الإسلامية ـ هذه الاتهامات بـ "الساذجة" ، لأن كل تحقيقات أجهزة الأمن المصرية لم تثبت وجود أي نوع من العلاقة بين هذه الجماعات والنظام العراقي السابق ، ولم توجه أصابع الاتهام إلى أعضاء هذه الجماعات بتلقي تمويل من الرئيس صدام حسين.
واعتبر رشوان أن نشر مثل هذه الاتهامات يمثل إهانة لأجهزة الأمن المصرية ، لأن صحة هذه الاتهامات يؤكد غفوة هذه الأجهزة وهو ما لم يحدث ، مطالبا أجهزة الأمن المصرية بضرورة التصدي لهذه الاتهامات والرد عليها.