نصر بدر علامة فارقة
ان انتصار المسلمين في معركة بدر كان نقطة تحول في تاريخ الاسلام فمنذ هذه اللحظة اصبح الحديث عن ذلك الدين الجديد امرا يمكن تداوله بين العرب عموما وفى مكة ايضا لقد انكسر ذلك السياج الذي كان مفروضا على دعوة الاسلام آنذاك لذلك فقد عُد نصر بدر( فتح) لان عصرا جديدا للاسلام قد ظهر بإعتراف العرب عموما بوجود دين جديد على الساحة وهو الاسلام وبوجود شخص يدعى محمد يقول انه رسول ينزل عليه آيات من السماء فبإنتصار بدر سقطت كل دعايات قريش السلبية عن الاسلام ووجود جماعة المسلمين امرا اصبح لا خلاف عليه .
انتهى بمعركة بدر عهد الظلم الذي كان يمارسه ملاء قريش بمنع رسالة الاسلام عن اهل مكة وبعد هلاك الظالمين من قريش في بدر تولى قيادة الملاء الجديد من قريش مجموعة اتبعت اساليب جديدة في الحرب على الرسول ليس منها منع الرسالة لان الفتح الذي اتى من الله بعد معركة بدر قد ارغم الجميع على السماع برسالة الاسلام .
فكان التعامل مع رسالة الاسلام بإعتبارها امرا واقعا وعدوا قائم له فكر ورؤية تخالف رؤيتهم وهنا تم اتباع استراتيجيات مختلفة عن الفكر السابق لقريش فاصبح اقامة تحالفات ظاهرة ضد المدينة امرا يجب التصريح به فليس من المقبول الان ان تتخذ القبائل العربية موقفا محايدا تجاه الخصمان فلم يعد شأن المسلمين شأن داخلى لمكة تسعى قريش معه لتأديب جماعة منهم مرقت عن طاعتهم ولكن اصبح كيان جماعة المؤمنين في المدينة فكر قائم يواجه فكر مكة وباتت المدينة بايواءها للرسول عدو ظاهر لمكة .
بداية السياسة بعد بدر
ان نصر بدر لم يغير حياة المؤمنين كثيرا بل على العكس فقبل بدر كانت حياة المؤمنين تتلخص في انهم مجموعة من الناس تعتنق افكارا معينة تخالف الافكار السائدة في مجتمعهم و كانوا من هذا المنطلق يكافحون من اجل قناعاتهم بينما كانت القيادات في هذا المجتمع تحاول انهاء وجودهم ومنعهم بكافة الوسائل حتى صار الصدام بين الفريقين وانتصرت الجماعة الناشئة .
هذا الانتصار قسم المتابعين لهم الى ثلاثة اقسام قسم فرح بذلك النصر واعتقد ان هذه الرسالة هى بالفعل رسالة الهية وآمن بهذه المعتقدات وقسم زاده هذا النصر حقدا على تلك الجماعة واعتبر انها تهديدا لمصالحة ايا كانت وقسم وقف بين الفريقين ينتظر لمن تكون الغلبة هذا القسم هو قسم برجماتى بامتياز انه يلعب لعبة توازن القوي فهو دائما يميل الى الكفة الارجح .
هذا الوضع الجديد خرج بالمسلمين من مرحلة الكفاح الى مرحلة السياسة بالمفاهيم المعاصرة .
- الرسول لم يكن سياسيا
تحاول دائما الكتابات المعاصرة اسقاط الواقع المعاصر على سيرة الرسول ( سواء المذكورة في القران او في المرويات ) وهم من هذا المنطلق يحاولون عمل اسقاطات معاصرة على قصة الرسول فتخرج قصة الرسول شبه متحيزة الى فئة معاصرة او معادية الى فئة اخري .
سنحاول في هذا البحث عدم اسقاط سيرة الرسول على الواقع المعاصر لكننا قد نستخدم كلمات معاصرة لتقريب المعانى للاذهان
ذلك لان قناعتنا تقوم على ان الاستخدام السياسي للسيرة لا يقل عن تحريف معانى القران
ان القصة محايدة وفهمها واسقاطها على الواقع المعاصر هو شأن انسانى ليس بالضرورة يعبر عن الواقع
نعود الى ما بعد احداث معركة بدر...... في ذلك الوقت نشطت قريش في جمع التحالفات العربية من القبائل الظاهرة ضد المسلمين والتحالفات السرية مع اهل الكتاب سواء المقيمين في المدينة او الذين يجاورونها وقد جعل ذلك بعض المتحالفين مع الرسول ينقضون عهدهم معه ويقاتلون المؤمنين حال مرورهم على اماكن تواجدهم فبات على الرسول ان يعيد تأكيد التحالفات مع القبائل التى تحالفت معه ليستطيع ان يكون امنا وليتأكد بشكل مباشر- لا سياسة فيه- من تأكيد العهود ويشير القران الى ذلك في قوله (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) الانفال
الواقع الجديد الذي فرض بعد معركة بدر اظهر الى السطح جماعة المنافقين هى كانت موجودة قبل بدر لكنها اصبحت في تزايد وزاد تأثيرها نتيجة لكبرها فالنصر دائما يجلب الاتباع بغض النظر عن ايمانهم
ان الرسول في هذه المرحلة لم يتصرف كالسياسيين كما يحب دائما ان يشير اليه المعاصرين اما مدحا او قدحا فالرسول مثلا لم يكن مأمورا بتحري ولاءات الناس ليفرق بين المنافقين والمؤمنين الحقيقيين هو لا يملك جماعة سياسية حتى يحاول تنظيمها من حيث الولاءات او الاستفادة بل هو رسول مهمته ايصال رسالة الله للبشر وظاهر الايمان هو ما يحكم علاقته بالمؤمنين فهو ليس عليهم بمسيطر .
بعد زيادة عدد المؤمنين في المدينة والمتحالفين خارج المدينة خول هذا المؤمنين الحركة بحرية اكبر خروجا ودخولا الى المدينة مما انعش التجارة التى كان المهاجرين يتنقنونها وخضعت جماعة المؤمنين للاعراف السائدة انذاك في التعاملات التجارية والتى كان اليهود يسيطرون عليها في المدينة ومنها الربا او استغلال الحاجة هنا انزل الله محذرا من الربا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ال عمران 130
على الجانب الاخر بدأت قريش في بث الجواسيس بين صفوف المؤمنين والاستعداد للثأر من الهزيمة القاسية في بدر ولاستعادة هيبتها بين العرب وللحفاظ على مكانتها التجارية التى انكسرت نتيجة لهزيمتها وكان عليها الرد سريعا بشن حربا جديدة .
وبالفعل جهزت مكة جيشا لقتال جماعة المسلمين وزحفت به الى مكان تواجدهم وخرج لهم الرسول وجماعة المسلمين للدفاع عن انفسهم من هذا الغزو لكن المعركة هذه المرة لم تكن كبدر فجماعة المسلمين التى كانت في بدر متماسكة وتجمعها وحدة هدف وتعرضت للظلم بقتالها ومحاولة القضاء عليها لم تعد كذلك فازدياد المسلمين ادخل بينهم الذين يحاولون الاستفادة من هذه المجموعة الصاعدة التى اظهر نصر بدر ان مستقبلها قد يكون السيطرة على العرب مثل قريش كما ان المؤمنين انفسهم انخرطوا في الحياة العادية وشعروا ببعض الطمانينة التى جعلتهم يسيرون في الارض بالتجارة مما جعل بعضهم حريصا على المكاسب التى حظي بها ولا يريد ان يخسرها .
لذلك حين بدأ القتال بين المسلمين وقريش رجحت كفة المؤمنين في البداية لكن حرص البعض على الدنيا واستعجال الحصول على غنائم الحرب والاستفادة منها احدثت ثغرة في صفوف المسلمين نتج عنها تفرق المسلمين وتخبطهم والحاق هزيمة بهم فيقول الله (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) ۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) ال عمران
وهذه الحالة تدعونا الى تدبر معانى الكلمات التى وردت في القران المتعلقة بمعركة احد واهمها كلمة مصيبة فيصف الله الهزيمة التى لحقت بالمؤمنين يوم احد بالمصيبة فيقول تعالى (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165) ال عمران
مصيبة
ذكرنا في المقالات السابقة كيف ان الله يهلك الظالمين الذين يمنعون رسالة الله وقيمه ان تصل الى الناس وكيف انه يعذب المجتمع الفاسد سواء المفسدين او غير المفسدين كعقوبة للمفسدين وكابتلاء لغير الفاسدين او اختبار (فتنة ) لهم ليعلم من هو مؤمن حقا ممن هو مدعى .
نتعرض اليوم لكلمة مصيبة ان الله في القران يصيب الناس بالشر والخير يصيبهم بالعذاب وبالرحمة يصيبهم بالحسنة ويصيبهم بالسيئة
(ما اصابك من حسنة فمن الله وما اصابك من سيئة فمن نفسك وارسلناك للناس رسولا وكفى بالله شهيدا)(سيصيب الذين كفروا منهم عذاب اليم) التوبة 90
فكما يصيب الله بالحسنة والسيئة والعذاب يصيبهم ايضا بالمصيبة (الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون) البقرة 165 (وان منكم لمن ليبطئن فان اصابتكم مصيبة قال قد انعم الله علي اذ لم اكن معهم شهيدا) النساء 72
اذا فالمصيبة لها دلالة اصطلاحية في القران وكل آيات القران التى تتحدث عن المصيبة تأتى هذه الكلمة بمعنى حدوث مكروه او امر غير حسن لمن اصابته المصيبة والمصيبة هى جزء من الحتميات التى تصيب الناس او الكوارث التي تصيب الارض فهى مقدرة ومعروفة في علم الله الأزلي فيقول الله (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) الحديد
والمصيبة رغم انها حتمية الا ان الله قرر انها تقع نتيجة لبعض افعالنا فيقول الله (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) الشوري 30
وهنا نقف وقفة كيف انها مقدرة وتقع نتيجة لبعض افعالنا؟
ان الله هو المدبر لامور الدنيا وهو خبير بعباده يعلم سرائرهم ونفوسهم والبشر في مسيرة حياتهم يولدون ويكتسبون خبراتهم بشكل تراكمى فالطفل الذي يمسك ضوء الشمعة فتحرق اصابعه يتعلم ان النار محرقة من هذا المثال البسيط يمكننا ان نفهم مدي تعقيد ما يمر بالانسان خلال حياته ليكتسب دروسا ويفهم الكون حوله ومن هنا نفهم كيف ان المصائب التى يصيبنا بها الله ما هى الا تلك التجارب المؤلمة التى تبعث لنا برسائل الهية من شأنها ان تنبهنا الى امر وان تعلمنا شيئا والعاقل من البشر من يفهم مغزي هذا الامر ويتجلى هذا الامر في مصيبة هزيمة احد كما شرحنا ان الله سبحانه وتعالى اراد ان يعلم المؤمنين درسا ليفهموا لماذا يحاربون او يقاتلون فليس الغرض من القتال هو الغنائم او الدنيا او المكسب ان الغرض الاساسي من القتال هو تدعيم القيم الالهية التى ارادها الله لعباده فالدفاع عن النفس ضد المعتدين قيمة يجب ان تترسخ في ضمير الانسانية والايمان بنصر الله لمن يؤمنون بهذه القيمة يجب ان يكون واضحا في الاذهان ومعبرا عنه في الافعال ( الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (175) وَلَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ ۚ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا ۗ يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)( ال عمران ) وهو ما كان غائبا عن تلك الجماعة وقت الحرب لذلك كان يجب ان يتألموا كى يفهموا ولذلك نجد ان الآيات كانت تسهب في شرح اسباب الهزيمة و تشرح حالة التبعثر والفوضى التى اصابت الجيش (َلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152) ۞ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَىٰ أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِّكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ ۗ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (157)( آل عمران ) ومما زاد في مصيبة معركة احد ما اشيع عن قتل الرسول بالمعركة وما اصاب القوم وقتها من خوف واحساس بالغم والظنون بعد ان كانوا يعتقدون ان شجاعتهم في مواجهة الموت هى نابعة من ايمانهم فكانت تلك المصيبة هى الاخري لتعلمهم ان وجود شخص الرسول ليس هو المغزي بل الايمان بالمبدأ سواء كان الرسول موجودا ام غير موجود هو ما يجب ان يفهمه المسلمين (وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (143) وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)
ليس ذلك فحسب فإن مصيبة بدر قد اسفر عنها قتلى من المسلمين باعداد يبدوا انه كبيرة نسبيا بلانسبة لعددهم وهو ما جعلهم يشكون في سبب قتالهم ومغزاه وهل ما يدافعون عنه يستأهل ان يموتوا من اجله (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (157)( ال عمران )
فى النهاية عفا الله عن المسلمين وما صدر منهم من عصيان وظنون من وقع المصيبة التى اصابتهم لتكون تلك المصيبة درسا لهم
إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا ۖ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)
ان مفهوم المصيبة يتجلى في الاحداث التى حدثت في معركة أحد
اخيرا ان القران وهو يشرح علاقة الانسان بربه ومراده من عبادته يظهر لنا من خلال اياته انه اله حكيم عادل له سنن وقوانين في الارض تسري على المؤمن به والكافر به وان غايته محكومة بقوانين واضحة وسنن ثابته لن تجد لها تبديلا او تحويلا على الجانب الاخر نجد ان الكفار من البشر على مدار تاريخهم سواء من اشركوا بالله اوعبدوا آلهة اخري كانوا حريصين كل الحرص ان يجعلوا من الههم اله متعصب لمن يعبدونه قاسيا على من يكفرون به نهم الى الطقوس يفضل البشر بعضهم على بعض له مزاج متقلب يغضب فجأة ويهدأ فجأة قاسي عنيف طفولى تعالى الله عن هذه الصفات وصدق الله العظيم .