أكرم القصاص يكتب: إعلان دستورى تايه يا ولاد الحلال.. حقيقة الإعلان الدستورى "السرى" للمجلس العسكرى.. صدر فى 25 سبتمبر ولم ينشر بالصحافة والإعلام المرئى والمسموع ويكتفى بـ "الوقائع المصرية"
الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011 - 21:24
"إعلان دستورى تايه يا ولاد الحلال"، هذا هو لسان حال الأغلبية من المصريين بنخبتهم وتياراتهم السياسية، الذين تلقوا إعلان المجلس العسكرى لمراسيم بقوانين بتعديل قوانين انتخابات مجلسى الشعب والشورى وتقسيم الدوائر، وقرارات بدعوة الناخبين للاقتراع. وبالرغم من أن الإعلان جاء قبل انتهاء المدة المحددة فى الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، إلا إن المراسيم حملت ديباجة تقول إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أصدر "إعلاناً دستورياً بتاريخ 25- 9-2011 بأن تكون نسبة الانتخاب بالقوائم الحزبية ثلثين ونسبة الثلث للفردى"، ثم انتقل ليعلن مراسيم بقوانين 120 لسنة 2011 بتعديل أحكام قانونى مجلسى الشعب والشورى لتكون الانتخابات بنظام الثلثين للقوائم والثلث للفردى، وهو نفس منطوق الإعلان الدستورى المشار إليه، ثم مراسيم أرقام 121 و122 لتحديد الدوائر للشعب والشورى، ثم قرارين لرئيس المجلس بدعوة الناخبين لانتخابات الشعب والشورى.
الإعلان عن إعلان دستورى صدر 25 سبتمبر كان مفاجأة للرأى العام الذى لم يتلق أى علم بصدور مثل هذا الإعلان، خاصة وأنه يفترض أن يتم نشره على مستوى واسع، بالإضافة إلى نشره فى الوقائع الرسمية.
ولم يتم توضيح الحكمة من أن نفس الإعلان الدستورى المشار إليه، والذى لم يحط به الشعب علماً تكرر، وبمنطوقه فى المرسوم رقم 120 الذى أصدره المجلس العسكرى الثلاثاء، الأمر الذى يضيف ارتباكاً على ارتباك فى مرحلة حرجة ووضع سياسى متأزم، وشكوك لدى القوى السياسية.
ما أهمية إعلان دستورى ثم مرسوم بنفس المنطوق، لدرجة أن بعض فقهاء الدستور أعلنوا أن عدم نشر الإعلان الدستورى فى الوقائع الرسمية يجعله باطلا، فضلا عن ضرورة أن يتم إذاعته فى وسائل الإعلام والصحف اليومية والمواقع حتى يحاط به الشعب علما، لأنه يتعلق بقواعد دستورية تخص مستقبل العمل السياسى. وهو ما لم يحدث ويثير المزيد من الانتقادات لدى الرأى العام، وقد ذهب بعض رجال القانون إلى أن نشر الإعلان الدستورى فى الوقائع الرسمية من شأنه أن يمثل إعلانا، وإن كانوا أكدوا ضرورة أن يعلن فى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة.
الكثير من التيارات السياسية والأحزاب أكدت أنها فوجئت بوجود إعلان دستورى صدر 25 سبتمبر، واعتبروا أن إصدار إعلان بدون علم المواطنين يمثل إضافة لحالة الغموض ورغبة المجلس العسكرى فى الانفراد بالقرار، وعدم الاستجابة لرغبات ومطالب القوى السياسية التى حددت ضمانات تبعد شبح التزوير، وتمنع تسرب فلول النظام السابق للمجالس التشريعية. ثم يأتى الإعلان الدستورى السرى ليضيف غموضاً على موقف المجلس الذى يفترض به أن يصدر قرارات تضمن تصويت الشعب بحرية وضمان إرادته.
صحيح أن المجلس العسكرى ممثل فى اللواء إسماعيل عتمان أعلن أن الإعلان الدستورى الصادر 25 سبتمبر تم نشره فى الوقائع الرسمية بما ينفى الجهالة، وبرر صدور الإعلان لتحصينه من الطعون، وهى مبررات لها وجاهتها، لكنها لا تكفى لتفسير صدور مثل هذا الإعلان من دون إحاطة الصحافة والإعلام، أو عدم نشره وإذاعته فى تلفزيون الدولة على الأقل، ويشير إلى خلل فى التواصل بين المجلس العسكرى والرأى العام، على افتراض حسن النوايا، وفى غير ذلك يبدو تعتيما لا يتناسب مع خطورة الموقف، ولا يتناسب أيضا مع كل هذه المدة التى استغرقها إعداد القوانين، وعدم صدورها بالشكل والمضمون الذى يلبى مطالب الجميع، ويتجاوز الخطايا التى لحقت بالقوانين طوال عقود من ألاعيب الحزب الوطنى والنظام السابق.