دبي – الأسواق.نت
بات طعام "الغلابة" والفقراء في مصر مهددا بعد الارتفاعات المتلاحقة التي طرأت على أسعاره، فيما يشبهه بعض البسطاء المصريين باللحم الذي نادرا ما يحل ضيفا على موائدهم بفعل ارتفاع سعره بشكل خاص، وارتفاع أسعار السلع الأساسية عموما.
ويشكو تجار الفول في مصر من الزيادة الكبيرة في أسعاره، إذ وصل الأردب (وهي وحدة قياس حبوب محلية) إلى 800 جنيه، والكيلو قفز إلى 8 جنيهات، وهو سعر لم يصل إليه من قبل، وفقا لتقرير نشرته صحيفة القبس الكويتية السبت 22-3-2008 من مراسلها في القاهرة أحمد أبو الوفا.
مبيعات التجزئة
والارتفاع الكبير الذي طرأ على الفول، أثر على مبيعات تجار التجزئة، وأدى في الوقت ذاته إلى ارتفاع أسعار الساندويتش 25% ليصل في بعض المطاعم إلى 125 قرشا.
وعبَّرت أم عماد، وهي سيدة تقطن في منطقة شعبية بشرق القاهرة وتستيقظ مبكرا كل صباح لشراء الفول، عن حزنها عندما رفض البائع أن يعطيها بالنصف جنيه المعتاد، وقال لها بكل ثقة: "الفول بقى زي اللحمة وأسعاره في العالي اشمعنى هوه يعني"!! ثم زادته أم عماد 25 قرشا وأعطاها كمية ضئيلة لا تكفي أفراد أسرتها المنتظرين الإفطار، وكان قد توجه أحدهم بعد صلاة الفجر مباشرة إلى المخبز ليقف في طابور العيش المدعم.
الطريف في الأمر أن الشعار الشهير جدا الذي يرفعه معظم بائعي الفول، وهو "إن خلص الفول أنا مش مسؤول"، لم يعد ينطبق على الوضع الحالي فقديما كانوا يزينون محلاتهم به نظرا للإقبال الهائل على هذه السلعة التي تنفد باكرا، والآن بعد ارتفاع سعرها يبقى الفول في المحلات نظرا لضعف الكمية المشتراة.
جشع التجار
محمد أحمد تاجر جملة يؤكد أن المشكلة تكمن في أن المعروض من الغلال والبقوليات قليل، وفي جشع المستوردين الكبار وتحكمهم في السوق.
وأشار إلى أن كمية الفول البلدي لا تكفي حجم الطلب بعد تراجع زراعته في محافظات الصعيد وهلاك المحصول. وقال إن مصدر المحاصيل الرئيسي حاليا محافظات الدقهلية والشرقية والبحيرة، ونستورد من إنجلترا وفرنسا وأستراليا.
وطالب بأن تكون الحكومة هي المستوردة لهذه السلع الاستراتيجية، مشيرا إلى أنها ستحقق أرباحا معقولة لا تمثل عبئا على المستهلك بعد ترك الحرية للمستوردين في تحديد السعر حسب أهوائهم. وقال: إنه اشترى "أردب" الفول البلدي بسعر 800 جنيه، وهو سعر جملة، ويباع الكيلو للمستهلك بسعر 8 جنيهات مقابل 3 جنيهات فقط العام الماضي.
نقص المعروض
بعض تجار الفول أرجعوا هذه الزيادة واشتعال الأسعار إلى نقص المعروض من المحصول عالميا بسبب الجفاف الذي أصاب بعض المحاصيل في الدول المنتجة كأستراليا وكندا والصين وانجلترا، وفي مصر يتم الاعتماد على الاستيراد لتغطية حاجة الاستهلاك المحلي - كما يقول رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بالغرفة التجارية بالقاهرة الباشا إدريس - حيث أكد أن مصــر تسـتورد سـنويا 600 ألـف طـن مـن الفول، أي ثلثي استهلاكها الذي يصل إلى 800 ألف طن.
وفيما يتعلق بالإنتاج المحلي من الفول فقد تراجع بنسبة كبيرة وتدهورت زراعاته، فلم يتجاوز الإنتاج 200 ألف طن سنويا في السنوات الأخيرة.
وكانت مصر في أواخر التسعينات واحدة من الدول المصدرة للفول، لكن السياسات الزراعية ساهمت في تراجع الإنتاج، والتوقعات تشير إلى أن سعرا أعلى لكيلو الفول سيظهر في الفترة القادمة.
ويقول أحد المستهلكين إن الفول ليس وحده الذي ارتفع، فمثلا كيلو العدس ارتفع إلى 10 جنيهات مقابل جنيهين منذ عامين، مشيرا إلى أن العدس هو طعام الفقراء ومحدودي الدخل بعد ارتفاع أسعار اللحوم والأسماك والدجاج. ويحمّل هذا المستهلك تجار الجملة مسؤولية ارتفاع السعر بسبب قيامهم بتخزين المحصول لتعطيش السوق، ثم إعادة البيع بسعر مرتفع.
ويعلق عاطف لطفي، وهو موظف له 5 أبناء في مراحل التعليم: "مرتبي الشهري 600 جنيه لا يكفي لشراء حتى العدس والفول طعام الغلابة".