في "التوراة" و "الإنجيل" لا في القرآن!-(2):قتل المرتد

يحيى الإلياسي في الثلاثاء ٠٣ - سبتمبر - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً


في "التوراة" و "الإنجيل" لا في القرآن! - (2): قتل المرتد

نتابع مع الجزء الثاني.
الأول تجده رعاكَ الله هنا:
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=19862


سأتعرض لقضية "قتل المرتد" و "الإكراه في الدين" التي تُنسب زوراً إلى الإسلام وحتى إلى القرآن ذاته ويجهل الناس أو يتناسون أنها من كتب اليهود والمسيحيين!


 ~~الإكراه في الدين وقتل المرتد~~


النص 1: قتل المرتد أو المخالف في الدين:
نقرأ في ما يسميه اليهود والمسيحيون التوراة ما يلي [النص مقدس لدى الفريقين!]:
الله يأمر بقتل من يعبد غيره - رجماً بالحجارة!


تث 17-2:     إذا وجدتُم فيما بَينكُم في إحدى مُدُنِكُم التي أعطاكُمُ الرّبُّ إلهُكُم أنَّ رَجلاً أوِ اَمرَأةً فعَلَ الشَّرَ أمامَ الرّبِّ إلهِكُم، فخالَفَ عَهدَهُ
تث 17-3:     وذهَبَ فعَبَدَ آلِهةً أُخرى وسجدَ لها، أو لِلشَّمسِ أوِ القمرِ أو سائرِ كواكبِ السَّماءِ، مِمَّا لم آمُرْ بهِ
تث 17-5:     فأخرِجوا ذلِكَ الرَّجلَ أو تِلكَ المرأةَ إلى خارج المدينةِ واَرْجموهُ بالحِجارةِ حتى يموتَ.

ولم يذكر النص أن ذلك الشخص الذي يعبد الشمس أو القمر هو شخص معتدٍ. لا! يكفي أنه يخالف أمر كهنة وقضاة بني إسرائيل. يجب قتله. نتابع في النص:
تث 17-9:     واَسألوا هُناكَ الكهَنةَ اللاَويِّينَ والقاضيَ الذي يكونُ في ذلِكَ الوقتِ، فيُخبِرونَكُم بِحُكْمِ القضاءِ.
- اللاويون هم أبناء لاوي أحد أبناء يعقوب. وإليه ينسبون أيضاً موسى وهارون. اللاويون هم تقليدياً أصحاب الكهنوت في بني إسرائيل.
تث 17-12:     كُلُّ مَنْ تجبَّرَ فلم يسمَعْ مِنَ الكاهنِ الواقِفِ هُناكَ لِيَخدُمَ الرّبَّ إلهَكُم، أو مِنَ القاضي، فجزاؤُهُ القَتْلُ. هكذا تُزيلونَ الشَّرَ مِنْ بَني إِسرائيلَ.

http://www.albishara.net/bible_read/1/5/17/h?nav_show=1


النص 2: قتل المبشّر بدينه:
وإليك نص آخر يقول فيه إله اليهود والمسيحيين أنه يجب أن تقتل ابنك إذا كان دعاك إلى دين آخر [النص أيضاً من توراتهم في سفر التثنية]!
وإياك إياك أن تترحم عليه: اقتل ابنك وكُنْ أول من يرميه بالحجارة حتى يموت! هكذا لدى من يرفعون شعارات حرية المعتقد. ويعيروننا بنصوص ليست أصلاً من القرآن!

تث 13-7:     وإنْ أغراكَ في الخفاءِ أخوكَ اَبْنُ أمِّكَ، أوِ اَبنُكَ، أوِ اَبنَتُكَ، أوِ اَمرَأتُكَ التي في حَرَمِكَ، أو صديقُكَ الذي هوَ كنَفْسِكَ، فقالَ لكَ: ((تعالَ نعبُدُ آلهةً أخرى لا تعرِفُها أنتَ وآباؤُكَ
تث 13-8:     مِنْ آلهةِ الشُّعوبِ الذينَ حَوالَيكُم، القريبينَ مِنكُم والبعيدينَ عَنكُم، مِنْ أقاصي الأرضِ إلى أقاصيها))،
تث 13-9:     فلا تلتَفِتْ إليهِ، ولا تسمَعْ لَه، ولا يتَوجعْ قلبُكَ علَيهِ، ولا تتَحَمَّلْهُ، ولا تستُرْ علَيهِ،
تث 13-10:     بلِ اَقْتُلْهُ قَتْلاً. يَدُكَ تكونُ علَيهِ أوَّلاً لِقَتلِهِ، ثُمَ أيدي سائِرِ الشَّعبِ أخيرًا.
- لك أن تتخيل ردة الفعل لو كانت هذه النصوص المفتراة في القرآن!


http://www.albishara.net/bible_read/1/5/13/h?nav_show=1


النص 3: إجبار الناس على دخول "المسيحية":

وإليك الآن هذا النص من العهد الجديد. فهو مقدس لدى المسيحيين فقط. يُفهم منه ليس فقط قتل المرتد بل إجبار المخالف على الدخول في الديانة المسيحية! هو مَثَل ينسبونه في إنجيلهم ليسوع المسيح.


لو 14-23:     فَقَالَ السَّيِّدُ لِلْعَبْدِ: اخْرُجْ إِلَى الطُّرُقِ وَالسِّيَاجَاتِ وَأَجْبِرِ النَّاسَ عَلَى الدُّخُولِ حَتَّى يَمْتَلِيءَ بَيْتِي،

http://www.albishara.net/bible_read/5/42/14/h?nav_show=1

السيّد هو هنا الله والبيت هو بيت الله والمقصود هو جماعة المؤمنين - أي المسيحيين. قد لا يبدو هذا النص واضحاً مثل النصين الأولين. ولكنه جاء على أسلوب الأمثال وهي كثيرة في الأناجيل المعتمدة.
وقد فهمه هكذا اللاهوتيون المشهورون:

فالجملة اللاتينية compelle intrare
تعني "أجبرهم على الدخول"

 طبّقها "القديس" أغسطينوس Augustinus لتحليل العنف في سبيل نشر الدين في الإمبراطورية الرومانية.
ولم يتغير الأمر بعده لدى القديس توما الأكويني Thomas Aquinas.

حتى "الإصلاحيون" مثل لوتر  Luther وكالفن  Calvin
بقوا على تحليل السيف من أجل محاربة المخالفين في العقيدة.
ومن حججهم السخيفة في ذلك: أنه من الخير أن تجبر الناس على ما فيه صلاحهم! أي أن تجبرهم على المسيحية لأنها تدخلهم ملكوت السماوات!



~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


هذه النصوص لدى المسيحيين ولكنهم لا يلتفتون إليها أبداً بل يصرون على تجاهلها.

 ويصرّون أيضاً على القول بأن قتل المرتد هو من الإسلام. وهكذا أيضاً الكثيرون ممن ينتسبون إلى الإسلام وهم يتجاهلون أيضاً القرآن!


والمشكلة ليست فقط أن القرآن سكت عن قضية الارتداد، بل ذكرها عدة مرات ورفض أن تكون لها عقوبة قضائية. أكتفي بذكر هذه الآيات المبينة:

{وَقُلِ الْحَقّ مِن رّبّكُمْ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ إِنّا أَعْتَدْنَا لِلظّالِمِينَ نَاراً }
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}

والطريف أن الذين يزعمون أن الإسلام أمر بقتل من يترك الإسلام اختاروا نفس المفردة من القرآن "ارتدّ" - ولكن القرآن لم يقرنها بالقتل كما يدّعون:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}
{وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَ}




هذا ما تيسر لي هنا في الجزء الثاني من سلسلة
في "التوراة" و "الإنجيل" لا في القرآن!

 وعسى أن آتي على الجزء الثالث قريباً.

[إضافة: الجزء الثالث
http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=19895

]

اجمالي القراءات 5462