نقد نظرية النظم

رضا البطاوى البطاوى في الأحد ٢٥ - أغسطس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد نظرية النظم
المقال من إعداد خالد محمد الحر ونظرية النظم برفع النون غير نظرية النظم الخاصة بفتحها بالبلاغة وهى خاصة بتنظيم العمل فى المؤسسات العامة والخاصة وقد بدأ الرجل حديثه عن نظريات التنظيم فقال:
"تعد نظرية النظم إحدى أهم النظريات في التنظيم، والتي جاءت بعد عدة نظريات سبقتها، مثل النظرية الكلاسيكية، والنظرية السلوكية، والنظرية الموقفية ولنتوصل لأفضل فهم لهذه النظرية، علينا أولا الحديث عن مفهوم التنظيم بشكل عام، ثم النظريات التنظيمية بشكل موجز، وتبيين جوانب القصور فيها لذا ستكون محاور البحث هي:
النظرية الكلاسيكية
النظرية السلوكية
نظرية النظم"
وسبب وجود تلك النظريات هو أنها من وضع البشر ورغم القول بالاختلاف بين تلك النظريات فإنها تقريبا نظرية واحدة تقوم على أساس التدرج من أسفل إلى أعلى أو العكس فهى تقوم على أساس تقسيم العمل إلى قطاعات كبرى وكل قطاع ينقسم إلى وحدات أصغر على أساس وجود رئيس ومرءوس
وناقش الرجل مفهوم التنظيم فقال :
"مفهوم التنظيم:
هنالك تعاريف عديدة للتنظيم، وهذه التعاريف تختلف عن بعضها البعض، حتى أصبح تعريف التنظيم وتحديد مفهومه غاية في حد ذاته وسنذكر هنا عددا من التعاريف الشائعة للتنظيم:
يستخدم بعض المديرين ورجال الأعمال كلمة (تنظيم) بمعنى (تصميم الهيكل التنظيمي): فهم ينظرون إلى (التنظيم) على أنه تلك العملية المتعلقة بعمل (الخرائط التنظيمية) التي توجد بها مربعات وخطوط بين تلك المربعات توضح (من رئيس من)
الشكل الخاص بطرق وارتباط أعداد كبيرة من الأفراد مشتركة في أعمال معقدة وأكثر من أن تكون بينها علاقات مباشرة، بعضهم ببعض وظهورهم في وضع مرتب محسوس لتحقيق أهداف مشتركة متفق عليها
أما نحن فسنعتمد تعريف (وارين بلنكت) و (ريموند اتنر) في كتابهم (مقدمة الإدارة) حيث عرّفا وظيفة التنظيم على أنها عملية دمج الموارد البشرية والمادية من خلال هيكل رسمي يبين المهام والسلطات"

هذه تعريفات متعددة ورغم كونها واحد فى النهاية حيث تعتمد على هيكل تنظيمى يبين ما على الرئيس والمرءوسين من مهام وواجبات
وقد أظهر الوحى أن التقسيم العادل هو أهم شىء فعندما قسم بنى إسرائيل إلى اثنا عشر قسما وقسم عليهم الثروات بالعدل فجعل لكل قسم مثلا ثروة مائية واحدة عين خاصة به وكذلك الأمر فى الطعام والسكن وغير ذلك وفى هذا قال تعالى :
"وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطا أمما وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم"
وجعل لكل قسم مسئول عنه يوزع كل شىء بالعدل وفى هذا قال تعالى :
""لقد أخذ الله ميثاق بنى إسرائيل وبعثنا منهم إثنى عشر نقيبا"
وقد بين الوحى أن النقباء أى المسئولين ليسوا رؤساء للناس بل هم جميعا أى أفراد القوم كلهم رؤساء أى ملوك فقال "وجعلكم ملوكا"
ومن ثم فحكاية الهرم الوظيفى لا أساس لها لأن الدولة ككل هى شراكة بين ناسها كل منهم متساوى مع الأخر وفى هذا قال تعالى:
"وأمرهم شورى بينهم"
فالأمر ليس أمر الرئيس وإنما أمر الكل وحاكم الدولة هو نصوص الوحى وضرب الله مثلا لنا فى إعلان الحرب فالحرب يعلنها من اعتدى عليه فإن كان العدو قد بدأ بضرب جنود على الحدود فواجب الجنود هو الرد وليس انتظار أمر أحد لقوله تعالى "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
انتظار إعلان الحرب من رئيس أو مجلس ما هو إلا ضرب من الجنون فحتى يجتمع هؤلاء ويقررون يكون العدو فى ساعة أو اثنين قد استولوا على ارض كبيرة وقتلوا ناس كثيرة وكذلك الجرحى والتخريب
وتعرض الرجل بالنقد لتلك النظريات فقال:
"النظرية الكلاسيكية (التقليدية):
ظهرت في مطلع القرن العشرين، وتسميتها بالكلاسيكية ليست لقدمها وتخلفها، وإنما لنمط التفكير الذي قامت على أساسه النظرية حيث ركزّت في مجملها على العمل معتبرة أن الفرد آلة وليس من المتغيرات التي لها أثرها في السلوك التنظيمي، وعليه التكيّف والتأقلم مع العمل الذي يزاوله، وهذا ما حدى بالبعض من أمثال (سيمون) أن يطلقوا على هذه النظريات (نموذج الآلة)
ويبنى النموذج الكلاسيكي على أربعة محاور رئيسية، هي:
تقسيم العمل نطاق الإشراف التدرج الرئاسي أو التدرج الهرمي (الهيكل) المشورة والخدمات المعاونة المتخصصة ومن أهم رواد هذه النظرية: هنري فايول وفريدريك تايلور وماكس ويبر"

وهذه النظرية هى المطبقة فى كل المجتمعات الكافرة وهى قديمة قدم الكفر ذاته لأنها مبنية على أساس عدم تساوى الناس فى الأجور ولا فى المسئوليات ولا فى المتاعب فمثلا من يتعب أكثر وهم القاعدة يأخذون أقل من مرتبات الرؤساء الذين لا عمل لهم سوى التوقيعات أو الأختام النهائية
ثم تناول النظرية التالية :
" النظرية السلوكية (الكلاسيكية الحديثة):
جاءت كردة فعل للنظرية الكلاسيكية فاهتمت هذه المدرسة بالفرد وسلوكه في التنظيم وأنه لا يمكن معالجة الفرد كوحدة منعزلة ولكن يجب معالجة الفرد كعضو في جماعة يتعرض لضغوطها وتأثيراتها وأن سلوك الفرد أو الجماعة في التنظيم الرسمي قد يختلف على سلوكهم الحقيقي لذا اهتم أنصار هذه المدرسة بالتنظيم غير الرسمي، كالصداقات بين أعضاء التنظيم وبالشلل وتأثيراتها على القيادة ومن أهم رواد هذه النظرية: شيستر برنارد وهيربرت سيمون وكرس أرجريس"
هى نفس النظرية التقليدية مع إضافة تقوية العلاقات غير الرسمية بين الزملاء وهى علاقات تنشأ فى العمل سواء أرادها الرؤساء أو لم يريدوها فهى تحصيل حاصل فى النهاية فعندما يكون الفرد مع زميله أكثر من ثلثى النهار فى مكان واحد كل يوم فلابد أن تنشأ علاقة نتيجة الحديث المتكرر بينهم
ثم تعرض للنظرية موضوع البحث فقال:
" نظرية النظم:
تأتي نظرية النظم في إطار النظريات الحديثة التي تقوم على أساس نقد النظريات السابقة سواء التقليدية أو السلوكية لأن كل منهما ركز على أحد متغيري التنظيم (العمل والإنسان) باعتبار أن التنظيم نظام مقفل، بينما يرى للتنظيم في نظرية النظم إلى أنه نظام مفتوح يتفاعل مع البيئة المحيطة به وذلك ضمانا لاستمرارية التنظيم
إن دراسة أي تنظيم لابد أن تكون من منطق النظم، بمعنى تحليل المتغيرات وتأثيراتها المتبادلة فالنظم البشرية تحوي عددا كبيرا من المتغيرات المرتبطة ببعضها، وبالتالي فنظرية النظم نقلت منهج التحليل إلى مستوى أعلى مما كان عليه في النظرية الكلاسيكية والنظرية السلوكية، فهي تتصدى لتساؤلات لم تتصدى النظريتين السابقتين
تقوم هذه النظرية على أجزاء يتكون منها النظام لها علاقة وثيقة ببعضها البعض هذه الأجزاء هي:

إن الجزء الأساسي في النظام هو الفرد (قائدا أو منفذا) وبصفة أساسية التركيب السيكولوجي أو هيكل الشخصية الذي يحضره معه في المنظمة لذا فمن أهم الأمور التي تعالجها النظرية حوافز الفرد واتجاهاته وافتراضاته عن الناس والعاملين
إن الجزء الأساسي الثاني في النظام هو الترتيب الرسمي للعمل أو الهيكل التنظيمي وما يتبعه من المناصب
إن الجزء الأساسي الثالث في النظام هو التنظيم غير الرسمي وبصفة خاصة أنماط العلاقات بين المجموعات وأنماط تفاعلهم مع بعضهم وعملية تكييف التوقعات المتبادلة
الجزء الأساسي الرابع في النظام هو تكنولوجيا العمل ومتطلباتها الرسمية فالآلات والعمليات يجب تصميمها بحيث تتمشى مع التركيب السيكولوجي والفسيولوجي للبشر"

من يقرأ هذا الكلام يجد أنه كله إعادة صياغة للنظريات الأخرى ومن ثم فلا جديد وما يتصوره البعض أنه جديد يجد أنه موجود منذ القدم فالآلات وتحديثها موجود عبر العصور فمثلا نساخ الكتب تحولوا من الورق والحبر والريش إلى آلات الطباعة الحجرية ثم إلى آلات التصوير المدارة بالأزرار ثم إلى الطباعة الرقمية بإصدار أمر من الحاسوب وكل هذا منذ قرون وليس فى القرن الحالى ومثلا تحول الحفر من الحفر بأيدى الناس بالفئوس ورفعها على أكتافهم إلى حفر بالحفارات ورفع لنواتج الحفر بالرافعات والجرارات ولا يوجد اختراع اسمه متماشى مع نفسية وأجسام البشر فمن يخترع يخترع يظن أن اختراعه مفيد ولكنه يطوره فيما بعد للتماشى مع سوق البيع فكم من اختراع دمر صحة العاملين فيه وتم اكتشاف ذلك بعد عقود أو سنوات كأدوية المهدئات التى أنتجت أطفال مشوهين وكذلك اختراع بعض الأسقف التى ظن المخترعون فائدتها للناس وهى الأسطح الأسبستوس تبين أنها تجلب أمراض الصدر وغيرها
وقد بين الباحث فوائد النظرية من وجهة نظره فقال:
" نرى أن هذه النظرية لم تركز على متغير واحد على حساب المتغير الآخر فكما أشارت إلى أهمية سلوك الأفراد بالتنظيمين الرسمي وغير الرسمي، أشارت كذلك إلى أهمية الاهتمام بالتكنولوجيا والآلات فنوع وحجم العاملين مهم كما أن نوع وحجم الآلات مهم أيضا
لذا تعد هذه النظرية من أحدث وأدق نظريات التنظيم إلا أن تطبيقها يختلف من منظمة لأخرى، وذلك حسب ظروف كل منظمة"

وبالقطع أى مؤسسة فى الدولة العادلة لابد أن تدار على أنما شركة تدار من كل من فيها فكلنا اخوة وفى النهاية لنا هدف واحد هو طاعة الله وليس المكسب المالى
والمراجع التى رجع لها المعد هى :

محمد مهنأ العلي: الوجيز في الإدارة العامة، الدار السعودية للنشر والتوزيع، جدة، الطبعة الأولى، 1984 م
سيد هواري: التنظيم، مكتبة عين شمس، القاهرة، الطبعة الخامسة، 1992 م
اجمالي القراءات 12559