سؤال كان دائما دفين فى نفسى الأمارة بالسوء واللوامة فى نفس الوقت. سؤال لم أجد له إجابة لمدة طويلة أثناء رحلتى مع القرءآن الكريم وكفى.
ماذا بعد التدبر؟

محمد صادق في الأربعاء ٢١ - أغسطس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا بعد التدبر؟

سؤال كان دائما دفين فى نفسى الأمارة بالسوء واللوامة فى نفس الوقت. سؤال لم أجد له إجابة لمدة طويلة أثناء رحلتى مع القرءآن الكريم وكفى. سنين طويلة أقرأ وأتدبر وأتعلم من أساتذة سبقونى فى هذا المجال وعلى رأسهم د. أحمد صبحى منصور الذى وصفنى منذ أيام على صفحتى على فيس بوك  "القرءآن وكفى " وصفنى بأنى رفيق الجهاد. توقفت كثيرا عند هذا التعليق وقلت فى نفسى الأمارة بالسوء هل أنا أستحق هذا الوصف ؟

ومازال السؤال الأزلى يخاطرنى من فترة إلى فترة، ماذا بعد التدبر؟ حتى جائتنى رسالة من صديق العمر د. صفا الصبان عبارة عن كلمات قليلة كانت هى المفتاح الذى فجر فى نفسى الإجابة التى طالت معى سنين طويلة حتى هذه اللحظة. ماذا بعد التدبر؟

يقول الله سبحانه وتعالى: { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } (سورة ص 29)

لكى أفهم هذه الآية الكريمة، "وهذه الطريقة أستخدمها فى تدبرى لكل آيات القرءآن الكريم" ، نقسم الآية إلى مقاطع ونتدبر كل مقطع على حده ثم نربط المفاهيم مع بعضها فنستخرج المعنى الكلى لهذه الآية.

*" كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ" هنا نعلم أن الكتاب أنزله الله تعالى "إليك" محمد عليه السلام،

*" مُبَارَكٌ " فوصفه سبحانه بأنه مبارك، فهل يا ترى أترك المبارك وأذهب إلى كتاب آخر غير مبارك، هنا الخطاب موجه إلى الرسول عليه السلام،

*" لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ" أضاف سبحانه لام السببية وهنا الخطاب موجه للناس الذين تلقوا هذا الكتاب المبارك، فأصبحت فريضة،

*"وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ" جاءت اللام السببية مرة ثانية، فهل هذا من الصدفة أو زيادة بلا معنى وحاش لله هذا.

*أولو الألباب من الناس لأن هذا القرءآن هدى للناس فهل كل الناس أولوالألباب؟

نعود إلى السؤال ماذا بعد التدبر؟ خطوات من البداية:

1- كتاب أنزلناة،

2- ألأمر بتدبره،

3- نستخرج المواعظ والحكم والدروس هذا إن كان التدبر والتلاوة والقراءة بهذا الغرض فقط مخلصا لله سبحانه وطلب الهداية ورضوان من الله أكبر، فتكون النتيجة العمل الصالح الذى يرتبط بالإيمان كالعروة الوثقى، فإيمان بدون عمل صالح لايقبل فى ميزان رب العباد يوم التغابن. وكما قال سبحانه وتعالى حين قص علينا قصص بعض الأنبياء السابقين:

{ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } (سورة يوسف 111)

الآن نربط هذه الآية بأية التدبر: { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } (سورة ص 29)

العامل المشترك بين الآيتين هو " أُولُو وأولىالْأَلْبَابِ " فلهم العبرة والتذكرة ، وهو المقصود بأمر التدبر، نلاحظ الفرق فى رسم  الكلمة أولو وأولى، وهذا ليس موضوعنا اليوم وسوف أتطرق له فى مقال آخر إن شاء الله تعالى.

كثير من المسلمين عند قراءة القرءآن، وحين تقف أمامهم آية أو كلمة يقضى فى فهمها ساعات وممكن ايام وبعد ذلك إنتهى الموضوع  ويعود إلى مطالب الحياة إلى أن يأتى وقت آخر ليقرأ من جديد وهكذا ويظن أنه تدبر القرءآن وفهم ما فيه.

فى هذه  الحالة اقول والله أعلم، القرءآن الكريم وِحدَة كاملة متكاملة، سور تكمل بعضها البعض وتتناسق فيما بينها وآياته تفسر بعضها البعض وشارحة لكلماته. فعلى ذلك يجب على المتدبر أن يحيط علما بمضمون الكتاب ككل والهدف الأساسى الذى بسببه أمرنا رب العباد جل وعلا بأن نتدبره ونستخرج ونستنبط منه ما يفيدنا فى دنيانا وآخرتنا. 

والآن أعود إلى ما أتحفنى به صديقى الكريم د.صفا الصبان وهو عبارة عن بضعة سطور كان لها الأثر الشديد فى الإجابة على السؤال ماذا بعد التدبر وأردت أن اشارككم معى فى القليل من الكثير جدا فى الإجابة على هذا السؤال وما توصلت إليه بعد التدبر وأكرر هذا القليل جدا من الكثير من كتاب الله الكريم.

إليكم بعض الحكم والدروس المستفادة من التدبر وللعلم أن كل نقطة من هذه النقاط هو إستنباط من آية واحدة على الأقل فى كتاب الله جل وعلا.

1- أحيانًا يكون الشخص الأصعب عليك تصحيحه هو نفسك.

2- كل ما يأخذك إلى الله ، يأخذك بعيدا عن الجحيم. كل ما يأخذك بعيدا عن الله ، يأخذك أقرب إلى الجحيم.    

 3- بالأمس اعتقد الكثيرون أنهم سوف يرون اليوم ، والكثيرون يعتقدون اليوم أنهم سيرون غدًا.

4- الموت قد يكون الليلة ، في الساعة التالية ، والثانية التالية ، ولكننا نعيش كما لو أننا لا نزال نعيش عدة سنوات.

5- قد تكون غنيًا أو مشهورًا أو تتمتع بمكانة عالية في الحياة، لكن بالنسبة لملاك الموت، فأنت مجرد اسم آخر في القائمة.

6- ليس هناك من يحكم عليك ، فهناك من يريد الأفضل لك ويريد مساعدتك.    

7- افعل كل ما تستطيع لإرضاء الله ، كن درسًا إيجابيًا، في يوم ما ، ستكون مجرد ذاكرة للناس ، ودرسًا للآخرين.

8- كيف تتوقع أن تحصل على الجنة عندما لا تعمل لها فى الحياة ؟

9- أحط نفسك بالمسلمين الذين يمارسون عقيدتهم بإخلاص. إنهم أصدقاءك الحقيقيون الوحيدون في الحياة وفي الآخرة.

10-  كلنا نأخذ غدا أمرا مفروغا منه لأننا نعتقد أن الغد سيكون هناك دائما. غدا قد يكون هناك ، لكننا قد لا نكون.

11- عش لإرضاء الخالق وليس الخلق.

12- الله يعلم ما تريد ، ما تحتاجه ، ما تستحقه ، في أي وقت وأى المكان ، ثق به وقراراته  ، إنه يعلم ما لا تعلمه.

13- اجعل القرءآن رفيقك وجزء من حياتك. لا تدع نفسك تصبح غريبًا عنه. خذ القرءآن كصديق ، فكلما طالت مدة الصداقة زادت معرفتك بأسرارها.

فى الختام: يقول الله سبحانه وتعالى:

يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (سورة البقرة 269)

صدق الله العظيم...

اجمالي القراءات 6125