القاهرة – محمود العربي
رغم أمر الرئيس المصري حسني مبارك للجيش والشرطة بالتدخل لوجستيا لحل مشكلة الخبز إلا أن الطوابير واصلت ازدحامها أمام أكشاك التوزيع، التي صارت بديلا عن المخابز بعد فصل الإنتاج عن التوزيع لضمان تحقيق عدالة أكبر.
ومع استمرار أزمة رغيف الخبز في مصر التي تتعدد أسبابها تواصل سقوط الضحايا المدنيين بين قتلى ومصابين في مشاجرات بسبب زحام الطوابير، وكانت آخر الضحايا قتيلة الإسكندرية سيدة جابر أحمد حجازي "٦١ سنة" التي لقيت حتفها يوم الثلاثاء الماضي متأثرة بجراحها التي أحدثها بها مسجل خطر أثناء وقوفها أمام مخبز في منطقة دربالة قبل أسبوعين لتنضم إلى قافلة طويلة من الضحايا ضمت12 قتيلا وعشرات الجرحى حتى الآن، بحسب تصريح المتحدث بقسم حركة "مواطنون ضد الغلاء" محمود العسقلاني لموقعنا، والذي أكد أيضا أن حركته طلبت من المفتي رسميا اعتبار هؤلاء القتلى شهداء غير أنها لم تتلقَ ردا حتى الآن.
ومنح الرئيس مبارك، رئيس الوزراء د. أحمد نظيف ووزير التضامن مهلة حتى نهاية الشهر لحل الأزمة والقضاء على ظاهرة طوابير الخبز نهائيا، وبدا جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة بإنشاء 10 مجمعات كبري يضم الواحد منها ما بين 12-24 خطا لإنتاج الخبز المدعوم في إقليم القاهرة الكبرى، الذي يضم محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية.
نحرك حكومي سريع
ويرى خبراء ومختصون مصريون أن أزمة الخبز ستستمر بعض الوقت قبل أن تنجح مخابز الجيش والشرطة في سد العجز الكبير الناشئ أساسا عن تهريب الدقيق المدعم وبيعه في السوق السوداء بأضعاف ثمنه الحكومي.
وأكد وزارة التضامن الاجتماعي د. علي مصيلحي لـ"الأسواق.نت" أنه سيتم توزيع سبعة ملايين رغيف مدعم في عدة مناطق حيوية بمحافظتي القاهرة والجيزة، في تجربة عملية للوصول برغيف الخبز المدعم للمواطنين، والقضاء على ظاهرة تكدس الطوابير بالمناطق المزدحمة، وقال المصيلحي "إن عملية التوزيع تتم بمعاونة سيارات الوزارة ومديريات التموين؛ حيث يتم توزيع الرغيف بشكل متواز على الأكشاك المخصصة، فضلا عن وقوف هذه السيارات داخل المناطق وقيامها بالبيع مباشرة للجمهور.
وأضاف أن توزيع الرغيف سيتم يوميا بهذه الطريقة لمنع تهريب الدقيق المدعم وبيعه بالسوق السوداء، سعيا وراء الاستفادة من فارق السعر بين الدقيق المدعم والحر، مشيرا إلى أن المناطق المحرومة، وتلك التي تعاني الزحام، سيكون لها الأولوية القصوى في خطة التوزيع اليومية، تمهيدا لتعميم التجربة قريبا على مستوى جميع المحافظات.
ومن جانبها، بدأت الإدارة العامة لشرطة التموين والتجارة الداخلية، بالاشتراك مع الأجهزة الرقابية بالوزارة في عمل حملات مكثفة للتصدي لتهريب الدقيق، وأعلن د. المصيلحي أنه سوف يتم يوميا العمل بهذه الطريقة لتوفير أكبر قدر من رغيف الخبز المدعم للمواطنين بالمناطق المزدحمة، موضحا أن الدقيق المدعم متوافر، ولكن هناك من يقوم بتهريبه وبيعه بالسوق السوداء للاستفادة من فارق السعر بين المدعم والحر.
أصحاب المخابز يردون الاتهامات
من جهتهم رفض أصحاب المخابز اتهامهم بالتسبب في الأزمة من خلال تهريب الدقيق، وقال رئيس شعبة المخابر بالغرف التجارية فرج وهبة "إن السبب الحقيقي هو اعتماد المواطن المصري على الخبز الذي يأكل منه أربع فئات مختلفة، وهم المواطن والبهائم والدجاج وسمك المزارع".
وأوضح وهبة لموقعنا أن كميات الدقيق المهربة معظمها من القطاع العام والمطاحن الحكومية، وأن أصحاب المخابز مجرد شماعة لتعليق الأخطاء.
وعلى نفس الخط اتهم السكرتير العام لشعبة المخابز عطية حماد الحكومة المصرية بالتسبب في الأزمة، وذلك بعدم توفيرها لبدائل الرغيف مثل الأزر والمكرونة اللذين ارتفعت أسعارهما بصورة كبيرة، لكنه ألقى جزءا من المسؤولية أيضا على من وصفهم بالنفوس الضعيفة من أصحاب المخابز، مؤكدا أن الحصة المدعمة التى توفرها الدولة لمحافظة القاهرة تزيد عن حاجتها، وهي حوالي 700 طن يوميا، ولكن بعدما ارتفع سعر كيس الطحين في السوق السوداء إلى 260 جنيها، بينما يحصل عليه صاحب المخبز من الحكومة بـ16 جنيها فقط زادت نسبة التهريب للاستفادة بفارق السعر (الدولار = 5.40 جنيهات).
وتعتزم وزارة التضامن إقرار لائحة عقوبات مشددة ضد أي مخبز يثبت تورطه في تهريب الدقيق للسوق السوداء، تتضمن إغلاقا لمدة عام لمن يثبت ضبطه متهربا بالدقيق، انتهاء بإلغاء رخصة المخبز بشكل عام إذا تكرر هذا الأمر.