أئمة الصوفية أعلنوا ولاءهم للشيطان
أولا : تنوع الأديان الشيطانية للمحمديين
1 ـ الوحى الشيطانى هو صانع الأديان الأرضية للمحمديين . ومن مكره بهم أن جعل أديانهم تتنوع ، بينها إتفاق وإختلاف فى الكفر السلوكى والكفر القلبى العقيدى .
2 ـ يتمثل الكفر السلوكى فى الجهاد الدينى بالغزو والإحتلال وإستحلال الدماء والأموال والأعراض ، كما يتمثل فى الإكراه فى الدين . يتميز بهذا الدين الشيطانى الأرضى السُّنّى . أما الدين الشيعى فهو مسالم طالما يكون اصحابه تحت القهر ، عندها يلجأون للتقية ، فإذا وصلوا الى السلطة نافسوا الدين السُنّى فى عنفه وعنفوانه . الدين الصوفى قائم على المسالمة والحرية الدينية فى أغلب الأحوال ، وبهذا يتميز عن دينى السنة والتشيع .
3 ـ فى الكفر القلبى العقيدى تتفق الأديان الشيطانية الثلاثة فى تقديس الأحاديث الشيطانية وكتبها وفى عبادة البشر. وفى تقديس البشر صنعوا إلاها أسموه محمدا رفعوه فوق رب العزة جل وعلا . وهذا الإله المصنوع المسمى ( محمدا ) لا صلة بينه وبين حقيقة النبى محمد عليه السلام. لا نملُّ من التأكيد على هذه الحقيقة . وإختلفوا فى تقديس البشر بعد إلاههم ( محمد ). الشيعة يقدسون من اسموهم آل البيت وأئمتهم ، والشنة يقدسون جميع الصحابة بما فيهم المنافقون والذين مردوا على النفاق ، ويقدسون ائمتهم رواة الأحاديث الشيطانية . اما الصوفية فإن تطرفهم فى الكفر العقيدى لم يصل اليه أحد . وبسبب هذا التطرف فى الكفر العقيدى فهم مسالمون فى أغلب حالاتهم ومتسامحون دينيا .
ثانيا : تطرف الدين الشيطانى للصوفية فى الكفر العقيدى
1 ـ يؤمن الصوفية بوحدة الوجود ، أى إن المخلوقات من جماد وأحياء هم ذات الله ( تعالى عن ذلك علوا كبيرا ) ولا فارق بين ذات الله ومخلوقاته وأن الفارق بينهما وهمى مثل الفارق بين البحر وأمواجه . التعبير عن هذا الكفر المتطرف يأتى بالرمز دون التصريح لدى من يوصف بالاعتدال ، مثل الجنيد والطوسى والقشيرى. وجاء التعبير عن هذا الكفر صريحا فيما قاله الحلاج ثم ابن عربى وابن الفارض وعفيف الدين التلمسانى وعبد الكريم الجيلى فى كتابه ( الإنسان الكامل ) وابراهيم الدسوقى فى كتابه ( الجوهرة ) . ابو حامد الغزالى فى كتابه ( إحياء علوم الدين ) كان يقول بوحدة الوجود تلميحا وتصريحا ، ولكنه شرحها وأعلنها صراحة فى كتابه ( مشكاة الأنوار) . عبد الوهاب الشعرانى سار على نفس الطريقه يتلون أحيانا كما فى ( الطبقات الكبرى ) ويعلنها صرحة كما فى كتابه ( اليواقيت والجواهر ) . التفاصيل فى كتابنا ( الحياة الدينية بين الاسلام والتصوف : الجزء الأول ) .
2 ـ ننقل من هذا الكتاب بعض سطور : ( فقد قيل في ترجمة عفيف الدين التلمساني (690 ) تلميذ ابن عربي أنه (نسبت إليه عظائم في الأقوال والأفعال والاعتقاد في الحلول والاتحاد والزندقة والكفر المحض ، هذا مع أنه عمل أربعين خلوة كل خلوة أربعين يوماً متتالية). وأنه ( لا يحرم فرجاً وإن عنده ما ثم ( أي ليس هناك ) غير ولا سوى ( أي لا يوجد غير الله ولا سواه فالله هو كل شئ ) بوجه من الوجوه ، وإن العبد إنما يشهد السوي ( أي غير الله من العالم ) إذا كان محجوباً ، فإذا انكشف حجابه ورأى أن ما ثم غيره ( أي غير الله ) تبين له الأمر ، ولهذا كان يقول " نكاح الأم والبنت والأجنبية واحد " وإنما هؤلاء المحجوبون قالوا : حرام علينا فقلنا حرام عليكم ). وقال عنه ابن تيمية ( هو من حذاق القائلين بالاتحاد علماً ومعرفة ، وكان يظهر المذهب بالفعل فيشرب الخمر ويأتي المحرمات ،وحدثني الثقة أنه قرئ عليه فصوص الحكم لابن عربي وكان يظنه من كلام أولياء الله العارفين فلما رآه يخالف القرآن قال : فقلت له : هذا الكلام يخالف القرآن فقال : القرآن كله شرك وإنما التوحيد في كلامنا ، وكان يقول : ثبت عندنا في الكشف ما يخالف صريح المعقول ، وحدثني عن من كان معه ومع آخر نظير له فمر على كلب أجرب ميت بالطريق عند دار الطعم فقال له رفيقه : هذا أيضاً هو ذات الله ؟ فقال : وهل ثم ( هناك ) شئ خارج عنها ؟ نعم الجميع في ذاته ) ، فالتلمساني حلقة وصل ضرورية بين ابن عربي والصوفية الرافضين للإسلام .. ولم يعدم العصر المملوكي من وجود تلامذة للتلمساني : ( قال أحدهم لرفيقه – وكان يمشي في الإسكندرية – إن الله تعالى هو عين كل شئ ، فمر بهما حمار فقال : وهذا الحمار ؟ فقال : وهذا الحمار !! فروّث الحمار من دبره فقال له : وهذا الروث ؟ فقال : وهذا الروث !! ) . وهذه قصة حقيقية وقعت في القرن التاسع ) .
3 ـ تسيّد التصوف العصر المملوكى وسيطر أولياؤه على الناس ، وظهر ما يُعرف ب ( الشطح ) أى إعلان الكفر بالاسلام وسبّ الله جل وعلا ورسوله ، وقد عرضنا فى الكتاب المشار اليه الى ظاهرة ( الشطح ) وكيف كان العصر يجعلها منقبة للولى الصوفى ومفخرة له. ومن ألوان الشطح الصوفى إعلان أن إبليس هو إلههم . ننقل من الجزء الثانى من كتابه ( الطبقات الكبرى ) ما قاله عبد الوهاب الشعرانى عن بعض الأولياء الصوفية ، قال عن الشيخ محمد الخضري : ( كان يتكلم بالغرائب والعجائب من دقائق العلوم والمعارف ما دام صاحياً ، فإذا قوي عليه الحال تكلم بألفاظ لا يطيق أحد سماعها في حق الأنبياء وغيرهم .وأخبرني الشيخ أبو الفضل السرسي أنه جاءهم يوم الجمعة فسألوه الخطبة، فقال بسم الله ، فطلع المنبر فحمد الله واثني عليه ومجده ثم قال ( وأشهد أن لا إله لكم إلا إبليس عليه الصلاة والسلام ) فقال الناس : كفر .. فسلّ السيف ونزل فهرب الناس كلهم من الجامع فجلس عند المنبر إلى آذان العصر وما تجرأ أحد أن يدخل). الشعرانى يذكر هذا ضمن مناقيب الشيخ الخضرى .
4 ـ الشيطان هو أسعد مخلوق بهذا الكفر الصوفى المتطرف ، ومتوقع أن يستخدم التصوف فى ( تبييض ) وجهه ، وفى ( تلميع ) صورته ، وفى ( رفع شأنه ) بين البشر ، وكل هذا للتعمية على تأكيد رب العزة لبنى آدم بأن الشيطان عدو لهم .
ثالثا : تنوع الوحى الشيطانى فى دين التصوف
1 ـ الأغلب فى الوحى فى السُنّة والتشيع هو تلك العنعنات المضحكة فيما يعرف بالحديث النبوى والحديث القدسى . لم يكن أئمة التصوف محتاجين الى التعب فى صناعة هذا الإسناد وعنعناته والتعب فى الجرح والتعديل وهل هذا الراوى ثقة أو ضعيف . إستغنى أئمة التصوف عن الاسناد فزعموا الوحى المباشر من الله جل وعلا بلا واسطة ، وتنوع الوحى الشيطانى عندهم من علم لدنى والمنامات والهاتف.
2 ـ وخلال هذا الوحى الشيطانى المتنوع أعلن الصوفية ولاءهم لإلههم الشيطان .
رابعا : الوحى الشيطانى : الشيطان يزكى أولياء الصوفية
1 ـ تزكية صريحة : إبليس يزكي أفراداً من الصوفية فيقول مثلاً قيس بن الحجاج ( قال لي شيطاني : دخلت فيك وأنا مثل الجزور وأنا الآن مثل العصفور ) . أى دخل فيه الشيطان والشيطان بحجم البقرة ، وبسبب تقوى هذا القيس بن حجاج فقد تضاءل حجم الشيطان فأصبح فى حجم العصفور ( تصفيق حاد ومزعج من فضلكم ).! هنا تزكية مباشرة ومدح واضح واعتراف صريح من الشيطان لابن الحجاج بأنه عجز عن إفساده ، ومطلوب منا أن نصفق لابن الحجاج الذي أرهق شيطانه بتقواه وبدّله من بعد السمنة نحولاً ..
2 ـ وقد تكون التزكية الشيطانية للصوفي ملتوية وغير مباشرة ، وهي أبعد أثراً . يروي الغزالي أنه ( كانت لمحمد بن واسع استعاذة من الشيطان ، فقابله إبليس يوماً فقال له :هل تعرفني يا ابن واسع ؟ قال : ومن أنت ؟ قال : أنا إبليس فقال : وما تريد ؟ فقال له : أريد ألا تعلم أحداً هذه الاستعاذة ولا أتعرض لك ..)[1]. فلابن واسع تعويذة رهيبة – لا نعرفها مع شدة الأسف – وهذه التعويذة المجهولة فعلت فعل السحر بإبليس فعقد صلحا مع ابن واسع ينص على أن يتعهد ابن واسع بعدم تعليمها لأحد حتى لا تضيع جهود إبليس هباء ، وذلك في نظير ألا يتعرض إبليس لابن واسع بسوء ، فيضمن ابن واسع لنفسه العصمة من إبليس ، ويتفرغ إبليس لمهمته في إفساد البشر جميعا سوى ابن واسع .. ولا ريب أن تلك الاستعاذة المجهولة أبعد أثرا مما أورده القرآن الكريم في المعوذتين ومن قوله تعالى لرسوله {وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ،وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ المؤمنون 98:97}.. فالتزكية لابن واسع هنا وإن كانت ضمنية إلا أنها متطرفة ، فقد رفعته فوق مستوى الرسل .
3 ـ وقد تكون التزكية لطائفة الصوفية بأسرها على لسان إبليس يرويها أعيان الصوفية كالجنيد القائل ( رأيت إبليس في المنام عرياناً فقلت ألا تستحي من الناس ؟ فقال إبليس : وهؤلاء ناس ؟ الناس أقوام في مسجد الشونيزيه قد أحرقوا كبدي .. قال الجنيد فلما انتهيت غدوت إلى المسجد فرأيت جماعة قد وضعوا رءوسهم على ركبهم يتفكرون ، فلما رأوني قالوا : لا يغرنك حديث الخبيث .. )[2]. اى ان الصوفية المعتكفين فى مسجد الشونيزيه فى بغداد يستحى منهم ابليس ، وهو لا يستحى من بقية الناس فيسير بينهم عريانا لا يرتدى حتى مايوه بكينى .. ثم يذهب الجنيد الى هؤلاء الصوفية فيفاجأ بأنهم يعرفون ما قاله ابليس الخبيث للجنيد ( أيضا تصفيق حاد ومزعج ).!
4 ـ وكرر الغزالى هذا الوحى الشيطانى : فإفترى أن المسوحي قال : ( رأيت إبليس يمشي عرياناً فقلت ألا تستحي ؟ فقال يا الله هؤلاء ناس .. لو كانوا من الناس ما كنت العب بهم طرفي النهار كما يتلاعب الصبيان بالكرة بل الناس قوم غير هؤلاء قد أسقموا جسمي . وأشار بيده إلى أصحابنا الصوفية )[3]. ويفهم من النصين السابقين الود القائم بين الجنيد والمسوحي من ناحية وإبليس من ناحية أخرى .. حتى أنهما يعتبان عليه المشي عرياناً في السوق خشية الإنكار عليه من الناس الآخرين ، وذلك الود يشي بالولاء بين إبليس والصوفية ، ذلك أن المسلم مطالب باتخاذ إبليس عدواً أبدياً ( وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ، إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ :فاطر 5، 6).. وذلك الرد الذي تظهره كلمات الصوفية المعتدلين كالجنيد والغزالي يعبر عنه بوضوح القرآن الكريم بالموالاة بين إبليس وحزبه ..
خامسا : الوحى الشيطانى : أئمة الصوفية يزكون ابليس
1 ـ قال الغزالي فى ( إحياء علوم الدين ) :( .. فإما معرفة ذاته وصفاته وحقيقته فذلك ميدان العارفين المتغلغلين في علوم المكاشفات )[4]. ( المكاشفة ) من إصطلاحات التصوف وتعنى العلم بالغيب وأن أولياء التصوق يكاشفهم الله بالغيب. وهذا هو الوحى الشيطانى الذى نقصده. ومن يقرأ هذه العبارة يعتقد أن المقصود بمعرفة ذاته وصفاته هو الله تعالى ، فذلك كثيراً ما يتردد في كتب الصوفية عن الله تعالى وأن الأولياء هم وحدهم العارفون به وبأسراره وبعلمه اللدني ، ولكن الغزالي يقصد بتلك العبارة إبليس ، ويرى أن أولياء الصوفية العارفين المكاشفين بالغيب هم الذين يعرفون ذاته وحقيقته وصفاته .. فهنا نوع من المشاكلة يشي بتقديس إبليس . ومع أن الكذب واضح في تلك الجملة– فإبليس بذاته وصفاته غيب وسمعيات لا يعلمها إلا الله تعالى – فإن تعمد الكذب والإقدام عليه يفضح نفسية الصوفية في الاهتمام بإبليس ورعاية شأنه .
2 ـ ولقد عرض الغزالي صراحة لمكاشفة إبليس أو وحيه للصوفية ، وقد ارتفع بإبليس إلى منزلة الملائكة الذين ينزلون بالوحى على الأنبياء ، يقول ( إن الملك والشيطان لهما صورتان هي حقيقة صورتهما ولا تدرك حقيقة صورتها إلا بالمشاهدة بأنوار النبوة ..) [5]. ويقول عن وحى إبليس لأئمة التصوف : ( والأكثر أنه يكاشف أهل المكاشفة من أرباب القلوب (يعني الصوفية ) بمثال صورته فيتمثل الشيطان له في اليقظة فيراه بعينه ويسمع كلامه بإذنه فيقوم ذلك مقام حقيقة صورته ، كما ينكشف في المنام لأكثر الصالحين ، وإنما المكاشف في اليقظة هو الذي انتهى إلى رتبة لا يمنعه اشتغال بالحواس بالدنيا عن المكاشفة التي تكون في المنام فيرى في اليقظة ما يراه غيره في المنام )[6]. أي أن تجلي إبليس في ( اليقظة ) لا يكون إلا لمن انتهى إلى أكبر رتبة بين كبار الصوفية ، وغيره لا يحظى برؤيته إلا مناماً ..
3 ـ وهكذا يتضح أن الصوفية يقولون في إبليس ورؤيته نفس ما يقولونه فى اكاذيبهم عن الوحى الالهى لهم. فالغزالي يعقب على مقالته السابقة بقوله ( فإن القلب لابد وأن تظهر فيه حقيقة من الوجه الذي يقابل عالم الملكوت وعند ذلك يشرق أثره على وجهه الذي يقابل به عالم الملك والشهادة ، لأن أحدهما متصل بالآخر ، وقد بينا أن القلب له وجهان : وجه إلى عالم الغيب وهو مدخل الإلهام والوحي ووجه إلى عالم الشهادة ..) وهكذا إلى أن يقول ( ... وهذه أسرار عجيبة من أسرار عجائب القلب ، والمقصود أن تصدق بأن الشيطان ينكشف لأرباب القلوب وكذلك الملك تارة بطريق التمثيل والمحاكاة كما يكون ذلك في النوم وتارة بطريق الحقيقة ، والأكثر هو التمثيل بصورة محاكية للمعنى ..)[7]. فالغزالى يزعم معرفة أئمة التصوف بذات ابليس وصفاته وحقيقته بمثل زعمه معرفتهم بالله وذاته .
وتناسى الغزالي أن رؤية إبليس يقظة ومشافهة بالشخص مستحيلة فقد قال تعالى (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ.. الأعراف27).. إلا أن عدم رؤيته يقظة لا تمنع موالاته فالشيطان خلف ابن آدم ويحركه بالوسوسة والتلبيس والتغرير وبشتى الحيل حتى يملك عليه أقطاره ويستحوذ عليه (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ .. المجادلة19)..وحينئذ يكون ولي الشيطان معبراً عنه ، يتلقى وحيه وإلهامه وينسبه لله تعالى إفتراءاً عليه ، وإذا تطرف نسب وحي الشيطان إلى الشيطان علانية ، كما ورد في الكتابات الصوفية وقد رأينا طرفاً من ذلك ، ولكن الوحي الشيطاني هو المصدر الأساسي للتصوف وكل ادعاءاته .
4 ـ فبعض كبار الصوفية المشرعين في الدين الصوفي أعلن صراحة نسبة كلامه وآرائه إلى وحي إبليس ، ولم ينس أن يصبغ ذلك حيناً ببطولة وهمية له كقول أبي سعيد الخراز ( رأيت في المنام كأن إبليس وثب علىّ ، فأخذت العصا لأضربه ، فلم يفزع منها ، فهتف بي هاتف : إن هذا لا يخاف من هذه وإنما يخاف من نور يكون في القلب )[8]. والقلب عند الصوفية يعنى كل الأسرار والأنوار الإلهية بزعمهم.
5 ـ وقد ارتدى إبليس في وحي آخر عمامة التصوف يقرر لهم ما يجوز، كما حكى الجنيد من أنه رأي إبليس في النوم : ( .. فقلت له هل تظفر من أصحابنا بشيء؟ قال : نعم ، في وقتين : وقت السماع ووقت النظر فإني أدخل عليهم به) [9]. وعجيب أن يفشي إبليس أسرار مهنته للجنيد ويفضح طريقته في إغواء الصوفية ، ولكن يزول العجب إذا علمنا أن مقصد الجنيد أو إبليس هو التشريع للصوفية في السماع وفي النظر .. وتلك أمور صوفية خالصة لا شأن للإسلام بها إذ هي خارجة عن منهاجه وتستلزم نوعاً من التوجيه فى هذا الدين الأرضى ، ولا يأتي التوجه والوحي إلا من إبليس ..
6 ـ وبعض الوحي الشيطاني الصوفي يحمل في داخله دعوة ضمنية للانحراف والانخراط فيه بدافع اليأس من مجاهدة الشيطان وذلك كقول خيثمة بن عبد الرحمن ( إن الشيطان يقول : ما غلبني ابن آدم فلن يغلبني على ثلاث : أن آمره فيأخذ المال من غير حقه وإنفاقه في غير حقه ومنعه من حقه )[10]. ويقول الغزالي ( وقيل إن الشيطان يقول : كيف يغلبني ابن آدم وإذا رضي جئت حتى أكون في قلبه وإذا غضب طرت حتى أكون في رأسه )[11].
7 ـ ولقد أبرز الله تعالى الصورة الحقيقية لإبليس كعدو أبدي لابن آدم ووصفه بما يستحق من صفات ذميمة كالكفر والحسد والكبر والإضلال وغيرها .. وكأنما عز على الصوفية أن تشوه صورة إبليس إلى هذا الحد ، فحاولوا القيام بعملية تجميل لوجه إبليس ، وأظهروه بمظهر النبي المصلح ، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر ، يقول الغزالي ( روى صفوان بن سليم أن الشيطان تمثل بعبد الله بن حنظله فقال له : يا ابن حنظله أحفظ عني شيئاً أعلمك به : يا ابن حنظله لا تسال أحداً غير الله سؤال رغبة ، وانظر كيف تكون إذا غضبت فإني أملكك إذا غضبت )[12]. وبعض هذه النصائح المزعومة كانت تفضح وسائل إبليس في الإغواء رغبة في إتمام عملية التجميل والتحسين وأنه يحذر بني آدم من خطورته وإن لم يفعلوا بوصاياه الجميلة فهو مضطر لإغوائهم كأن يقول لبعض الأولياء – وقد سأله كيف تغلب ابن آدم – ( آخذه عند الغضب وعند الهوى )[13]. أو كقوله في النص السابق ( .. وأنظر كيف تكون إذا غضب فإني أملكك إذا أغضبت )..
أخيرا
1 ـ ونحن إما أن نصدق هذه الصورة الجميلة التي رسمها الصوفية لإبليس لعنه الله وإما أن نؤمن بما أورده القرآن الكريم عن إبليس اللعين الرجيم الذي بلغ حقده على آدم وحواء وهما في محنتهما حين أخرجهما من الجنة أن كان يتشفى فيهما فينزع عنهما لباس الجنة ليريهما عوراتهما ..(يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ .. الأعراف27).
2 ـ.إن الله جل وعلا يقول : (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير ..ِ فاطر6).. والتأمل في هذه الآية الكريمة فيه الرد على الأقاويل الصوفية السابقة.. وفيه الإشارة للعلاقة ببين الشيطان وأتباعه . ومراجعة المنامات الصوفية وما يزعمونه عن الهاتف والعلم اللدني والأحاديث المزيفة كلها تدخل في باب الوحي الشيطاني في التشريع وفي الغيوب .