الذكرى الثامنة لترسيم الامازيغية اية ملاحظات جوهرية؟

مهدي مالك في الإثنين ٠١ - يوليو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

الذكرى الثامنة لترسيم الامازيغية اية ملاحظات جوهرية؟

مقدمة متواضعة                                           

تعتبر القضية الامازيغية من احدى الملفات المطروحة على الفاعل السياسي و على الفاعل الثقافي منذ سنة 1956 بحكم ان المخزن اتفق مع  ما يسمى بالحركة الوطنية سنة 1934 على تهميش الامازيغيين على مختلف الاصعدة و المستويات بغية  تحويل هوية هذا البلد من الامازيغية الاسلامية الى هوية اخرى تعتمد على العروبة و الاسلام مع قبول الفرنسية كلغة و كثقافة و كقوانين وضعية تتعارض بشكل كلي مع مفهوم الدولة الدينية لدى الفكر السلفي فاصبحت هوية المغرب المستقل هي خلط بين المشرق العربي كامتداد تاريخي و ديني و الغرب المسيحي كباب نحو التحديث السطحي للدولة الوطنية المركزية أي احداث مؤسسات الدولة الحديثة من قبيل البرلمان و اجراء الانتخابات و السماح بخلق الاحزاب السياسية و جمعيات المجتمع  المدني حيث طبعا هذا يخالف مع مفهوم الدولة الدينية وفق تصورات السلفيين الحقيقيين ..

و هكذا  انطلقت دولة الاستقلال الشكلي في مسار طويل قد استغرق عقود من الزمان تحت عنوان كبير الا و هو الانكار التام لامازيغية المغرب على مختلف المستويات و الاصعدة فكانت النتيجة  هي وقوع مجموعة من الاحداث الايجابية او السلبية مثل تم اعتماد ايديولوجية الظهير البربري كاساس لتعامل السلطة مع المسالة الامازيغية بشموليتها منذ سنة 1956 الى سنة 2001 و كاساس لتدبير الشان الديني الرسمي منذ سنة 1956 الى اليوم بكل الصراحة و الموضوعية بهدف ابعاد الامازيغية باعتبارها ثقافة اسلامية لكن في نطاقها العلماني المغربي عن تدبير هذا الحقل المشترك بين المغاربة لان الاسلام هو دين الاغلبية الساحقة منهم بمعنى ان الشان الديني الرسمي مازال بعيد كل البعد عن ما يسمى بتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية الان ..............

و من قبيل احداث الريف سنتي 1958 و 1959 كمؤشر واضح يفيد ان المغرب الرسمي لا يريد التعامل بالعدل مع الخصوصيات المحلية على الاطلاق .

ان من بين الاحداث التي طبعت  مسار الامازيغيين السياسي بشكل بدائي للغاية هو تاسيس حزب الحركة الشعبية سنة 1958 كاشارة قوية من طرف امازيغي الاطلس المتوسط تجاه القصر الملكي بان الامازيغية و البادية المغربية  هما قضيتان مركزيتان ينبغي على المخزن حلهما....

لكن هذا الحزب دخل في طاعة المخزن فاصبح يمثل وعي بدائي للغاية للثقافة الامازيغية و مستمر الى حدود الساعة لان هذا الحزب قد مات امازيغيا منذ سنة 2003 حسب اعتقادي المتواضع باعتباره لم يواكب مطالب الحركة الامازيغية منذ ذلك التاريخ الى الان .

  ان من بين الاحداث الايجابية هي ظهور  الحركة الثقافية الامازيغية في اواخر الستينات بخطاب ثقافي ينطلق من الهوامش الامازيغية المنسية انذاك الى مدن المركز كاعلان صريح على ان المغرب الرسمي ينبغي له رفع حصار فظيع تجاه الامازيغية كلغة و كثقافة باعتباره احد اهداف الحركة الجمعوية الامازيغية منذ سنة 1967 الى سنة 2001  فقط بمعنى ان هذه المدة استطاعت الحركة الجمعوية الامازيغية ان تفرض وجودها باعتبارها اتجاه ثقافي هادف الى تحقيق المطالب الثقافية لامازيغي المغرب وقتها ...........

لكن بعد سنة 2005 قد ظهر اتجاه اخر داخل الحركة الامازيغية الا و هو الاتجاه السياسي عبر تجربة الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي القصيرة لكنها مفيدة من حيث الادبيات و الافكار من قبيل الاسلام الامازيغي و الاعراف الامازيغية الخ لكن هذا الحلم الجميل تم إجهاضه من طرف المخزن سنة 2008 كما يعلم الجميع داخل المغرب و خارجه..

الى صلب الموضوع                            

اننا نحتفل اليوم أي فاتح  يوليوز  بالذكرى الثامنة لترسيم الامازيغية في الدستور المغربي حيث نتذكر جميعا سياق سنة 2011 المتميز بثورات الربيع الديمقراطي على صعيد دول شمال افريقيا و الشرق الاوسط كتعبير سامي لرغبة هذه الشعوب الاسلامية في التغيير السلمي مع الاستقرار السياسي كالنموذج الذي اختاره المغرب عبر استجابة لمطالب حركة 20 فبراير عبر خطاب 9 مارس 2011 التاريخي بالنسبة لي بصفته اعترف للمرة الاولى بان الامازيغية هي صلب الهوية المغربية في معرض حديثه عن الاصلاحات الدستورية..............

فانطلق النقاش العمومي الرائع منذ ذلك الحين الى اللحظات الاخيرة ثم تدخل حزبا الاستقلال و العدالة و التنمية في الصياغة النهائية للدستور الحالي بهدف اضافة تصورهما الايديولوجي بشان ترسيم الامازيغية بجعلها كلغة ثانية بعد اللغة العربية و جعلها ترتبط بصدور قانون تنظيمي تحت اسم قانون تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية و ليس للغة الامازيغية او التواصل بها الخ......

ان من خلال 8 سنوات من الترسيم يمكن نلاحظ الملاحظات التالية...

 اولا ان الارادة العليا في البلاد هي صريحة في هذا الامر أي تفعيل ترسيم الامازيغية عبر الخطب الملكية امام البرلمان عند افتتاح دورة اكتوبر أي ان دور الفاعل الملكي هو يكتسي اهميته الجوهرية منذ سنة 2001 من خلال خطاب اجدير التاريخي الذي فتح الابواب امام الامازيغية كشرعية ثقافية و لغوية لا اقل و لا اكثر ..........

لكن الفاعل الامازيغي قد نظر الى تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية كاحتواء للمسالة الامازيغية بشموليتها كما تريده السلطة وقتها أي إبقاء الامازيغية كقضية ثقافية بمفهومها الضيق بمعنى بعيدة عن استراتيجيات الدولة في قطاعات حيوية من قبيل التنمية و حقوق الانسان و تدبير الحقل الديني الخ من هذه المجالات الحيوية .................

ثانيا جمود اطراف معينة داخل المخزن التقليدي حول تصوره الأزلي حول القضية الامازيغية باعتبارها مشروع استعماري الذي اعتمدته فرنسا في سنة 1930 من خلال تاويل الحركة الوطنية الخطير لظهير 16 ماي لنفس السنة حيث ان هذا الظهير الوطني كما اسميه قد جاء لتنظيم شيء اصيل عند القبائل الامازيغية منذ قرون غابرة قبل الاسلام و بعده في عز الحضارة الامازيغية الاسلامية الا و هو الاعراف الامازيغية بمعنى ان جمود اطراف معينة داخل المخزن التقليدي قد ساهم في بقاء العداء التام بين الامازيغية و الاسلام على مستوى السلطة و نخبتها الدينية الرسمية و اتكرر الرسمية أي انها تحت تاطير و اشراف وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية بصريح العبارة .....

ثانيا ان سلوك الفاعل السياسي الاسلامي ان صح التعبير مع تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية هو سلوك طبيعي للغاية لان الامازيغية بشموليتها قد تم تهميشها دينيا منذ سنة 1956 الى الان بمعنى ان تهميش السلطة للامازيغية دينيا قد فتح الابواب امام المذهب الوهابي منذ سنة 1979 بالتحديد ليغزو مجتمعنا المتدين اصلا بافكاره اولا ثم بمرجعيته السياسية ثانيا حتى صعد الاسلاميين الى الحكومة منذ يناير 2012 الى الان ..

لقد عرف الملف الامازيغي بشموليته خلال هذه الفترة تراجعات خطيرة على مختلف الاصعدة و المستويات بدليل مصادقة مجلس النواب مؤخرا على قانون تفعيل التواصل بالامازيغية كما سماه الاستاذ ارحموش في نظمها حزب الحركة الشعبية بمجلس المستشارين .

رابعا ان تعامل بعض الاحزاب السياسية بعينها مع القضية الامازيغية هو  تعامل ثقافي و لغوي حسب ادبيات الحركة الامازيغية لعقد التسعينات أي ان هذه الاحزاب تستغل ورقة الامازيغية في كل مناسبة انتخابية  منذ ستينات القرن الماضي الى اليوم بمعنى ان هذه الاخيرة هي عاجزة على تناول بعض الامور من قبيل تكذيب ايديولوجية الظهير البربري صراحة و من قبيل اعتبار الاعراف الامازيغية مصدر من مصادر التشريع الوطني الخ من هذه المسائل الجوهرية أي ان هذه الاحزاب لا فائدة منها اصلا في هذه القضية .  .

خامسا غياب أينقاش عمومي صريح بخصوص حيث قلت في احدى مقالاتي في شتنبر الماضي حول ضرورة تنظيم المناظرة الوطنية بشان المسالة الامازيغية  فمنذ ذلك الوقت أي سنة 2011 اخذ النقاش العمومي حول المسالة الامازيغية يتراجع شيئا فشيئا حتى وصلنا الى هذه الوضعية الخطيرة للغاية في ظل عدم وجود اية ارادة سياسية صريحة بتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية بحكم ان المخزن التقليدي لا يريد اصلا تفعيل ترسيم الامازيغية على مختلف المستويات و الاصعدة  لان تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية سيعني سياسيا ان الامازيغية كلغة و كثقافة و كقيم اصيلة ستكون ثابتا ضمن ثوابتنا الدينية و الوطنية و ستكون ثابتا جوهريا في سياسة المغرب الخارجية.

و باعتبار ان المغرب هو بلد اسلامي وفق دستورنا الحالي حيث يتبوأ الدين الاسلامي مكانة الصدارة داخل الوثيقة الدستورية الحالية بعيدا عن تاويلات ما يسمى بتيارات الاسلام السياسي و الحالمة باقامة خلافة الاسلام على منهج النبوءة كما هو موجود في كتب السلف البشرية أي انها ليست مقدسة بالنسبة لي على اقل ...

و بالتالي فستكون الامازيغية هوية رسمية للدولة المغربية على مختلف المستويات و الاصعدة دون انتظار أي قانون صادر من حزب العدالة و التنمية المتوفر على مرجعيته المشرقية تتعارض مع مطالبنا كحركة امازيغية بشكل جدري كما يعلم الجميع . 

و قلت في ذلك المقال كذلك ينبغي اولا تحديد ماذا نقصد بالمسالة الامازيغية الان لان البعض مازال يختزل المسالة الامازيغية في كل ما هو ثقافي او لغوي حسب مطالب ميثاق اكادير لسنة 1991 و مطالب بيان الاستاذ محمد شفيق لسنة 2000 و لو بشكل جزئي اذا اخذنا بعين الاعتبار مطلب ترسيم الامازيغية و مطلب اعادة كتابة المغرب و مطلب تنمية المناطق المحافظة على امازيغيتها كما اسميها بمعنى ان مسالة تحديد طبيعة القضية الامازيغية الان هي جوهرية للغاية حيث اعتقد ان القضية الامازيغية كانت و مازالت قضية سياسية بدون أي شك او جدال عقيم لان دولة الاستقلال و الحرية كما يقال قد حطمت الامازيغية بكل ابعادها تحطيما شديدا من اجل بناء دولة لها وجهان متعارضان بشكل تام أي الشرق العربي و الغرب المسيحي ..........

ينبغي تحديد اهداف من وراء تنظيم هذه المناظرة الوطنية حول المسالة الامازيغية بضبط حيث من المفروض ان تنظم هذه المناظرة بعد ترسيم الامازيغية في دستورنا الراهن مباشرة أي في شتنبر 2011 او في مارس 2012 لوضع تصور وطني حقيقي و واقعي حول تفعيل الطابع الرسمي للامازيغية لكن هذا لم يحدث اطلاقا.

سادسا عدم قدرة الحركة الامازيغية على انتاج بديل سياسي قوي الى الان حيث ان القضية الامازيغية اليوم تحتاج الى حزب امازيغي من الناحية الايديولوجية و من الناحية السياسية للوصول الى السلطة الحكومية كما فعل الاسلاميين الذين اسسوا حزب العدالة و التنمية سنة 1996 و الان ها هم في الحكومة يخربون كل شيء امامهم .....................................................................

توقيع المهدي مالك                                      

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 3386