وأين هو موقف الأظهر من كل هذا ؟ وهل هو شريف حقا بمثل هذا الخضوع ؟
ظاهرة القمص زكريا بطرس - وموقف المسلمين المتخاذل -

يحي فوزي نشاشبي في الإثنين ١٧ - يونيو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله الرحمن الرحيم

***** 

ظاهرة

القمص  زكريا  بطرس

وموقف المسلمين المُتخَاذل

============== 

إنهعجيب وغريب موقفنا نحن المسلمين المنتمين إلى الرسالة الختامية  إزاء هذا النصراني الذي يجتهد وبكل ما أوتيه من إخلاص لاستثمار الوسائل الإلكترونية العلمية التي حبا الله بها عباده، نعم إن هذا  النصراني يدعو  إلى ما يعتقده هو  حقا.

وإنّ المتتبع لنشاط هذا الداعية المخلص في ما يراه هو، وبكل إنصاف وشجاعة، لا يمكن أن يسع هذا المسلم القرآني إلا أن يكون شجاعا ومنصفا لهذا النصراني، ما دام المجال مفتوحا على مصراعيه ليدعو  هو الآخر كمسلم بكل شجاعة وإنصاف إلى ما يراه حقا.

وإن القمّصَ زكريا بُطرس، عندما يكون مجتهدا ومطلعا أيما اطلاع على القرآن العظيم، وأيما اطلاع كذلك على ما يُسمى السنة بكل مصادرها وجزئياتها وتفاصيلها، (وربما  أكثر بكثير من المدعين انتماءهم إلى السنة ) إن هذا الداعية النصراني عندما تكون جولاته وصولاته وسباحته وغوصه في بحار تلك المجلدات " الأمهات " المعتبرة صحاحا من طرف الأغلبية الساحقة من المسلمين المنتمين إلى القرآن العظيم، تلك الأمهات التي أصبح العديد منها يحتل المرتبة الأولى بعد الحديث المنزل من لدنه سحانه وتعالى، بل إن البعض منها يعتبرها بعضُ المشائخ إن لم نقل أغلبية المشائخ المسلمين- بدون خجل وبدون وجل- هي الأولى بل هي المؤثرة على القرآن نفسه.

عندما تكون كلمة هذا الداعية النصراني الأخيرة الموجهة إلى المسلمين بمثابة اندهاش وتساؤل وحيرة قائلا :  أن أجيبونا أيها المسلمون المنتمون إلى القرآن وإلى رسول الله محمد، أجيبونا، وهل ترضون وتوافقون بما تزخر به بطون تلك الأمهات، وهي مراجعكم التي تعتمدون عليها، تلك المراجع ( الواصفة خاتم الإنبياء والرسل) وبكل ما في صفات القبح والهجاء والسب والشتم والحيوانية من معان، إن هذا البطرس  يكرر  هذا النداء الموجه إلى المسلمين في كل حديث وفي كل مرة يفضح فيها تلك الويلات وتلك الصفات القبيحة الهجائية، وهو معزز بتلك الكتب التي يظهرها بكل وضوح على الشاشة بأجزائها وبصفحاتها الحاملة لتلك الإتهامات التي تخدش سمعة النبي وتمرغ في الأوحال شرفه وسيرته، وهي صادرة ومؤكدة من طرف أولئك الرواة والمشائخ المعتمدين.

* وقد سبق  لأحد المتسائلين أن عبر عن رأيه قائلا: ومن بين ما ينتظر أن يتفق عليه الجميع أن الرسول الكريم لم يذهب لرواة الأحاديث ليكلمهم عن قدراته الجنسية الخارقة، فهل كان هؤلاء الرواة يتلصصون عليه ليعرفوا هذه الأشياء؟

وهناك تساؤل كبير  شجاع وهو : ما ذنب الداعية القمص زكربا بطرس؟ عندما يسبح ويغوص ويطلع علينا بما جمعه من تلك الأمهات؟ مثل ما يلي ؟؟؟ :

01) أن النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار، وهن إحدى عشر، قال الراوي عن أنس قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: "كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين"، وفي رواية الإسماعيلي: قوة أربعين في الجماع. ( أخرجه البخاري في صحيحه).

02) عن عائشة " كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها، أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها." (مع الملاحظة أن هذا الداعية النصراني هو طبعا لا يفوت هذه الفرصة ليطعن في شخص النبي محمد الرسول الذي كان هو الأول الذي تلقى الآية رقم : 222 في سورة البقرة : (... ويسألونك في المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ...).ويعلق الداعية النصراني قائلا : ومع ذلك فالنبي هو الأول الذي يدوس هذه التعليمة الإلهية حسب ما جاء ذلك واضحا وموثقا في كتبكم المعتمدة. كما أن النصراني الداعية لا تفوت عنه الفرصة في أن يرسل (طوربيداته) اللاذعة المسمومة لجميع  المسلمين مضيفا ( ولا تنسوا أن لكم في رسول الله الأسوة الحسنة) .

03) وهكذا يستمر القمص زكريا بطرس،  فيخرج لنا صيدا آخر من شبكته قارئا علينا ما رواه الإمام البخاري عن جابر رضي الله عنه أنه قال:  تزوجتُ فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما تزوجت ؟ فقلت : تزوجتُ ثيبا، فقال: مالك والعذارى ولعابها؟ (أخرجه البخاري في صحيحه). وهكذا، فيحلو  للداعيه أن يلوح لنا بذلك الغلاف المذهب لكتاب الإمام البخاري، وبدون أن ينسى ذكر رقم الجزء ورقم الصفحة، وربما رقم الرواية، ثم يضيف الداعية ما يلي: (وقد ذكر في فتح الباري على شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني أنه روى " ولعلها بضم اللام، والمراد به الريق، وفيه إشارة إلى مص لسانها ورشف شفتيها، وذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل).

04) راد وبعد أن يحدق القمص زكريا في مشاهديه، يمد يده إلى شبكته وينطلق تاليا ما يلي : (وكذلك ما رواه ابن خزيمة في صحيحه، والإمام أحمد في المسند، وأبو داود والبيهقي، تأكيدا للحديث السابق عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها.).

05) ثم يلتفت إلينا الداعية القمص زكريا بوجه تعلوه مسحة من ارتباك وحرج  قبل أن يجمع شجاعته الأدبية ليتلو علينا ما يلي قائلا: أما عن الآتي فهي والله المصيبة يا مسلمين، اسمعوا ما يرويه إمامكم البخاري، وبالتالي لكم أن تلوموا ما أو من شئتم، ولكن لا تلوموني : (أول حديث رواه الإمام البخاري رضي الله عنه في صحيحه في كتاب " النكاح "، باب ما يحل من النساء وما يحرم وهو نصا : " فيمن يلعب بالصبي إن أدخله فيه -  يعني لاط به – فلا يتزوجن أمه). ثم  يصفع المشاهدين بالكتاب المذهب غلافه للإمام البخاري، متبعا ذلك كعادته بذكر رقم الجزء ورقم الصفحة ورقم الرواية.

06) ويسترسل الداعلية في تلاوة رواية أخرى، مفادها أن رجلا استأذن رسول الله (ص) أن يدخل تحت عباءته أو قميصه ، لكن من الخلف، فلم يكن للرسول الكريم إلا أن أذن له بأن يفعل ذلك، وبدون أن يتردد لحظة تسلل هذا الرجل تحت عباءة الرسول ودائما من الخلف والتصق به أي بظهر الرسول أيما التصاق وبكل ما في الرغبة الحيوانية مــن عنفوان. وهكذا.......فرفع الداعية رأسه ناظرا إلى المشاهدين بعينين ناطقتين بأفصح تعليق، تاركا لنا أن نملأ المسكوت عنه، ثم لم ينطق الداعية بعد برهة إلا ليقرأ علينا رقم الجزء ورقم الصفحة الواردة فيها الرواية القبيحة.

* وباختصار، فإن ما احتوته شبكة الغواص القمص زكريا، هي في الحقيقة غيض من فبض، أما عن تصور ما يكون اعترى أغلبية المشاهدين من المسلمين، من أسى وأسف لما رأوه وسمعوه، ومن تشنج وغل وحقد على هذا الداعية فحدّث وتصوّر ولا تحرج.

* وأما عن بيت القصيد من كل ما ذكر فهو موقفنا نحن المسلمين المنتمين إلى الرسالة الخاتمة، فهو موقف مخز، متخاذل، ومحزن جدا جدا، لأننا نصبّ وسنصُبّ حتما جام غضبنا وحقدنا ووعيدنا وتهديداتنا وغلنا على القمص زكريا بطرس، ناسين أو متناسين إصرارا منا أو خوفا من مواجهة الحقيقة، أي حقيقة انتقاد موروثنا، ذلك الضخم الذي وجدنا عليه آباءنا، وهذا هو المخجل حقا، لأن هذا الداعية لم يأت بأي شئ أو بأدنى افتراء من عنديته، وإنما كان ذا إرادة فولاذية وروح استثمارية في سبيل قضيته، وكان قد قرأ ما نعاف نحن قراءته، وبحث ما نحن عاجزون عن بحثه في تراثنا أو في ما نحسبه كذلك، ولو كان لدينا شئ يسير من العدل والإنصاف لشكرنا لهذا الداعية ولأمثاله الكثيرين هداياهم، لأنهم أنطقوا المسكوت عنه، وفضحوا ما كان مكتوما، عملا بالقول المأثور (رحم الله امرأ أهدى إلــي  عيوبي).

* وإن الطامة الكبرى هي أننا: عوض أن نبادر إلى البحث والتحقيق والتمحيص لنبعث كل ما هو مدفون في هذه الكتـــب

الأمهات والإسراع في اتخاذ الموقف الشجاع واستنكاره ونفيه، ونفي كل ما ألصق بشخص أسوتنا الحسنة رسول الله، عوض كل ذلك، مضينا وعن إصرار غريب في تجنب التحديق في المشكل الرئيس، وأصبحنا متربصين بهؤلاء الدعاة ومتوعديهم بكل شر وبكل ما أوتينا من فنون السب والشتم والتهديد، والحكم عليهم وإصدار أحكام الإعدام، ولسان حالنا حتما يقول بأننا كنا وما زلنا، وسنبقى إلى ما شاء عنادنا، راضين مرضيين بكل ذلك الهجاء المبين الموجه لشخص النبي محمد الذي صلى عليه الله هو وملائكته.

* وقد يتبادر هنا تساؤل لدى الجميع عندما يكونون جادين في الأمر، ألا وهو : ماذا تعني بالضبط تلك المناسبة؟ أي مناسبة الإحتفال سنويا بكتاب البخاري؟، ذلك الكتاب المنافس لكتاب الله العلي العظيم، وعند الكثيرين ذلك الكتاب الذي يلتجئ إليه كتاب الله نفسه حسب هذا الزعم الباطل ؟ أيمكن أن نتصور أننا نحتفل به ونحن نجهل ما يحمله من هجاء وقنابل مدمرة؟ ثم سؤال آخر وعن الأزهر الشريف ؟ هل هو حقا مطلع عما في بطون  تلك الأسفار التي تحتل رفوفه منذ عشرات القرون ؟  

* وكما قد يتبادر هنا تساؤل آخر شجاع منصف ومخلص قائلا : فما هو الموقف ؟ وما هو التصرف؟ وما هو الحل؟.

* أما الجواب البديهي لا يمكن أن يكون إلا التكذيب الكامل لكل تلك المفتريات التي لم يفترها ذلك القمص أو غيره من الدعاة إلى النصرانية، بل افتراها ونسخها ووثقها –باطلا– أولئك المفترون الذين تركوا آثارهم في مجلدات البخاري وغير البخاري، والحل يكمن في الرجوع وتصور تلك الحقبة من الزمن التي كانت حتما مطهرة، وهي حقبة ما قبل انتشار ظاهرة أو وباء حمى ضرب أكباد الإبل والجري وراء الأحاديث وتصيدها، والإكتفاء بالحديث الوحيد المنزل من عند الله العظيم، وعندها فقط نكون بلغنا طور تأمل مثل هذه التعاليم الربانية الواردة في القرآن العظيم وحده لا شريك له، لتوظيفها إزاء غيرنا من أهل الكتاب، ومنها ما يلي :

( لا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم  واحد ونحن له مسلمون ).العنكبوت – الآية 46.

( قل يا أهل الكتاب تعالوا  إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا  فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ).آل عمران – الآية 64 –

( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم  ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين .).الكافرون –

( قل كل يعمل على شاكلته فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا). الإسـراء – الآية 84.

( قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون ). الأنعام – الآية 135.

******** 

اجمالي القراءات 9332