قراءة فى كتاب أسانيد آية الرَّجم

رضا البطاوى البطاوى في السبت ٠١ - يونيو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

أسانيد آية الرَّجم "الشَّيخُ والشَّيْخَةُ إذَا زَنَيَا فَارْجُموهُما البَتَّة"
الكتاب جمع ودراسة حمد بن إبراهيم العثمان وأما سبب تأليف حمد له فقد ذكره فى قوله :
"فقد كان الشيخ الفاضل العلامة محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله- يشرح كتاب "زاد المستنقع" في الفقه الحنبلي -كتاب الحدود منه- وتكلم فضيلته عن الرجم في حق الزاني المحصن وذكر حفظه الله أن هذا الحكم ثابت بالسنة لفظًا وحكمًا، وأنه ثابت بالقرآن حكمًا وأن لفظه منسوخ، وذكر رحمه الله ما تناقله الفقهاء والمفسرون من أن الآية المنسوخة في الرجم هي: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم) والشيخ -رحمه الله- بصير ناقد للنصوص لا يقبلها إلا بعد تدبر وتمحيص، وأورد الشيخ - رحمه الله-إشكالًا على الآية المذكورة وقال:إن حكم الرجم مناط بالإحصان، وليس بالشيخوخة كما في الآية المذكورة، فالشاب المحصن يرجم، والشيخ غير المحصن لا يرجم، وإن بلغ من العمر عتيًّا وهذا لا يفيده ظاهر الآية ووقع في قلبي -لما ذكر الشيخ كلامه حول الآية المذكورة- أن أجمع الأسانيد المذكورة للآية، ويسر الله ذلك بعد زمن، ولله الحمد والمنة "
والخطأ وجود آية من القرآن لم تكتب فيه ويخالف هذا أن لا وجود لقرآن خارج المصحف الكعبى لأن الله أنساه لنبيه (ص)ومن ثم كل الناس وفى هذا قال بسورة بسورة البقرة "ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها "
والخطأ الأخر أن رجم المتزوج ثابت بالقرآن حكما وهو كلام خاطىء فكيف يكون المصحف خالى من ذلك الحكم ومع هذا نقول أن الحكم ثابت بالقرآن وهو لا يوجد فيه ؟
إن أى قاضى إذا لم يجد الدليل على الشىء فإنه يبرىء المتهم إذا كان هو دليل الإتهام ويعاقب المتهم إذا لم يوجد ذلك الدليل على براءته ومع هذا يريد الرجل أن نحكم على آلاف الزناة والزانيات بالموت دون وجود نص قرآنى على ذلك
ونلاحظ أن الآية المزعومة استشكل العثيمين عليها وهو ما أوردته رواية من أيام الصحابة حيث رفضوا أن تكون المقولة من القرآن ولا حتى من الحديث لأن الرجم فى رأى من ألفوا الروايات ليس بالسن وإنما بالزواج فالشاب فى رأيهم يرجم إذا كان متزوجا وهذه هى الرواية التى ذكرها مؤلف الكتاب:
وقال النسائي في السنن الكبرى (4/271- رقم 7148): أخبرنا إسماعيل بن مسعود الجحدري، قال: ثنا خالد بن الحارس، قال: ثنا ابن عون عن محمد، قال: نبئت عن ابن أخي كثير بن الصلت قال: كنا عند مروان وفينا زيد بن ثابت فقال زيد: كنا نقرأ (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، فقال مروان لا تجعله في المصحف، قال: ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان، ذكرنا ذلك وفينا عمر فقال: أنا أشفيك، قلنا: وكيف ذلك؟ قال: أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله، فأذكر كذا وكذا، فإذا ذكر آية الرجم فأقول: يا رسول الله أكتبني آية الرجم، قال:فأتاه فذكر آية الرجم، فقال: يا رسول الله أكتبني آية الرجم قال: (لا أستطيع)
وهى رواية هى الأخرى رغم صدق بعضها كاذبة فإنها كاذبة فالنبى (ص) جعلوه فيها يخفى آية من الوحى وهو كلام يتنافى مع إبلاغه الرسالة كاملة؟
وذكر المؤلف الرواية التالية:
قال النسائي رحمه الله في السنن الكبرى (4/273): أخبرنا محمد بن منصور المكي قال: ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: سمعت عمر يقول:
(قد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق على من زنى إذا أحصن وكانت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف؛ وقد قرأناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، وقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده "
نلاحظ الجنون فى الرواية وهو كون حمل المحصنة دليل على زناها فالحبل لا يمكن أن يكون دليل على زنى المتزوجة لأنها قد تكون حاملا من زوجها
والجنون الأخر هو اعتراف الزانية أو الزانى فالاعتراف لا يمكن أن يكون دليلا سوى فى حالة واحدة وهى اعتراف الاثنين معا فإن اعترف واحد منهما بالزنى ولم يعترف الأخر فالجريمة لا تصبح زنى وإنما تصبح رمى محصنة أو رمى محصن أى شهادة زور
ونلاحظ الجنون وهو إنزال الله حكم الرجم وكيف يكون قد أنزله ولا وجود له فى المصحف وكيف يتذكره والله يقول "أو ننسها"فطالما الله ينسى الخلق الآية فكيف يتذكرها القائل؟
وذكر المؤلف الروايات التالية:
"ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (رقم 8725)، ومن طريقه ابن ماجه في السنن، (2553) وأصل الحديث مخرج في الصحيحين بأطول من هذا اللفظ، أما التنصيص على أن آية الرجم هي: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)؛ فهي من إفراد سفيان بن عيينة الزهري، وقد خالف سفيان ثمانيةٌ من أصحاب الزهري في روايتهم عنه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه سمع عمر رضي الله عنه يقول: الحديث، وهؤلاء الثمانية هم:
1- صالح بن كيسان؛ كما في صحيح البخاري (رقم 6830)
2- يونس بن عبد الأعلى؛ كما في صحيح مسلم رقم (1691)، وسنن النسائي الكبرى (رقم 7158-4/247)
3- هشيم؛ كما في مسند الإمام أحمد (1/29)، وسنن أبي داود رقم (4418)
4- معمر؛ كما في مصنف عبد الرزاق رقم (13329)، ومسند الحميدي (1/15، 16)، وأحمد في مسنده (1/47)، والترمذي في جامعه رقم (1432)
5- مالك؛ كما في موطئه ص(823)، والشافعي في الأم (5/154)، وأحمد في المسند (1/40)، والدارمي في مسنده (2/179)، والنسائي في الكبرى رقم (7158 - 4/274)
6- عبد الله بن أبي بكر بن حزم؛ كما في "السنن الكبرى للنسائي" رقم (7159 - 4/274) بإسناد صحيح إليه
7- عقيل؛ كما في "السنن الكبرى للنسائي" (7160 - 4/274)
8- سعد (2) بن إبراهيم؛ كما في مسند أحمد (1/50)، وسنن النسائي الكبرى (7151 - 4/272) بإسناد صحيح إليه
وبهذا يتبين أن الآية: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) غير محفوظة في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه المذكور بالطريق السابق

قال أبو عبد الرحمن النسائي رحمه الله في سننه الكبرى (2/273): لا أعلم أحدًا ذكر في هذا الحديث: (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة) غير سفيان، وينبغي أنه وهم، والله أعلم والذي يدل أيضًا على ان سفيان بن عيينة لم يحفظه هو ما صرح به؛ كما في مسند الحميدي (1/16)، فقال: "سمعته من الزهري بطوله، فحفظت منه أشياء، وهذا مما لم أحفظ منها يومئذ" وقال العلامة مالك رحمه الله في "الموطأ" (ص824) عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول: "لمَّا صدر عمر بن الخطاب رضي الله عنه من منى أناخ بالأبطح، ثم كوم كومةً بعلجاء، ثم طرح عليها رداءه واستلقى، ثم مدَّ يديه إلى السماء" فقال: اللهم كبرت سني، وضعفت قوتي، وانتشرت رعيتي، فاقبضني إليك غير مضيع ولا مفرط ثم قدم المدينة فخطب الناس، فقال: أيها الناس، قد سنَّت لكم السنن، وفُرضت لكم الفرائض، وتُركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينًا وشمالًا، وضرب بإحدى يديه على الأخرى ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم؛ أن يقول قائل: لا نجد حدَّين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا
والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) فإنا قد قرأناها" رجاله ثقات، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري، وقد اختلف في سماع سعيد بن المسيب من عمر رضي الله عنه، وقد ذكرت كلام أهل العلم في ذلك في دراستي لكتاب عمرو بن حزم رضي الله عنه (ص13 - 15) وقد خالف يحيى بن سعيد الأنصاري داود بن أبي هند، فرواه عن سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه، ولم يذكر قوله: (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، كما في مسند مسدد (5)، و"الحلية" لأبي نعيم (3/95)، والله أعلم "

نلاحظ فى الرواية القول التالى المنسوب لعمر " قد سنَّت لكم السنن، وفُرضت لكم الفرائض، وتُركتم على الواضحة إلا أن تضلوا بالناس يمينًا وشمالًا" فهل أصبح عمر هو المشرع الذى يفرض الفرائض ويسن السنن ؟
بالقطع لا يقول هذا إلا مفترى على الله فالله هو من يفرض ويسن السنن وليس إنسان حتى لو كان رسولا كما قال تعالى :
"شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"
وذكر المؤلف الروايات التالية:
وقال النسائي في "السنن الكبرى" (4/270): أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح، أخبرني الليث بن سعد عن سعيد بن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، عن أبي أمامة بن سهل أن خالته أخبرته قالت: لقد أقرانا رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الرجم: (الشيخ والشيخة فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة) ورواه النسائي في الكبرى أيضًا (4/271): أخبرنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، ثنا ابن مريم قال: إن الليث قال: حدثني خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال به
وهذا إسناد ضعيف آفته مروان بن عثمان الذي ضعفه أبو حاتم، وقال عنه النسائي: ومَنْ مروان بن عثمان حتى يصدق على الله عز وجل اهـ، ثم هذه الآية تخالف في اللفظ ما رواه الثقات الحفاظ
وقال النسائي في السنن الكبرى (4/271- رقم 7148): أخبرنا إسماعيل بن مسعود الجحدري، قال: ثنا خالد بن الحارس، قال: ثنا ابن عون عن محمد، قال: نبئت عن ابن أخي كثير بن الصلت قال: كنا عند مروان وفينا زيد بن ثابت فقال زيد: كنا نقرأ (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، فقال مروان لا تجعله في المصحف، قال: ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان، ذكرنا ذلك وفينا عمر فقال: أنا أشفيك، قلنا: وكيف ذلك؟ قال: أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شاء الله، فأذكر كذا وكذا، فإذا ذكر آية الرجم فأقول: يا رسول الله أكتبني آية الرجم، قال:فأتاه فذكر آية الرجم، فقال: يا رسول الله أكتبني آية الرجم قال: (لا أستطيع) إسناده ضعيف؛ لجهالة عين من نبأ محمد عن كثير بن الصلت وقال الإمام أحمد في المسند (5/132): ثنا خلف بن هشام، ثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، عن أبي كعب قال: كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة، فكان فيها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) إسناده حسن ورجاله معروفون مشهورون، قال ابن حزم في "المحلى" (11/235): "هذا إسناد صحيح كالشمس لا مغمز فيه" وقال ابن كثير في تفسيره (3/465): "وهذا إسناد حسن" وتابع حماد بن زيد في روايته عن عاصم به كل من:

1-منصور بن المعتمر؛ كما في "السنن الكبرى" للنسائي (4/271)، وصحيح ابن حبان (6/302)
2- وحماد بن سلمة كما في صحيح ابن حبان (6/302) ومستدرك الحاكم (2/415)
3- وسفيان الثوري كما في "المحلى" (11/234)
4- وابن فضالة كما في مسند الطيالسي (ص 73)
قال ابن حزم في "المحلى" (11/235): "فهذا سفيان الثوري، ومنصور شهدا على عاصم ما كذبا، فهما الثقتان الإمامان البدران، وما كذب عاصم على زر، ولا كذب زر على أبي" وقال الإمام أحمد في المسند (5/183): ثنا محمد بن جعفر، ثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير، عن كثير بن الصلت قال: كان ابن العاص وزيد بن ثابت يكتبان المصحف، فمروا على هذه الآية، فقال زيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، فقال عمر: لما أنزلت هذه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبنها قال شعبة: فكأنه كره ذلك فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا لم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم ورواه كل من: الدرامي (2/179)، أخبرنا محمد بن يزيد الرفاعي، ثنا العقدي، ثنا شعبة به والنسائي في الكبرى (4/270)، أخبرنا محمد بن المثني، حدثنا محمد به
وإسناده حسن، وابن العاص هو سعيد، وقتادة أحد الثلاثة الذين كفانا شعبة تدليسهم، على أنه قد صرح بالتحديث من يونس بن جبير، كما في "السنن الكبرى" للبيهقي (8/211) قال ابن حزم في "المحلى" (11/235): "وهذا إسناد جيد" "

بالقطع عدم رضا الرسول(ص) بكتابة الآية المزعومة هو افتراء عليه ولا يمكن ان يفعله لو كانت آية من كتاب الله حقا لأن الله توعده بالعذاب الأليم الفورى لو ذكر أكذوبة على أنها وحى فقال "
"ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين "
ونجد المؤلف قد عاد لكتب اللغة للبحث عن مادة الشيخ فقال :
"وبالعودة إلى أصل المسألة، وهو أن حكم الرجم مناط بالإحصان، وليس بالشيخوخة، لا نجد أن مادة (شيخ) في لغة العرب تفيد الإحصان
قال الجوهري في "الصحاح" (1/425): "شيخ: جمع الشيخ شيوخ وأشياخ وشيخة وشيخان ومشيخة ومشايخ ومشيوخاء، والمرأة شيخة"
قال أبو عبيد: "كأنها شيخة رقوب" وقد شاخ الرجل يشيخ شيخًا بالتحريك، جاء على أصله، وشيخوخة وأصل الياء المتحركة سكنت؛ لأنه ليس في الكلام فعلول ثم قال: "وشيَّخَ تشييخًا، أي شاخ، وشيَّخته: دعوته شيخًا للتبجيل وتصغير الشيخ شُييخٌ وشييخٌ أيضًا بالكسر، ولا تقل شويخ" وقال ابن فارس في "معجم مقاييس" اللغة (3/234):
"شيخ الشين والياء والخاء كلمة واحدة، وهي الشيخ، تقول: هو شيخ، وهو معروف بين الشيخوخة والشيخ والتشييخ" وقد قالوا أيضًا كلمة، قالوا: شيَّخت عليه"

وذكر المؤلف ما ظن انه حل للمشكلة التى هى معضلة لا حل لها سوى تكذيب تلك الروايات فقال :
"والجواب الأمثل والله أعلم، عن الإشكال المذكور هو أن نقول: إن قوله (الشيخ والشيخة) عام أريد به الخاص، وهو المحصن من الشيوخ، وإلى هذا أشار جماعة من السلف، قال الإمام مالك -رحمه الله- في "الموطأ" (ص824): "قوله (الشيخ والشيخة) يعني الثيِّب والثَّيبة" ولهذا كان يورد بعض الصحابة والتابعين لفظة (الشيخ) في مقابل الشاب المحصن مشيرين بذلك إلى مراد الآية، وهو المحصن من الشيوخ، قال أبو محمد بن حزم في "المحلى" (11/234):
"عن أبي ذر قال: الشيخان يجلدان ويرجمان والثيبان يرجمان، والبكران يجلدان وينفيان وعن أبي ابن كعب قال: يجلدون ويرجمون يجلدون ولا يرجمون، وفسره قتادة قال: الشيخ المحصن يجلد ويرجم إذا زنى، والشاب المحصن يرجم إذا زنى، والشاب إذا لم يحصن زنى، وعن مسروق قال: البكران يجلدان وينفيان، والثيبان يرجمان، ولا يجلدان والشيخان يجلدان ويرجمان" أما الشاب المحصن، فالرجم ثابت في حقه إذا زنى بدلالة نصوص أخرى غير الآية المنسوخة لفظًا الثابتة حكمًا كما في حديث عبادة بن الصامت الذي رواه مسلم في صحيحه (رقم 1690) وفي حديث المرأة التي زنى بها العسيف، فرجمها النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنها كانت محصنة، كما في صحيح البخاري (رقم 6827)، ومسلم (رقم 1697) وفي رجم ماعز بن مالك وهو شاب، كما في صحيح البخاري (رقم 6815)، وصحيح مسلم (رقم 1318)، وفي رجم الغامدية وهي شابة، وليست شيخة؛ بدليل أنها كانت حبلى من الزنى، كما في صحيح مسلم (رقم 1695- 23)، والله أعلم، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات روى هذا الطريق البخاري أيضًا في صحيحه رقم (6829) من دون ذكر للفظة: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، وكأنها لم تصح عنده من هذا الطريق، وقد غفل الإسماعيلي عن هذا الإعلال الدقيق، وأورد اللفظة التي أعرض عنها البخاري في مستخرجه على الصحيح من نفس الطريق وقد أشار إلى هذا الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح" (12/143) سعد هو ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، ثقة، رواه بنفس الإسناد الذي ساقه أصحاب الزهري في رواية أبي داود الطيالسي عن شعبة عنه كما في "السنن الكبرى" للنسائي (4/272 - رقم 7153)، ورواه بإدخال عبد الرحمن بن عوف بين عبد الله بن عباس وعمر بن الخطاب رضي الله عنهم في رواية كل من:

1- غندر عن شعبة عنه؛ كما في مسند أحمد (1/50)، وسنن النسائي (4/273)
2- حجاج بن محمد عن شعبة عنه؛ كما في مسند أحمد (1/50)، وسنن النسائي الكبرى (4/273)
3- عبد الرحمن بن غزوان؛ كما في سنن النسائي الكبرى (4/272)
4- أبو داود الطيالسي في رواية أيضًا؛ كما في سنن النسائي الكبرى (4/272)

فكما ترى، المحفوظ عن سعد بن إبراهيم إدخال عبد الرحمن بن عوف بين ابن عباس وعمر رضي الله عنهم، والمحفوظ عن أصحاب الزهري عدم إدخال عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، وليس هذا بقادح في رواية سعد بن إبراهيم؛ إذ عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه هو الذي حدث عبد الله بن عباس بحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، كما هو صريح في صحيح البخاري رقم (6830)، وأصحاب الزهري أسقطوا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه تجوزًا
(3) المراد: أن يحيى بن سعيد هو الذي سمع سعيد بن المسيب يقول: لما صدر عمر الحديث، كما هو واضح أيضًا في رواية محمد بن الحسن (ص421)
(4) لفظة: (إذا زنيا) سقطت من النسخة المطبوعة للموطأ رواية يحيى بن يحيى الليثي، وهي مثبتة في النسخة المطبوعة رواية محمد بن الحسن (ص241)
(5) انظر "تهذيب التهذيب" (4/88)
وأما أحكام الزنى الصحيحة فهى :
الزنى هو قضاء الشهوة مع طرف محرم سواء كان هذا الطرف من نفس الجنس أو مختلف عنه أى رجل وامرأة أو رجل ورجل أو امرأة وامرأة وسواء كان هذا الطرف من نفس النوع أو من نوع مختلف مثل جماع البقرة أو الكلب أو الجدار ،وعقاب الزانى هو جلده مائة جلدة والزانية جلدها مائة جلدة ويشترط أن يحضر الجلد جماعة من المسلمين وفى هذا قال تعالى بسورة النور "الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين "ويشترط لإثبات الزنى:
-استشهاد أربعة شهود مصداق لقوله تعالى بسورة النور"والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة "وقوله بسورة النساء"واستشهدوا عليهن أربعة منكم".
-إقرار المرأة أربع مرات على نفسها بالزنى بعد اتهام الزوج لها وقسمه بالله على أنها زانية مصداق لقوله تعالى بسورة النور"والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم بالله أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ".
-حمل المرأة غير المتزوجة وهى البكر التى لم يسبق لها الزواج ما لم تتهم أحد بإغتصابها ويتم الحكم على المغتصب.
-حمل المرأة المتزوجة وولادتها بعد الدخول بأقل من ستة أشهر ويتم عقابها وزوجها إذا كان قد جامعها ولم يدفع المهر قبل الدخول بثلاثة أشهر لأن مدة الحمل ستة أشهر فى قوله بسورة الأحقاف"وحمله وفصاله ثلاثون شهرا" والفصال وهو الرضاع عامين مصداق لقوله بسورة البقرة "والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين"ومن ثم فالحمل ستة أشهر من بداية وضع النفس وهى الروح المشهورة فى جسم الجنين والثلاثة أشهر الأخرى هى الحمل الخفيف والمعروف عند الطب الحالى أنها تسعة أشهر وأيام من الشهر لا تكمل شهر عاشرا .
-الجمع بين أكثر من أربع زوجات .
-الجمع بين زوجين أو أكثر .
ويشترط فى الحالتين الأخيرتين لجلد الطرف الثانى علمه بالجمع وتزوجه رغم علمه بالجمع بين العدد المباح .
ويترتب على إثبات الزنى طلاق الزانية من زوجها دون حقوق من المنصوص عليها للمطلقة وهى المهر ونفقة العدة والبقاء فى بيت الزوجية حتى انتهاء العدة فتخرج أى تطرد منه وفى هذا قال تعالى بسورة الطلاق"يا أيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة "ومن يثبت زناه من الرجال تطلق امرأته وتأخذ نفقة عدتها ومهرها لعدم جواز زواج الزانى من العفيفة مصداق لقوله تعالى بسورة النور"الزانى لا ينكح إلا زانية أو مشركة "ولا يجوز للزناة الزواج من غيرهم من المسلمين لقوله السابق وبقيته "والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك "ويتم تسجيل الزنى فى بطاقات الهوية للزناة حتى لا يتزوجوا من العفيفيين والعفيفات.
وأما العبيد والإماء فيجلدون خمسون جلدة وهو نصف عذاب الأحرار والحرات إذا زنوا مصداق لقوله بسورة النساء"فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ".

اجمالي القراءات 5076