ألا تكفيك 89 آية مفصلة ؟
خطاب الله جل و علا المباشر للذين آمنوا و مقارنته بخطابه للذين كفروا .

سعيد علي في الخميس ٢٣ - مايو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

عندما يخاطبك شخص ( تحبه ) فمن الطبيعي أن تستمع إليه و تستمع إليه بانتباه و كلك صاغ لما يقوله فما بالك إذا كان الحق جل و علا هو المخاطب ( بكسر الطاء ) و أنت أيها المؤمن هو المخاطب ( بفتح الطاء ) .
و قد تكررت آيات الله جل و علا مخاطبا ( الذين آمنوا ) 89 مرة بينما لم تأتي سوى آية واحدة فقط خاطب الله جل و علا الذين كفروا بقوله : ( يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَا تَعۡتَذِرُواْ ٱلۡيَوۡمَۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ ) و هو خطاب يستشف منه القارئ حجم الرفض الإلهي و عدم قبول الاعتذار بعد ان جفت الأقلام و رفعت الصحف و انتهى كل شئ و سيجزون ما كانوا يعملون .
بينما خطابه عز و جل للذين آمنوا مفعم بالحب و المودة و النصح و الإرشاد و هو خطاب في الدنيا من يريد أن يستمع لكلام الله عز و جل و يهتدي به فهناك 89 آية تكفيه ليعلم ماذا يريد الله جل و علا منك لمصلحتك لتسير في النور و تصل إلى رحمته جل و علا و جنته .
لن أستعرض الـ 89 آية كلها و أكتفي ببضع آيات و أطلب من القارئ تكرما أن يبحث بنفسه ليستمع بإنصات و تعقل لقول الله عز و جل عاملا به :
 في الأكل من الطيبات و الشكر له جل و علا يقول سبحانه : (يا ايها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون ) .
 في القصاص يقول جل و علا : (يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم ) .
 في الصيام يقول جل و علا : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) .
 في الحث على النفقة يقول جل و علا : ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه و لا خلة و لا شفاعة و الكافرون هم الظالمون ) .
و قد فصّل الحق جل و علا مخاطبا ( الذين آمنوا ) في كل ما يحتاجونه لتفصيل و من أسف أن تجد شخصا يتهم القرآن الكريم بعدم ذكر و تفصيل بعض الأمور لا سيما الصلاة و نسب الزكاة و غيرها !! و هذا لا يتماهى مع من يؤمن بالقرآن الكريم تفصيلا لكل شئ و بيانا و تبيانا و أنه كاف و مكتمل .
في الآيات التي خاطب الله جل و علا الذين آمنوا بشكل مباشر و ليس عن طريق ( الرسول عليه السلام كأن يقول : يا أيها الرسول قل للذين آمنوا ! ) بل جاء الخطاب مباشرة بيا أيها الذين آمنوا و هو تكريم ما بعده تكريم لمن آمن فعلا و جعل نصب قلبه و عقله و كل جوارحه خطاب الله عز و جل له ( إذا كان فعلا مؤمنا ) .
فقد فصل الله عز و جل للمؤمن في :
الربا – وصية التقوى و عدم الموت إلا هو مسلم – عدم طاعة الكافرين – الصبر و الاصطبار و الرباط و تقوى الله ن أجل الفلاح - عدم أكل أموال الناس بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض – عدم الاقتراب من الصلاة إلا و أنت في كامل الوعي – القوامة بالقسط – الإيمان بالله عز و جل و كتبه و رسله و اليوم الآخر – عدم اتخاذ الكافرين أولياء – الوفاء بالعقود – تفاصيل دقيقة لأداء فريضة الحج لمن استطاع إليه سبيلا - تفاصيل دقيقة في الغسل استعدادا للصلاة – العدل لأن العدل أقرب للتقوى – ذكر نعمة الله عز و جل – تقوى الله عز و جل و ابتغاء الوسيلة – عدم الارتداد عن الدين و أنه من ارتد فهو حر و لا يوجد ما يسمى بحد الردة لذا فمن ارتد فسيأتي الله عز و جل بقوم يحبهم و يحبونه ( ما أعظم هذه الكلمة – يحبهم – تخيل أن الحق جل و علا يحبك ) – عدم اتخاذ من اتخذ من أهل الكتاب دينه لهوا و لعبا وليا – عدم تحريم الطيبات – تحريم الرجس المجتنب و هو أربعة : الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام – عدم قتل الصيد أثنا الإحرام – و كم هو رءوف جل و علا عندما يمنع الذين آمنوا حتى من السؤال الذي يبدو أنه يسوأ لهم – و في نصيحة تشعر بأنها وشوشة في أذنيك من عظم رقيها و جمالها و هي عليك بنفسك فلا يضرك من ضل إذا اهتديت و هذه مهمة للغاية لا سيما في برامج التواصل الاجتماعي اليوم ! لا سيما صنف السلفيين فقط تذكر هذه الآية و يرتاح ضميرك يقول جل و علا : ( يا ايها الذين امنوا عليكم انفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم الى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون ) – الوصية – الشجاعة و الإقدام عند ملاقاة المعتدي و عدم الهروب – طاعة الله عز و جل و رسوله و عدم التولي عنه عند سماعه و هذا في وقت حياة خاتم النبيين أما اليوم فالأولى تدبر القرآن الكريم و عدم التولي عن تدبره – عدم خيانة الله و رسوله – عدم اتخاذ الآباء و الإخوان أولياء ان استحبوا الكفر على الإيمان – مشركي قريش الذين نقضوا العهد و هموا بإخراج الرسول هم النجس و ليس كل المشركين و عدم الخوف من العيل لأنه جل و علا سيغنيهم من فضله – و في آية جامع يقول جل و علا لهم : اتقوا الله و كونوا مع الصادقين – النهي عن إتباع خطوات الشيطان - الاستئذان عند دخول البيوت – نظام الاستئذان داخل البيت الواحد و أوقات الراحة و عدم الإزعاج – ذكر الله كثيرا – النكاح و الطلاق بأدق التفاصيل – آداب دخول بيوت النبي ( تشريع انتهى ) – الأمر بالصلاة على النبي – عدم إيذا النبي كما آذى أصحاب موسى موسى عليه السلام – و في قولا جامعا و مختصرا ( يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا ) – نصر الله عز و جلا – التبين عند مجئ الفاسق بالنبأ – عدم السخرية و التنابز بالألقاب – اجتناب الكثير من الظن لاحظ دقة القرآن الكريم ( الكثير من الظن ) لأنه توجد مواقف لا بد من الظن فيها – عدم التناجي بالإثم و العدوان – عدم قول ما لا تفعل – كونوا أنصار الله – السعي لذكر الله من يوم الجمعة – الحذر من الأزواج و الأولاد الأعداء – و أخيرا قال لهم عز و جل في آية جامعة أن يتوبوا إلى الله التوبة النصوح .
لذا كان خطابه عز و جل مباشرا و سهلا و واضحا و لا يحتاج لكتب ما يسمى بالحديث لتفصل للمؤمن ما يريده الله عز و جل أليست 89 آية كافية و حوت كل شئ !
و قد قال الله عز و جل لخاتم أنبيائه أن يقول للذين كفروا في ( آيتين فقط ) بأنهم سيغلبون و و إلى جهنم يحشرون و بئس المهاد يقول جل و علا لنبيه أن يقول لهم : ( قل للذين كفروا ستغلبون و تحشرون إلى جهنم و بئس المهاد ) و إن ينتهوا فلهم ما قد سلف و إلا عادوا فقد مضت سنة الأولين : ( قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف و ان يعودوا فقد مضت سنة الأوليين ) .
و لم توجد آية يقول فيها الله عز و جل لخاتم أنبيائه أن يقول : ( قل يا أيها المؤمنون ) بينما جاء الخطاب بصيغة ( قل للذين كفروا ) مرتين و ( قل للذين آمنوا ) مرة واحدة .
إن حجم الخطاب بـ يا ايها الذين آمنوا له دلالة عظيمة لمن يثمن خطاب الحق جل و علا فهو خطاب احتوى على كل شئ و بالتالي فمن يلجأ إلى غيره طالبا تعلم الدين فقد تاه و ضاع .

 

 

اجمالي القراءات 5143