بسم الله الرحمن الرحيم
غبت عن الموقع ، وعدت لكي أكمل قصة صاحبنا علي مع الصين ، ولكن وجدت متغيرات كثيرة حدثت وتحدث أهمها قضية اعتقال الاستاذ عبد اللطيف وصحبه ، وقد تفاعلت معها رغم عني ، وأول سؤال تبادر لذهني ، لماذا؟ قديما قالوا إذا عرف السبب بطل العجب
وشرعت ابحث عن اجابة ، قلت لعله الارهاب ، قد يكون عبد اللطيف قائد لخلية نائمة أو معسلة ساعة العصاري من خلايا القاعدة ، وكان يخطط لتفصيل زي شرعي (نقاب) للقلعة ، ومن ثم تغيير اسمها ليصبح لابسة ، أو كان يخطط لحرق جميع مÕilde;انع فرش الاسنان ومعجونها في بر المحروسة حتى لا يجد الناس إلا السواك الشرعي ليصلح اسنانهم المسوسة ، او لعله كان يخطط للهجوم على كل من لا يرتدي القميص الشرعي والإذار الشرعي والبنطلون الشرعي وليس لديه لحية شرعية ، ولا يستمع للاغاني الشرعية ولا يتبول بطريقة شرعية ولا يحزق حزقةً شرعية ولايشرب بطريقة شرعية ولا يأكل ولا ينام ولا يقوم ولا يتعامل شرعي ولا يهم ان كان شرعي نسبة للشريعة أو نسبة للمركب الشراعي ، ولكن بعد مراجعة مقالات عبد اللطيف المنشورة على هذا الموقع تأكدت انه ابعد ما يكون عن هذا الهراء بل تأكدت أن القاعدة عنده منظمة ارهابية مثلها مثل منظمة الالوية الحمراء ، وأن بن لادن لايختلف عن خُطْ الصعيد ، بل لعل الاخير اشد رحمة وتسامح منه فبن لادن ضحاياه بالآلاف.
قلت لعل عبد اللطيف ، قائد لتشكيل عصابي يخطط لسرقة جميع اوراق النقد فئة المائة جنية من البنك المركزي ، أو لعله شريك لحنفي مجرم الصعيد وصاحب حقول المخدرات في جزيرة الشيطان ، او هو المحرض الاساسي لعصابة التوربيني وبزازة لارتكاب جميع جرائمهم ، ولكن هل يعقل ان يكون بهذا المستوى من الاجرام دون ان تتقيء علينا الصحف الحكومية (القومية سابقا) ليل نهار ، أكاذيبهم المعهودة والتي دائما ينسجونها حول هذا النوع من الجرائم ، ثم ان عبد اللطيف هذا أخ غير شقيق لأحمد منصور لو ان جريمته التدخين في اماكن غير المدخنين لأقامة هذه الصحافة الرخيصة الدنيا ولم تقعدها تشفيا في أحمد منصور.
قلت قد يكون المقصود هو أحمد صبحي منصور خاصة بعد تدشينه موقعا لأهل القرآن وفتحه لكثير من الملفات القديمة ، وتجاوزه في بعض الاحيان لجميع الخطوط الحمراء والزرقاء والخضراء وكل ألوان الطيف ، ولكنني استبعدت ذلك لسببين أولهما لو كان المقصود صبحي منصور لما استمر اعتقالهم لأكثر من اسبوع ، والسبب الاخر لو انه هو المقصود لتم تلفيق نوعية رخيصة من الجرائم للمقبوض عليهم من نوعية جرائم الآداب وجرائم الشيكات والضرب وخلافة ، ولكان التحقيق معهم بمعرفة النيابة العامة ومن خلال القنوات الشرعية (نسبة للمركب الشراع طبعا)
إذا لماذا؟ وقبل الاجابة على لماذا تعالوا نتفق أن كل نظام في العالم وعبر التاريخ دائما وأبدا يبحث لنفسه عن شرعية تسمح له أن يحكم رعيته ، وقد تكون هذه الشرعية شرعية ثورية ، فعبد الناصر مثلا حكم بهذه الشرعية ولما تقادم العهد اخترع شرعية المعركة ولا صوت يعلوا فوق صوت المعركة ، ثم جاء السادات وانتهت الحرب مع اسرائيل بمبادرة السلام ، فاخترع لنفسه شرعية دستورية قامت اساسا على دستور 71 وعرفنا وقتها ما أطلق علية سيادة القانون (صاحب المخالب والانياب) ، أما النظام الحالي فلا هو يعتمد على شرعية ثورية فلا ثورة ولا يحزنون ، كما انه لم تعد هناك معارك وتم محو جميع الاشرطة التي كانت تقول (ياأهلا بالمعارك) من أرشيف الازاعة والتلفزيون بل والتلاجة والبوتاجاز ، أما عن القانون فحدث ولا حرج فجميع القواعد الدستورية تم هدمها من اساسها ولم تحترم مادة قانونية طوال هذا العهد الذي بدأ حكمه بقانون الطوارئ وحتى الآن طوال خمسة وعشرون عاما ، إذا فلا شرعية قانونية ، قد تكون شرعية كروية فقد وضع النظام نصب عينية نهضة كروية كبرى تسمح لنا بالحصول على كأس العالم ومسح أرضية ملاعب الكرة بفريق البرازيل وهولندا مرورا بفرق فرنسا وا والمانيا وانجلترا واوكرانيا وسرس الليان ، ولكن بعد الصفر الشنيع الذي حصلت علية مصر عندما فكرت في تنظيم كأس العالم وقضى على الاحلام المشروعة لسبعين مليون مصري فقد تبددت الشرعية الكروية ، إذا فكيف يحكم نظام ما لمدة خمسة وعشرين عاما دون اي نوع من أنواع الشرعية ؟ الموضوع بسيط ، فالنظام يحكم بالشرعية الدينية ، لاسيما (السنية) ، نعم ليس هزار ولا هزل في ذلك ، فمع المتغيرات العالمية ووجود أمريكا كراعية للعلمانية العالمية ، ولا يزال الفاتيكان ممثلا للمسيحية الكاثوليكية ، وكنيسة الاسكندرية لأقباط مصر والكنائس الشرقية ، واسرائيل كراعية لليهودية ، وايران راعية الاسلام الشيعي ، يبقى الاسلام السني بلا راعي له وقد تنازعه نظامان السعودي بالشكل الوهابي والمصري بالشكل الصوفي ، وكل نظام يستمد شرعيته من رعايته للنظام الذي اختاره
اراكم تتسائلون مالهذا المعتوه يتكلم عن أسباب اعتقال عبد اللطيف ورفاقه ثم يتكلم فجأة في الشرعية التي يجب أن يعتمد عليها النظام في حكمه؟ على رسلكم ياسادة ، فعبد اللطيف ورفاقه مسئولون عن اعادة كتابة كتب ومقالات أحمد صبحي منصور ، وهذه المقالات والكتب تفضح ما يسمى بالاسلام السني وتعريه كدين أرضي مخالف للإسلام الذي جاء به كتاب الله وأنزله على عبده ورسوله الحبيب محمد أول المسلمين وآخر الانبياء والمرسلين ، وكيف أن هذا الدين السني تجنى على الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم ، ولو كتب لهذا المشروع النجاح ، وتم احياء مكتبة أحمد صبحي منصور ، مع إضافة اجتهادات المسلمين المؤمنين بالقرآن وحده كمصدر للدين ، مع مراجعة الفكر وتنقيحة ورد جميع الشبهات البلهاء التي أثارها المخالفين والمعارضين ، وتم كل ذلك على فضاء الانترنت الفسيح ، أقول لو تم هذا النجاح لفقد النظام شرعيته الاخيرة التي يتمسك بها ولسقطت ورقة التوت لتكشف عن عورته القبيحة ، فمن أين سيستمد النظام شرعيته ، إذا فعبد اللطيف خطر على الأمن القومي لأنه سيفقد النظام شرعيته ، هذا الكلام استطاع الشيخ محمد سيد طنطاوي إلقاءه في روع النظام فخوفه من جماعة القرآنيين وجعله يشعر أن هذه المجموعة من البشر التي لا تندرج تحت أي جماعة وليست لها أي أهداف سياسية أو طموحات حُكْمِية ، خطرا على بقاء النظام نفسه لأنها ستفقده شرعيته.
ولكن لننافش الموضوع بشكل مختلف ، فالمجموعة المسلمة التي تؤمن بأن القرآن هو المصدر الوحيد للتشريع ، لا تختلف عقائديا مع باقي المسلمين ولا تكفرهم ، فهي ليست جماعة عقائدية مثل الشيعة أو الخوارج أو المعتزلة ، ولكنها مجموعة تخرج من عباءة الاسلام بمعناه الشامل ، كما انها مجموعة من المسلمين لا تؤمن بالعنف بل تمقته وتدينه بكل أشكاله وتحترم حرمة النفس البشرية بغض النظر عن معتقدها الديني أو خطها السياسي أو خلفيتها القومية ، فكل النفس البشرية حرام ولا تحل إلا قصاصا كما ورد في القرآن ، كما انها لا تميز نفسها كجماعة مستقلة (راديكالية) لها أمير وتنظيم هرمي ولكنهم مجموعة مسلمة ذائبة في المجتمع ومتفاعلة معه ، فأي دعوة اصلاح تأتي من مجموعة هذا دائبها فإن هذه الدعوة إذا نجحت ستكون دعما للنظام (أي نظام يتفاعل معها) وستتجلى الشرعية الحقيقية في الحفاظ على دعوة كهذه ، لأنها تحاول تصحيح الموجود وليس تقديم بديل ، لأن المطلوب هو إصلاح حال المسلمين بالاسلام (القرآن) ، أن تناقش الدولة هذه الدعوة وتختلف معها أو أن تقبلها وترعاها ففي الحالتين ستكون دعما لشرعية الدولة والنظام ، لأن الاصل في الاسلام الذي تقوم شرعية الدولة والنظام علية هو (جادلهم بالتي هي أحسن) وليس بالتي هي أحبس واعتقل
وأكاد اجزم أن نصائح مستشاري السوء وشيوخ السلطة هي التي تضع النظام دائما في مأزق يصعب علية الخروج منه ، وفي حرج بالغ مع شريكة الغربي الذي يؤمن بالحرية ويقدسها ، ويسوءه التعدي الدائم عليها من شريكة الاستراتيجي ، كما يحلو للنظام أن يطلق على نفسه ، ولذلك فإن نصيحتي البديلة والتي أقدمها خالصة لوجه الله وبدون أي غش أو تدليس أن يقوم النظام فورا بإطلاق سراح المعتقلين من المسلمين الذين يؤمنون بالقرآن مصدرا واحدا للتشريع ، ويسمح لهم بتقديم بضاعتهم ، ويسمح لمعارضيهم بطرح أدلتهم المخالفة ويسمح لهم بالرد وسيكون ذلك دعما جيدا لشرعية النظام وبديلا صحيحا للمناظرات السياسية وفي النهاية فإن الزبد سيذهب جفاء ، وما ينفع الناس سيبقى في الارض
شريف هادي