نقد كتاب سر الإعجاز القرآنى للقبانجى

رضا البطاوى البطاوى في الثلاثاء ١٩ - مارس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

نقد كتاب سر الإعجاز القرآنى
الكتاب تأليف أحمد القبانجى وهو مواليد النجف فى العراق ينسب لما يسمونه خطأ بالتيار العقلى ولا أدرى كيف وهو يقول بنظرية الوجدان والوجدان فى فهمنا عامة المثقفين لا علاقة له بالعقل وإنما هو أحاسيس عند القوم وطبقا لكلامه هو الكشف وهو ما يدفعنا إلى الحركة الصوفية بالتحديد التى تتبنى هذا الجنون خروجا على النقل والعقل كما فى المسمى التاريخى ومن كلامه فى الوجدان :
"والعرف والعقل المنصف والوجدان المحايد يشهدون أن عبارات نهج البلاغة المذكورة مثل الآيات فى البلاغة "ص52
هنا الوجدان غير العقل فهما شيئان مختلفان ومع هذا ناقض نفسه فجمع بينهما مسميا إياهم شيئا واحدا وهو العقل الوجدانى حيث قال :
"نعود إلى أصل الموضوع فنؤكد كما سيلى أن القرآن حقيقة وجدانية صرفة والدليل على النبوة ينبغى أن يمر من قناة العقل الوجدانى فلا فائدة فى تجميع الأدلة العقلية لإثبات حقانية النبى والقرآن"ص96
ثم عاد ففصل بينهما فصلا تاما حيث قال :
"وعلى سبيل المثال فقد أورد الفلاسفة وعلماء الكلام فى العديد من الأدلة العقلية لإثبات وجود الله تعالى فى حين أنها قضية وجدانية بحتة وليس للعقل المجرد أو الدينى من سبيل إلى إداركها فضلا عن إثباتها"ص95
فالوجدان البحت غير العقل المجرد أو الدينى وكرر هذا فى قوله:
"والحال أن مسألة العدل أو الحرية هى من المسائل الوجدانية التى يدركها الإنسان بوجدانه من دون تدخل العقل والنقل فى ذلك"ص95
الكتاب يتناول ما يسمى المعجزة القرآنية ويبدأ الرجل كتابه ويستمر فى تناول القضية بعقل فى البداية ولكنه ينقلب فيما بعد على العقل وكأنه يطبق المثل :
"جاء يكحلها عماها "
فالرجل رغم أنه وصل فى أخر الكتاب لحقيقة الإعجاز وإن كان لم يعرفها التعريف الحقيقى حيث قال :
"أما القرآن الكريم فهو معجزة من النوع الثانى أى أنه فى حد ذاته وبقطع النظر عن انتساب هذا الكلام لله تعالى ليس بمعجزة ولكنه من حيث نسبته إلى الله تعالى فهو معجزة أى انه لا أحد من البشر بإمكانه أن يأتى بكتاب مثله ويدعى نسبته إلى الله تعالى وأنه كلام الله وتكون هذه النسبة صحيحة ومقبولة "ص125
فالقرآن وجه التحدى فيه هو أنه لا أحد يقدر أن يأتى بمثل له من الله لأن الله لن يكذب نفسه بإعطاء أحد وحى مخالف
ومع وصوله للحقيقة جعل القرآن كتابا متناقضا يتناقض مع العلم فى ظنه وان الكثير مما فيه هو أخطاء ينبغى تأويلها عن ظاهرها فقال :
"إن أكثر النصوص القرآنية المخالفة فى ظاهرها للثوابت العقلية والعلمية لا تشكل معضلة فى واقعها الدينى والعقلى بعد قبول عنصر التأويل واتساع اللغة لممارسة المجاز والكناية والمثال وغيرها من الاستعمالات اللغوية الضرورية فى مقام الأفهام والتخاطب"ص99
هنا الرجل بدلا من العلاج قتل المريض الذى يحاول الدفاع عنه بأنه صدق نفسه أن القرآن يتعارض مع الثوابت العقلية والعلمية ومع هذا حاول أن يحيى المريض بعد أن قتله بحكاية التأويل وضرب مثلا بظنه بخطأ القرآن فى السموات السبع فقال :
"والصحيح فى حل هذه المعضلة أن تقول إن القرآن الكريم عندما أقر الرؤية القديمة المشاهدة والمحسوسة فى حركة السيارات السبع لم يقرها على علاتها بل سعى إلى تصحيحها بما يتفق مع الواقع المتحرك فى الكون وذلك يعنى أن المراد من سبع سموات هى السيارات السبع الشمس بدل الأرض لأنها مشاهدة ومحسوسة لجميع البشر"ص104
الرجل هنا جاءنا بتفسير للسموات السبع هى السيارات السبع المعروفة زحل وعطارد والمشترى وهو كلام خاطىء يبين مدى جهل الرجل بالقرآن فلو كلف نفسه بمراجعة قوله تعالى "إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب " لعرف أن تلك السيارات المزعومة فى علم الفلك توجد فى جلد السماء الدنيا ومن ثم فالسموات السبع لا يمكن تفسيرها بالسيارات السبع
الرجل هنا يحاول الدفاع عن بعض القرآن الخاطىء فى ظنه بأن الله يضحك على البشر بما سماع الواقع المتحرك فكلما ارتفعت البشرية فى العلم يحاول الله إفهامهم بعلم عصرهم وهو وجهة نظر جنونية فالله لا يكذب والمعجزة الإلهية فى كلام الوحى عبر العصور ومنه القرآن واحدة وهى صدق كلام الله مع واقع الكون كما قال تعالى "ومن أصدق من الله قيلا"
وكرر الرجل مقولته الخاطئة عن عدم توفق بعض آيات القرآن مع العلم فقال :
"بعد هذا نعود إلى ما نحن فيه فالجانب الوصفى من الآية محل البحث قد لا يتوافق مع معطيات العلم الحديث وبكن هذا لا يعنى الخطأ فى تشخيص الظاهرة أو الكذب فى الإخبار لأن الإخبار ليس مقصودا من الأساس بل يشكل قشرة لفظية لحكاية توصية معيارية هى المقصودة بالأصل"ص112
الرجل هنا لا يضع أى احتمال لكون العلم الحديث هو الخاطىء وإنما يقول أن بعض الآيات هى الخاطئة ويعلل للخطأ بأن المقصود منها ليس الإخبار العلمى مدعيا كونه قشرة لفظية وهو كلام لا يقوله إلا مكذب بكون القرآن كلام الله فالله لا يخطىء كما قال تعالى كما على لسان موسى(ص) :
"لا يضل ربى ولا ينسى"
ونلاحظ جهل الرجل بالعلم فهو يقول أن الخطاب العلمى وصفى وليس معيارى فيقول:
"فكما هو معلوم أن الخطاب العلمى خطاب وصفى بحت ولا مجال للمعيارية فيه فعندما يقرر العلم قانون الجاذبية أو سرعة الضوء أو الخسوف أو الكسوف والمد والجزر فإنما يقرر ظاهرة طبيعية على مستوى الوصف والإخبار فقط "ص108
وبالقطع العلم المادى الصحيح وصفى ومعيارى فى نفس الوقت فإن لم يكن كذلك فليس بعلم وإنما هى نظريات ومعظم العلم الحالى هو نظريات لا علاقة لها بالحقيقة العلمية ويكرر الرجل الخطأ بكون القرآن ليس كتاب علم وإنما هو كتاب هداية فيقول :
"وفى حين أن القرآن كتاب هداية بالدرجة الأولى لا كتاب علم"ص108
والقرآن هو العلم كما قال تعالى :
"كذلك أنزلناه حكما عربيا ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من الله من ولى ولا واق"
فالهداية هى العلم والدعاء المطلوب كما قال تعالى :
"وقل رب زدنى علما"
ونلاحظ أن الرجل مفتون بالعلم الغربى فيقول :
"وحتى لو قلنا بالمحدودية فإن تصديق وجود عوالم محيطة بهذا العالم الفسيح جدا والذى بلغ قطره المكتشف لحد الآن آلاف المليارات من السنين الضوئية عسير للغاية إذا أخذنا بأخبار المعراج وأن النبى عرج إلى السماء السابعة"ص102
وبالقطع ما يقال عن القطر والسنين الضوئية ليس علما على الإطلاق لعدم وجود خروج المكتشفين وسفرهم لتلك الأبعاد المزعومة ولعدم وجود وسيلة قياس حقيقة لتلك الأبعاد المزعومة ولو فكر قليلا لعلم أن مثلا الاتصالات بالأقمار الصناعية فوق الأرض ما زالت تتقطع رغم قربنا من بعض فكيف يتم قياس تلك المليارات المزعومة من السنوات الضوئية مع أن الفضاء مظلم ويمتلىء بالمخاطر مذنبات وشهب ونيازك وثقوب سوداء كما يزعمون والتى لا يمكن معها دقة القياس
وأيضا جعل كتابا بشريا كنهج البلاغة أبلغ من القرآن فقال :
"وبالإمكان العثور على بعض النصوص الأدبية وخاصة من نهج البلاغة هى أبلغ من بعض آيات القرآن الكريم إلا أنه تبقى عذوبة والحلاوة فى القرآن متميزة عن غيره "ص65
وناقض نفسه فجعل مساويا للقرآن فقال :
"والعرف والعقل المنصف والوجدان المحايد يشهدون أن عبارات نهج البلاغة المذكورة مثل الآيات فى البلاغة "ص52
بالقطع مفهوم البلاغة المعروف لدى أهل اللغة وعلومها يخالف أن البلاغة القرآنية والإنسانية وهى توصيل المراد للغير فإن وصل المراد فكل كلام فهمه الغير فهو بليغ ومن ثم فالكلام كله متساوى من هذه الناحية
ما ذكره القبانجى من أن بعض نصوص نهج البلاغة أبلغ من بعض سور القرآن هو خطأ فبعض ما فى نهج البلاغة ليس بليغا لأن العديد من عباراته غامضة كما فى هذا النص الذى يسمى دعاء الصباح:
"اَللّـهُمَّ يا مَنْ دَلَعَ لِسانَ الصَّباحِ بِنُطْقِ تَبَلُّجِهِ، وَسَرَّحَ قِطَعَ الّلَيْلِ الْمُظْلِمِ بِغَياهِبِ تَلَجْلُجِهِ، وَاَتْقَنَ صُنْعَ الْفَلَكِ الدَّوّارِ في مَقاديرِ تَبَرُّجِهِ، وَشَعْشَعَ ضِياءَ الشَّمْسِ بِنُورِ تَاَجُّجِهِ، يا مَنْ دَلَّ عَلى ذاتِهِ بِذاتِهِ وَتَنَزَّهَ عَنْ مُجانَسَةِ مَخْلُوقاتِهِ وَجَلَّ عَنْ مُلاءَمَةِ كَيْفِيّاتِهِ، يا مَنْ قَرُبَ مِنْ خَطَراتِ الظُّنُونِ وَبَعُدَ عَنْ لَحَظاتِ الْعُيُونِ وَعَلِمَ بِما كانَ قَبْلَ أنْ يَكُونَ،يا مَنْ اَرْقَدَني في مِهادِ اأمْنِهِ وَأمانِهِ وَاأيْقَظَني اِلى ما مَنَحَني بِهِ مِنْ مِنَنِهِ وَإحْسانِهِ وَكَفَّ أكُفَّ السُّوءِ عَنّي بِيَدِهِ وَسُلْطانِهِ،صَلِّ اللّـهُمَّ عَلَى الدَّليلِ اإلَيْكَ فِي اللَّيْلِ الْاَلْيَلِ، وَالْماسِكِ مِنْ أسْبَابِكَ بِحَبْلِ الشَّرَفِ الْاَطْوَلِ، وَالنّاصِعِ الْحَسَبِ في ذِرْوَةِ الْكاهِلِ الْاَعْبَلِ، وَالثّابِتِ الْقَدَمِ عَلى زَحاليفِها فِي الزَّمَنِ الْاأوَّلِ، وَعَلى آلِهِ الأخْيارِ الْمُصْطَفِيْنَ الْأبْرارِ،"
فالغموض ظاهر فى عبارات "يا من دل على ذاته بذاته" "وجل عن ملائمة كيفياته" فضلا عن استعمال كلمات لا تستعمل فى اللغة المعروفة كزحاليفها والأعبل
والمفترض فى أى مقارنة بين نصين هو أن يكونا فى موضوع واحد وليس فى مواضيع مختلفة فالرجل ذكر الدعاء فى معرض المقارنة مع سورة قريش وسورة النصر :
"لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف"
" إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا"
السؤال ما علاقة مواضيع السورة بالدعاء أو حتى النص الأخر الذى ذكره من خطبة فى نهج البلاغة وهو :
"أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا أَدْبَرَتْ وَآذَنَتْ بِوَدَاعٍ وَإِنَّ الْآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَأَشْرَفَتْ بِاطِّلَاعٍ أَلَا وَإِنَّ الْيَوْمَ الْمِضْمَارَ وَغَداً السِّبَاقَ وَالسَّبَقَةُ الْجَنَّةُ وَالْغَايَةُ النَّارُ أَفَلَا تَائِبٌ مِنْ خَطِيئَتِهِ قَبْلَ مَنِيَّتِهِ أَلَا عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ يَوْمِ بُؤْسِهِ أَلَا وَإِنَّكُمْ فِي أَيَّامِ أَمَلٍ مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ فَمَنْ عَمِلَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَلَمْ يَضْرُرْهُ أَجَلُهُ وَمَنْ قَصَّرَ فِي أَيَّامِ أَمَلِهِ قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ فَقَدْ خَسِرَ عَمَلُهُ وَضَرَّهُ أَجَلُهُ أَلَا فَاعْمَلُوا فِي الرَّغْبَةِ كَمَا تَعْمَلُونَ فِي الرَّهْبَةِ أَلَا وَإِنِّي لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا وَلَا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا أَلَا وَإِنَّهُ مَنْ لَا يَنْفَعُهُ الْحَقُّ يَضُرُّهُ الْبَاطِلُ وَمَنْ لَا يَسْتَقِيمُ بِهِ الْهُدَى يَجُرُّ بِهِ الضَّلَالُ إِلَى الرَّدَى"
"ثم إننى أقول بأن القرآن معجزة إلهية ولكن لا على أساس الوجوه الواهية المذكورة للإعجاز القرآنى فى الموروث الدينى بل هو معجزة من نوع أخر"ص10
فى بدايات الكتاب بدا الرجل عقلانيا حسب القرآن فناقش تعريف المعجزة عند بعض الشيعة وبعض السنة وأتى بالأدلة السليمة على خطأ التعاريف ووصل إلى التعريف التالى:
"ونرى أن الأفضل فى التعريف أن يقال بأن المعجزة هى الفعل الإلهى المباشر لتصديق النبى فى مقام التحدى "ص23
وهو تعريف الأخر خاطىء فالمعجزة ليست تحديا فى كثير من الأحيان فمثلا عصا موسى(ص) لم يطلبها قوم فرعون ولا حتى اليد المنيرة وإنما الله أعطاهما إياه قبل إرساله إلى قوم فرعون كما قال تعالى :
"وما تلك بيمينك يا موسى قال هى عصاى أتوكؤا عليها وأهش بها على غنمى ولى فيها مآرب أخرى قال ألقها فألقاها فإذا هى حية تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى"
ومثلا معجزة برد النار على إبراهيم(ص) وهى ليست معجزة عند القبانجى لم يطلبها القوم لأنهم كانوا يريدون حرق الرجل وناقة صالح (ص) لم يطلبها القوم وإنما أعطاها الله له حيث قال :
" قال هذه ناقة لها شرب يوم ولكم شرب يوم معلوم لا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم"
فالمعجزات وهى الآيات ليست تحديا وإنما هى كما قال تعالى :
"وما نرسل بالآيات إلا تخويفا"
وناقش الرجل مسألة كون المعجزة هل للنبى تدخل فيها أم أنها فعل الله فقال:
"فلا يمكن القول بأن النبى لا دخل له بتاتا فى تحقق المعجزة فى الخارج وليس له إلا ترتيب المقدمات لن ذلك يعنى تفريغ روح النبى من أية جدارة معنوية للقيام بمثل هذه الأعمال والحال أن من هو دونه من البشر يستطيعون الإتيان بخوارق العادات كما يحكى القرآن عن آصف بن برخيا وزير سليمان الذى كان عنده علم من الكتاب وجاء بعرض بلقيس من اليمن إلى بيت المقدس بطرفة عين" ص25
فالرجل هنا يجعل النبى أى نبى له دخل فى ترتيب مقدمات المعجزة وهو كلام ينقض تعريفه للمعجزة " هى الفعل الإلهى المباشر لتصديق النبى فى مقام التحدى "ص23
فهى فعل إلهى مباشر وقد عاد فنقض قوله السابق فقرر أنه امر موهول من الله ليس للنبىأيا كان دخل فيها وهو قوله:
"فالمعجزة يجب أن تكون من الأمور الموهوبة من الله تعالى ويؤيد ذلك ما تقدم من فرار موسى من عصاه حينما تحولت إلى ثعبان وكذلك الأمر إلى معجزة نبى الإسلام وهى القرآن الكريم فلا يقول أحد بصحة نسبتها إلى النبى نفسه بإذن الله"ص26
ونقى الرجل أن يكون خروج إبراهيم(ص) من النار معجزة فقال :
"أو نجاة إبراهيم من النار وإن توهم الكثير أنها معجزة لإبراهيم بل هى كرامة من الله لإبراهيم الغرض منها حفظ إبراهيم ودفع الموت عنه لا أنها معجزة بالمعنى المتقدم"ص21
والسبب بالطبع هو أنه لم يكن تحديا مطلوبا من الكفار وهو وهم منه فالمعجزات هى تخويف كما قال الله وليست تحديا
وناقش الرجل مسألة كون المعجزات خرق لقانون الطبيعة أم لا فقال :
"وعلى أية حال فالمعجزة لا تعد خرقا للقانون الحتمى حتى يكون مثارا للإشكال"ص28
واستشهد الرجل على صحة وجهة نظره بنقل كلام الطباطبائى فقال :
"وفى ذلك يقول السيد الطباطبائى"فقد تبين من الفصول السابقة من البحث أن المعجزة كسائر الأمور الخارقة للعادة لا تفارق الأسباب العادية فى الاحتياج إلى سبب طبيعى وأن مع الجميع أسبابا باطنية والمعجزات مستندة إلى سبب طبيعى حقيقة بإذن الله وأمره"ص32
الرجل يظن أن المعجزة ليس خرق للقانون الحتمى وإنما هى استعمال لقانون غير معروف للبشر وهى وجهة نظر فيما يبدو أنها صحيحة فاليد المنيرة مثلا يشبهها ما يسمى بالكائنات المضيئة فالله حول بعض الخلايا فى اليد إلى مثل الخلايا فى الكائنات المضيئة ومعجزة إيقاف عمل النار مثلا يشبهها تحويل النار إلى نور وقد كرر كرمه فقال :
وتقرير هذه النظرية أن المعجزة إما أن تكون منصوبة من الله تعالى أو منسوبة إليه فما كانت منصوبة من الله فهى الخارقة لناموس الطبيعة وجميع ألأفراد البشر لا يستطيعون الإتيان بمثلها من هذه الجهة أى جهة كونها لا تتوافق مع القوانين الطبيعية ولكن المنسوبة إلى الله تعالى لا يفترض كونها خرقة لقانون طبيعى وعجز البشر عن الإتيان بمثلها إنما هو لكونها منسوبة إلى الله تعالى "ص125
وناقش الرجل مسألة كون المعجزة شىء ملازم لكل نبى(ص) أم لا وانتهى إلى أن القرآن لا يبين ذلك فقال :
"والحقيقة أنه لا يمكن الخروج بنتيجة قطعية من خلال التنقيب فى الآيات القرآنية فالقرآن لا يؤيد بصراحة أحد هذين الوجهين لزوم المعجزة وعدم لزومها" ص37
وهو جهل منه بالقرآن فالمعجزات وهى الآيات لازمة إلا فى حالة النبى الأخير (ص) كما قال تعالى :
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وأتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا"
فكل الرسل عدا محمد(ص) كانت لهم معجزات
كما أن هناك دليل أى معجزة كان موجودا قبل محمد(ص) وهو وجود قربان تأكله النار يقدمه الرسول أمام الناس كدليل على أنه رسول وهو قوله تعالى :
"الذين قالوا إن الله عهد إلينا ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار قل قد جاءكم رسل من قبلى بالبينات وبالذى قلتم فلم قتلتموهم إن كنتم صادقين"
ومن ثم كانت المعجزات لازمة
وبين الرجل أن الشرائع هى معجزات لبعض الرسل دون بعض فقال :
"ومما يؤيد هذا القول بالتفصيل هو أن أصحاب الشرائع الثلاثة موسى وعيسى ومحمد تحركوا فى دعوتهم من موقع التأكيد على المعجزة والاستدلال بها لإثبات حقانيتهم وصدق دعواهم فى كونهم مرسلين من قبل الله تعالى بهذه الشرائع إلى الناس بخلاف غيرهم من الأنبياء كلوط وهود ويونس وزكريا ويحيى وأمثالهم"ص 41
وهو كلام خاطىء فالوحى نزل على كل الرسل (ص) ومن ثم فلا يوجد نبى(ص) بلا شريعة حتى لو كانت هى نفسها شريعة والده كإسماعيل(ص) وإسحاق(ص) بالنسبة لوالدهم إبراهيم (ص) أو شريعة أخيه كما فى حالة موسى(ص) وأخيه هارون(ص) والوحى كله معجز لا فرق بين رسول أو أخر لأن الوحى وهو الحكم واحد كما قال تعالى :
"كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس"
وما نزل على النبى(ص) الأخير هو ما نزل على الرسل(ص) قبله كما قال تعالى :
"ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك"
فالأحكام هى هى منذ بداية البشرية لم تتغير إلا فى حالات نادرة جدا بسبب ظروف الخلق مثل زواج الإخوة والأخوات فى بداية البشرية ثم تبديله بالتحريم فيما بعد ومثل حكم السرقة ومثل حكم تحريم بعض الأطعمة ثم تحليله بسبب بغى القوم فهى أحكام تعد على أصابع اليدين

اجمالي القراءات 5133