نشر موقع مجلة "فورين بوليسي" الاميركي على شبكة الانترنت مقالا للصحافي دوف زاكيم تحدث فيه عن الاوضاع في سوريا، وكيف ان الرئيس السابق حافظ الاسد شدد قبضته على سوريا بعد ان حصل على درس من نتيجة حكم تشاوشيسكو واعدامه في رومانيا، وكيف ان مصير وريثه بشار هو الان بين ايدي طائفته ذاتها من العلويين. وفي ما يأتي نص المقال:
"عندما نفذ حكم الاعدام بوحشية في نيكولاي تشاشيسكو العام 1989، اهتم الرئيس السوري آنذاك حافظ الاسد بما ينطوي عليه الامر. فقام بتشديد قبضته الحديدية على سوريا وقد صمم الا يواجه نفس مصير الدكتاتور الروماني، ولم يخفف من قبضته سوى موته في العام 2000. ولم يكن ابنه بشار، الذي توقف فجأة عن ممارسة طب العيون في لندن عندما لقي شقيقه باسل الذي كان "ولي عهد" الحكم السوري، حتفه في حادث سيارة في العام 1994، قد سعى قط الى السير على هدي سياسة والده القاسية الا حين انطلقت الانتفاضة في وقت سابق من هذا العام. وما هدد (الزعيم الليبي معمر) القذافي معارضيه به، قام الاسد تنفيذه فعلاً. غير ان الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة لم تفعل اكثر من الوعيد بسبب السوريين الذين اما قتلتهم او اختطفتهم (أو كلاهما) قوات الاسد ورجال الامن السوريين الا في الاسابيع القليلة الفائتة.
ان سقوط القذافي المحتوم لا بد ان يكون قد شجع المعارضة السورية على مواصلة احتجاجاتها في طول البلاد وعرضها. ومن غير المحتمل التأثير على الاسد لتطبيق تنازلات واقعية لصالح المحتجين. بل على العكس من ذلك، فان من المتوقع ان يضاعف بشار، مقنعاً ان الجيش لا يزال يدعمه، وبالرغم من العبرة التي استمدها والده من واقعة سقوط تشاوشيسكو، جهوده للابقاء على سيطرته على سوريا. وقد لا ينجح في مسعاه، والسبب لا يعود الى تنامي قوة المعارضة، وانما لان انصاره العلويين قد ينقلبون عليه.
يعلم العلويون ان ليس بوسعهم ان ينتظروا الرحمة من الغالبية السكانية السنية اذا سقط نظام الاسد. وتتضاعف الكراهية لهم بسبب هرطقة عقيدتهم واساءة استخدامهم للسلطة. وهم يدركون ايضا ان الوقت ينفد بالنسبة اليهم، مثلما حصل مع القذافي وانصاره. ويكمن املهم الوحيد في الاطاحة ببشار وقيادته باكملها واحلال وجه علوي اكثر مدنية محلهما يكون مقبولا لدى الغرب وبامكانه، وهو الاهم، التفاوض مع المعارضة لضمان بقاء الطائفة. قد لا ينجح العلويون، الا انه ليس امامهم اي خيارات اخرى.
ومهما كانت النتيجة، فان من المحتمل ان تكون ايران هي الخاسر الاكبر، ومعها حزب الله ايضا. وهذا الحال بالتأكيد هو الذي سيقوم اذا تولى السنة السلطة في دمشق. بل انه حتى وان حافظ العلويون بطريقة او باخرى على السلطة، فان حريتهم في المناورة ستكون مقيدة بشكل واسع في مواجهة ايران مقارنةً بما كانت عليه في العقود القليلة الماضية. وسيكون نظام علوي ضعيف اكثر تأثرا بالضغوط التركية وتلك التي تبذلها الجامعة العربية.
وفي الفترة الاخيرة اشتدت حدة السياسة الاميركية حيال سوريا، ودعا الرئيس اوباما الى تنحي الاسد وتمديد العقوبات لتشمل المشتريات النفطية. وقد يكون الاوروبيون وهم الاكثر اعتمادا على النفط السوري مستعدين لتشديد العقوبات ايضا. بل ان معارضة روسيا لاي ضغوط على الاسد أخذت تتهاوى. وستؤثر كل هذه التطورات في ح القذافي فعلا هو الذي سيضطر العلويون فيه الى الاستغناء عن بشار بينما يبقى ذلك بامكانهم. وذلك اليوم ليس ببعيد".