نحو تصحيح المسار بعد مرور 19 سنة على صدور البيان الامازيغي للاستاذ محمد شفيق

مهدي مالك في الأحد ٠٣ - مارس - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 نحو تصحيح المسار بعد مرور 19  سنة على صدور البيان الامازيغي للاستاذ محمد شفيق  

                                                مقدمة مطولة

يعتبر فاتح مارس 2000 تاريخ صدور بيان الاعتراف الرسمي بامازيغية المغرب للاستاذ محمد شفيق حيث  شعر الفاعل الامازيغي وقتها بشعور الامل و الجراة بحكم انتقال العرش الى الملك الشاب محمد السادس و بحكم تطلع الفاعل الامازيغي الى التغيير و الى النهوض بالامازيغية كثقافة و كلغة كما هو مقرر في ادبيات الحركة الثقافية الامازيغية انذاك....

 لعل حدث اصدار الاستاذ محمد شفيق لبيانه الشهير من اجل الاعتراف الرسمي بامازيغية المغرب انذاك قد شكل اعلانا صريحا من طرف النخبة الامازيغية عن نيتها الانخراط الايجابي في العهد الجديد و انصاف هويتهم الاصيلة داخل مؤسسات الدولة من منطلق ان الامازيغية هي مسالة ثقافية و لغوية فقط مع العلم ان بيان الاستاذ شفيق قد تضمن على مطالب سياسية من قبيل ترسيم  الامازيغية في الدستور المغربي و من قبيل تنمية المناطق المحافظة على امازيغيتها و اعادة كتابة تاريخ المغرب اي ان هذا البيان كان فرصة حقيقة لبداية التفكير في تسييس المسالة الامازيغية..

 لكن بعض الاطراف رفضت هذا الطرح جملة و تفصيلا بحسن النية عبر القول ان الامازيغية في ذلك السياق لا تتوفر على اية شرعية داخل الدولة و اغلب الاحزاب السياسية حيث اتحدث هنا عن مارس سنة 2000  بمعنى ان الرافضين لتسييس القضية الامازيغية لهم اسبابهم الموضوعية غير اننا ندفع الثمن غاليا الان كما ساشرحه لاحقا.

قد كنت في ذلك التاريخ بالضبط مجرد مراهق معاق بعيد عن الشان الامازيغي و بل عن قراءة الكتب مهما كانت بحكم انني كنت اعيش في عز المشاكل التي لا نهاية لها مع ايديولوجية التخلف القروي كما شرحته مطولا في كتاب صوت المعاق.

 لكنني بالمقابل كنت احب قراءة الجرائد و مشاهدة الاخبار على تلفزيوننا الوطني لكن بخلفية  اي انسان عادي الا ان ابي انقدني من متاهات ايديولوجية التخلف القروي التي كادت تقتلني انذاك و اجبرني على قراءة الكتب  مهما كانت حيث اخذت شيئا فشيئا افهم عمق المسالة الامازيغية تاريخيا و سياسيا و استغرق هذا سنوات طويلة اي منذ ذلك التاريخ المؤلم بالنسبة لي الى الان

و عندما صدر البيان الامازيغي في مارس 2000 حسب ما اتذكره جيدا كان اعلامنا الوطني عموما غارقا في بحور التعريب و التغريب على حد السواء حيث لا احد يذكر الامازيغية الا من اجل تقديمها على شكل  مؤامرة اجنبية او على شكل فلكلور شعبي حقير في البوادي البعيدة عن مراكز الحضارة العربية الاسلامية كمصطلح ايديولوجي خطير يضع الامازيغيين كلغة و كثقافة و كعلمانية اصيلة خارج شرعيتنا الدينية منذ الاستقلال الشكلي الى يومنا هذا بسبب ايديولوجية الظهير البربري  ....

لكن بعد خطاب اجدير التاريخي و تاسيس المعهد الملكي للثقافة الامازيغية تغير الوضع نحو المكاسب  الرمزية بالنسبة للامازيغية  في التعليم و في الاعلام حيث ان عمل هذه المؤسسة في هذان المجالان هو عمل غير مسبوق منذ سنة 1956 الى سنة 2003 اي ان سياسة الدولة الجديدة حيال الشان الامازيغي هي سياسة للتدبير الثقافي و اللغوي لا اقل و لا اكثر بمعنى ان الخطاب الثقافي للحركة الامازيغية منذ سنة 1967 الى سنة 2001 هو الذي اعتمدته السلطة للمصالحة مع الامازيغية  لكنني اتساءل كمناضل امازيغي هل هذا يكفي فعلا لتحقيق هذه المصالحة مع الامازيغية ؟ باعتبارها هوية المغرب الاصلية منذ قرون غابرة.

 و باعتبارها حاملة لثقافة ترفض المساس باي انسان مهما كان و تحب السلام و الوئام و تؤمن بالديمقراطية و بالعلمانية الاصيلة كما اسميها شخصيا لان اجدادنا كانوا مسلمين علمانيين  كما شرحته مطولا في كتابي تحت عنوان الامازيغية و الاسلام و اسطورة الظهير البربري كمجهود شخصي لكنه لم يجد طريقه بعد نحو الطبع الى حد الان بحكم سيادة مناخ سياسي عام اليوم يمشي ضد المسالة الامازيغية كقضية سياسية بامتياز و يمشي مع رغبات تيارات الاسلام السياسي ذات المرجعية السلفية ...........

                   الى صلب الموضوع

يمكن القول بكل المسؤولية التاريخية ان الامازيغية لم تحقق اي شيئا ذي قيمة كبرى منذ ترسيمها في دستور 2011 المعطل الى اجل غير مسمى بحكم ان هذا الدستور ينص على اخراج قانون تنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية كما هو معلوم لدى الحركة الامازيغية ببعدها الثقافي و ببعدها السياسي حيث هذه سنوات ننتظر  صدور هذا القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للامازيغية لكن بدون اي جدوى بحكم ان المخزن التقليدي قد استعمل الاسلاميين لايقاف هذا المسار المؤدي الى بناء الدولة المدنية تعترف بامازيغية المغرب على مختلف المستويات و الاصعدة حيث ان هذا الطموح المشروع يتعارض مع مصالح المخزن التقليدي و مع مصالح الاسلاميين معا.....

اذن ليس هناك اي خيار سوى الخيار السياسي بالنسبة لي شخصيا لان منذ سنة 2001 قامت السلطة وفق مرجعيات الحركة الامازيغية بجناحها الثقافي بتدبر المسالة الامازيغية باعتبارها شان ثقافي و لغوي و كفى حيث لم اصرح نهائيا بان المعهد الملكي للثقافة الامازيغية  لم يفعل شيء يذكر لصالح هويتنا الام على الاطلاق .

لكنني صرحت في اكثر من مقال ان هناك حقل ظل خارج سياق مسلسل انصاف الامازيغية منذ سنة 2001 الى الان الا و هو الحقل الديني الذي مازال  يدبر وقف ايديولوجية الظهير البربري المعادية اصلا لكل ما هو امازيغي حيث قلت في مقدمة كتابي  انني اهدف من خلال هذا الكتاب الى الاظهار ان الامازيغية تتوفر على الشرعية الدينية بحكم ان اغلبية  امازيغي المغرب هم  مسلمون و الثقافة الامازيغية في مضامينها هي ثقافة اسلامية لكن في طابعها العلماني المغربي من طبيعة الحال ....

اذن اؤمن بضرورة تصحيح المسار بالنسبة للحركة الامازيغية بعد مرور 19 عام على  صدور بيان الاستاذ  محمد شفيق حول امازيغية المغرب كمشروع سياسي ينطلق من تاريخنا الاجتماعي حيث لا يمكن على الاطلاق الرجوع الى احضان الخطاب الثقافي للحركة الامازيغية لان هناك قضايا سياسية امازيغية مطروحة بالقوة من قبيل حراك الريف و قضية الارض بالنسبة لمنطقة سوس و منطقة الجنوب الشرقي و قضية القيم الامازيغية الاصيلة كموضوع طويل للغاية حيث ان اغلب المغاربة ذوي النزعة السلفية يعتقدون ان  الاصل هو اتباع سلفهم الصالح كاننا لا نتوفر على سلفنا الصالح من حيث الوقار و الاحترام و عدم الخداع و اعطاء للمراة حقوقها عبر نظام الكيد و السعايا الخ من قيمنا الامازيغية الاسلامية كما اسميها....................................................

المهدي مالك                            

 

اجمالي القراءات 4498