بعض المنشور فى مجلة ( حواء) (3) قصص تاريخية من العصر الفاطمى

آحمد صبحي منصور في السبت ١٦ - فبراير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

بعض المنشور فى مجلة ( حواء) (3) قصص تاريخية من العصر الفاطمى

( حواء بين سطور التاريخ )  ( ست الملك ولغز الحكم بأمر الله ) بتاريخ 13/8/1994م

( العادة أن حركة التاريخ تسير على قدمين، إحداهما للرجل والأخرى للمرأة ، ولكن كتابة التاريخ عمل أنفرد به الرجل لذلك جعل المرأة تتوارى بين سطور التاريخ .. وهذه محاولة للكشف عن " حواء بين سطور التاريخ " .)

1 ـ  حكم الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله مصر والشام وأجزاء من العراق مع الحجاز وشمال أفريقيا في المدة ما بين (386ـ 411) هـ الموافق (996 ـ 1020م) ..

2 ـ كان الحاكم في الحادية عشرة من عمره حين تولى الخلافة في يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من رمضان سنة 386هـ ،وفي ذلك الوقت كانت أخته غير الشقيقة ست الملك قد أتمت عامها السابع والعشرين ، أي كانت تدرك الأمور أكثر من أخيها الصبي ، مع ما اتصفت به ست الملك من ذكاء وعبقرية نلمسها من سيرتها التي بدت بين سطور تاريخ أخيها الحاكم وبعد مقتله .

3 ـ وقع الحاكم تحت سيطرة ابن عمار ، ولم تتحمل ست الملك ذلك الوضع فتآمرت مع أخيها على عزل ابن عمار . وكانت ست الملك تشارك أخاها سعادته ظناً منها أن خادمهم برجوان سيكون أفضل من ابن عمار .. ولقد أهدت ست الملك أخاها الخليفة ثلاثين فرساً مرصعة بالذهب والبللور وعشرين بغلة وخمسين خادماً ومائة تخت ثياب وتاجاً مرصعاً وأدوات ثمينة وتحفة فنية عبارة عن بستان من فضة مليء بالأشجار ، وذلك ابتهاجاً بالنصر.ولكن أفراح الحاكم وأخته لم تطل ، إذ ما لبث أن استبد برجوان الخادم بالأمر بعد أن كون لنفسه حرساً خاصاً وعقد صلحاً مع خصومه السابقين ومنهم ابن عمار في مقابل اعترافهم بسلطانه، وبعد أن تمكن له الأمر أصبح برجوان الخادم السابق يستخفّ بالخليفة ويسيء معاملته وينهب الأموال حتى بلغت ثروته أكثر من مائتي مليون دينار وخمسين أردباً من الدراهم والفضة واثني عشر صندوقاً من الجواهر بالإضافة إلى الممتلكات العينية . وفي غمرة فساده وطغيانه نسي برجوان أن الخليفة الصبي أصبح شاباً وأن أخته ست الملك معه تخطط له ، وفي النهاية نجح التخطيط فاستدعى الخليفة خادمه برجوان وقتله.وكانت ست الملك وأم الحاكم تراقبان الموقف خوفاً على الحاكم ، وبعد التخلص من برجوان رجعتا في اطمئنان ، ولا تزال إحدى حارات القاهرة تحمل اسم برجوان .وبعد التخلص من برجوان صفا الأمر للخليفة الحاكم وأخته ست الملك ، وكان من الطبيعي أن يبدأ النزاع بينهما بعد فترة من الوئام.

4 ـ ويبدو أن الحاكم كان يعاني من نوع من الوسواس القهري يخيل إليه أن كل الناس يتآمرون عليه ، وربما يرجع ذلك إلى ما عاناه من بدايته من استبداد ابن عمار وبرجوان به . وزاد في الوسواس لديه اقتناعه بأن أخته ست الملك تتآمر على حياته وأنها أقدر من الآخرين على الكيد له. فأكثر الحاكم من قتل أعيان الدولة بتهمة أنهم أعوان ست الملك .

5 ـ  ثم بدأ العداء بينهما يأخذ صورة علنية ، إذ اتهمها بإقامة علاقات آثمة محرمة مع أولئك الأعوان ، وكان أظهر من قتله الحاكم بتلك التهمة قاضي القضاة مالك ابن سعيد ، وكانت هناك إشاعات تقول أن مالك بن سعيد يذهب إلى قصر ست الملك ويخلو بها بحجة قراءة صفحات  الدعوة الشيعية ، وكان معروفاً أن الحاكم يحب القاضي مالك بن سعيد ويثق فيه ، إلا أن تلك الإشاعة أوغرت صدره وأثارت شكوكه ، فاختبر الحاكم ذلك القاضي ، فأمره أن يقطع ألسنة الذين ثبت ترديدهم لتلك الإشاعة ، فلم يستطع القاضي تنفيذ الأمر فأمر الخليفة بقتل صديقه القاضي مالك بن سعيد سنة 405هـ . ويذكر المقريزي في تاريخه عن الفاطميين : (إتعاظ الحنفا فى سيرة الفاطميين الخلفا ) أن السبب في قتل الحاكم للقاضي مالك بن سعيد أنه اتهم بموالاة سيدة الملك ، وكانت تلك أول إشارة علنية لانتهاء فترة الوئام بين الخليفة وست الملك. ويذكر المؤرخون أن الحاكم قال لأخته في مقابلة عاصفة بينهما : " أنت حامل " ، وأنه رماها بالفجور ، وكان ذلك سنة 410هـ أي في وقت تجاوزت فيه ست الملك الخمسين من عمرها ، وحين تأتيها هذه التهمة صريحة واضحة من أخيها الذي شاركت في تربيته فإننا نتوقع أن الأمور وصلت بينهما إلى حد القطيعة الدائمة..

6 ـ وكانت تلك هي القشة التي قصمت ظهر البعير كما يقولون ، لأنه بعدها بقليل تم اغتيال الحاكم بطريقة الجريمة الكاملة. فكرت ست الملك في قائد ينفذ لها مهمة الاغتيال فوقع اختيارها على الأمير ابن دوَّاس الذي كان يعيش في رعب متخوفاً من غدر الحاكم به ، فأرسلت إليه أن يأتيها ، ولكنه خاف على نفسه من مكائدها أو من عيون أخيها ، وتردد ، ولكنه فوجئ بها تأتي إليه متنكرة وتدخل عليه ، فانكب على الأرض يقبلها أمامها ، ودخلت في الموضوع مباشرة، فعرضت عليه أن يقتل الحاكم قبل أن يقتله واطمعته في أن يكون مدبر الدولة لابن الحاكم الذي سيتولى الخلافة بعده ، وأن شئون الدولة ستكون بينهما وبينه ، ورضي ابن دوَّاس إذ ليس له خيار آخر ، فلو رفض لاستطاعت ست الملك التخلص منه ، ولو حتى عن طريق الإيحاء والتأثير على الحاكم بوجود علاقة تآمرية بينهما ، واجتهد ابن دوَّاس في التنفيذ بعد أن أعــدّت له ست الملك الخطة ، وكانت تعرف مواعيد خروج أخيها من القصر متنكراً وعليه ثياب الرهبان راكباً حماراً. وفي ليلة الاثنين السابع والعشرين من شوال خرج الحاكم بعد أن ودع أمه ، وانتظرت أمه وأهل القصر رجوعه فلم يرجع ، وبذلك نجحت خطة ست الملك في اغتياله..

7 ـ وفي هذه الأثناء كانت ست الملك قد أعدت عدتها للإمساك بكل الخيوط ، فأمرت الوزير خطير الملك باستدعاء الأمير الفاطمي ابن إلياس بدمشق دون أن تعلمه بما حدث للحاكم ، وحين أتى إلى الحدود المصرية قتلوه حتى لا يطالب بالعرش ، وفرقت في الجنود مليون دينار ، وأعلنت للناس غيبة الحاكم وأنه يراسلها وأمرت الناس بالكف عن الكلام ، وأمرت بقتل من يتزيد في الكلام ومن يتخلف عن بيعة ابن الحاكم وهو الظاهر ـ بالخلافة.. 

8 ـ وتمت البيعة للخليفة الظاهر الفاطمي في يوم الأضحى سنة 411هــ ، وكان عمره وقتها ست عشرة سنة وثلاثة أشهر ، وهي التي ألبسته تاج الخلافة المرصع بالجواهر وجعلت على رأسه مظلة مرصعة وأركبته فرساً رائعاً بمركب ذهب مرصع بالجواهر ، وأخرجت بين يديه الوزير وكبار الدولة ، فلما تقدم الموكب هتف الوزير في الناس : " يا عبيد الدولة مولاتنا ست الملك تقول لكم هذا مولاكم أمير المؤمنين فسلموا عليه "، فارتمى ابن دوَّاس بين يديه يقبل الأرض، وتتابع بعده القواد والزعماء يعطونه العهد والميثاق .وهمس أحد الغلمان قائلاً : "لا أبايع حتى أعرف خبر مولاي الحاكم "، فأخذوه لوقته وغرقوه في النيل ، فارتعب الجميع ، وتم الأمر لست الملك والخليفة الصغير الذي ليس له من الأمر شيء..

9 ـ وأظهرت ست الملك الود الزائد لابن دوَّاس شريكها في المؤامرة ، فزارته في منزله وجعلته يثق فيها ، وبعد أن تم لها الأمر أشارت إلى عبيد الحاكم بأن بن دوَّاس هو قاتل سيدهم الحاكم فدخلوا عليه وقتلوه ، وقتلوا كل من شارك في المؤامرة وبذلك نجحت في تنفيذ الجريمة الكاملة ..

10 ـ وظلت ست الملك تدبر شئون الخليفة الصغير وتتحكم في كل صغيرة وكبيرة ، فأعادت للدولة هيبتها ، وملأت الخزائن بالأموال، واصطنعت الأكفاء من الرجال إلى أن ماتت في مستهل جمادي الآخرة سنة 614هـ وهي في السابعة والخمسين من عمرها..

 

( حواء بين سطور التاريخ ) الخليفة الفاطمى ( الآمر ) عاشق البدويات : مجلة حواء بتاريخ  9/7/1994

العادة أن حركة التاريخ تسير على قدمين، إحداهما للرجل والأخرى للمرأة ، ولكن كتابة التاريخ عمل أنفرد به الرجل لذلك جعل المرأة تتوارى بين سطور التاريخ .. وهذه محاولة للكشف عن " حواء بين سطور التاريخ " .

1 ـ بعض أحداث التاريخ تفوق في غرابتها ما يجول في أفئدة الروائيين ومؤلفي القصص الخيالية ، والدليل على ذلك ما ورد في تاريخ الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله الذي حكم مصر والشام وأجزاء من الحجاز وشمال أفريقيا .. وضحى بذلك كله لكي يتزود بنظرة من معشوقته البدوية الأعرابية . فإذا كان لكل سلطان نوع من الابتلاء في التفكير فإن الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله كان يعشق الفتيات الإعرابيات البدويات وفى سبيلهن كان يهجر الجواري اللاتي يملأن قصوره ويعشن على أمل نظرة منه . والأغرب أن ذلك الخليفة كان سرعان ما يسأم المرأة الأعرابية البدوية إذا تعلقت به ويهجرها إلى بدوية أعرابية أخرى لا تزال تحتفظ بخشونتها وغلظتها .

2 ـ تولى الآمر الخلافة وهو طفل في الخامسة من عمره ، وذلك يوم الثلاثاء السابع عشر من صفر سنة 495 هجرية " 1001 ميلادية" . وسيطر على الدولة الوزير الأفضل إلى أن اغتال الباطنية الحشاشون ذلك الوزير في آخر يوم من رمضان سنة " 515 "، وبعدها أصبح الأمر يمارس سلطاته باعتباره الحاكم والخليفة والإمام، وظل هكذا إلى أن اغتاله الباطنية والحشاشون أيضا ، وهو في طريقه للقاء معشوقته البدوية، وذلك يوم الثلاثاء الرابع من ذي القعدة سنة " 524 هجرية " ولم يبلغ وقتها الخامسة والثلاثين من عمره .

3 ـ وقد تخصص الباطنية الحشاشون في الاغتيالات السياسية والأعمال الإرهابية. وهم من أتباع الحسن الصباح وهو شيعى إنشق على الخلافة الفاطمية بعد أن تولى المستعلي الخلافة الفاطمية  بدلا من أخيه نزار ، والمستعلي هو والد الخليفة الآمر بطل قصتنا . وهرب الحسن الصباح إلى قلعة  (آلموت ) في قزوين في فارس ، وجعلها مقرا لتدريب الفدائيين على أعمال الاغتيال والإرهاب ، وكان من ضحاياه كثيرون من الخلفاء العباسيين والفاطميين والسلاطين والأمراء وغيرهم . وامتاز أولئك الفدائيون بالشجاعة المطلقة والطاعة العمياء ، وتنفيذ أوامر شيخهم الصباح مهما كانت الصعوبات . ولذلك أثاروا الرعب في كل مكان ، ولكن بطل قصتنا الخليفة الآمر انشغل عنهم وأهمل الاحتياط حبا في لقاء البدوية فدفع حياته ثمنا لذلك الغرام العجيب .

4 ـ وكان ذلك الخليفة العاشق محبا للتنزه والاحتفالات مثل أسلافه. وفى سنة 420 أمر بتجديد قصر القرافة التي بنته جدته تغريد ، وأقام تحت ذلك القصر مصطبة لشيوخ الصوفية ، وكان مغرما بمشاهدة شيوخ الصوفية وهم يرقصون .

5 ـ ولقد بلغ من غرامه بالبدويات أنه كان يرسل جواسيس وعيونا يتجولون في خيام القبائل العربية للعثور على أجمل بدوية ويحصل عليها بأي طريق . ثم حدث أن جاءه الجواسيس يخبرونه بالعثور على فتاة بدوية في الصعيد ، يقال لها البدرية العالية ، وأنها أديبة أريبة تقول الشعر . فأرسل لإحضارها إليه فعجز رسله عنها ، وجاءوا يخبرونه بالمزيد من شعرها وحبها لابن عمها المشهور بابن ميّاح . فتعلق بها الخليفة الآمر وعزم على أن يراها بنفسه ويتعرف إليها كإنسان وشاب ، ولذلك فقد سافر إليها من قصره بالقاهرة وأهمل التهديد المستمر على حياته من أعدائه الباطنية الحشاشين . واكتفى بارتداء زى البدو وتجول في مضارب البدو إلى أن وصل إلى قبيلة البدوية العالية .. وضاعت منه أمواله في الطريق فاضطر للاعتماد على نفسه واحتمال الضائقة التي حلت به ، وظل يحتال إلى أن وصل إليها ورآها وحدثها فلم تلق إليه بالا ، فأسرع يعود إلى ملكه وقصره وأرسل إلى أهلها يخطبها ففرح أهلها وأرغموها على قبول الزواج .

6 ـ وزفت إليه فلم ير فيها الانشراح والسعادة اللذين كانا عليها وهى في أرض قومها ، وأظهرت له كراهيتها للقصر بدلا من أن تظهر كراهيتها له ، وهو يقنع نفسه بأنها لا تكره إلا حياة القصور وتفضل عليها حياة الخيام والصحراء ، وكلما ازدادت عنه إعراضا وصدودا ازداد لها محبة وازداد بها هياما . وفعل كل ما يستطيع لإرضائها ، فكان يصحبها إلى قصر القرافة لتشاركه بهجته برقص شيوخ التصوف أمامه ، ومع ذلك فان نظرتها الحزينة الساهمة كانت تنغص عليه حياته ففكر في عمل يرضيها ويسعدها .. فقد ظن أن وجودها في القصور مع جواريه وزوجاته يضايقها فأقام لها في الجزيرة " الزمالك الآن " قصرا ضخما جعله على هيئة الهودج الذي تركبه نساء الأعراب وتفنن في زخرفته وتزيينه ، وجعلها تنتقل إلى ذلك القصر فتستمتع به وبجمال النيل والجزيرة .وانتظر منها كلمة شكر أو لفتة اهتمام ولكنه فوجىء بها تبعث من قصرها الجديد برسالة حب إلى حبيبها وابن عمها ابن مياح تشكو إليه حالها وتقول له شعرا :

يا ابن مياح إليك المشتكي

 مالك من بعدكم قد ملكا

كنت في حبي مطاعا آمرا

نائلا ما شئت منك مدركا

فأنا الآن بقصر مرصد

لا أرى إلا خبيثا ممسكا .

وكتب إليها حبيبها الأعرابي يرد عليها شعرا :

بنت عمى والتي غذيتها

بالهوى حتى علا واحتبكا

بحت بالشكوى وعندي ضعفها

لو غدا ينفع منا المشتكي

مالك الأمر إليه المشتكي

مالك وهو الذي قد ملكا .

وأسقط في يد الخليفة الآمر فلم يستطع إلا أن يتمسك بزوجته أكثر فأكثر ، وخرجت القصة من بين جدران القصور إلى ساحات السمر ، وكثرت التعليقات منها ما يؤيد الخليفة ومنها ما يتحيز للعشيق والزوجة ، وأحس ابن مياح بالعيون تترصده وخشي على حياته فأختفي وهرب ، وتكاثرت الأقاصيص الشعبية تجعل منه بطلا .

7 ـ وأثناء انشغال الخليفة الآمر بمشاكله مع محبوبته البدوية وحبيبها الهارب والمتعصبين لهما كان الباطنية يجهزون مؤامرة لاغتياله . وكانت الدولة الفاطمية في خلافته قد وضعت الجواسيس والعيون في فارس والعراق وكل محطات الطريق تحصى على أعوان الباطنية أنفاسهم ، وجاءت رسالة من جاسوس فاطمي في آلموت – مقر الحسن الصباح – تحذر من إرسال فرقة لاغتيال الخليفة الآمر . وبسرعة ارتفعت درجة الاستعداد إلى الغاية القصوى ، وجرى تفتيش كل المسافرين من العراق والشام إلى مصر .

8 ـ وأحست فرقة الاغتيال وكانوا عشرة بالخناق يضيق عليهم فاجتمعوا سرا في بيت مهجور، وتشاوروا ، وهم يتوقعون الإيقاع بهم في أي وقت ، فقال أحدهم : " الرأي أن تقتلوا رجلا منكم وتلقوا برأسه في " بين القصرين " لتنظروا ، فان عرفه الآمر فثقوا أنهم يعرفون صوركم وملامحكم فلابد أن تفروا . وان لم يتعرفوا على الرأس المقطوع ، فاطمئنوا واعرفوا أن القوم في غفلة عنكم وأتموا مهمتكم . " فقال له : " ما ينبغي لنا أن نقتل واحدا منا وينقص عددنا ". فقال لهم صاحب الرأي : " إن هذا مصلحة لنا ولسيدنا ، وما دللتكم إلا على نفسي". وأسرع فقتل نفسه بسكين ومات ، وأخذوا رأسه ورموه في الليل بين القصرين ، وأصبحوا ينظرون ماذا يفعل الناس ، فاجتمع حوله الناس ولم يتعرف عليه أحد من الناس أو من السلطات ، ففرح الباطنية المتآمرون وعزموا على تنفيذ المهمة .

9 ـ انتظروا في الطريق وأعينهم على الطريق ، وإذا بالموكب قد سار على الشاطىء . ونزل الخليفة إلى الجسر ، وقبل أن يلحق به بقية الحرس وثبوا عليه وثبة رجل واحد يضربونه بالخناجر والسكاكين ، ولحق بهم الحرس فقتلوهم جميعا . وحملوا الخليفة المقتول إلى قصر البدوية العالية كأنه قد صمم على الذهاب إليها حتى بعد مصرعه . ولا نعرف كيف استقبلت جثته هل بالحزن على الزوج العاشق أم بالسرور لأنها تخلصت من سجان مزواج .

الله تعالى أعلم ....   

اجمالي القراءات 4545