هاروت وماروت

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٢ - فبراير - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً

هاروت وماروت

مقدمة :

جاءتنى هذه الرسالة أنقلها كما هى شاكرا صاحبها : ( السلام عليكم يا دكتور.ربنا يكرمك ويجعلك بإذنه تعالي من الشهداء يوم الدين وهذة دعوتي لك دائما.كنت اتمني ان اعرفك واستمع واقرأ لك من فترة طويله.المهم اني احبك في الله.ولا اريد ازعاجك ابدا.بس عندي سؤالين.الاول. كيف لي التاكد بان الله سبحانه وتعالي يرضي عن اعمالي وعبادتي.واحاول بكل جهدي ان اكون مخلصا بعد كل ما فعلت من ذنوب  .الثاني.حاولت ان افهم قصة هاروت وماروت من موقع اهل القرآن ولكن رايهم لا يتفق مع رايك في فهم القرآن. ارجو ان تفيدني في اي كتاب او بحث لك اقرآ.وادعو الله دائما باخلاص ان القاكواتعرف عليك في الجنة بإذن الله ورحمتة سبحانه وتعالي.).وأقول له : أكرمك الله جل وعلا وجمعنا فى رحمته وجنته. . وأكتب هذا المقال إستجابة لرسالته.

أولا :

1 ـ إذا أحسنت عملا فلك أن تتأكد أن الله جل وعلا لا يضيع أجر من أحسن عملا. قال جل وعلا: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴿٣٠﴾ الكهف) (  وَأَنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿١٧١﴾ آل عمران) (إِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ 120التوبة ) (فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿١١٥﴾ هود ) (فَإِنَّ اللَّـهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٩٠﴾ يوسف  ).

2 ـ ثم إننا إذا إتقينا الله جل وعلا فهو جل وعلا ليس محتاجا لأن يعذبنا ، قال جل وعلا : (مَّا يَفْعَلُ اللَّـهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ۚ وَكَانَ اللَّـهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ﴿١٤٧﴾ النساء  ).

3 ـ ليس الفرد حّرا فى إختيار الحتميات أو ما يعرف بالقضاء والقدر ، وهى أربع : الميلاد والموت والرزق والمصائب . كلها مكتوبة سلفا ، لا مهرب منها . لا يملك فرد تحديد موعد ميلاده أو موعد موته أو ملامحه عند الميلاد أو عند الموت ، ولا تحديد أبويه وأقاربه ولا تحديد الرزق الواصل اليه ولا يمكنه تفادى المصائب التى تقع عليه . وهو ليس مسئولا عن هذه الحتميات يوم القيامة. ما عدا هذه الحتميات هو له حرية المشيئة فى الطاعة أو المعصية فى الايمان أو الكفر. ولا يكون مؤاخذا إلا بالتعمد ، وليس عليه جناح عند الاضطرار وعند النسيان. ليس الفرد مسئولا عن الحتميات ولكنه سيكون مسئولا عن أعماله الاختيارية وعن إيمانه أو كفره ، عن مدى ما فى قلبه من تقوى أو من كفروشرك. وبالتالى يمكن للفرد أن يحدد مصيره فى الآخرة بإختياره . إذا عصى وكفر فقد قرربإختياره الخلود فى الجحيم. إذا قرر أن يتقى ربه ونفّذ هذا القرار إيمانا خالصا وعملا صالحا فله أن يتأكد أنه سيدخل الجنة لأن الله جل وعلا وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالجنة ، هذا وعد الله جل وعلا وهو جل وعلا لايخلف الميعاد:  (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ وَعْدَ اللَّـهِ حَقًّا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّـهِ قِيلًا ﴿١٢٢﴾ النساء ) (وَعَدَ اللَّـهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّـهِ أَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴿٧٢﴾ التوبة  )

ثانيا : عن هاروت وماروت فى رؤية قرآنية

1 ـ قال جل وعلا عن الضالين من بنى إسرائيل وقت نزول القرآن الكريم : ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّـهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿١٠١البقرة ). جاءهم القرآن مصدقا لما معهم من الكتاب ، آمن به فريق منهم وكفر به فريق آخر ، نبذوا القرآن الكريم وتجاهلوه كما لو كانوا لا يعلمون . بالتالى وطالما ( نبذوا ) حديث الله جل وعلا فى القرآن فقد ( إتبعوا ) ما يناقضه ، وهو حديث الشيطان أو وحى الشيطان. وهذا مضمون الآية التالية:

2 ـ  يقول جل وعلا : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚوَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿١٠٢ وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ خَيْرٌ ۖ لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿١٠٣﴾ البقرة ).

3 ـ واضح هنا أن أولئك الضالين كانوا يرددون الوحى الشيطانى ، والوحى الشيطانى مستمر مع البشر الضالين ، كما جاء فى سورة الانعام (  وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴿١١٢ وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ﴿١١٣﴾) (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰ أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ۖ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴿١٢١﴾).

4 ـ ومن الوحى الشيطانى تعليمهم أوليائهم السحر . والسحر لا يعنى سوى التأثير على نفسية الناس ومجالهم البصرى لترى ما يريده الساحر لهم أن يروه طالما آمنوا بجدوى السحر ، وهو ما يعرف بالإيحاء . وبهذا إشتهر السحرة فى مصر الفرعونية وارتبطت شهرتهم بالحياة الدينية وقتها ، ولذا كانت آية موسى هى فى التحدى لهم بما يفوق سحرهم وتوزع السحرة ( مدائن مصر ) وجرى إستدعاؤهم منها لعقد مباراة مع موسى: (قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ ﴿٣٦يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ ﴿٣٧﴾ الشعراء)..

5 ـ وفى القصص القرآنى عن سحرة فرعون نتعرف على حقيقة السحر وأنه مجرد وهم لا حقيقة له . فالسحرة ( سحروا أعين الناس ) : (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴿١١٦﴾ الاعراف   ) .  بل أثّروا على موسى نفسه : (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴿٦٦﴾ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴿٦٧﴾ قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ ﴿٦٨﴾ وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ ۖ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿٦٩﴾ طه  ). لذا أيقن السحرة أمام آية موسى أنه ليس ساحرا مثلهم بل هو فعلا رسول من الرحمن جل وعلا فوقعوا ساجدين ، ودفعوا ثمن إيمانهم قتلا وصلبا.

6 ـ لم يكن موسى فقط هو الذى تأثر بالثقافة الفرعونية فيما يخص جدوى السحر ، بل تأثر الاسرائيليون أكثر بالدين المصرى ، وخصوصا السحر . وساعد عليه ما ذكره رب العزة من تسخير الجن والشياطين لسليمان عليه السلام ، قال جل وعلا : (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ ﴿٣٦وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ ﴿٣٧﴾ وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ﴿٣٨﴾ هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴿٣٩﴾ ص).إعتقدوا أن هذا التسخير حدث بتعويذة سحرية ، وأنه من الممكن تكرارها بعد موت سليمان .

7 ـ إنهارت الدولة الاسرائيلية وتعرض بنو اسرائيل للأسر البابلى ، ووقع كثير منهم فى الضلال ، وإستبدلوا بالكتاب الالهى الوحى الشيطانى ، وبرز فيهم نوع جديد من الوحى الشيطانى مستخلص من خلفياتهم السابقة ، وهو ( السحر ) الذى شاع فيهم يوحيه اليهم شياطينهم بما يشيعون عن ملك سليمان منسوبا الى النبى سليمان . والله جل وعلا برّأ نبيه سليمان من هذا فقال : (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ ).

8 ، برز لديهم كان نوع من التعاويذ السحرية أو ( الأعمال السحرية ) التى لا تزال سارية حتى اليوم تحظى بإعتقاد الناس . ولحرب هذا التأثير الشيطانى أنزل الله جل وعلا ملكين فى بابل ، تجسدا فى هيئة بشر ( إذ يستحيل علينا أن نرى الملائكة على حقيقتهم ونحن أحياء فى هذه الدنيا ) . الملكان هاروت وماروت قاما بتعريف الناس بالخداع السحرى وأنه مجرد تأثير على النفس ، مثل التفريق بين الزوجين ، وحتى هذا الضرر النفسى لا يقع إلا بإذن الرحمن جل وعلا ، ثم إنه بمقدور أى شخص أن يفسد ما بين الزوجين بالوقيعة. ولكن المهم أنه لا يفلح الساحر حيث أتى ، وان من استعمل السحر فقد أضاع نفسه (  وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿٦٩﴾ طه  ) (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿١٠٢البقرة) وأن الأفضل هو التقوى : (وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ خَيْرٌ ۖ لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ﴿١٠٣﴾ البقرة ). هذا هو المفهوم من الآية الكريمة فى سياقها ( البقرة ـ 102 ـ )

9 ـ أهمية هذه القصة لنا هى أن من يؤمن بالسحر ومن يحترف السحر لا يفلح أبدا. ومع هذا فأغلب المحمديين يؤمنون بالسحر ، بل ويجعلون القائمين به شيوخا . ومع أنهم دجالون حسب القانون إلا إنهم يجدون من يصدقهم وينشر خرافاتهم ، وبمجرد أن يشتهر أحدهم فى العلاج أو فى حل المعضلات ينهال عليه الناس من كل حدب وصوب .

 أخيرا : إضحك مع الأحاديث الشيطانية عن هاروت وماروت

تحدثنا عن دور القصاصين فى نشر الخرافات ، وكان القصص وظيفة رسمية فى المسجد للإستغلال السياسى والدعوى تنافس فيها قصاصون رسميون ومتطوعون ، وفى هذا التنافس برع الأكثر فى فنّ الإفتراء وصناعة الخرافات. وما لبث أن تحولت خرافاتهم الى أحاديث عن طريق نسبتها الى النبى والصحابة . وإمتلأت بهذه الخرافات كتب الحديث والتفسير وقصص الأنبياء والسيرة ( النبوية ) .

ونأخذ نموذجا منها عن خرافاتهم حول هاروت وماروت ، مما جمعه السيوطى فى تفسيره . قال :

1 ـ ( أخرج سعيد وابن جرير والخطيب في تاريخه عن نافع قال: سافرت مع ابن عمر، فلما كان من آخر الليل قال: يا نافع انظر هل طلعت الحمراء؟ قلت: لا مرتين أو ثلاثاً، ثم قلت: قد طلعت. قال: لا مرحباً بها ولا أهلاً. قلت: سبحان الله... ! نجم مسخر سامع مطيع؟ قال: ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الملائكة قالت: يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب؟ قال: إني ابتليتهم وعافيتكم. قالوا: لو كنا مكانهم ما عصيناك. قال: فاختاروا ملكين منكم، فلم يألوا جهداً أن يختاروا، فاختاروا هاروت وماروت فنزلا، فألقى الله عليهم الشبق. قلت: وما الشبق؟ قال: الشهوة. فجاءت امرأة يقال لها الزهرة، فوقعت في قلوبهما، فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه، ثم قال أحدهما للآخر: هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي؟ قال: نعم، فطلباها لأنفسهما فقالت: لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء وتهبطان فأبيا، ثم سألاها أيضاً فأبت ففعلا، فلما استطيرت طمسها الله كوكباً وقطع أجنحتهما، ثم سألا التوبة من ربهما فخيرهما فقال: إن شئتما رددتكما إلى ما كنتما عليه فإذا كان يوم القيامة عذبتكما، وإن شئتما عذبتكما في الدنيا فإذا كان يوم القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه. فقال أحدهما لصاحبه: إن عذاب الدنيا ينقطع ويزول، فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة. فأوحى الله إليهما: أن ائتيا بابل. فانطلقا إلى بابل، فخسف بهما فهما منكوسان بين السماء والأرض ).  2 ـ ( وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر في سفر فقال لي: ارمق الكوكب، فإذا طلعت أيقظني، فلما طلعت أيقظته فاستوى جالساً، فجعل ينظر إليها ويسبها سباً شديداً، فقلت: يرحمك الله أبا عبد الرحمن، نجم ساطع مطيع ما له تسبه؟! فقال: أما أن هذه كانت بغيا في بني إسرائيل، فلقي الملكان منها ما لقيا . ) .
3 ـ ( وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان من طريق موسى بن جبير عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشرفت الملائكة على الدنيا فرأت بني آدم يعصون فقالت: يا رب ما أجهل هؤلاء! ما أقل معرفة هؤلاء بعظمتك! فقال الله: لو كنت في مسالخهم لعصيتموني. قالوا: كيف يكون هذا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: فاختاروا منكم ملكين، فاختاروا هاروت وماروت، ثم أهبطا إلى الأرض وركبت فيهما شهوات مثل بني آدم، ومثلت لهما امرأة فما عصما حتى واقعا المعصية، فقال الله: اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة، فنظر أحدهما إلى صاحبه قال: ما تقول فاختر؟ قال: أقول أن عذاب الدنيا ينقطع وأن عذاب الآخرة لا ينقطع، فاختارا عذاب الدنيا فهما اللذان ذكر الله في كتابه {وما أنزل على الملكين...} الآية ).

4 ـ وبقية الروايات على هذا المنوال ، تربط هاروت وماروت بكوكب الزهرة وتلعنها ، وتزعم عصيان هاروت وماروت وعذابهما . وفى كل هذه الهراء يزعمون علم الغيب الالهى.

5 ـ عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.  

اجمالي القراءات 10249