حواري الصحفي الخيالي مع يهودي امازيغي مقيم في اسرائيل ؟
مقدمة لا بد منها
ان الحركة الامازيغية هي مجموعة من المبادئ و القيم المتاصلة في مجتمعنا الامازيغي الاسلامي في اغلبيته مع احترام الطائفة اليهودية التي كانت موجودة في المغرب عبر تاريخه الطويل الى سنة 1948 تاريخ بداية هجرة المغاربة الى اسرائيل حيث لا اهتم هنا بالقراءات الايديولوجية التي تدخل ضمن نطاق القومية العربية او ضمن نطاق الاسلام السياسي بسبب ان هذه القراءات الايديولوجية لم تأخذ بعين الاعتبار ان اليهود المغاربة ساهموا في الثقافة المغربية بشكل كبير احب من احب و كره من كره..
ان الامازيغيين عبر تاريخهم العريق امنوا برسالات رسل رب العالمين الثلاث كاليهودية و المسيحية و الاسلامية باعتبارها خاتم هذه الرسالات السماوية بمعنى ان الامازيغيين امنوا باليهودية لقرون من الزمان ثم اعتنق جلهم الاسلام و بقى بعضهم على دينهم اليهودي كاختيار شخصي ..
لقد ساد في مجتمعنا الامازيغي الاسلامي نوعا من التعايش السلمي بين الامازيغيين المسلمين و الامازيغيين اليهود بسبب القوانين العرفية الامازيغية و الموصوفة بالعلمانية حيث لا اقول هنا ان هناك تعايش كامل لكن هناك نوع من التعايش السلمي بين مختلف مكونات هذا المجتمع ...
لكن مع بزوغ فجر الاستقلال الشكلي بالنسبة للامازيغيين بمختلف دياناتهم اتجهت السلطة نحو انكار الاصالة الامازيغية الاسلامية بكل ابعادها بغية زرع النموذج المشرقي في التدين و التفكير شيئا فشيئا في هذا المجتمع منذ ذلك الحين الى الان حتى اصبح اغلب المغاربة يخلطون بين اليهودية كدين و الصهيونية كفكر متطرف كما يقولون لكن اسرائيل الان بغض النظر عن سيئاتها الكثيرة و جرائمها الكبرى قد استطاعت تكون دولة ديمقراطية على صعيد الشرق الاوسط حسب اعتقادي المتواضع .
لكن اتساءل هنا سؤال مباشر هل الفكر السلفي بشموليته قد استطاع ان يعطينا دولة اسلامية ديمقراطية واحدة ؟
انني لا ادافع عن اسرائيل او عن الصهيونية هنا و انما اريد اظهار الحقائق كما هي في اعتقادي المتواضع و في اعتقاد الكثير من المفكرين و السياسيين و الزعماء العرب امثال الراحل انوار السادات و الراحل الحسن الثاني الذي امن بضرورة التعايش السلمي بين العرب و الاسرائيليين منذ منتصف الثمانينات أي ان الزعماء العرب ان جاز التعبير كانوا بشكل او باخر يسعون الى التطبيع مع الكيان الصهيوني في افق ايجاد حلا عادلا للجميع في منطقة الشرق الاوسط ..
رجوعا الى صلب موضوعنا حيث هناك اشكالية حقيقية في المغرب تتمثل في نظرة المخزن القديمة الجديدة تجاه الامازيغيين و تجاه ثقافتهم المتسامحة مع اليهود الامازيغيين أي يتحدثون بالامازيغية و يحتفلون بعاداتها في اسرائيل كما شاهدناه في الشريط الوثائقي الشهير تحت عنوان تنغير القدس الذي بثته القناة الثانية في مارس 2012 حسب ما اتذكره لكن هذا العمل الوثائقي الضخم لم يعجب تيارات الاسلام السياسي كالعادة في مثل هذه المناسبات حيث اتهمت الاخيرة الحركة الامازيغية بالعمالة للصهيونية الخ من هذه الاتهامات المعروفة ...
لكن بالمقابل نرى ان المخزن يجتهد في اظهار ثقافة اهل فاس العربية الاسلامية على انها متسامحة مع المكون اليهودي لدرجة انني سمعت عبد الرحيم الصويري الذي يعتبر احد رموز الطرب الاندلسي يصرح للقناة الثانية انه زار الكيان الصهيوني سنة 1994 بشكل عادي للغاية.
و شاهدت منذ سنوات برنامج على القناة الاولى حول الفنانة زهرة الفاسية المؤمنة بالديانة اليهودية و تشجيع التقرب بين الطرب الاندلسي المقدس عندنا منذ سنة 1956 الى الان و الموسيقى اليهودية الناطقة بالدارجة الخ .
ان هذه المظاهر الاحتفالية بالمكون اليهودي اعتبرها شيء مفيد للتعدد الديني بالمغرب شريطة ان تكون الامور الهوياتية على خط واحد أي ان الامازيغية يمكنها ان تحتفل بتعايشها مع المكون اليهودي دون الاحكام الجاهزة او سياسة التخوين الخ من هذه الممارسات التمييزية ......
ان الواقع يقول بكل المرارة ان المخزن لا يريد أية علاقة بين الامازيغية و الاسلام او مع المكون اليهودي على الاطلاق لان ثقافة اهل فاس العربية الاسلامية كما تسمى ستعتبر ثقافة دخيلة على المغرب منذ سقوط غرناطة سنة 1492 بينما ان الهوية الامازيغية هي اكثر اصالة و عمقا في المغرب للاف من السنين دون ادنى شك أي ان ثقافتنا الامازيغية الاسلامية كما اسميها بامكانها ان تكون وسيلة للتعايش و التسامح بين الديانات و الثقافات على صعيد شمال افريقيا و الشرق الاوسط اذا توفرت لها كل الوسائل الضرورية لذلك من طبيعة الحال عوض تشجيع ايديولوجيات تخريب العقول و الاوطان ........
الى صلب الحوار
يشرفني اجراء هذا الحوار المتواضع مع الاستاذ ليفي كوهين كاتب و صحفي معروف في اسرائيل منذ ثمانينات القرن الماضي حيث انحدر اصله من مدينة تيزنيت بالضبط و هجر مع ابوايه الى ارض المعاد كما يسمونها سنة 1948 و يتحدث الامازيغية و الدارجة و العبرية و الفصحى نظرا لمستواه التعليمي و الثقافي..
السؤال 1 من هو ليفي كوهين ؟
الجواب 1 انني مواطن يهودي ذوي الاصول الامازيغية حيث ان والدتي رحمها الله كما نقول علمتني لغتي الام منذ طفولتي الاولى في اسرائيل باعتباري قد ولدت سنة 1946 في مدينة تيزنيت وسط الاحباب المسلمين و اليهود.
و كان والدي رحمه الله تجارا كبيرا يتجول في اسواق اقليم تيزنيت يبيع الحلي للنساء المسلمات و اليهودات دون اية مشاكل تذكر بسبب التعايش و الاحترام المتبادل بين المسلمين و اليهود الامازيغيين .
عندما قرر والدي الهجرة الى اسرائيل شعر الاحباب المسلمين بالحزن العميق لفراقنا و المغادرة الى ارض بعيدة عنهم و كنت انذاك رضيع في حضن والدتي ...
و تحكي والدتي لي عن ذكرياتها الجميلة في تيزنيت مع صديقاتها المسلمات حيث كانت يذهبن الى الحقول و الى المناسبات العائلية من قبيل الزفاف الخ من هذه الذكريات .
انني نشات في اسرائيل نشأة اليهود المغاربة من الناحية اللغوية و من الناحية الثقافية أي العادات و التقاليد حيث ان اسرائيل هي ملتقى ليهود العالم و لست هنا ادافع عن اخطاء وطني تجاه فلسطين و تجاه مصر الخ من هذه الاوطان الاسلامية حيث ان التطرف كسلوك موجود في جميع الديانات او الايديولوجيات السياسية .
السؤال 2 هل انت يهودي ام اسرائيلي صهيوني ؟
الجواب 2 انني مواطن اسرائيلي مناصر للسلام مع العرب منذ تسعينات القرن الماضي من خلال كتاباتي الصحافية داخل اسرائيل او ما يسمى بالوطن العربي حيث لي اعداء من المتطرفين الاسرائيليين الذين يحبون قتل أي عربي او مسلم لمجرد متعة فقط.
و كما لي اصدقاء عرب و مسلمين في مصر و في الاردن و في العراق في عز عهد نظام المجرم صدام حسين الخ من هذه الاوطان المسكينة باعتبارها لا تتوفر على اية ديمقراطية مهما كانت بسبب ان الاعراب يعشقون الليالي الحمراء مع الخمر و مع بنات الهواء..
و هنا استحضر انني سافرت الى مصر في مهمة سرية بعد اغتيال انوار السادات فنزلت عند صديق لي يعشق هذه المسائل فسألته السؤال التالي هل دينكم يحرم هذه الاخيرة فاجاب ضاحكا استمتع و اسكت فاننا نعيش في المشرق حيث ان اجدادنا العرب يتوفرون على المئات من الجواري للوطء ......
السؤال 3 هل تزور المغرب ؟
الجواب 3 طبعا نعم باعتباره ارض اجدادي و مسقط راسي حيث أزوره في صيف كل سنة منذ سنة 1990 حيث اتجول كسائح اجنبي في طول المغرب و عرضه .
و اكتشف تراثه الفني الضخم باعتباري كنت من عشاق الطرب الاندلسي بصفته ياتي الى اسرائيل لاحياء السهرات مع اليهود المغاربة ذوي الاصول الفاسية برعاية رسمية للتقرب بين الثقافة المغربية الرسمية وقتها و الثقافة اليهودية حيث هناك من يقول ان الطرب الاندلسي هو جزء من المكون اليهودي بالمغرب ............
طبعا لن انسى ان استحضر هنا انني اعشق فن الروايس الى حد بعيد لان مدينة تيزنيت هي اصل هذا الفن الاصيل لكنه لا ياتي الى اسرائيل لاحياء السهرات مع اليهود المغاربة ذوي الاصول الامازيغية .
انني حاولت سنة 2010 تاسيس جمعية لفن الروايس بهدف تنظيم السهرات في اسرائيل لكنني وجدت العديد من العراقيل و المشاكل باعتباري احمل الجنسية الاسرائيلية و باعتباري امازيغي يهودي فقررت التراجع عن هذا الامر كله بعد حديثي المطول مع احد رموز الحركة الامازيغية بالرباط .........
السؤال 4 ما رايك في الطرح القائل ان اسرائيل تدعم الحركة الامازيغية ؟
الجواب 4 من الطبيعي ان يقال هذا و اكثر من هذا في المغرب بسبب انتشار تيارات العروبة و تيارات الاسلام السياسي و الحال ان اسرائيل لا تحتاج الى الحركة الامازيغية للتطبيع مع المغرب لان هذا التطبيع موجود بشكل علاني منذ ثمانينات القرن الماضي و بشكل سري منذ سنة 2002 الى الان على مستويات عدة من قبيل السياحة و الاقتصاد الخ.
صحيح ان الحركة الامازيغية قامت بعدة زيارات الى اسرائيل في عز النهار للتعريف بالثقافة الامازيغية لان المواطن الاسرائيلي العادي لا يعرف الشيء الكثير عن بلدي الاصلي سوى انه بلد عربي ذو الموسيقى الواحدة الا و هي الطرب الاندلسي المشجع من طرف المخزن ..................
السؤال 5 باعتبارك كاتب و صحفي كيف تنظر الى مسالة القدس ؟
الجواب 5 كما قلت لك انني مناصر لقيم التعايش و التسامح بين جميع الديانات و الثقافات حيث انني اعتقد ان مسالة مدينة القدس ينبغي ان تدبر وفق توافق دولي بين الديانات السماوية الثلاث لان مدينة القدس تعتبر عاصمة لهذه الديانات الموقرة ..
السؤال 6 ما هو تحليلك لموجات الربيع الديمقراطي ؟
الجواب 6 ان من المستحيل حدوث أي تغيير يراد به الديمقراطية و حقوق الانسان في البلدان الاسلامية الا بتحقيق الاصلاح الديني لدينكم الاسلامي حيث اعرف انكم كمسلمين علمانيين تطالبون بفقه معاصر يتماشى مع الدولة الحديثة لكن الخطاب الديني الرسمي لديكم مازال يقدس الماضي بشكل دقيق حتى خرجت جماعات تدعو الى الخلافة الاسلامية على منهاج النبوءة بينما نحن في اسرائيل بغض النظر عن سلبياتها الكثيرة نتوفر على الديمقراطية و الحق في محاسبة المسؤوليين مهما كانوا ...
السؤال 7 هل لديك أية ذكريات جميلة مع بلدكم الاصلي ؟
الجواب 7 طبعا نعم لدي ذكريات متميزة مع المغرب كبلدي الاصلي حيث تزوجت مع ابنة خالي اسحاق شعون بمدينة تارودات سنة 1990 من خلال زفاف وفق التقاليد الامازيغية بحضور الروايس و الاحباب و الاصدقاء حيث مر هذا الزفاف بسلام و تعايش بين المسلمين و اليهود الامازيغيين ...
المهدي مالك