سورة ص و الهيكل
ما هو المقصود عند اليهود بهيكل سليمان ! و ما هو هذا الهيكل الذي يسعون لبنائه !
و ما علاقته بمعتقداتهم ! و لماذا يؤمنون به ! و ما هي أهميته بالنسبة لهم !
و لماذا يؤمنون بأن سيطرتهم على العالم لا تتم إلا من خلاله !
و لماذا يعتقدون بأن وجود هذا الهيكل مرتبط بآخر الزمان و بنزول المسيح أو المخلص !
و ما علاقة هذا ببيت المقدس !
و الكثير الكثير من التساؤلات التي نحتاج لفهمها في عقيدتهم التي يؤمنون بها , هم و الإنجيليون الذين يعملون و يسارعون من أجل ما يؤمنون به من نزول المسيح و الملحمة الكبرى ( هرمجدون ) و ما إلى ذلك , فهل تتحقق أمانيهم ! و هل تصدق نبؤآتهم !
إن دعم الإنجيليين لليهود قد تشكل بما يعرف بالصهيونية , و هي حلف يميني متطرف يؤمن بتلك الخزعبلات و دجل المعتقدات و يسعى من أجلها و لتحقيقها , فلا عجب بأن نرى قادة الدول العظمى و هم من المؤسسة الإنجيلية اليمينية يقولون في كل محفل بأن دعمهم لليهود و لإسرائيل هو دعمٌ بلا حدود , و لا يتغير و لا يتزعزع و هو على سلم أولوياتهم , و هو دعمٌ استراتيجي لما يؤمنون به , إذا فهذا الدعم هو في حقيقته عقائدي , فعقيدة هؤلاء مبنيةٌ على ذلك , وليس هدف هذا الدعم سياسي أو اقتصادي أو أمني حتى , بل هو عقائدي لا أكثر .
كل تلك المعتقدات هي خزعبلات و دجلٌ باطل , لا صحة لها , هي مجرد أماني لما يمليه الشيطان عليهم , و يمنيهم به , أي أنها دجل في دجل , و ما الشيطان إلا كبير الدجالين , و ما إبليس إلا الدجال الأول , و كل هذا لا يتحقق إلا من خلال دعم الدول العظمى لإسرائيل , و يا لحماقة تلك الدول فماذا سيحل بها حين تحكم إسرائيل هذا العالم و تسيطر عليه !
و السؤال هنا من أين أتت تلك الأباطيل و هذا الدجل ؟
هي فتنة الله جل وعلا للناس بالدرجة الأولى , و هنا نركز على تلك الفتنة المتمثلة و الماثلة في سيطرة و هيمنة إسرائيل على العالم بأسره , و قول حاخامات الصهاينة بأنهم سيحكمون العالم بمجرد بناء هذا الهيكل , و بأن من سيعتلي هذا الهيكل هو المسيح الذي سيحكم العالم بأسره و بالشريعة اليهودية , و يمتلك مشارق الأرض و مغاربها , و يسخرها لليهود !
و يقول هؤلاء الحاخامات الصهاينة ( لا إسرائيل بدون القدس , و لا قدس بدون الهيكل ) فلا يتفاجئ أحد حين يقول ترامب بأن القدس هي عاصمة إسرائيل , و هذا تمهيدٌ للهيكل و للمسيح في نظرهم !
و هذا الدجل كما قلنا هو فتنةٌ للناس , و وقع الكثير في هذه الفتنة , كما سيقع الكثير تباعاً ,
و تلك الفتنة مرجعها لعصر إسرائيل الأول , و هو عصرهم الذهبي الذي حكموا به العالم بمشرقه و مغربه , أسسه داوود عليه السلام و حكم من بعده ابنه سليمان عليه السلام , ثم انهار هذا الحكم و تداعت أركانه بموت سليمان عليه السلام , و هم يريدون استعادة هذا الحكم و تحقيق هذا الحلم مرةً أخرى , و للتذكير هنا فالصهاينة لا يؤمنون بأن داوود و ابنه سليمان عليهما السلام بأنهم أنبياء الله جل وعلا , بل يعتبرونهما ملوكاً لبني إسرائيل قد سخرهم الله لخدمتهم و لإعلاء شأنهم , و كذلك بالنسبة للمسيح عليه السلام , فهم ينتظرون نزوله من عند الرب لخدمتهم فقط , كي يسودوا و يحكموا العالم مرةً أخرى لا أكثر , و تلك هي وظيفته بالنسبة لهم ,
يقول جل وعلا في سورة ص بالآية 29 ( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) , و هنا شد انتباه و تنبيه لما سيأتي ,
ثم الآية التي تليها 30 و التي تقول ( وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ) , و هنا بدأ الحديث و السرد عن سليمان عليه السلام , كي يتدبر و يتذكر أولوا الألباب ,
فما هي قصة سليمان و ما هي الغاية منها , و لما يصر الصهاينة على بناء هيكل سليمان , و ما هو هذا الهيكل !
هيكل سليمان هو كرسيه أي عرشه و مقر حكمه الذي حكم به العالم بأسره , و الصهاينة يريدون بناء هذا العرش من جديد كي يحكموا به العالم بأسره كما حدث في السابق ,
و هذا هو جوهر معتقدهم الباطل و على هذا الأساس بنيت عقيدة الصهاينة , و ما ذلك سوى دجلٌ و فتنةٌ امتدت من عهد سليمان عليه السلام , و لا يزال الركب في مسيره إلى يومنا هذا , و يوماً بعد يوم تزداد تلك الفتنة بين الناس و تشتد , و يدفع ثمنها الكثير من البشر كل يوم في هذا العالم ,
ثم تأتينا الآية 34 لتبين لنا تلك الفتنة فتقول ( وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ ) , و هنا نلاحظ بأن الفتنة تتمثل بالكرسي و هو نظام الحكم و رمزه , و ترتبط الفتنة بذلك , فما هو هذا الجسد الذي شاهده سليمان , و الذي دفعه بالرجوع فورا لربه و اللجوء له بالصلاة و الدعاء , فهو عليه السلام بمجرد أن رأى على كرسيه أي عرشه هذا الجسد سارع إلى الله جل وعلا ( ثم أناب ) , فما الذي حدث ؟ و لماذا ذعر عليه السلام من هذا المشهد ؟
هذا المشهد الذي رآه سليمان يعبر عن الفتنة التي ستحدث في حال أن يعتلي كرسيه أحدٌ غيره , أي في حال أن يمتلك أحدٌ هذا العالم و يسيطر عليه , و هذا الأمر دفعه على الفور باللجوء و الدعاء إلى الله جل وعلا , فماذا دعا و ماذا طلب عليه السلام من ربه بعد هذا المشهد ! و هذا ما ستبينه لنا الآية التي تلي هذا المشهد و هي الآية 31 و التي تقول :
( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ) :
هنا يسارع سليمان عليه السلام بالطلب و الدعاء من الله جل وعلا بأن ما سيملكه قريباً و يسيطر به على العالم بأسره , بأن لا يكون لأحدٍ من بعده أبداً , أي ملكه و حكمه للعالم ,
و هذا تأكيد بأن هذا الجسد الذي جلس على كرسي سليمان كان يمثل الشر الذي سيحدث حال أن يجلس عليه غيره , و هذا الشر سيكون فتنةً للناس من بعده , لذا فعليه السلام طلب و توسل لربه جل وعلا بأن لا يصل أحدٌ من البشر لمثل هذا الحكم , فهل استجاب الله جل وعلا له ذلك ! أم أن فتنته جل وعلا ستحدث لا محال !
فمن هنا جاءت الفتنة , و من هنا جاء هذا الدجل الذي سيرعاه إبليس , و سيزين للناس هذا الأمر و يفتنهم فيه ما دامت السماوات و الأرض .
يقول جل وعلا في مطلع سورة العنكبوت ( الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا ۚ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (4) مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) ) ,
و يقول جل وعلا ( مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) 41 ,
فهي فتنةٌ ضعيفة كبيت العنكبوت على الذين لم يتخذوا من دون الله أولياء .