هل نحن نتكلم لغة الغزاة؟
الإسلام ليس اللغة العربية التي تكرهها!

محمد عبد المجيد في الخميس ٢٧ - ديسمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

الإسلام ليس اللغة العربية التي تكرهها!
يقولون بأن اللغة العربية جاء بها غزاة مسلمون إلى مصر؛ ولكن هل هناك لغةٌ علىَ وجه الأرض نبتتْ مع الأشجار أو جاءتْ بها طيور أو أسماك؟
هل يمتنع أحدٌ عن تعلم اللغة الانجيزية في أمريكا ونيوزيلندا وكندا وأستراليا لأنها دخلتْ بصحبة غزاة؟
هل نتوقف عن الحديث بالإسبانية في أمريكا اللاتينية لأن الاحتلال أجبر السكانَ الأصليين على استبدالها بلغتهم البدائية؟
هل يرفض البرازيليون قراءة كتب باولو كويلهو لأنها بلغة المحتل البرتغالي؟
هل طرد الجنوب أفريقيون من يتحدث بالانجليزية والأفريكانية إلى انجلترا وهولندا لأنهما لغتا احتلال استيطاني؟
العالم كله يتعامل مع اللغة المسيطرة معاملة واقعية أو يستعيد من أحشاءِ المعاجم لغة ميــّـتة ويُعيد إحياءَها.
أما من يكرهون العربية لأنها لغة الإسلام فهم في حاجة لقراءة جديدة للتاريخ، فأنت أخي المسيحي العربي والقبطي المصري، لا تحتاج للإيمان الإسلامي، لكن لو التقينا على هامش صفحات الكتاب المقدس والقرآن الكريم فسنكتشف طريقا آخر ليست فيه ذرة طائفية.
أجمل إبداعات لغوية عربية قرأتها كانت لأشقاء مسيحيين وأقباط ومارونييين وأمازيجيين وأكراد  فزادتني التحامــًـا بالعروبة ولم تبعدهم عن أديانهم ومذاهبهم.
الموضوع لا يحتاج لأكثر من قراءة متفحصة وواعية لخريطة الدنيا في الخمسة آلاف سنة الماضية حتى نكتشف أن لا أحد ينتمي لمكان هو فيه أو سقط من بطن أمه على ترابه.
الجهل بالتاريخ جهل بأمور الدنيا، وفصيلة دمك قد تكون موروثة عن الرجل الذئب في غابة مجهولة  منذ آلاف السنين!
أنا لا أمانع في عصر أونكل جوجل رغم بلوغي الثانية والسبعين أن أتعلم لغة يستقر عليها جيراني وأحبابي وأبناء بلدي حتى لو كانت الكنعانية أو الآرامية أو القبطية أو الهيرغليفية أو البربرية شريطة أن تحمل في ثناياها التسامح والتقارب.
كل المثقفين المتسامحين الأقباط تمكنوا من فصل العربية عن الإسلام إيمانـًـا، واحتفظوا بلسان عربي مبين إذا قرأوا به المزامير أو نشيد الإنشاء أو تعاليم المسيح، عليه السلام، لا تنتقص لغة ( الغزاة !) من ثراء أفكارهم وحياد فكرهم شيئـًـا.
لو قرأ أقباطُ مصر بنهم وتوسع فقد يستمتعون بلغة غنية إذا أحببتها فسترسخ إيمانك بدينك ولو كان الأبعد عن الإسلام.
حاربوا الطائفية اللسانية ففيها روحُ الدواعش وأخطاء التاريخ والجهل بجغرافيا الأمم.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 27 ديسمبر 2018   
اجمالي القراءات 5413