فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه .!!
عن محمد بن سلمان..الآن ..

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٣ - ديسمبر - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً

عن محمد بن سلمان..الآن ..

فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه .!!

مقدمة

1 ـ نشر أخى الحبيب استاذ محمد عبد المجيد مقالا فى موقع (أهل القرآن ) اليوم تحت عنوان ( لهذه الأسباب أدعو محمد بن سلمان للإنتحار). وقد ذكر ثلاثين سببا .!! ومشفوعة بعلاقته الطيبة بالملك سلمان حتى قبل أن يكون ملكا . وأنشر مقالا فى التعليق.   وأقول :

أولا :  

 1 : لم ألق من السعودية وسفارتها فى مصر سوى الإضطهاد ، بدأ هذا من عام 1985 واستمر حتى تركت مصر ثم بعدها . ودفعنا الثمن أنا وأهلى وأحبتى أهل القرآن . وكمصلح مسالم لم أقم بالهجوم على السعودية فى الفترة من عام 1989 وحتى 2007 ، حتى لا يكون الموضوع شخصيا . كنت آمل فى أن يتم إصلاح داخلى فى المملكة كالذى نادى به الراحل ناصر السعيد رحمه الله جل وعلا. وكنت أرى أن السبيل الى ذلك أن تتخلص المملكة من عبء الوهابية وأن تتحول بالتدريج الى مملكة دستورية.أكملت قبيل مغادرة مصر كتاب ( المعارضة الوهابية فى السعودية فى القرن العشرين ) وهو منشور هنا. وأذكر أننى عندما جئت لأمريكا بعد عدة اسابيع من حادث 11 سبتمبر أرسلت من هذا الكتاب نسخة الى السفير السعودى بندر بن سلطان مع رسالة أقول فيها أنه آن الأوان أن تتخلص السعودية من هذا العقد بين الأمير محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب الذى حدث عام 1745.جاء الرد بعدها فى إستمرار إضطهاد أهلى ، ومع هذا ايضا لم أهاجم السعودية . بدأت أصبُّ عليها جام غضبى بعد عام 2007 ، بعد إعتقال بعض أهلى وتعذيبهم بأوامر مباشرة من السفارة السعودية .

2 : بظهور محمد بن سلمان تابعت خطواته بمقالات تم تجميعها فى كتاب ( شاهد على بضعة اشهر من حكم ولى العهد السعودى محمد بن سلمان ) . وحدث اتفاق بين الملك سلمان والرئيس الأمريكى دوناد ترامب على تأسيس مركز للإصلاح الدينى فقمت بالرد عليه بتسجيل حلقات ( لحظات قرآنية ) ولا زلنا فى التسجيل ، وتقترب الحلقات من المائة السادسة حتى تاريخه . وأثناء هذا وقبله كتبت مقالات نارية فى ضرورة القضاء على الدولة السعودية وفى تحرير البيت الحرام من سيطرتها .

3 ـ غيّرت موقفى بعد أن تبين لى أن سقوط المملكة السعودية سيترتب عليه الآتى :

3 / 1 : أن تكون إيران هى القوة الكبرى ، وإيران بعنصرها الآرى ودينها الشيعى والحقد الذى يملأ شيعتها على العرب والسنيين لن ترحم  العرب .إيران تعتقد بملكيتها للخليج ( الفارسى ) وبحقول البترول حوله ، وهى الراعى الرسمى للشيعة فى الخليج والعراق وسوريا . وإستفادت إيران من حُمق السياسة السعودية وتدخلها فى العراق وسوريا واليمن ولبنان ، فتمددت إيران على حساب السعودية وحاصرتها ، ومنتهى الحلم الايرانى السيطرة على الحجاز ومكة وما يسمونه بالأماكن المقدسة فى المدينة . وستنتقم ايران من السعودية ووهابيتها وقد فعلوا الأفاعيل فى العراق والمزارات الشيعية هناك .

3 / 2 : بسقوط السعودية ستسقط الأنظمة الهشّة الأخرى فى الخليج وستتمدد ايران بشيعتها هناك.

3 / 3 : علو نفوذ ايران سينجم عنه صراع مع تركيا . الصراع بينهما قديم ، شبّ فى القرن السادس عشر بين الشاه إسماعيل الصفوى والعثمانيين. الآن يكرر أئمة إيران طموح الصفويين كما يطمح أردوغان الى إستعادة الدور العثمانى .. لا ننسى أن الدولة السعودية كانت تسيطر على الحجاز ونجد والأحساء ( المنطقة الشرقية الغنية بالبترول) . وأردغان مغرم بتاريخ الأسلاف العثمانيين بنفس غرام حكام (قّم ) بتاريخ أسلافهم . الصراع بينهما سيدفع ثمنه العرب والأكراد فى المنطقة . وسينضم الى الضحايا ملايين

3 / 4 :الأسرة السعودية والأسرات الحاكمة وأتباعهم من فئران السفينة الغارقة سيهربون الى حيث أرصدتهم وقصورهم فى الغرب ، وسيدفع الثمن الغلابة الذين لا حول لهم ولا قوة . ومعظمهم من الوافدين من مصر وشمال أفريقيا وبنجلاديش والهند وباكستان ..إلخ .. هؤلاء أناس أشراف تركوا أوطانهم وتحملوا الذُّل ليوفروا لقمة حلال لأهاليهم . سيدفعون الثمن فى حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.!

3 / 5 : أسّس جوزيف بروس تيتو يوغوسلافيا تحت الايدلوجية الشيوعية التى إعتنقها الصرب والكروات والبوسنة والهرسك ..الخ. بسقوط الشيوعية تفككت يوغوسلافيا وإندلعت فيها حروب أهلية ومذابح .الوضع بسقوط السعودية سيكون أفظع لأنه :

3 / 5 / 1 : لم يكن ليوغوسلافيا السابقة أعداء على حدودها يستفيدون من حربها الأهلية بل على العكس كانوا يريدون إخماد الحروب حتى لا ينتقل الشرر اليهم . الوضع مختلف هنا حيث إيران ترى فى الحرب الأهلية فرصتها فى تدمير العرب حتى لو كانوا شيعة ، فهؤلاء العرب هم الذين اسقطوا إمبراطوريتهم الكسروية من 14 قرنا.

3 / 5 / 2 : كان دين يوغوسلافيا الشيوعية وهى ليست مجذّرة قى ثقافة اوربا والغرب ، لذا كان سهلا نسيانها . هذا على عكس الدين الشيعى والدين السُّنى ، كلاهما متجذر فى قلوب أتباعه ، ويختلط فيه التاريخ بالشرع ، والتاريخ ممتلىء بالمذابح من كربلاء وحتى الآن ، أى لم ينته بعد ، ولن ينتهى طالما يتحكم الكهنوت الشيعى والكهنوت السنى فى عقول الناس . ستكون الحرب الأهلية بعد سقوط السعودية وتوابعها حلقة من حلقات هذا الصراع .

3/ 5 / 3 : وقفت أمريكا والغرب ضد الصرب وأنقذت المسلمين هناك . وضحّت اوربا وأمريكا بمكاسب كانت ستأتيها من بيع الأسلحة . لن يكون هو نفس الحال هنا. من السهل أن تندلع شرارة الحرب الأهلية فى الشرق الأوسط ولكن من الصعب إخمادها لأن شعار الغرب هو : هم يريدون أن يقتلوا أنفسهم فلنساعدهم على قتل أنفسهم .. !. هل نلومهم أم نلوم أنفسنا ؟! ستأتيهم مكاسب من بيع الأسلحة الراكدة التى انتهى عمرها الإفتراضى ، ومن بيع أسلحة لا تزال فى دور التجريب ، وأجساد العرب هى الأصلح فى التجريب ، وما حرب العراق عنا ببعيد.

4 ـ الصراع الدينى المذهبى بين الشيعة والسنة ليس وحده . لقد قام عبد العزيز آل سعود بتجميع ما أصبح ( المملكة العربية السعودية ) من مناطق مختلفة من نجد والأحساء ( المنطقة الشرقية ) والجنوب حتى اليمن . وضم فى مملكته قبائل شتى كانت لها ثارات وعداوات مع آل سعود . بسقوط السعودية ستندلع حروب داخل نجد وبين نجد والحجاز وبين عسير وغيرها..حروب يختلط فيها (القبلى ) نسبة للقبيلة مع ( الجهوى ) نسبة الى الجهة ، ثم تغذيها ايران والغرب وإسرائيل ، وكل من له مصلحة .

5 ـ لا ننسى أنه ليس للدول المتقدمة صداقة دائمة ولا عداوة دائمة ، وإنما لها مصالح دائمة ، وبمجرد أن تتفق أمريكا وايران وإسرائيل على تقسيم بترول الخليج ستسقط السعودية وإمارات الخليج . والوصول لهذا الاتفاق وارد . وفى مأساة قتل الصحفى جمال خاشوقجى برزت الانتهازية التركية الأمريكية الغربية. الجميع علموا بالمصير الذى يسير اليه خاشوقجى بقدميه . وقد أبلغهم قبل دخول القنصلية السعودية ، ولم يحذروه لأنهم يطمعون فى وضع السعودية فى مأزق يستفيدون منه. وهو ما يحدث الآن .

6 ـ ماساة جمال خاشوقجى كبيرة ، ولكن الأكبر منها مأساة محمد بن سلمان . هو شاب ظهر فجأة على مسرح الأحداث فى بلده ، وأخذ بجُرأة غير معهودة فى أسرته ينسف الثوابت السعودية السياسية التى تمسك العصا من الوسط وتلعب فى الخفاء . رفض جده عبد العزيز إحتلال اليمن بعد هزيمة حاكمها حتى لا يغرق فى مستنقع اليمن . هذا الشاب أشعل حربا فى اليمن بلا داع. وحاصر قطر بلا مبرر ، وإعتقل رئيس وزرار لبنان بلا جريرة. ثم إستقدم خاشوقجى الى قنصليته فى تركيا ليقتله . قتل صحفيا يعمل فى أقوى جريدة فى العالم ( واشنطن بوست ) وعلى أرض دولة معادية له ( تركيا ) . وأرسل فريقا من القتلة الدروايش يعلنون عن أنفسهم ومهمتهم بكل وضوح . ثم إذا إنفضح الأمر كانت المعالجة ببيانات تستصغر وتحتقر عقول العالم . الواضح أن مستشارى إبن سلمان من الشباب ليسوا سوى خدم وسفرجية وشماشرجية ، وهم يتصرفون فى العلاقات الدولية كما لو كانت دول العالم من رعايا الأسرة السعودية . لذا فإن تأثير قتل خاشوقجى ـ وهو شخص واحد ـ أصبح أكبر من قتل مئات الملايين فى اليمن ، بل وأنعش الاحساس بمأساة اليمن . الأهم من هذا أنه وضع مستقبل الدولة السعودية الراهنة ( الثالثة ) فى عنق الزجاجة .

7 ـ والتفكير فى عواقب سقوطها جعلنى أراجع موقفى.

ثانيا

لا أنصح محمد بن سلمان بالانتحار كما يقول أخى الحبيب استاذ محمد عبد المجيد . ولكن أنصح بألاتى :

1 ـ هو الآن فى بؤرة الاهتمام العالمى وسينتبه العالم لما يقوله . هى فرصة لأن يعلن مسئوليته الكاملة والتامة عن قتل خاشوقجى ، وأنه للتكفير عن هذا الذنب سيقوم بالآتى تنفيذا لتوصيات والده الملك سلمان :

1 / 1 : تنفيذ الرؤية الاصلاحية للراحل جمال خاشوقجى بتحويل المملكة الى مملكة دستورية . وهذا التحول الديمقراطى يستلزم وقتا فى تجذير ثقافة الديمقراطية فى المملكة وتأسيس آليات الديمقراطية بما يستلزم إصلاحا تشريعيا وتعليميا ودينيا .

1 / 2 : وإثباتا لحُسن النية فإنه يأمر الآن بالآتى :

1 / 2 / 1 : تكوين مجلس رسمى للتحول الديمقراطى يحمل إسم الراحل جمال خاشوقجى يقود مسيرة التحول الديمقراطى والاصلاح التشريعى ، ويكون احد أبناء خاشوقجى رئيسا شرفيا لهذا المجلس.

1 / 2 / 2 : إطلاق سراح كل معتقلى الرأى وتعويضهم وضم بعضهم من ذوى الكفاءات الى مجلس التحول الديمقراطى . وإعلان ميثاق الحرية الدينية للجميع على قدم المساواة وتخفيف عبء حماية الوهابية عن كاهل الدولة السعودية. الحرية الدينية مبدأ إسلامى أصيل ، وليست مهمة الدولة هداية الناس وإدخالهم الجنة فتلك مسئولية شخصية فردية فقد أكّد رب العزة جل وعلا فى القرآن الكريم أن من يهتدى فإنما يهتدى لنفسه ومن يضل فعلى نفسه ، وأن للدين يوما هو يوم الدين سيحكم فيه العالمين على جميع العالمين.

1 / 2 / 3 : إنهاء حصار قطر فورا ، وتفعيل العلاقات الطيبة معها .

1 / 2 / 4 : الوقف الفورى لحرب اليمن ، ودعوة المجتمع الدولى لحل الصراع بين أطرافه ، وتعويض المتضررين من الحرب ، خصوصا الأطفال وذويهم.

أخيرا :

1 ـ ليس عيبا أن يخطىء الانسان . العيب أن يتمادى فى الخطأ . ألا يكفى قول الله جل وعلا : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٥٣﴾ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾ الزمر).

2 ـ إذا إعترف محمد بن سلمان بخطئه وقام بإجراءات التصحيح غفر له العالم وكسب الرأى العام الى صفّه ، وخرج بمملكته من عُنُق الزجاجة . سيكون أول حاكم فى الشرق الأوسط يعترف بخطئه ويقوم بالتصحيح .

3 ـ هو الآن شاب فى مقتبل حياته وفى بداية عمله السياسى والخطأ وارد ، والتصحيح واجب..وإلّا  .. : ( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴿٤٤﴾ غافر )

اجمالي القراءات 7019