استيقظ العالم منذ يومين على قنبلة علمية فجّرتها الصين التى تعمل فى صمت وسرية على التعديلات الجينية، وبعيداً عن الخطوط الحمراء التى وضعتها أوروبا وأمريكا، طفلتان «نانا» و«لولو» ومن خلال تقنية «كريسبر» وُلدتا هذا الشهر (نوفمبر)، وهما تتمتعان بصفة جينية وقائية، حيث تم إجراء تعديل وراثى، بما يتيح لهما مناعة من الإصابة بفيروس «الإيدز»، تمت التجربة بجامعة جنوب شنزن للعلوم والتكنولوجيا، لكن ما هى تقنية كريسبر تلك التى أحدثت ثورة ستحيل قريباً رفوف الأدوية فى الصيدليات إلى المعاش؟، CRISPER هى اختصار لـClustered Regularly Interspaced Short Palindromic Repeats، وترجمتها التكرارات العنقودية المتناوبة منتظمة التباعد، ليس المهم الترجمة العلمية المعقّدة، لأن شرحها يحتاج مجلدات، لكن تلك التقنية الثورية ببساطة تعلمناها من البكتيريا التى عندما يغزوها الفيروس تقوم بقص جزء من حمضه النووى لكى تقاومه، اكتشفها اليابانيون، وهى باختصار عبارة عن مقص بيولوجى يذهب لتكرارات معينة فى جزء معين من الـ«دى إن إيه» ونبتره، هذا الجزء معطوب، أو سيمثل خطراً فى المستقبل.. إلخ، وبعد القص يأتى لصق التكرار أو الجين السليم، لأن الجين ببساطة هو تكرارات حروف معينة على الشريط الوراثى، بالطبع ما شرحته هو تبسيط مخل، لن يغنى عن قراءة تلك التقنية بالتفصيل، لكن لا بد من حكى حكايات أخرى طريفة وصادمة، هناك حكاية الإعلان الجينى!!، الإعلان هو موقع على الإنترنت لا يبيع محمولاً أو «لاب توب» ولا يروج لغسالة أو سيارة أو كومباوند، إنما يبيع لك كتالوجك الوراثى، وكتالوج طفلك المنتظر، تفصيله عند ترزى الجينات وشجرة عائلتك المبجلة وأصلها وفصلها حتى لو كانت من مجاهل أفريقيا!! كل ذلك بـ99 دولاراً فقط (يا بلاش)، ومن خلال عينة لعاب، يعنى من خلال بصقة ستعرف جدك وتفصّل ابنك!!، الموقع هو https: //www.23andme.com. التفاصيل تقول إن شركة أمريكية تدعى andme23 تقدمت بطلب للحصول على براءة اختراع لتقنية تتيح للآباء اختيار صفات أبنائهم، أو هندسة صفات الأطفال، حيث يمكنك اختيار لون العين، المناعة ضد عدد من الأمراض الشائعة، القابلية على الرياضات البدنية، قابلية التعرّض لسرطان الثدى.. وغيرها من الصفات. الشركة المذكورة متخصّصة فى الأبحاث الجينية، ولديها طريقة لعمل فحص DNA عن بُعد، إذ تشترى عدة الفحص بـ99 دولاراً، وترسل عينة اللعاب إليهم، ليخبروك بالنتيجة، بأقاربك الذين لا تعرف بوجودهم، أو قابلية إصابتك بمرض السكرى، ومعلومات أخرى من خلال تحليل جيناتك، الصين كما هو المعتاد لن تترك أمريكا فى حالها، ولا بد من تقليدها، بل التفوق عليها، خاصة فى مجال تصنيع الطفل السوبرمان وتنمية الذكاء عن طريق البيوتكنولوجى، وهذا يعيدنا إلى أصل حكاية «نانا ولولو»، فالعلماء فى مركز BGI Shenzhen، وهو أكبر مركز للبحوث الجينية فى الصين، جمعوا عينات من الحمض النووى (DNA) من ألفى شخص يتم اختيارهم من بين أكثر الأشخاص ذكاءً فى العالم، وهم يدرسون حالياً العوامل الوراثية الخاصة بهم، فى محاولة لتحديد الصبغيات الوراثية التى تحدّد الذكاء البشرى، وحسب التقارير، يبدو أنهم على طريق اكتشاف المعلومات التى يحتاجونها، وعندما يحصل ذلك، وتحديداً من خلال تصوير الجنين، وهو فى مراحله الأولى، يمكن للوالدين اختيار أذكى خلاياهما الملقحة، وبالتالى سترتفع معدلات ذكاء أطفالهما بمقدار 15 نقطة فى اختبار معدل الذكاء (IQ TEST) فى كل جيل. وفى غضون بضعة أجيال، سيصبح التنافس مع الصينيين على المستوى الفكرى أمراً مستحيلاً، اختيار الأشخاص الذين تُؤخذ منهم الجينات تم وفق مواصفات محدّدة، ويهتم العلماء الصينيون بجينات الأذكياء من الصين وأوروبا بشكل خاص، فيذهب المتخصّصون فى علم الجينات من الصين إلى المؤتمرات العلمية فى أوروبا، ويحددون مدى ذكاء هذا العالم أو ذاك، من خلال الكلمة التى يلقيها، ثم يطالبونه بإرسال سيرته الذاتية وجميع أعماله وما أنتجه خلال مسيرته إلى المركز الصينى، وبعد ذلك عليه اجتياز اختبار يحدّد مدى أهمية استحقاق جيناته لأن تدخل فى برنامج تطوير الذكاء. العالم يبحث عن طفل أذكى وأقوى وأسعد وأكثر صحة، إنهم يجمعون الأطفال مثلما يجمعون السيارات، وسيتفوقون هنا مثلما تفوقوا هناك.
طبعاً من حقهم، لكن السؤال، أين نحن؟!، ما زلنا غارقين فى قضايا أكشاك الفتوى وحديث الذبابة، وهل إصدار صوت إسكندرانى من الأنف حلال أم حرام؟؟!، خلاص خسرنا السباق، فلا نريد أن نخسر الحياة ونفقد البقاء أيضاً.