حنين
أحببتُ سهلَكِ والجبالْ
حباً تنوءُ بهِ القلوبْ
لا تحسبي
أن المتيمَ فيكِ يمكنُ أن يتوبْ
هُوَ لن يتوبْ
مهما حرمتِ عيونَ طفلِكِ من رؤاكِ , يشدّهُ حبلُ الوصالْ
فمتى يئوبْ
طيرُ السنونو للسُّهوبْ ؟
عشرينَ عاماً أو يزيدُ قضيتُها
في دفءِ حضنِكِ مثل شحرورٍ طروبْ
من رحْمِكِ الحاني خرجتُ لهذه الدنيا الجميلهْ
أرضعتِني من ثديِكِ اللبنَ الطَّهورْ
وسقيتِني عبقَ الزهور ِمِنَ الخميلهْ
لكنَّني خالفتُ عاداتِ القبيلهْ
وتركتُ بنتَ العمِّ تنتظرُ النُّزولَ عن المطهَّمةِ الأصيلهْ
فأنا الذي فتنتهُ حسناءُ المدينهْ
وأنا الذي بهرتهُ أضواءُ المدينهْ
وسَبَتْهُ أحلامُ الشبابِ , فخاضَ رحلَتهُ الطويلهْ
فمتى تؤوبُ إلى مضاربِها الظَّعينهْ ؟
****************
يا قريتي هيا اٌرجِعيني للوراءْ
هيا احضُني الطفلَ الوسيمَ ودلِّليهْ
وَلْتمسحي عن وجهِهِ عللَ الزمان ِ, وعانقيهْ
قولي لهُ :
رجعَ الحبيبُ إلى الحبيبْ
كالماءِ يروي تربة َالمرج ِاٌلجديبْ
يا ليتني طفلٌ صغيرٌ سارحٌ بين الحقولْ
اجري والتقط ُالثمارْ
أتسلقُ الجدرانَ والكثبانَ والأشجارْ
اجري والعبُ كلَّ العابِ الصغارْ
وشقائق النعمان ِاجمعُها بأجمل ِباقةٍ
لفتاةِ أحلامي الصغيرهْ
ولقد صنعتُ لها من الأسلاكِ عُقداً أو سِوارْ
وبنيتُ تحتَ التّوتةِ الخضراءِ بيتاً من حِجارْ
أبناؤنا لعبُ القماشْ
وعبيرُ أزهار ِاٌلحديقةِ عِطرُنا
****************
إشتقتُ يا أمي لمائدةِ الصباحْ
الخبزُ من تنّورِنا ..... بدرُ البدورْ
وطحينُهُ من قمحِنا
والجبنُ.. والبيضُ الملوَّنُ.. والحليبْ
والزيتُ.. والزيتونُ ....... من إنتاجنا
والزعترُ البلديّ ُمن رأس ِالجبلْ
كم كان جوَّا ًمُشبَعاً بالإكتفاءْ !
كم كان صرحاً شامخاً للإنتماءْ !
كم كان عِشقاً فيهِ طعمُ الارتواءْ !
****************
أوّاهُ يا أبتِ الحبيبْ
اشتقتُ للقرآن ِمن مذياعِكَ الأثريِّ ذي الصوتِ الرَّخيمْ
فهو الذي يجتاحُني
ويثيرُ عشقا ًفي قراري كاللهيبْ
لحبيبة ِالروح ِالتي أُغتُصِبتْ على أيدي اٌلتتارْ
فهي التي فضوا بكارَتَها على مرأى من الأعرابِ في وضح ِالنهارْ
وهي التي غرزوا خناجرَ حقدِهِمْ في جسمِها الغضِّ الجميل ِ... وقطَّعوا أوصالَهُ
ما عاد يحتملُ المزيدَ
من التقيُّحِ والصَّديدْ
واحنُّ يا أبتِ العزيزُ إلى
تلك الأساطير ِالتي تُحكى لنا قبلَ المنامْ
عن " حمدة َ" البدويةِ الشقراءِ ذاتِ الخال ِ
والوجهِ المربع ِمثل قرص ِالجبن ِوالشعر ِالطويلْ
وحبيبِها البطل ِالنبيلْ
فهو الذي جابَ الصحاري باحثاً عن لغز ِوالدِها الذي
عَجِزَ الكثيرُ من الأُلى عن حلِّهِ
وأتى بهِ
وتزوجَ الحسناءَ بنتَ الشيخِ في حفلٍ بهيجْ ....
....ومغامراتِ " حُديدِوانْ "
والغولِ والملكِ الذي حبسَ الأميرةَ في قصور ِالأُرْجُوانْ
وعن الأميراتِ الحِسانْ
وعن انتقام ِالريح ِوالإعصار ِمن شيخ ِالمطرْ
***************
إني أتوقُ لملئِ جيبِ المعطف ِالشَّتويِّ بالتّين ِالمجفَّف ِوالبذورْ
وجلوسِنا اليوميِّ حولَ النارِ ننتظرُ المساءْ
والجمرُ في الكانون ِمبتسمٌ , وينتظرُ الشّواءْ
وتناول ِالشاي ِاللذيذ ِعلى العشاءْ
وتذكر ِالموروث ِمن أمثالِنا :
( النارُ فاكهة ُالشتاءْ )
كانتْ حياة ًحلوة ً
ما كان ينقصنا سوى
إنزال ِتلك الصَّخرة ِالصَّمّاءِ عن صدر ِالوطنْ
***************
لا تحزني يا قريتي
فالماءُ آتْ
من نيل ِمصرَ ...... من الفراتْ
فلتصبِري.... وتجففي سيلَ اٌلبكاءْ
ما عاد ينفعُنا البكاءْ
والأرضُ فاتحة ٌذراعيها وقد شبِعتْ جزيئاتُ التراب ِمن الدِّماءْ
عزَّ اللقاءْ
وأنا على مرمى حَجَرْ
*************
أماهُ لوَّعني الحنينْ
ليدين ِيقطرُ منهما نبعُ الحنانْ
كي تمسَحا هماً تمادى في صناعتهِ الزمانْ
أُماهُ قد آن الأوانْ
لأُريحَ رأسي فوقَ صدرِكِ ..... والبكاءْ
أماه إن حُرِمَ الصغيرُ من الرضا
ستسومُهُ الدنيا بألوانِ الرَّزايا والهوانْ
أماه قد عزَّ اللقاءْ
وأنا على مرمى حجرْ
لا تحزني
فالماء آتْ
من نيل ِمصرَ .... من الفراتْ
مع أنني ما زلتُ منتظراً على مرمى حجرْ