حواري الصحافي الخيالي مع صحفي سعودي مقيم في فرنسا ؟
مقدمة لا بد منها
ان الانسان مهما كان يتوفر على مواقفه الثابتة لا تتغير بالرغم من كل شيء لان المواقف هي جزء من حياتنا العامة او وراء الابواب المغلقة حيث ان هذه المواقف تختلف باختلاف الاشخاص او التيارات السائدة في اي مجتمع معين او الانظمة السياسية عبر العالم باسره ..
كما يعرف الجميع عبر مقالاتي في موقع اهل القران فان موقفي من السعودية صار واضح و صريح بحكم ان السعودية قد قدمت نفسها للعالم الحر باعتبارها نموذج حقيقي لتطبيق الاسلام عبر تفعيل الشريعة و تفعيل المذهب الوهابي بصفته كما يقولون يمثل صورة الاسلام الحقيقية في قيمه الاخلاقية و السياسية الخ من هذه الخرافات لان اي دين او معتقد لا يحتاج الى وصاية دولة معينة او وصاية حزب معين لان حرية الاعتقاد هي معترفة بها في المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان.
لكن التاويل السلفي للاسلام و ليس الاسلام نفسه يرفض هذا الطرح الممثل في حرية الاعتقاد رفضا قاطعا حيث ان هذا التاويل المسيئ لهذا الدين العظيم هو نتاج طبيعي لائمة السلف الذين عاشوا في عصر الخلافة الاسلامية كما تسمى و المعروفة باستبدادها و بقمعها باسم الدين و رسوله الاكرم لان الاعراب قد رجعوا الى جاهليتهم الاولى بعد وفاة الرسول الاكرم حسب قول الاستاذ احمد صبحي منصور الذي اعتبر ان دولة الرسول هي تمثل الاسلام لوحدها في التاريخ على الاطلاق ..
اما الباقي حسب راي الاستاذ صبحي منصور فلا يمثل الاسلام بل يمثل الاستبداد و القمع منذ دولة الخلفاء الراشدين الى الدولة السعودية الحالية ..
اما رايي المتواضع فان الاعراب قد انطلقوا في جاهليتهم منذ الدولة الاموية الى الدولة السعودية الحالية لان المذهب الوهابي هو اصل مشكل المسلمين اليوم حيث ان اغلب تيارات الاسلام السياسي في عالمنا الاسلامي هي تيارات تقدم الاسلام وفق التاويل السلفي اي ضرورة العودة الى الماضي لتحقيق النهضة المنشودة .........
ساحاول من خلال هذا الحوار الخيالي مع صحفي سعودي مقيم بفرنسا ابراز ان النموذج الوهابي يتعارض مع ابسط حقوق الانسان من قبيل الحق في الاختلاف داخل دائرة الاسلام الكبرى و الحق في التعبير الحر و الحق في انتقاد الوهابية داخل السعودية .
و بالاضافة الى ان هذا النموذج الوهابي يتعارض مع صريح الاسلام حيث عندما نسمع ان السعودية هي منارة الاسلام في العالم نشعر بالاهانة و بالذل لان الاسلام لا يتعارض مع حقوق الانسان و لا يتعارض مع حرية الاعتقاد او مع التعايش السلمي مع اصحاب الديانات السماوية الخ من قيم الاسلام الصحيحة ....
الى صلب حواري الصحافي الخيالي
يشرفني ان اجري هذا الحوار الصحافي المتواضع مع الاستاذ عبد الحق بن عبد العزيز الانصاري بصفته صحفي سعودي مقيم في فرنسا منذ 20 سنة بعدما كان يعمل كصحفي في بلاده باحدى الجرائد المعروفة هناك لسنوات عديدة حيث تعرض للاعتقال و المحاكمة و التكفير بسبب كتاباته حول المذهب الوهابي و حول حقوق الانسان عموما حتى قرر مغادرة السعودية مع زوجته الايرانية نحو فرنسا سنة 1998 قصد الاستقرار بصفة نهائية اي لا عودة الى هذا الجحيم كما سماه و حاليا يعمل كصحفي في احدى الجرائد الفرنسية المعروفة بنفس المواقف اي انتقاد الوهابية و اخواتها من تيارات الاسلام السياسي و الجهادي ......................
السؤال 1 من هو عبد الحق بن عبد العزيز الانصاري ؟
الجواب 1 انني مواطن سعودي ذا المذهب الشيعي ولدت في مدينة الرسول عليه الصلاة و السلام سنة 1970 في اسرة وهابية حتى النخاع حيث ان والدي قام بتربيتي تربية وهابية اي تكفير الاخر مهما كان و الايمان بدعوة الامام محمد بن عبد الوهاب ايمان شديد الخ من هذه القيم المتعارضة مع صريح الاسلام بالنسبة لي الان في فرنسا كبلد الحريات و حقوق الانسان .
قد كنت طفلا في اواخر السبعينات اتعلم المبادئ الاولى للدين الوهابي الوحشي و المناهض للمدنية و لحقوق الانسان حيث كان شيوخ الوهابية لهم الأثر العميق في مجتمعاتنا الاسلامية عموما و في مجتمعي السعودي خصوصا لان النظام السعودي قد ساهم بالاموال الهائلة في انتشار هذا المذهب عبر ارجاء العالم من خلال العديد من الاساليب لا نهاية لها حتى اصبح المسلمون اليوم شعوب مختلفة عن الركب الحضاري و عن معنى الدولة الحديثة التي تعترف بالمواطنة و بالمساواة بين الناس بغض النظر عن اصولهم او عن دياناتهم ...
السؤال 2 كيف بدات في مهنة المتاعب ؟
الجواب 2 بعد تخرجي من احدى الجامعات بالمملكة سنة 1990 قررت السفر الى مصر قصد التكوين في مهنة الصحافة و الاعلام حيث كنت وقتها مسلم شيعي في الخفاء و امام الناس أتظاهر انني وهابي حتى النخاع اي لا اختلط بالنساء في العمل او في الشارع و البس ملابس شيوخ الوهابية الخ من هذه الاشياء السخيفة بالنسبة لي انذاك لان عيون والدي تراقبني في مدينة القاهرة اي اصدقاءه من جمعيات الدعوة السلفية .
كنت اعيش في العاصمة المصرية لدى خالي علي العلماني حيث علمني هذا الاخير الشيء الكثير في مساري الفكري و الحياتي حيث قرر الاستقرار في مصر بعدما كان يعيش في بلاده السعودية باعتباره معارض للوهابية و اخواتها و مؤلف للكتب حول الاسلام و الديمقراطية الخ من هذه المواضيع الممنوعة في السعودية بمعنى ان خالي علي وجد راحته في مصر بعيدا عن شيوخ الوهابية ....
ان خالي علي كان يقول لي دائما لا ترجع الى بلادنا بعد تكوينك في الصحافة و في الاعلام بل سافر الى فرنسا بصفتها بلد الحريات و الحقوق حيث هناك لا احد يهتم بدينك و باصلك حيث يمكنك هناك قول اراءك بكل الحرية دون الخوف من الاعتقال او من التكفير كعملة رائجة في مختلف دولنا العربية من الخليج الى المحيط كما يسميه..
و بعد سنوات التكوين الثلاث رجعت الى بلادي في صيف سنة 1993 حيث كانت عائلتي سعيدة بهذا الرجوع من الغربة و بعد احتفالات هذا الرجوع التي كانت عبارة عن اعطاء الدروس في عذاب القبر و ضرورة الرجوع الى سلفنا الصالح في كل شيء .
قد قلت بعد هذه الاحتفالات الرجعية تحدث والدي معي حيث قال عليك ان تدافع في مقالاتك عن اسلامنا الاصيل لان هناك فرق شتى تحاول جعل بلدنا تسير على خطى الكفار من اليهود و المسيحيين ثم قال انك تعرف انني اتوفر على علاقات متميزة مع شيوخنا الكرام الذين يعلمون الناس امور دينهم و الحلال و الحرام لكنني لم ارد عليه و لو بكلمة واحدة يومها ...
و بعد ذلك قررت الانتقال الى عاصمة الرياض للعيش هناك بعيدا عن وصاية الوالد و اصدقاءه ثم الاتصال باحدى الجرائد الوطنية هناك و فعلا تم ذلك فاشتغلت ككاتب و موفد للدول الاقليمية كالكويت و الامارات و قطر الخ....
السؤال 3 متى بدات المشاكل بالنسبة لك ؟
الجواب 3 قد بدات المشاكل الضخمة بالنسبة لي سنة 1994 عندما قررت الدفاع عن افكاري الحقيقية من قبيل انتقاد الوهابية و شيوخها المتخلفين و فضح تهميش الشيعة في بلادي التي تعتبر منارة للاسلام بكل مذاهبه و فرقه الفكرية لان الدين الاسلامي ليس ملك حصري للسلف بمختلف اتجاهاته ..
و كان مدير الجريدة يقول لي انني دائما اخاف عليك يا صديقي بسبب مقالاتك المتسمة بالجراة لاننا نعيش تحت رحمة رجال الدين الذين يتوفرون على النفوذ في دولتنا السعيدة .
و فعلا تحققت مخاوف مدير الجريدة حيث قد كتبت مقالا في مارس 1994 حول وضعية حقوق الانسان ببلادنا و كتبت مقالا في يناير 1995 حول تخلف المذهب الوهابي عن مسايرة الركب الحضاري حيث مباشرة بعد نشر هذا المقال في الجريدة قامت الدنيا و لم تقعدها علي حيث تم اعتقالي ثم تكفيري على مختلف منابر المساجد بالمملكة ثم سجني لعامان اي منذ سنة 1995 الى سنة 1997 مع انواع التعذيب التي لا يستطيع اي احد تصورها او مجرد تخيلها ...
بعد خروجي من السجن وجدت نفسي مطاردا من طرف هيئة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر و وجدت نفسي واحدا بعد تخلي العائلة كلها عني باعتباري كافر خرج من الملة الاسلامية بشكل نهائي و قد اخبرني الوالد عبر احد اصدقاءه انه غاضب علي و انه يشعر بالعار باعتباره انجب كافر يسير على خطى الغرب الصليبي ...
و هكذا قررت وقتها مغادرة بلادي في صيف سنة 1997 بصفة نهائية بعد كلام الوالد المهين حيث اتجهت نحو عدة دول من قبيل ايران حيث تزوجت هناك من سيدة وقورة التي كنت اعرفها في السعودية حيث كانت تعمل كممرضة في احدى مستشفيات الرياض..
و زرت العراق في عهد نظام صدام حسين القمعي تجاه الشيعة و الاكراد و زرت اليمن الخ من هذه الدول الخليجية و العربية مثل سوريا .
السؤال 4 متى ستسافر الى فرنسا قصد الاستقرار النهائي ؟
الجواب 4 بعد تجولي في هذه الدول سافرت الى القاهرة لقضاء وقت طويل مع خالي علي الذي كان سعيد بزواجي من زوجة صالحة في بلاد الفرس قديما و كان غاضبا اشد الغضب لما جرى لي في السعودية من السجن و التعذيب لمجرد انتقاد الوحش الوهابي الذي تحول الى دين سماوي الان ..
ان خالي علي له اتصالات واسعة مع الصحافيين الفرنسيين في فرنسا حيث تعلمت اللغة الفرنسية قراءة و كتابة عندما كنت في مرحلة التكوين الصحافي بمصر التي اعتبرها بلدي الذي ساعدني كثيرا بالرغم من ان مصر تعتبر الحديقة الخلفية للسعودية كما يقال .
و فعلا نجحت في حصول على عقد عمل مع احدى الجرائد الفرنسية كصحفي كموفد في منطقة شمال افريقيا حيث سافرت الى العاصمة الفرنسية في دجنبر 1998 اي في عز البرد القارص لكنني وجدت هناك كل التفاهم و الاحترام من طرف اصدقائي الصحافيين ذوي ديانات مختلفة و ذوي جنسيات مختلفة ..
و انطلقت في عملي الصحافي بنفس الاهداف من انتقاد الوهابية و اخواتها حيث شجعني مدير الجريدة الفرنسي حيث يقول لي انك على طريقك الصحيح حيث اعرف ان الاسلام شيء و الوهابية شيء اخر ...
السؤال 5 هل اتصلت بعائلتك بالسعودية ام لا ؟
الجواب 5 نعم باعتباري مسلم عليه السؤال على ابوايه و على افراد عائلته فالوالد قد مات منذ سنة 2000 حيث كان غير راضي على كتاباتي باعتبارها تدخل في نطاق الكفر بالاسلام الخ كما قلت لك.
اما الوالدة فانها جاءت مع خالي علي الى فرنسا في صيف 2002حيث اشتقت لي كثيرا و انا بدوري اشتقت لها .....
السؤال 6 اين كنت عند وقوع احداث 11 شتنبر 2001 ؟
الجواب 6 كنت انذاك في القاهرة عند خالي علي حيث كان الفصل صيفا باعتباري احب قضاء عطلتي الصيفية عند خالي علي بصفته رجل متثقف له باع طويل في مجال تاليف الكتب حول الاسلام و الديمقراطية.
في مساء يوم 11 شتنبر 2001 كنا نتبادل الاراء حول ما جرى في الولايات المتحدة الامريكية من الاحداث الارهابية حيث قلت له ان هذه الاحداث الارهابية ستساهم في تشويه الاسلام و المسلمين في الغرب المسيحي..
ثم قال خالي علي كلاما منطقا حيث قال علينا اصلاح الاسلام اصلاح شمولي باعادة قراءة القران قراءة معاصرة و مراجعة السنة النبوية و القطع النهائي مع المنهج السلفي لكن هذا لن يتحقق الا بزوال المذهب الوهابي باعتباره اصل تخلف المسلمين و اصل انتشار الارهاب باسم الاسلام حيث من قال ان تاريخنا الاسلامي هو صافي من الارهاب و المذابح الخ من هذه الاشياء السلبية .........
و بعد رجوعي الى فرنسا بعد احداث 11 شتنبر 2001 وجدت مناخ يتميز بعداء الاسلام و المسلمين و معهم الحق لان دول المسلمين تعيش أبشع تخلف الا و هو التخلف الديني حيث خير دليل على ذلك هو بلادي السعودية التي ظلت لعقود طويلة تمنع المراة من قيادة السيارة تحت ذريعة منع الاختلاط بين الرجال و النساء ......
السؤال 7 ما رايك في الربيع الديمقراطي كما نسميه كامازيغيين؟
الجواب 7 اولا قبل الاجابة على سؤالكم الهام اشير انني زرت بلدكم الجميل المغرب عدة مرات في اطار العمل الصحافي حيث اعتبر ان المغرب هو بلد امازيغي اصيل كما ان السعودية هي بلد عربي اصيل و ايران هي بلد فارسي اصيل الخ من هذه النماذج الكثيرة و القائلة ان الاسلام لم ياتي لتعريب الشعوب كما حاول العرب ترسيخه منذ قرون طويلة عبر صياغة تاريخ يجمد العروبة العرقية و السلالات العربية الحاكمة من قبيل بني امية و بني عباس الخ....
ان يسمى بالربيع العربي عندنا فاعتقد ان الربيع العربي قد جاء لتجسيد رغبة هذه الشعوب في التحرر من اصنام التخلف و الرجعية الدينية بغية بناء دولنا على اساس الديمقراطية و حقوق الانسان الخ لكن هذه الامال العريضة لم يكتب لها النجاح لاننا شعوب تقدس الماضي الحامل لامجاد الفتوحات الاسلامية كما تسمى و الحامل لخرافات السلف التي تحولت الى اخطر المذاهب الاسلامية و اقصد هنا الوهابية او السلفية ......
و بالاضافة الى ان وجود تيارات الاسلام السياسي في الساحة ساهمت هي الاخرى في إجهاض هذه الامال العريضة برفعها لشعار الاسلام هو الحل حيث لو قلنا اننا نوافق على هذا الشعار سنقع في مشاكل لا نهاية لها لان القران الكريم نفسه لم ينص صراحة على نظام حكم اسلامي ...
السؤال 8 ما رايك في اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي ؟
الجواب 8 لا اعرف ماذا عساي قوله في هذا الملف الدولي بالذات اعتذر .......
السؤال 9 هل سترجع الى السعودية يوم ما ؟
الجواب 9 لا ابدا ..
كلمة اخيرة
شكرا
المهدي مالك