الميــراث
كان الخليفة المأمون العباسي مشهوراً بالعلم ومجالسة العلماء وكان يعقد مجلساً عاماً للعلماء والناس فيدخلون عليه يناقشهم ويحاورونه. وفي أحد هذه المجالس دخلت امرأة وقالت له :يا أمير المؤمنين مات أخي وخلف ستمائة دينار وقسموا تركته فأعطوني ديناراً واحداً وقالوا هذا نصيبك من تركة أخيك, فهل يصح هذا ؟ .
وسكت المأمون ثم قال للمرأة : إنه فعلاً نصيبك يرحمك الله!! فقال العلماء للخليفة : كيف علمت يا أمير المؤمنين ؟ فقال المأمون يخاطب المرأة : هذا الرجل أخوك قد خلف أربع بنات أليس كذلك ؟ قالت نعم : قال : فلهن الثلثان أي أربعمائة دينار وخلف والدة أليس كذلك ؟ فقالت نعم , فقال الخليفة: فللأم السدس أى مائة درهم .. وخلف زوجة ؟ قالت المرأة: نعم . قال: فللزوجة الثمن أي خمسة وسبعون ديناراً ، ثم قال لها : بالله عليك ألأخيكِ المتوفي إثنا عشر أخاً ؟ قالت: نعم. قال : أخذ كل منهم دينارين إثنين أي أخذوا أربعة وعشرين ديناراً..وبقى لكِ دينار واحد هو نصيبك !!
وسواء حدثت تلك الرواية التاريخية عن المأمون أم لم تحدث فإن الشاهد فيها أن تشريع الميراث في الإسلام أقرب للمعادلات الرياضية البسيطة والممتعة، وكلها أنصبة محددة بالنصف والربع والثلث والثلثين والسدس والثمن .
وبعد أعطاء الوصية و سداد الديون واعطاء صدقات لذوى القربى من غير الورثة والمحتاجين يتم توزيع الميراث . ويمكن تلخيص القواعد الأساسية في توزيع الميراث كالآتي :
1- الوالدان(الأب والأم )
لكل منهما السدس إن كان للمتوفى أولاد أو إخوة وإذا لم يكن له أولاد أو إخوة فلكل منهما الثلث بالتساوي. والوالدان يرثان في كل الأحوال بالإضافة إلى حقوقهما الثابتة في الوصية .
2- الأبناء ..
الذكر ضعف الأنثى .وفي حالة وجود الأبناء فلا إرث للإخوة والأعمام. والأبناء يرثون باقي التركة للذكر مثل حظ الأنثيين .. فإذا خلف المتوفى ابناً واحداً فله باقي التركة بعد استيفاء الفروض أما إذا خلف بنتاً فلا تأخذ من التركة إلا النصف فإذا خلف بنتين فأكثر فلهن الثلثان .
3- الزوج
له نصف التركة إذا لم يكن للزوجة المتوفاة ذرية من ولد أو بنت، فإن كان لها ولد فله الربع .
والزوجة لها ربع التركة إذا لم يكن للزوج المتوفى ذرية، فإن كان له ولد فلها الثمن .
4- الأخوة
يرثون إذا لم يكن للمتوفى ولد .فإن ترك المتوفي أختاً واحدة فلها النصف فإن ترك أختين فأكثر فلهن الثلثان, وإن ترك المتوفى إخوة رجالاً ونساءاً فللذكر مثل حظ الأنثيين. وإن ترك المتوفي أخاً واحداً فله كل التركة أي أن الإخوة والأخوات في حالة عدم وجود الأبناء يعاملون في الميراث كالأبناء.
5- وبطريقة القياس أفتى الفقهاء بحق العم وأبناء العم في التركة إذا لم يكن للمتوفى أبناء و إخوة .. فيأخذ الأعمام حقوقهم طبقاً لميراث الأخوة والأبناء وإذا لم يكن هناك أعمام فأبناء العم الأقرب فالأقرب وإذا لم يكن له قرابة فماله يعود للمجتمع ممثلاً في بيت المال .
الميراث قضية انسانية اجتماعية اقتصادية تسير مع الانسان في كل زمان ومكان ، والتساؤلات بشأنها لا تتوقف وكما ذهبت امرأة إلى الخليفة المأمون تسأله في مسألة ميراثها فإن الأسئلة لا تنقطع حول الميراث، وينسى الانسان أهم حقيقة فى الميراث ، وهى أنه كما يرث أباءه فإن أبناءه سيرثونه، وفي النهاية فلن يأخذ من الدنيا ومتاعها إلا عمله إن خيراً و إن شراً.
وسبحان من يرث الأرض ومن عليها .